إغلاق
 

Bookmark and Share

 على باب الله: الثلاثاء 8/3/2005 .. من مدريد ::

الكاتب: د.أحمد عبد الله
نشرت على الموقع بتاريخ: 13/03/2005

عودة إلى الضرب
إلى القرآن أعود...(وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ.....) (النساء: من الآية34)
الآية تذكر تدابير خاصة ومتدرجة لحالة خاصة تمر بها العلاقة بين الزوج وزوجته، والشاهد هنا أن النص على تلك التدابير الخاصة في حالة خاصة يعني بوضوح أنها ليست السمة المستمرة في العلاقة أي أنه لا وعظ ولا هجر ولا ضرب إلا في حالات خاصة واستثنائية، وحيث يجدي، ولا يجدي سواه، فماذا عن علاقات تتضمن وعظا أو هجرا أو ضربا في غير موضعه؟!!!

كم هي دقيقة وعميقة فلسفة وتدابير إدارة العلاقة الزوجية، والمسئولية الوالدية في الإسلام، فاعتبروا يا أولي الأبصار. وكم هي صعبة ومركبة ومتطلبة درجة القوامة، وواجبات الرجولة، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. وكم هي دينامية وحساسة وجدية مهمة أن تكوني زوجة ناجحة، وأما ناجحة، وإنسانا جديرا بمرتبة الإنسانية، وشرف الأمومة، وكرامة الأنثى.

حكايات الأسواق، حكايتي مع الأسواق قديمة ومزمنة لا أحب السوق ولا التسوق، ولم أدقق حين انتقيت علاقاتي فظل هذا النقص موجودا في أغلب الأحيان، وأفتقده.. ولكن ما باليد حيلة!!!

وحين كنت أمر في شوارع قرية أبي التي فيها أرضنا المزروعة، وبيت جدي وقبره، وكذا جدتي لوالدي رحمها الله حين كنت أمر بالسوق هناك لم أكن ألبث فيه إلا قليلا، لكنني أذكر كم كان دافئا وإنسانيا برغم صخبه إذا ما أقارنه بما يرعبني من أسواق عملاقة أراها في أسفاري، وأكاد لا أقترب منها في بلدي حيث أقيم.

ما كل هذه السلع؟!!
هل هذه هي الرفاهية؟!! الوفرة؟! المدنية؟!
هل تحتاج الحياة إلى كل هذه التفاصيل: عشرات الأصناف من نفس المادة ملبسا كانت أو مطعما؟!!
هل كانت الأسواق في الدول الاشتراكية "سابقا" بهذا الحجم وتلك الكثافة؟!
وهل كانت هزيمة التطبيق الاشتراكي الغارب هي في إحدى زواياها هزيمة أسواق، ونمط استهلاك، ووعود وتصورات عن ماهية الحياة الطيبة التي يتطلع إليها البشر؟!!
ووسط هذا التكدس كيف يشعر الناس؟؟ بالحرمان ؟!! بالرغبة في امتلاكٍ أكبر ليشعروا بتحققٍ أعمق؟!

وكيف يؤثر هذا على العلاقات وعلى العمل وعلى الاقتصاد وعلى المشاعر؟!!
وما هو هدى الإسلام في وضعية كهذه؟!! ونفس الأسواق العملاقة تملأ أقطار العرب والمسلمين، وكلهم يزورها متفرجا أو متسوقا أو متسكعا؟!!
وكيف أصبحت مراكز التسوق حول العالم مساحات لها قيمها المستقلة، ووظائفها الاجتماعية والثقافية غير مجرد البيع والشراء؟!!

راجع بعضهم أبا الدرداء بعد أن رفض تزويج ابنته الدرداء لولي العهد في الدولة الأموية حينذاك، سألوه أترفض الأمير ابن الخليفة، فقال: - إني نظرت تخيلت فرأيت ابنتي وحولها الخدم والدنيا، فسألت: أين دينها يومئذ؟!! وأبو الدرداء كان يخشى من ترف الدولة الأموية!! ولم يرى أكثر منه!!!

هل الأشياء المادية التي تحيط بنا تبقى محايدة؟؟!!........... عديمة التأثير على نفوسنا وتصوراتنا ومن ثم على خططنا وحياتنا؟!!

"
دنيا مؤثرة".. وصف في حديث نبوي، فهل الدنيا حين يتكثف زخرفها تبقى فعلا في حوزتنا أم ننتقل نحن فنصبح في حوزتها تملكنا وتحركنا وتستعبدنا إلى الحد الذي يصفه الرسول: "تعس عبد الدرهم.. تعس عبد الدينار... تعس عبد الدنيا....... تعس عبد المرأة....... إلخ الحديث". وإذا كانت الدنيا متاعا، فماذا حين تزيد الحمولة؟؟

كثيرا ما تأملت ففكرت أن الدنيا تشبه هذه الأسواق العملاقة تدخلها فارغا وتخرج منها محملا، وعلى قدر ما تبتاع ستدفع عند الحساب، والحساب في نهاية المطاف، وبقدر ما تبتاع بقدر ما ستحمل على عاتقك، وفي وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: يا أبا ذر.. أحكم السفينة فإن البحر عميق، وخفف الحمل فإن العقبة كؤود.. الخ

أعجبني وكدت أن أستوقفه ذاك الرجل الذي رأيته يخرج وكل ما اشتراه واحتضنه طبقا مغلقا من ست تفاحات.

واقرأ أيضا:
على باب الله: 7/3/2005



الكاتب: د.أحمد عبد الله
نشرت على الموقع بتاريخ: 13/03/2005