إغلاق
 

Bookmark and Share

صفحات من سيكولوجية الصهيونية في رواية المهدي (1) ::

الكاتب: الدكتور محمد المهدي
نشرت على الموقع بتاريخ: 15/02/2005


مقدمة النشأة وأصول التسميات

طبيعة النشأة:
كثيرا ما تعطي طبيعة النشأة وأصول التسميات فكرة مهمة عن التركيبة النفسية لأي مجتمع بشري، فالبدايات الأولي يكون لها عمق نفسي غائر تمتد آثاره إلي كل ما يليها من فلسفات وأفكار ووجدانيات وسلوكيات.

فالشعب الإسرائيلي جذم سامي انفصل عن الأمة السامية الكبرى(أبناء سام ابن نوح) ولا يزال الرأي الراجح لدي المؤرخين أن الجزيرة العربية كانت هي المهد الأول لجميع الشعوب السامية ولا يمكن تحديد الزمن الذي نزحت فيه هذه الجماعة من الجزيرة العربية إلي أرض الرافدين ولا يكاد التاريخ يذكر شيئا عن حياة هذه الجماعة في تلك البقعة حتى كان العهد الكلداني حين كانت "أور" (ur) عاصمة كبيرة تتمتع بحضارة راقية.


وتحت حكم ملوك أقوياء، ففي هذا الوقت ظهر إبراهيم عليه السلام رئيسا علي جماعة هاجر بها إلي بلاد الشام، كما انتقل إلي مصر وعاد منها بجارية تدعي هاجر ولدت له إسماعيل... ومن ثم دبت الغيرة في قلب سارة -الزوجة التي جاء بها من أور - فلم تطق هاجر معها - فذهب بها (هاجر) إلي مكة لتقيم مع ابنها بجوار البيت الحرام... ورزقت سارة من إبراهيم علي الكبر ولدها إسحاق، ولد لإسحاق ولدان: عيسو ويعقوب، عيسو هو الأكبر لكن قيادة الأسرة وكيانها الديني أسند إلي يعقوب وسمي يعقوب باسم إسرائيل وتزوج أختين بنتي خاله "لأبان" كانت أولاهما تدعي "لية"والثانية تدعي رحيل وأنجبت رحيل ولدين أكبرهما يوسف الذي كان أبوه يحبه كثيرا حتي يثير غيرة إخوته منه وكراهيتهم له فصمموا علي التخلص منه، ونقلته قافلة مهاجرة إلي مصر فشب وترعرع في مصر، وسجن، ثم كان أمينا علي خزائنها.

ثم أحضر يوسف أباه وإخوته إلي مصر فأقاموا بها سنين طويلة يقال أنها كانت 220سنة تكاثروا خلالها ونما عددهم واكتسبوا كثيرا من حضارة المصريين، ولكنهم ظلوا منفصلين ومميزين عنهم ولهم بقعة خاصة يقيمون بها، وحدثت أسباب تدعو إلي الخصومة والتباغض بين المصريين وبني إسرائيل حتي جاء فرعون لا يعرف من كان يوسف فاشتط في التنكيل وأسرف في تعذيب الإسرائيليين فكان يقتل من يولد لهم من الذكور ويستبقي الإناث، وفي هذه الأثناء ظهر موسي عليه السلام وقصة نشأته في بيت فرعون معروفة كذلك هجرته إلي "مديان" في سيناء وإقامته مع شعيب عليه السلام وزواجه من ابنته وجاء إلي مصر ليخلص قومه من بطش فرعون، أقام موسي في مصر يناضل حبيس استطاع أخيرا أن يفلت ببني إسرائيل إلي أرض سيناء، ومكث أبناء إسرائيل في هذه البقعة أربعين عاما،مات خلالها هارون وموسي فانتقلت قيادة الإسرائيليين إلي يوشع (شلبي 1997)

وتبدأ المرحلة الثانية بخروج يوشع (يسمونه في التوراة يشوع-المؤلف) من أرض سيناء -بالشعب الإسرائيلي الذي معه-إلي أرض فلسطين، وكان هو القائد الأعلى، ونزلوا عقب خروجهم من سيناء إلي بادية شرق الأردن في الجنوب الشرقي من سوريا، وظلوا يوالون الحروب علي البلاد المجاورة ليستولوا علي أماكن خصبة وتأسيس دولة خاصة بهم فطالت هذه الحروب وامتدت حتى استطاع يوشع أن يقتطع مدنا من مملكة كنعان في فلسطين من أهمها أريحا وهي مدينة مقدسة كان يهوه إله العبرانيين قد وعدهم بها، وقد أشعل يوشع فيها النار فأحرقها وأباد سكانها ومزروعاتها وكان هذا نصرا عظيما له، ثبت به أقدام الدولة الناشئة وبتثبيت قدمها في هذا الطرف أخذت تناضل لتستولي علي أرض أوسع واستمرت حروبها إلي ألف عام أو ما يزيد بعد ذلك (شلبي1997)

يلاحظ القارئ بسهولة أن النشأة ارتبطت منذ بدايتها وحتى نهايتها بالغيرة والاستعباد والعزلة والطرد والتشرد والعنف والنهب والإبادة والحرق ولعل هذه التركيبة تعطي تفسيرات لطبيعة هذا الشعب فيما بعد .

وبعد حولي 160عامنا أرادوا أن ينصبوا عليهم ملكا، فاختار لهم صموئيل (رئيسهم الديني) شاءول فكان أول ملك عليهم وقد جاء في القرآن الكريم (سورة البقرة آية 246 وما بعدها) إشارة إلي هذا حيث ذكر شاءول باسم طالوت وكان شاءول ملكا فاشلا لم يستطع أن يحقق لهم نصرا ضد الفلسطينيين بل واجه هزيمة شنيعة وكان داوود عليه السلام -ثاني ملك عليهم- هو الذي قتل جالوت -زعيم الفلسطينيين- ومد حدود دولة إسرائيل إلي أقصي ما وصلت إليه من السعة، وهو الذي اتخذ مدينة أورشليم (القدس) لتكون عاصمة الدولة واستمر حكمه نحو ستين عاما.. ثم خلف سليمان أباه داوود واستمر حكمه نحو أربعين عاما(963-923 ق.م) وهو الذي بني الهيكل بناءا فخما مكان الهيكل الذي بناه أبوه (شلبي 1997)

أولا أصول التسميات:

2 /1 العبرانيون أو العبريون:

هم الذين جاءوا مع إبراهيم عليه السلام من بلاد الكلدانيين إلي أرض كنعان، سموا كذلك لأنهم عبروا نهر الفرات متجهين إلي هذه البلاد، أو لأنهم عبروا نهر الأردن في تجولهم في بلاد الكنعانيين وتعزي هذه التسمية في التوراة إلي عابر ابن بسام بن نوح الذي هم من سلالته وهذه التسمية الأخيرة مما فنده بعض المستشرقين، وعابر هذا لم يكن أكبر أبناء سام ولا جدا أدني لإبراهيم، ثم أن أبناء نوح وسلالاتهم ممن ذهب بهم الدهر ولا يطمأن إلي تاريخهم (شبلي1997)

2 / 2 الإسرائيليون:

هم أبناء يعقوب وبهذا يخرج من أسرة الإسرائيليين كثير من العبرانيين مثل لوط وذريته وإسماعيل ونسله، وأيضا عيسو ابن إسحاق.. فهؤلاء عبرانيون وليسوا إسرائيليين (شلبي 1997) وكلمة إسرائيل تعني "قوة الله" وهي مأخوذة من لفظتين ساميتين قديمتين هما "أسر" بمعني القوة والغلبة، ولفظة "أل" أي الله (ظاظا1990) وكلمة إسرائيلي في مفهوم دولة إسرائيل الحالية تعني: اليهودي المقيم في إسرائيل أيضا بشرط أن يكون صهيونيا متمسكا بالولاء لإسرائيل (ظاظا1990)

2 /3 اليهود:

نسبة إلي "يهوزا" الابن الرابع ليعقوب، وكانت له الرسالة الدينية من بين أخوته فنسبوا إليه باعتبارهم أبناء هذه الديانة، وجاء في بعض الكتب أنها نسبة إلي مملكة يهوذا الإقليم الجنوبي من مملكة إسرائيل.. وهذا ليس بشيء (شلبي 1997). إذن فالأسماء الثلاثة السابقة (العبرانيون والإسرائيليون واليهود) ليست مترادفة ولكن قد يستعمل أي اسم منها للجميع تجوزا (شلبي 1997)

2 / 4 اليهودي التائه:

كان بنو إسرائيل دائما في حالة تمرد وعصيان ضد أنبيائهم وضد الأمم الأخرى، ولذلك كتب عليهم التيه والتشرد في مراحل كثيرة من التاريخ، ولم يقر لهم قرار في أي أرض يقطنونها، فسرعان ما تتعارض تركيبتهم النفسية العنصرية العدوانية مع السياق البشري العام فيلفظهم المجتمع الذي يعيشون فيه فيعيشون في التيه إلي أن يستقروا في أرض أخري ويعاودوا الكرة، ورغم تكرار هذا التيه والتشرد فإنهم لم يتعلموا من خبرات الماضي أو أحداث التاريخ فيعاودون نفس المسلك الانتحاري مع كل الأمم والشعوب بلا استثناء.

المراجع المستند إليها:-
1 – القرآن الكريم:- سورة البقرة آية 246 وما بعدها
2 – شلبي عبد الجليل (1997) اليهود واليهودية كتاب اليوم، دار أخبار اليوم، قطاع الثقافة
3 – ظاظا، حسن (1990) الشخصية الإسرائيلية، الطبعة الثانية، دار القلم، دمشق 

اقرأ أيضا
الحركة الصهيونية كمشروع غربي/ من هم الصهاينة؟/ بدايات الاستيطان اليهودي في فلسطين/ أسباب ظهور النظام العالمي الجديد/ الدبلوماسية الشعبية.. نشطاء بدرجة سفراء

 



الكاتب: الدكتور محمد المهدي
نشرت على الموقع بتاريخ: 15/02/2005