إغلاق
 

Bookmark and Share

منمنمات 4 (7 يونيو 2005) ::

الكاتب: داليا يوسف
نشرت على الموقع بتاريخ: 13/06/2005

 

ن النسوة: دين ودنيا

بعد قراءة المجموعة القصصية "الشيطان يعظ" للأستاذ نجيب محفوظ؛
مشاعر مختلطة يمكن أن تنتابك بعد قراءة مثل هذا العمل، ربما أكثرها ترددا في النفس هو الخوف... خوف من أن يكون بداخلك كل هذا اليقين والكفر في الوقت ذاته أظنه من الأعمال التي تجعلك تدرك بمنتهى الألم "أنك لا تعرف عن نفسك شيئا بعد" لدرجة تجعلك تستدعي المشهد القرآني بين رب العالمين جل وعلا والملائكة يتساءلون عن جعله في الأرض من يفسد فيها ويسفك الدماء ثم لا تلبث أن تحبس أنفاسك أمام الرد "إني أعلم ما لا تعلمون" لتظل بعد ذلك تنفثها بحثا عن حقيقتك... إن كل ما قرأت من سطور هذا العمل يدفعني للتأكد من أن لكاتبها شأن مع الدين يختلف ويتجاوز عما يظن.

الشيطان يعظ... لعله من الأعمال التي يمكن أن تقرأها كل عام لتكتشف جديدا أو تعيد قراءة ما ظننت أنك تجيد قراءته.
ولأنني مازلت أقف على الأعتاب... فما يطرق ذهني هو الأيسر والأقرب لعالمي المحسوس والاهتمامات المتكدسة أمامي... تلك الاهتمامات التي ربما تحجب عني رؤية المزيد عن كثب، بل ربما تمنع عني عوالم فسيحة، ولكنها تبدو حتى الآن هي العالم، تحدد الاتجاهات وترسم العلامات.

ما خطر لي استلهمت فكرته الرئيسية مما ذكره لي من أهداني المجموعة عن صديق له يعلن موقف رافض ويكاد يكون نافر من الدين وعلاقة هذا الصديق بزوجته التي وصفها بأنها تعرضت لتغير"سلبي" على إثر أحد موجات التدين في بلادنا، فما لبث أن اتخذ الصديق الرافض- موقفا أكثر تشددا من الدين، ثم علمت أن موقفه تغير مؤخرا على إثر كلمات نورانية سكبتها أمه البسيطة على رأسه العنيد ذات يوم.

كلمات مفتاحية إذن هي التي أطلت برأسها في رأسي بعد قراءة "الشيطان يعظ": المرأة... الدين... التدين والتغيير، فتظهر فتحية سليمان في "الحب والقناع" نقية متماسكة ولكن صلبة تحاول أن تحيا مفاهيمها عن الدين والحياة بمفهوم حداثي... تحاول أن تمارس الحب والزواج مع زوج يرى الأمور بشكل مختلف، وتظهر "ربة البيت/ المدرسة سابقا" في "أمشير" تتحرك بما يحفظ بيتها وأبنائها وهم ذكور ثلاثة لتجنبهم تماما عن شرور الخارج، ولكنها تكتشف أن محاولتها للحفاظ على الداخل دون الالتفات للخارج باءت بكل الفشل.

أشعر أن المرأة لا تختبر خياراتها بشكل كاف، ولا تدرك أن مفاهيمها للحياة والدين والتدين أهم من أن تتركها للمحيط المعتاد من الأهل والأصدقاء و...
لتتسرب إليها وتغير أنماط الفهم والمعيشة. أعرف أن في حديثي قدرا كبيرا من التعميم، ولكني أرى وبشكل عام أيضا أن المرأة أعز وأهم.

اعتبارها كتلة في تيارات التغيير السياسي والاجتماعي لا يجب أن ينزع عنها ممارسة التجربة الشخصية والاختلاف والتباين عن المحيط الذي تنتمي إليه، أثرها لا يبدأ دوما بإتباع المتاح ولا ينتهي عند دمجها في المأمول، ولو بدت في نبرة هذا الكلام شيء من التمرد أو النظرة المعتادة لحديث عن حقوق المرأة و.... إلى آخره، فلا أطلب إلا محاولة تخيل زخما حقيقيا يتحقق إذا أتاحت المرأة لنفسها فرصة أكبر في الفكاك من قيود الوصفات الجاهزة للتعرف على الدين والدنيا وانطلقت... شروط الانطلاق في رأيي لا تحتم التحرك على أرضية غير أرضية الأسرة أو الدوائر الاجتماعية الضامة... وهو انطلاق يمكن أن يجعل من الرجل مخلوق أسعد مع كيانا لا يقل نقاءً عما يحلم به لأن التجربة والخبرة هنا تصقل النقي فتجعل منه بلورا نرى من خلاله عوالم أكثر رحابة.

لنجرب!

واقرأ أيضا على مجانين:
منمنمات 1 (4 يونيو 2005)
منمنمات 2 (5 يونيو 2005)

منمنمات 3 (6 يونيو 2005)



الكاتب: داليا يوسف
نشرت على الموقع بتاريخ: 13/06/2005