شذى والحلم الأحمدي والهروب منه إليه!
استوقفتني نصيحتك للأخت السائلة بالنسيان، كلام عين العقل، لكن الأمر ليس باليد، ليس مطالبة الطبيب المريض بالنسيان مثل ممحاة تمحو بها خطوط بالقلم الرصاص أو ملف تعطي له أمر بالحذف من جهاز الحاسوب.
السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف تستطيع أن تنسى؟
أقنعتها بالنسيان وكذلك فعل معي الغير في أمر مشابه، لكن كيف التنفيذ؟
ليس لنا إرادة في التحكم بالعواطف وبالتذكر والنسيان وإلا كان الطلاب هم أول من يتحكم بتذكر المعلومات الدراسية.
وشكراً.
27/10/2009
رد المستشار
حضرة الأخت "vho" حفظك الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
النسيان نعمة! أنعم بها الله علينا، ولولا وجودها لما كان للحياة معنىً ولا مغزى. فبسببه تلد النساء مرة أخرى، وأخرى... وبسببه يتجدد الحب فيكون للكلمات وللأفعال الجميلة دائماً معنىً آخر، ومذاق آخر.
على أجنحة النسيان نطير إلى سماء التسامح، ونحلّق في فضاء العفو، وأي فضيلة أهم من العفو والغفران؟
R03;هذه النعمة إذا أحسنا استعمالها فهي سلاح يقوينا على الحياة ومصاعبها، على المشاكل ومتاعبها، نستطيع بعدها أن نكتب على صفحات ذاكرتنا كل ما هو خير ونجدد أفعالنا ونبضات حياتنا لكل ما هو صالح، فتسمو الروح لتصل إلى الطمأنينة.. وهل هناك مرتبة أجمل من الطمأنينة تصل إليها الروح كي تُنَادى بعدها: "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28) َادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي" (الفجر27 : 30 ).
نعم النسيان كالصبر، أسلحة تتسلح بها النفس، فإذا ما أجادت استعمالها حافظت على قوتها واستعانت بها على مصاعب الحياة، وإلا فبدونهما تتحطم الروح تحت ضربات القضاء القاسية، ويُدفن المرء في مقبرة الحياة وأنفاسه لاهثة في مخابطة أمواج وصروف الدهر العاتية.
يا أخت "vho": إذا استعطتِ أن تنسي أي: أن لا تعيري اهتماماً لكل ما هو خارق للتوازن أكان في الإيجاب الكثير أم الممعن في السلبية، فعندها لا تؤثر فيكِ المشاكل ونعتبرها أعراضاً عابرة من أعراض الحياة، وامتحاناً نسقط أو ننجح عند الإحتكاك به. أما إذا صممنا وشددنا على أن نعير اهتمامنا، وبالغ انتباهنا، وعميق ذاكرتنا لكل ما هو جميل جداً في حياتنا فلا نستطيع بعدها أن نتقبّل ما هو أقل جمالاً. وكذلك الأمر إذا تشددنا في الملاحظة والتأثر بما هو سيءٌ في حياتنا، فعندها قد تحفر هذه المعلومات أخاديداً في هيكل جيناتنا، وأول ما يتشوه ويتضرر هو صورتنا الروحية المنبعثة من حاسوبات بروتيينات كروموزوماتنا.
إذاً أننسى... وهو خير لنا، وإذا كان ذلك اختيارياً فسيكون الأفضل والأسهل؟ وإلا فلنتهيأ للتبعات وما أكثرها من مشاكل نفسية عديدة نجيب على بعضٍ منها على صفحات موقع مجانين في كل يوم.
لكِ منا يا "vho" أفضل التمنيات بالنسيان.
والقرار بيدكِ. ولكن لا تنسي أن تقرئي رسالتنا بإمعان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ويتبع >>>>>: شذى والحلم الأحمدي والهروب مشاركة1