إغلاق
 

Bookmark and Share

يوميات رحاب : النظارة حرام .. !! ::

الكاتب: د.رحاب سيد عبدالله
نشرت على الموقع بتاريخ: 30/01/2005

بسم الله الرحمن الرحيم

في إحدى الزيارات المعارفية التي يجتمع فيها الأصدقاء وأصدقاؤهم والمعارف ومعارفهم.. أحاول أن أتعرف على من لا أعرف.. فهكذا أنا دوما أوسع رقعة معارفي.. لأني أجد في معرفة الناس فائدة سواء أكانوا من زمرة الأخيار أو من أولئك الأشرار.. لكل فائدته.. في هذه الجلسة تعرفت على إحداهن وتجاذبنا أطراف الحديث من اسمها وعملها للطب للسياسة.. للدين.. للحلال للحرام..

ثم أردت أن أقرأها مقالة لدي في حقيبتي فقالت معلش ليست معي نظارتي.. قلت ولم؟ قالت: لا أحب ارتداء النظارة.. قلت لها مستفزة؟ ليه حرام؟؟.. قالت وكيف عرفت أن هذا رأيي؟؟ كدت أقع مغشيا علي.. فهذه آخر نكتة؟؟ تحاملت على نفسي وكظمت غيظي وسألتها وما جوانب حرمتها يا غالية؟؟ قالت: أنا مجبورة على السير في الشارع والعمل والسوق و...و.. وهذه الأماكن مليئة بالناس رجالا وإناثا.. ونحن النسوة مأمورون بغض البصر وأنا من غير نظارة لا أرى تفاصيل الوجه وتحديداته لذا هذا يغنيني عن غض البصر.. إذن ليس لديك القدرة على غض البصر؟؟ قالت في استحياء .. يعني..

قلت فتلوين السبب وتصبغينه بالحرمة؟؟ قالت: لا ليس هكذا بالضبط.. ربما لم أحسن التعبير.. قلت: خيرا
أنك تراجعت.. ألا ترين في نفسك قدرة على مجاهدة النفس لغض البصر؟؟ وإلام تنظرين فلا يعتبر هذا غضا للبصر؟؟
أنظر للرجال.. قلت: آه ومالهم الرجال.. أهم عورات لا بد أن توارى؟؟ قالت: هم يثيرونني.. قلت: وأين قدرة النفس على جهاد ما تهوى من غير المباحات؟؟ قالت: آثرت السلامة.. ثم أتبعت: أتعرفين أني من غير نظارة أرى الدنيا أحلى؟؟
قلت لها:وكيف؟؟ قالت: أرى الشوارع والمباني والحدائق و..و.. نظيفة.. لا أرى العشوائية ولا القذارة أرى كل الناس في هندام.. أرى بيتي مرتبا.. أرى غرفتي جميلة.. تنتشر فيها الورود وتتسق فيها قطع الأثاث

سألتها: وغرفتك ليست كذلك؟؟
قالت: غرفتي عكس ذلك والدنيا من حولي لا تطاق.. الناس مفسدون فاسدون.. لا أطيق أن أنظر في وجوههم عيوني تتأذى أرغب في الكمال ..النظافة الترتيب التنسيق ولا أجده حتى في منزلي فلما أتعذب.. قد حباني الله بضعف البصر- قصر النظر- لأرى كل ما هو قبيح في الحقيقة جميل ورائع في مقلتي.. أليس من حقي أن أرى بعيوني.. ما أتمنى أن أراه طالما لا أستطيع تحقيقه؟؟

قلت لها: أتكتفين بذلك؟؟
قالت: وماذا في وسعي أن أعمل؟؟
قلت: التكيف أولا.. كخطة قصيرة المدى ثم التصحيح أو على الأقل المشاركة فيه كخطة طويلة المدى.
قالت: وما دافعي؟؟
قلت: رؤية الدنيا على حقيقتها
قالت: وما فائدة هذا؟.. حياتي لا يعتريها أي من المنغصات.. فلم المغامرة بتفعيل الرؤية.
قلت: كيف ستختارين زوجك؟؟
ردت: هو سيختارني
قلت: وأنت؟؟ أينك من الاختيار.
قالت: وما سابق عهدي بالخيار لأختار؟؟
قلت: فلتبدئي إذن باختيار أي شيء لك.. على خاطرك
قالت: مش فارقة معايا.. اعتدت هذه العيشة..
فات من الوقت الكثير.. وقاربت على العودة لمنزلي..
قلت لها.. سعيدة بأني تعرفت عليك.
قالت: ربما تكونين كاذبة.. وإن كنت صادقة.. فستكونين مجاملة.
قلت: أقسم أني لا أعرف المجاملة وهذا من عيوبي
قالت: قلت ربما..
قلت: ولا يهمك.. سنلتقي عما قريب عند فلانة إن شاء الله.
قالت: لا..
قلت: لم؟
قالت: لن أستطيع أن أعرفك المرة القادمة.. فأنا لا أرى ملامحك..
قلت: إذن.. فلتلبسي النظارة
قالت: حتى وإن ارتديتها.. فلا ملامح لك في ذاكرتي..
قلت: سنتعرف من جديد وسأعرفك بنفسي.
قالت: لا أحب أن أرتدي النظارة!!!! مع السلامة
قلت في نفسي هذه من غريب من قابلت.


اقرأ أيضاً على  مدونات مجانين  :
يوميات رحاب: ذهبت سعاد..
يوميات رحاب: في الفيوم
يوميات رحاب: القناعة كنز



الكاتب: د.رحاب سيد عبدالله
نشرت على الموقع بتاريخ: 30/01/2005