إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   لميس 
السن:  
25
الجنس:   C?E? 
الديانة: الإسلام 
البلد:   الأردن 
عنوان المشكلة: لأنني بنت : فقدت طعم الحياة مشاركة2 
تصنيف المشكلة: نفسعائلي تربوي: الانحياز للذكر Sex Discrimination 
تاريخ النشر: 04/08/2004 
 
تفاصيل المشكلة
  لأنني بنت : فقدت طعم الحياة متابعة ومشاركة

نعم هو حبٌ، وأضغط بكلتا يدي على يديها بتلك القوة التي مدّ الحب بها أعضائي, وأربّت على ما بين كتفيها برقّة علّمني الحب إياها، وأقول: هو ما قالت، وأنا أصدّقها!

وأعذركم يا سيدي، فالمنطق يقضي بأن النتائج مهما كان طريقنا في استخلاصها-استقراءً أو استدلالاً- تتحدد بالمقدمات...

وهي
وأنا وكل من هم في زمرتنا، قصّرنا في عرض مقدماتنا، وأحجمنا عن بسط ما تخفي النفس من مشاعر وأحاسيس، وما تختزن تلافيف الذهن من أفكار وتأملات أمامكم فتتفحصها عين الخبير فيكم, وتجسها يد العارف منكم.

فبينما ملأ المشوشون في عاطفتهم والتائهون عن جادة الفكر الناضج أسماعكم ضجيجاً، آثرنا الصمت، والتجأنا للكتمان، نخفر ما يتوضع في القلب بكل سكينة، ويملأ علينا الروح بلذة عليا، يرقبها ذهن منفتح، ويعقلها لب متيقظ.

أنا لم أعرف أحداً سواه عبر النت, ولم أعرفه في غرفة للدردشة، فلم أدخل أي منها قط، بل شدّني ما يبث عبر الإذاعة من موسيقى، منتقاة بعناية لا يوليها غير ذوّاقة لمستمعين متذوقين. اتصلت به عبر البريد الإلكتروني كما اتصلت بغيره من المذيعين، وكما اتصل به غيري من المستمعين.

تواصلت رسائلنا وتلاقحت أفكارنا، في كل شان تجري عليه الحياة، وكل نشاط يفرزه الإنسان: في السياسة، وفي الاجتماع، وفي التاريخ، وفي الدين أيضاً. بدأنا بالموسيقى، وانتهينا بما يليق بها كبداية راقية وفن رفيع.

أتدرون يا سيدي، كم قوية هي الكلمات، وأي عمق تقطع إليه في نفس متلقيها.

 أتدرون أي سلطان نافذ لها على العقل والعاطفة، وأي تغير بل انقلاب تحدث في حياة الإنسان، حسبها أن الخبير العليم جعل فيها ديمومة الإعجاز حتى قيام الساعة دون كل ما جرى على يد المصطفين من عباده من معجزات.

والكلمة في حالنا لا تحمل معنى فقط, بل تنبض بالحركة وتنقل غير المتاح للعين والسمع واللمس، فكأني أقرأ وجهه، وأسمع كلماته تنطق بصوته على الشاشة، وأشعر بحرارة انفعاله فيما يكتب، وألحظ ارتعاشة أصابعه التي تضغط على الحروف في لوحة المفاتيح.

كنا مختلفين في أكثر أمرنا، متضادين في معظم نزعات الطبع فينا، متقابلين في نظرنا للأشياء. كان تبايننا لذيذاً واختلافنا مفيداً...كقطبي مغناطيس يجذب الشمال طرف الجنوب، بل كقطعتين انبعاجات الواحدة منهما تناسب بروزات الأخرى تماماً، فتظهر الصورة صحيحة كاملة وحلوة.

كان صادقاً كشمس الظهيرة، ومستقيماً كحد السيف، مهذباً كيّساً كما للمسلم أن يكون. تذكّرت دوماً وما نسي أبداً أن لجة العاطفة في داخلنا ليس لها أن تهدر خارجاً حتى يربط الله أجسادنا برباطه المقدس كما أراد لأرواحنا أن يتصل ما بينها بذلك الخيط الشفاف الرقيق من الود والألفة.

قابلني مرة، ولا أخفيك سراً إن قلت أنني تفاجأت كما لم أتفاجأ في حياتي، لقد صدقتم يا سيدي فيما ذهبتم إليه من سعة مساحة الخيال عندما لا ترى العين فتضع حدوداً للصورة. الاختلاف لم يكن فكراً فقط بل جسداً أيضا، فضخامته تناقض رقة حالي، وبياض بشرته لا تشبه سمرتي، وبساطة ملبسه لا تقارب أناقتي.

كنت ذكية فألمحت بما دار في خلدي، وكان لمّاحاً فالتقط الإشارة، وافترقنا يومها وبقيت رسائلنا تجمع ما بيننا متصلة حيناً ومتقطعة أحياناً، حتى مرّ عام ونصف على ذلك اللقاء ليطلب تجديده، كم كان رائعاً...بل كان رائعاً.

من أشد ما يجذب المرأة لرجل إرادته القوية، ووضوح هدفه، وجديّته في تحقيقه.

كان رزيناً في خطبته، متماسكا، حريصاً على ألا تفلت كلمة تخدش حياء الأنثى فيّ، محترماً- بفتح الراء- يحترم الآنسة التي يراها زوجة في بيته، وأماً لأطفاله، وامرأة في فراشه.

جلس إلى طاولتي روحاً تلبس جسداً جديداً، وجوهراً حراً أصيلاً بمظهر مستحدث مغاير لصورة كانت في البال لعام ونيّف. بيد أن العين لم تقف طويلاً عند الخطوط الخارجيّة، بل اندفعت للداخل ورصدت ما تعرف وبحثت عمّا تألف. مرة أخرى رأيته بعيني التي تقرأ ما يصب على الشاشة من أفكار وآراء ومعاني.

كان هو، أكثر جاذبية، أعمق إيماناً، وأرقى خلقاً. الحب كالإيمان يا سيدي، يسكن القلب ويتمكن فيه فيفيض على الجوارح تهذيباً وسمواً، ورقة وقوة. وإيماني يساير المنطق ويصمد عند المحاكمة العقلية، ويتفق مع الفكر السويّ والذهنية الناضجة، وتطمئن إليه الفطرة السليمة... والحب كذلك عندي. وإيماني يعترف بالغريزة, ويعدها بمتعة الإشباع ولذته حين يقطف ناضجاً في أوانه... وحبي أيضاً.

غير أنك تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد ...فكم من بذرة صحيحة وضعت في تربة صالحة وتعهدها الباذر بكل ما استطاع من العناية وما علم من الرعاية، ثم توكّل على الحيّ القيوم في أمرها فما نبتت بإذن الله ولحكمة من عنده...

لكن من يدري لعلّ الظرف بعلمه تعالى ليس على ما يظن ذهننا القاصر من الكمال، والحال ليس كما في علمنا المحدود من الملاءمة!..... والأمر لله من قبل ومن بعد.

ودمتم يا سيدي بفضل من الله سالمين.

30/7/2004
 
 
التعليق على المشكلة  

الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك على مجانين ، وشكرا جزيلا على مشاركتك، وعلى لغتك الصحيحة، وأسلوبك الغنيِّ، ونسأل الله أن يجمعك ومن تحبين في الله على كل خير وصلاح.

الحقيقة يا أختي أن معظم صاحبات المشاركات في موضوع
الحب عن طريق النت ، انفعلن مثلما انفعلت، ورحن يدافعن عن أنه حب مع أننا لم ننكر كونه حبا (رغم استخدامنا للا في العنوان) وإنما فقط وضعنا كثيرا من الخطوط الحمراء، والمحاذير لمن يعتبرنه حبا كاملَ التحقق دون لقاء في الواقع، إذن أنت انفعلت مثلما انفعلن، لكن أسلوبك يبقى الأروع بين أساليبهن.

كما أن المشكلة التي تشاركين فيها ليست فقط مشكلة حب من خلال الإنترنت، وإنما تداخلت فيها عوامل عدة، حتى أصبحت بالنسبة لصاحبتها مشكلة إثبات وتوكيد ذات بالنسبة لأسرتها، كما يتضح من قراءة
متابعتها الثانية، وأما بالنسبة لنا فهي مشكلة ما تواجهه الفتاة التي تربت في بيئة صبغت بثقافتنا في المنطقة العربية الإسلامية، بغض النظر عن ديانتها أو انتمائها العرقي، ومحور اهتمامنا هو فصل ما هو من الإسلام عن ما هو من غيره، كما تجدين في عديد من المواضيع على مجانين .

ورغم اختلاف الطريقة التي تعرفت بها إلى من أحببت عن الطريقة التي نحذر منها، فقد أشرت بنفسك إلى المسافة الكبيرة بين ما كنت تتخيلين وبين ما وجدته في الواقع وكان بمثابة المفاجأة عند أول لقاء طبيعي بينكما، ولأن من عرفته (وأحببته) من خلال الإنترنت كان شخصا صادقا ولم تجديه كاذبا في شيء فإن الأمور لم تكن صادمة بالنسبة لك، وصحيح قد يكونُ ما ذهبت إليه من أنك وغيرك من صاحبات الخبرة الطيبة في علاقات الإنترنت لم تتكلمن أو لم تزودننا بخبراتكن، إلا أننا وتبعا لخبرتنا مع هذه الأداة، وفهمنا لآليات التعامل من خلالها نعرفُ وما زلنا نقول ونكرر أن مساحة الكذب في علاقات الإنترنت أكبر بكثير من مساحة الصدق، وهذه هي القاعدة وقصتك وغيرها هي الاستثناء الذي يثبت القاعدة !

وجميل وصفك للحب بأنه كالإيمان، ولكن الحب الذي يمكنُ أن يكونَ كذلك يجب أن يكونَ اللقاء فيه لقاءً في الواقع البشري الحقيقي، وليس في الواقع الافتراضي، إلا إن كان إيمانا يستندُ إلى خيال أكثر مما يستندُ إلى حقيقة، ونحن نعرف بالطبع أن المُحِب سرعان ما يؤمن بمن يحب، ويبني صروحا ولو على خيال، لكننا لذلك السبب بالتحديد حذرنا الناس وحاولنا إنقاذ من نستطيع.

أسعدتنا مشاركتك، ونتمنى أن نحظى بمثيلاتها، فأهلا وسهلا بك دائما على
مجانين .

 
   
المستشار: أ.د.وائل أبو هندي