إغلاق
 

Bookmark and Share

صورة..وصورة ::

الكاتب: مانيفال أحمد
نشرت على الموقع بتاريخ: 08/08/2005

جالسة أنا منذ ساعة، ممسكة بالقلم، أعبث به في حيرة، ماذا أكتب؟
المواضيع كثيرة، ويشغلني منها الكثير، ولكن.. أيها أرجح؟
فلسطين؟؟
لا.. فقد أصبحت موضوعا مستهلكا، وقد كتب عنها الكثيرون..

فكرت أن أعرض صورة.. نعم..!

صورة لفتاة تنظر في مرآة..
من وجهة نظري.. ملامحها لا تحمل شكل التطلع إلى المستقبل بذلك الشوق الذي صوره الرسام * وتحدث عنه الكاتب..
نظرت إلى وجهها، بدت لي قلقة، وكأنها بعد أن حلمت بأن تكبر سريعا، وألقت بدميتها على الأرض ونظرت في صورة والدتها.. أدركت المسؤولية التي ستقع على كاهلها حين تكبر..
أو ربما..
ربما تكون قد وصلت بتفكيرها إلى مرحلة سنية أكبر، تظهر فيها التجاعيد وبصمات الزمن على وجهها، الأمر الذي حمل نظرات الفتاة شيئا من القلق والحزن..
لكن..
عدلت عن رأيي...

فمالي وصورة قد لا تشغل شيئا من تفكيري، ولم تكن لتستوقفني أصلا إن كنت قد مررت بها معلقة في مكان ما..

قد أكتفي بالنظر إليها وأمر مرور الكرام!

مازلت ممسكة بالقلم، والأفكار تتطاير والموضوعات تعرض علي..

الحرب، السلام – الزائف.. ذلك السراب الذي نجري خلفه..!، الاقتصاد، الشعر، الأدب، الفن...؟

لا أعرف.. فكلها مواضيع قد تكون مجالا خصبا ومثيرا وجميلا للكتابة، وقد يستهوي الكثيرين، إنما أنا.. لا!
لكن.. ولم لا؟؟ من أين سأأتي بالمواضيع إذن؟!
تعود الصورة لتقفز إلى ذهني من جديد، لماذا لا أكتب عنها فعلا!!
لا لا.. لا تستهويني حقا هذه الصورة..
إنما أحب صور الطبيعة، صورة لبحر مثلا..
نعم، هذه فكرة معقولة.. صورة بحر ممتد في ليلة مقمرة.. هادئ.. تنعكس عليه صورة القمر وضوؤه في انسيابية وهدوء مريحين..
أنظر إلى الصورة و أغوص في أعماقها.. لأجد صورة الفتاة تقفز إلى ذهني من جديد!!

أخذت نفسا عميقا، وأطلقت زفرة حارة.. و.. أمري لله!!
فتاة صغيرة تنظر في مرآة، تتطلع إلى مستقبل مجهول..
قد لا يشغل تفكيرها الآن إلا أمرا واحدا.. "كيف ستبدو وهي أكبر سنا؟؟"
لكن.. أهذا كل ما يشغلها؟!
وماذا في ذلك؟ إنها لا تزال طفلة!
من منا لم يحلم في صغره بأن يكبر؟
من منا لم يحمل حقيبة والدته أو لم يردي حذاء أبيه؟

طفلة..
بعيدة عن الصورة..
في صورة أخرى حية،
طفلة عربية.. في بلد ما إسلامي..
فقدت جميع من حولها.. أمها، أبوها، أخوتها،
سلبت أرضها، وهدم بيتها..
تنظر حولها، فلا تجد إلا أشلاء وأطلال...
ضاع الماضي..
وأمامها مستقبل وحده الله أعلم به كيف سيكون..
والحاضر..
هاهي.. تجلس وحيدة على آثار ما تبقى من منزلها، ممسكة بصورة تنظر إليها بعينين دامعتين،
صورة لأسرتها التي فقدتها تحت القصف..

لا تزال الأولى تنظر في المرآة، وتفكر في مستقبلها..
ولا تزال الثانية تنظر في الصورة، وتحلم بحياة أكثر هدوء واستقرارا..

تساءلت للحظة..
في أي شيء كانت ستفكر الثانية لو نظرت في مرآة؟
ولا زلت –كما أنا- جالسة، ممسكة بالقلم أعبث به في حيرة، ولا أعرف ماذا أكتب؟!

إقراء أيضا:
إذا عرف السبب..!
احذر.. الهواء فيه سم قاتل..!!


* نورمان روكويل
 



الكاتب: مانيفال أحمد
نشرت على الموقع بتاريخ: 08/08/2005