إغلاق
 

Bookmark and Share

المنظور الاجتماعي التربوي ::

الكاتب: أ.د عبد الرحمن إبراهيم
نشرت على الموقع بتاريخ: 17/08/2008


السـنوات الأولـى للطفولــة: المنظور الاجتماعي التربوي


السـنوات الأولـى للطفولــة

الإطار العائلي
الكائن البشري يحتاج في تطوره للاعتماد على رعاية الأهل، وهذا ينطبق على التطور العاطفي كما ينطبق على الرعاية الجسمية، والنتائج المأساوية لعزل الأطفال الصغار عاطفياً عن أمهاتهم تم وصفها من قبل Spit في بحثه عن الاستشفاء والاكتئاب الاتكالي anaclitic depression، فالأطفال الذين نموا في وسط نظيف صحياً لكنه عقيم عاطفياً فشلوا في النمو والتطور وأصبحوا متأخرين عن أقرانهم وكانت نسبة الوفيات بينهم عالية، لأن الرعاية الوالدية parenting ضرورية لنمو الطفل الجسدي والعاطفي السليم،

مثال: في استشارة نفسية لثلاثة أطفال في عمر 8 سنوات يدرسون في مدارس من نمط خاص (أي لها برامج وطرق تعليمية مصممة خصيصاً لتناسب الأطفال الذين يعانون من بعض الاضطرابات) تبين أن الثلاثة لديهم I.Q. يعادل 70% وأنهم يعانون من إعاقة متوسطة في التعلم وأن في قصتهم قبل الولادة أو أثنائها ما يشير إلى أذية أصغرية محتملة في الجملة العصبية المركزية. كان الطفل الأول رائعاً محبوباً من الجميع، وعلى الرغم من كونه بطيئاً إلا أنه كان تلميذاً تواقاً إلى العلم، وكانت أمه أيضاً بطيئة نوعاً ما لكنها واقعية وتمنح ابنها الكثير من الدفء والمحبة، وتستمتع بتطوره رغم بطء هذا التطور، فتقبلت فكرة أن ابنها يحتاج لمدارس خاصة. بينما كان الطفل الثاني أكثر إثارة للمشاكل والإزعاجات، كثير الكذب والخداع، والعلاقة بين والديه مضطربة، فالأم فوضوية مهملة، أمّا الأب فيعاني من مشاكل قانونية ولم يقدم أي دعم أومساندة لطفله، مما انعكس على الطفل سلباً وجعل ملاحظة أثر اضطراباتهما عليه سهلة.

ووصف الطفل الثالث بأنه غرّيب ولا أمل منه أو رجاء، وهو بحاجة إلى التعليم والعناية أكثر بكثير من الطفلين السابقين، كان مظهر أمه غير عادي وملفت للنظر؛ شعرها بدون ترتيب وثيابها بلا تناسق، وكانت تعتقد بأن طفلها سيتجاوز تخلّفه التطوري فجأة وسيذهب إلى الجامعة، وكانت طريقتها في تنشئته وفق العقلية والنمط التالي: "إنني أحاول تعليمه أن العالم لا أمل فيه أو رجاء منه، وعليه أن يدرك ويعرف ذلك، وإذا أخبرته أنني سأكون في البيت في الخامسة، فإنني أعمل جهدي لأكون في البيت في الرابعة أو السادسة، ولكن ليس في الخامسة أبداً. وبهذه الطريقة يستطيع أن يعرف الدنيا على حقيقتها". لقد أخبر الأخصائيون الأم مراراً أن مثل هذا الطفل المتخلف أو ربما المصاب بأذية دماغية يحتاج لعناية خاصة ليبدأ في تكوين عالمه الداخلي والخارجي، ولكنها رغم ذلك لم تستطع أن تغير طريقتها في معاملته. وهكذا نجد أن الأطفال الثلاثة مصابون بأذية دماغية أصغرية محتملة مع تخلف ثانوي ناتج عن هذه الأذية، ولكن طريقة الأهل في التفاعل مع الطفل أضافت مجالاً جديدا ً(إيجابياً أو سلبياً) على قدرة هؤلاء الأطفال على التعامل مع المحيط والواقع.

إطار المدرسة

مع وجود دور الحضانة Nursery School ودور أو رياض الأطفال Kindergarten وحتى مراكز الرعاية اليومية لأطفال الأمهات العاملات، فإن أهمية المدرسة تصبح كبيرة جداً حتى بالنسبة للأطفال الصغار، وبالتالي يصبح تداخل العوامل المؤثرة في تطور الطفل مهماً وبصورة عملية وواقعية.

المدرسة والتطور

إن تجربة المدرسة -تجربة مبكرة- وهي تجربة اجتماعية بصورة أساسية، والطفل في سن الرابعة أو الخامسة أو السادسة الذي يذهب للمرة الأولى إلى المدرسة سيجابه بسيل من الاتصالات مع أشخاص جدد مثل المعلمين والزملاء والطلاب الأكبر سناً والذين يتواجدون في باحة المدرسة، والذين قد يكونون لطفاء لكنهم غالباً عدوانيون نحو هذا الطفل كوافد جديد، وفوق ذلك فإن الصدمة الأولى والمحورية للمدرسة هي الانفصال عن المنزل وعن الأم، والاستجابة البدئية بالبكاء والتعلق بثياب الأم لدى توصيل الطفل للمدرسة هي استجابة شائعة جداً وقد تتطور إلى "رهاب المدرسة school phobi"، ويكون مصدر الخوف في هذا "الرهاب" هو الخوف من الانفصال عن الأم.

في الصف الثالث، تبدأ الكتابة عن طريق النقل printing بالتحول إلى كتابة إملائية scriat وتطرح أسئلة حول نص مقروء ولا توجد أجوبتها بصورة حرفية في النص، ويبدأ إدخال الدراسات الاجتماعية والتاريخية، ويبدأ الطفل بتعلم مشاكل اللغة والتفكير المنطقي في العمليات الحسابية، ونتيجة لذلك يجب على الطفل الانتقال إلى طريقة أخرى في التفكير دعاها piaget بالتفكير الإجرائي العياني Concrete operational Thinking .

تعتبر مرحلة الدراسة الثانوية مرحلة من أصعب المراحل، حيث يبدأ الذكور بالتحول من مظهر طفولي (مرحلة الكمون) إلى مظهر شبابي بصوت خشن وطول وامتلاء الكتلة الهيكلية والعضلية وبدء نمو شعر الذقن والشارب، ويظهر الطمث لدى الفتيات وينمو الثديان وتتكامل مظاهر الأنوثة، ومن الناحية الاجتماعية يصبح للتجمعات والاتصالات بين الذكور والإناث معانٍ أخرى، وقد يجد أحد الأساتذة الذكور نفسه محاطاً بالفتيات اللواتي يزعجنه بعبثٍ لا ينتهي، وهكذا فإن المدرسة -أكثر بكثير من المنزل- هي المكان الذي تتجلى فيه التطورات. يبدأ الأهل بالشكوى: "لقد تحول المنزل إلى فندق، وتحولنا نحن إلى مصرف ومصدر للمال، وأصبحت المكافأة الوحيدة هي الشجار الحاصل بيننا وبين أطفالنا".

إن مشكلة الانفصال وتكوين الفردية separation and individuation تظهر بوضوح عند طلاب المدرسة الثانوية في الصفين الأخيرين، والذين سيواجهون حياة الكلية أو الحياة العملية أو حتى الزواج، وتتجلى هذه المشكلة في المدرسة وتناقش مع بقية الزملاء والأساتذة، فمثلاً طالبة نموذجية عمرها 17 عاماً بدأت بالتغيّب عن الدروس وعندما ناقشت الأمر مع أستاذها بدا واضحاً أنها تحاول أن "تتمرن"على ترك المدرسة قبل أن تجبر على تركها عند التخرج. إن ظاهرة غياب الطلاب عن المدرسة في الأسابيع الأخيرة في الصف النهائي للمدرسة الثانوية تأخذ شكلاً وبائياً، وقد تسبب هذه المرحلة من الانفصال وتكوين الفردية قلقاً شديداً بالنسبة لبعض المراهقين، وكذلك فإن الاستقلال والغياب النسبي للسيطرة المفروضة عليهم (من قبل الأهل) يمكن أن يولّد ارتكاساً شديداً قد يصل لحالة انهيار ذهاني حاد.

المدرسة والعائلة
من الطبيعي أن يتماثل الأهل وأطفالهم identify وأن يتمنّوا لهم الأفضل، "لن يواجه ابني المشاكل التي واجهتها، ولسوف يتلقى تعليماً جيداً، وسيذهب إلى أفضل الجامعات، ويدرس فرعاً من أرقى الفروع، ولن يترك الدراسة في المرحلة الثانوية ويعمل عملاً يدوياً كالذي أفعله أنا"، إن هذه النتيجة يمكن أن نستخلصها من الآلاف من العبارات التي يقولها الأهل بهذا المعنى، لكن مثل هذه التوقعات والآمال يمكن أن يعكس استخدام الأهل لا شعورياً لطفلهم كرمز للمنزلة أو المكانة الرفيعة status symbol . "إن ابني سيواجه مشكلة صعبة في الاختيار بين الجامعات جامعة دمشق أم حلب أم اللاذقية أم حمص، أو الجامعة الأميركية في بيروت، أو جامعة بيروت العربية، أم اليسوعية، أو جامعة باريس أو السوربون أو جامعة هارفرد وكاليفورنيا وكولومبيا،... الخ، لقد قبل ابني في العديد من الجامعات وبمنحة دراسية كاملة في كل منها".. "هذه هي السنة الثالثة التي يكون فيها ابني الأول في صفه".. "جميع الصبيان في الصف معجبون بابنتي، لقد حاول كل واحد منهم أن يحصل على موعد معها".. إن مثل هذه الأفكار الخيالية تدور في ذهن الأهل منذ الأشهر الأولى في حياة طفلهم، لكن مع بدء المدرسة فإن الواقع الصعب يبدأ بالحد من هذه الخيالات، مما يولد نوعاً من الامتعاض تجاه المدرسة أو المعلم أو حتى الطفل.

من التفاعلات المعقدة الأخرى التفاعل بين الأهل والمدير أو المعلم؛ إذ أنه من المستحيل عادة بالنسبة للمعلم أن ينظر للطفل كما ينظر إليه أهله (طفل متميز فريد من نوعه)، من جهة أخرى فإن بعض الأهالي يستمرون في تعاملهم مع معلم الطفل وكأنهم يتعاملون مع معلمهم عندما كانوا صغاراً في المدرسة، مما يؤدي إلى تقبّل كلمة المعلم كقانون لا يناقش أو قد يؤدي هذا إلى ثناء مفرط على المعلم أو عدائية شديدة تجاهه..

وهكذا فإن ما ذكرته هو بعض الأجوبة المختلفة التي يمكن أن نراها في هذه المرحلة.

المدرسة والمرض النفسي
ليس من النادر أن يفصل الطفل المصاب باضطراب شديد بعد عدة أسابيع من دخوله لدار رعاية الأطفال، ولربما تكون هذه المرة الأولى التي يواجه فيها الأهل حقيقة أن ابنهم مصاب باضطراب ما، أما بالنسبة للتخلف الخفيف الشدة، فقد لا يلاحظ إلا في الصف الثاني أو الثالث، وعدم حدوث التطور بشكله السوي يمكن أن يجعل من عملية القراءة عند الطفل كابوساً، وبالتالي تبدأ إعاقات التعلم بالظهور بوضوح. والطفل المفرط الحركة والذي لا يستطيع تركيز انتباهه إلا لفترة قصيرة والذي عنده صعوبات القراءة والحساب والذي لا يستطيع أن ينظم المعلومات بطريقة منطقية، مثل هذا الطفل سيعاني من مشاكل كثيرة في الصف الثالث أو الرابع، وليس من النادر أن يشعر الطفل في هذه السن بشعور عميق بالإخفاق.

إن الطفل الخجول المعزول الهادئ المكتئب قد لا يلفت النظر إليه لا سيما أن هذه الصفات تصبح جلية في سنوات الدراسة الإعدادية عندما يكون المدرس مشغولاً تماماً بمشاكل الطلاب الأخرى التي تحدثت عنها سابقاً، وكثيراً ما يلاحظ هؤلاء الأطفال العصابيين حتى بداية المراهقة. وليس من النادر أن يلاحظ الأهل أو المدرس انخفاضاً في مستوى الطفل في المرحلة الثانوية عنه في الإعدادية، أو أن يلاحظوا تغيرات كبيرة أخرى في الشخصية تحت تأثير المراهقة، فالطالب الذي كان ينال علامات عالية أصبح الآن ينال علامات منخفضة، والأمر الأكثر خطورة هو نشوء رهاب المدرسة في هذه السن، فعلى العكس من الأطفال الذين يصابون بهذا الرهاب في سن مبكرة، يكون الأطفال في المراحل المتأخرة مصابين باضطراب أعمق ومن الشائع أن يكون هذا الاضطراب نوعاً من أنواع الفصام.

إطار المحيط
من الصعب إيجاد نقطة لبدء بحث تأثير المحيط على الأطفال والمراهقين، وسأبدأ بذكر قول شائع "إن خطيئة الأب ستنتقل حتى الجيل الرابع"، يبدو أن هذا القول يحمل من الصحة أكثر مما كنا نعتقد!. لقد لفت Psasmanick أنظارنا لتأثير بيئة ما قبل الولادة على تطور الطفل في المستقبل، ووصف هذا العالم مفهوم الإصابات التطورية Developmental Casualty ، حيث افترض أن أي عامل يمكن أن يزيد من وفيات الأجنة والأطفال بتأثير على الجملة العصبية المركزية يمكن بدوره أن يسبب الأذية العصبية لأعداد أكبر من الأطفال مع بقائهم أحياء، وقد تأكدت هذه الفرضية من خلال الكثير من الدراسات، فنسبة حوادث الإسقاط والخُدج والوفيات خلال الولادة وما بعد الولادة تزداد في الحالات التالية:
1) انخفاض الدخل المادي.
2) الأم تحت 17 سنة.
3) الأم غير المتعلمة.
4) نقص تغذية الأم.
5) ارتفاع معدل الرفاهية.
6) الأم تنتمي لأقلية عرقية.
7) العناية قبل الولادة قليلة أو معدومة.

وفي وجود أحد هذه العوامل فإننا نلاحظ زيادة إحصائية في كل من:
1) التخلف.
2) السلوك المعادي للمجتمع.
3) إعاقة التعلم.
4) الهرب والتغيّب عن المدرسة.

في المجتمعات الغربية يوجد ما يدعى ببيئة الأقليات وتعاني هذه الأقليات من شدات وضغوط كثيرة من أجل تأمين العيش والحياة، وتؤدي هذه الضغوط إلى التفكك العائلي، فالطفل الذي عمره 5 أو 6 سنوات والذي عاش في مثل هذا المحيط لعدة سنوات يتعلم أن إمكانية الحياة في مثل هذا المجتمع تتطلب قسوة وشدة لأن الحاضر والمستقبل غامضان، فهو قادر على العيش في أنفاق القطارات لعدة أيام وقادر على نهب الأشخاص السكارى، لكن إذا وضع في مدرسة تأهيلية فإنه يشعر بالضياع ويبدي اضطرابات سلوكية.

وفي مثل هذه البيئات فإن العمل مع عصابة يعطي شعوراً بالانتماء، لكن ثمن هذا الانتماء يكون غالياً. لقد أخبرني أحد الأطفال الأذكياء أنه اضطر لسرقة جهاز تلفاز حتى ينتسب لعصابة في شارعه، وحدثني طفل آخر عن سرقته لدراجة من مكان مجاور وعندما سألته إن كان نادماً قال بغضب: "إن صاحب الدراجة يستحق أن تسرق منه لأنه تركها هكذا!"، كما أن نسبة تعاطي الكحول والمخدرات في هذا المحيط تكون كبيرة وربما تمثل طريقة للانتماء للعصابة للتخلص من الامتعاض والإحباط، ومهما كان السبب فإنه من الصعب على هؤلاء الأطفال تجنب الانحراف. وبالمثل فإن ضغط المحيط لممارسة الجنس قبل وأثناء سن المراهقة عند فتيات هذا المجتمع يكون هائلاً.

ومهما يكن يجب أن تبقى في ذاكرتنا أن ظروف المحيط وضغوطه ليست مقتصرة على الأقليات العرقية؛ أخبرتني فتاة أمريكية في الثالثة عشر من عمرها قائلة: "نحن من الطبقة المتوسطة، إن أبي وأمي يعملان ولكنني من أفقر الفتيات في المدرسة الراقية التي أتعلم فيها". إنها تشعر بالخجل والإحباط بسبب ذلك، ولكن ما هو الحل بالنسبة لها، "لقد سرقت الأموال عدة مرات لكي أستطيع أن أدعو رفاقي خارجاً، لأنه ليس بإمكانك أن تكون مدعواً دوماً دون أن تقوم برد هذه الدعوات".

وللأسف بدأت ألاحظ في مجتمعنا- خاصة في السنوات الأخيرة- عدداً لا يستهان به من الأطفال يدفع بهم إلى الشوارع لبيع أنواع من علب التبغ أو بعض أنواع المهربات، أو الوقوف عند الشارات الضوئية لمسح زجاج السيارات، أو ما شابه، وهذه ظاهرة يجب معالجتها بسرعة، فهي تحطيم وقتل للطفولة وتفريخ لعاهات وجرائم ليس من السهولة السيطرة عليها لاحقاً.

الإطار النفسي الاجتماعي
حاول Erik Erikson في كتابه "الطفولة والمجتمع" أن يصنف مراحل تطور الأنا ومراحل التطور الجنسي النفسي من خلال إطار العائلة والمحيط والمجتمع والتربية، وسأتحدث عن مراحله النفسية الاجتماعية بالتفصيل لاحقاً في مكان آخر.

نظرة عامة
وفي الخلاصة فإننا نظرنا إلى بعض الأنظمة المختلفة التي تؤثر على كل طفل ومراهق وعائلاتهم، ولا يوجد عامل مفرد يمكن أن ننظر إليه بمعزل عن العوامل الأخرى، بل إن هذه العوامل تتظافر مع بعضها لتعطي المظهر النهائي. ومن المفيد أن نتصور الطفل ككوكب محاط بمجموعة من الكواكب لكل منها طاقته الخاصة وكل منها يساهم في تحديد المكان الذي سيأخذه هذا الكوكب المركزي، إن المواهب الفطرية المورثة للطفل والتطور والشدَّات الطبيعية والعلاقات والتفاعل مع المدرسين والزملاء في المدرسة والمحيط النفسي الاجتماعي كلها عوامل مهمة تتداخل مع بعضها لتؤثر في تطور الطفل، وكل من الأنظمة التي ذكرت هو أشبه بتسليط الضوء على أحد أوجه تطور الطفل، فالتطور الجنسي النفسي يجيب على السؤال Why?، لماذا يفكر الطفل بهذه الطريقة؟، بينما تطور الاستعراف يجيب على السؤال كيف How يفكر الطفل؟، بينما الجهاز العصبي المركزي يمكن أن يفسر يوماً ما أين Where تجري أعمال التفكير في قشرة الدماغ؟..

إن الأنظمة الاجتماعية كالعائلة والمدرسة تضع الطفل في محيط كامل، وكما نلاحظ من خلال دراستنا للمتلازمات السريرية في الأمراض النفسية، فإن أجزاء معينة من النظام الكامل ستتأثر بصورة خاصة أكثر من بقية الأجزاء، وبالطبع يختلف هذا الجزء المتأثر من متلازمة إلى أخرى. وحتى عندما يكون سبب المرض واضحاً، كما في متلازمة داون Down ، فإن كل الأجهزة تكون مصابة لكن بدرجات مختلفة. وعلى الطبيب أن يتفهم الطفل والعائلة من كل منظور يدخل في تكون الجهاز الكامل كي يستطيع أن يتدخل بذكاء وفائدة.
                                                وللحديث بقية.............
المصدر: المجلة الإلكترونية للشبكة العربية للعلوم النفسية



الكاتب: أ.د عبد الرحمن إبراهيم
نشرت على الموقع بتاريخ: 17/08/2008