إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   nor 
السن:  
18
الجنس:   C?E? 
الديانة:  
البلد:   السعودية 
عنوان المشكلة: نتف الشعر في غرفة الاستجواب 
تصنيف المشكلة: نطاق الوسواس OCDSD نتف الشعر Trichotillomania 
تاريخ النشر: 18/01/2007 
 
تفاصيل المشكلة


السلام عليكم؛
منذ أربع سنوات تقريبا بدأت باللعب بخصيلات شعري، وتطور الأمر إلى أن أصبحت أقطع وأنزع بعض الشعر من جذوره، وتوقفت فترة ثم عدت، وأنا الآن لا أستطيع نزع يدي من رأسي وبدا شعري يخف، ولكنني أجيد إخفاء العيوب. الجميع بدا يلاحظ هذه العادة علي وينصحني، لكن دون جدوى.. فما العمل؟
ملاحظات: عمري 18 سنة. 

 
 

 
 
التعليق على المشكلة  

وصلتني هذه الرسالة من الأخت السائلة بهذا القدر من الاختصار الذي لم يكن ليسمح لي بمساعدتها بالشكل الذي ينبغي، ولذلك قمنا بإرسال بعض الأسئلة المتعلقة بالحالة لها، كما نصحناها بقراءة إجابتين سابقتين لنا على هما: "
نتف الشعر وقضم الأظافر"، و" نتف شعر الرأس.. وسواس يحتاج طبيباً".

وقد قامت الأخت السائلة بالرد على تلك الأسئلة بعد التقديم التالي (السلام عليكم، اسمح لي يا أستاذ أسئلتك كثيرة! لم أتوقع ذلك، أشعر أني في غرفة استجواب، لكن سأرد بطبيعية جدا، أبدأ الرد، جواب الأسئلة بالترتيب)، وهذا التقديم إن دل فإنما يدل على طبيعتها المرحة وحسن تصرفها ولباقتها.

ونورد هنا رسالتنا إليها، وأسئلتنا لها، وردها على تلك الأسئلة في شكل حوار، ونرجئ التعليق الطبي النفسي على تلك الردود بعد الأسئلة والأجوبة:
الأخت السائلة، رسالتك قصيرة جدا إلى الحد الذي يجعلني لا أستطيع إلا أن أضع التشخيص فقط، فما تعانين منه هو اضطراب نفسي سلوكي نسميه اضطراب نتف الشعر، وفي بعض الحالات يكون الاضطراب مرتبطًا باضطراب الوسواس القهري، وفي البعض الآخر بالاضطرابات النفسية الاندفاعية؛ لذلك أرجو منك أن تردي على الأسئلة التالية لكي أستطيع مساعدتك أكثر:
س1- بأي شيء تشعرين قبل نتف الشعر؟
ج- أشعر بأني أريد أن أقطع شعرة رغبة ملحة، هناك شعرة تنتظر النتف
!

س2- بأي شيء تشعرين أثناء عملية النتف؟
ج- يا ألله "جوي جوي انقطع الشعر".

س3- ما هي مشاعرك بالضبط بعد النتف؟
ج- ارتحت من هذه الشعرة؛ لأني أقطع المتموج مع أني أفضل الشعر المتموج على الأملس.
 
س4- هل تعتبرين نفسك موسوسة؟ أو دقيقة زيادة عن اللزوم أو تكثرين من تكرار بعض الأفعال؟
ج- أنا لست موسوسة إطلاقا، وأعمالي أهتم بأن تنتج بطريقه تقبل فقط.

س5- ماذا عن هواياتك؟ وعن علاقاتك الأسرية؟ وعن علاقاتك الاجتماعية؟
ج- هواياتي القراءة والمشي والرياضة والتلفزيون والتغذية والثقافة الاجتماعية، وعلاقتي الأسرية منعزلة تقريبا أعيش في عالمي الخاص ولي مشاعري التي لا يشاركني بها أفراد أسرتي، ومع المجتمع من الأقارب والصديقات فلي شعبية جيدة وصداقات كثيرة.

س6 - ماذا عن مستواك الدراسي؟
ج- أنا ممتازة بالدراسة حاصلة الآن على نسبة 95%، ولكن مهملة، يعني لا أستغل طاقاتي في الدراسة، وأفسر نجاحي بأنه ضربة حظ.

س7- هل يعرف أحد من صديقاتك أو قريباتك أو أعضاء أسرتك مشكلتك مع شعرك؟
ج- الكل يعلم أني أقطع شعري، طالبات الفصل ومدرستان وصديقاتي وأفراد أسرتي جميعهم.

س8- ماذا تفعلين بالشعر بعد نزعه؟ هل مجرد الرمي أم تلعبين به بين أصابعك أو شفتيك أو تأكلينه؟
ج- أنا أقطع الشعر من جذوره فيخرج بعض الشعر وعليه طبقة البويصلة البيضاء، أحب أن ألمسها وألمس الشعرة وأرمي الشعرة بعدها لأقطع شعرة أخرى.

س9- هل تنزعين من شعر الرأس فقط؟ أم من أماكن أخرى أيضًا؟
ج- هوايتي تزيين الشعر والوجه فأي مكان به شعر يصلح للنزع أقطعه لكن مجرد للتنظيف فليست مشكلة.

س10- عندما توقفت عن نزع الشعر لفترة كما قلت كيف كان ذلك؟ وماذا ساعدك عليه؟
ج- لا أتذكر كيف أو ما الدافع، لكني أذكر أن غرفتي كانت مليئة بالشعر المقطوع.

س11- هل هناك نوع ما من الضغوط أو التوتر في حياتك الآن لسبب أو لآخر؟
ج- الضغط أنا حساسة وكتومة نوعا ما عند غضب أمي علي أو عند تقليل احترامي من شخص أتحول لشخص بكاه حزين، لكن أستطيع أن أخفي دموعي وكأن شيئًا لم يكن، وأنا الآن في تجربة مريرة بالنت أتعرض للابتزاز، سأرسل لكم مشكلتي، ولكن أنتظر أن تكتمل أحداث هذه التجربة المريرة.

س12- من تكونين أو كيف تصفين نفسك؟ أو صفي لنا شخصيتك قدر استطاعتك وآراء الآخرين فيك
؟
ج-
أنا أوكيه صديقاتي يطلقن علي أنى خفيفة دم، وبعض المدرسات يقلن أني مشاغبة، وزوجة عمي تقول بأني أتدلع، نادرا ما تفارق الابتسامة شفتيَّ وأحلم بمستقبل زاهر، وأتمنى أن أكون أما عظيمة لأنجب أطفالا متميزين، أنا ملتزمة دينيا واهتماماتي الدينية وثقافتي الدينية واسعة جدا، أؤمن بالمنازل المعنوية، ولكن وأحيانا أنصرف عن هذه الاهتمامات لفترة ثم أعود بتوفيق من الرب وأنا حاليا ملتزمة، وأشعر أن رحمة الرب معي رغم تقصيري وهوان شأني، وتلازمني هذه الرأفة منذ فتحت عيني على هذه الدنيا، وادع لي يا دكتور بحسن العاقبة، أنا قد أتحول لثرثارة في بعض الأوقات أو مصغية.

ثم اختتمت ردودها بالتعليق التالي: سرني أن أقدم لك مشكلتي، وشكرًا لمحاولتك مساعدتي، وأشكر هذا الموقع جدا وأنا من المعجبات به والمروجات له، وأنتظر الرد، والسلام. ونتوقف أولاً عند ما تصفه السائلة بالرغبة الملحة لنوضح معنى معينًا نخاف أن يفهمه المتصفح بسطحية؛ لأن الرغبة الملحة بنتف شعرة عند مريضة باضطراب نتف الشعر من هذا النوع هي إحساس أكبر وأشمل وأعمق من كل ما قد يوحي به هذا التعبير للآخرين، فهذه الرغبة التي تسبق الفعل الاندفاعي عند مرضى نتف الشعر تختلف عن الرغبات الملحة عند معظم البشر بل عن الرغبات الملحة الأخرى عند المريضة ذاتها مثلاً تختلف عن رغبتها الملحة أحيانًا في أن تأكل الشيكولاتة.

والاختلاف هنا يكمن في اتصاف هذه الرغبة بالقدرة على تشكيل السلوك، فالرغبة الملحة التي تسبق الاندفاعة عند مرضى اضطرابات العادات والنزوات بوجه عام دائمًا ما تمتلك خاصية القدرة على أسر طاقة الفرد كلها لتنفيذ الفعل الاندفاعي.

واضطرابات العادات والنزوات Habit and Impulse Disorders (والتي تشمل نتف الشعر والسرقة المرضية وإشعال الحرائق المرضية وإدمان الكومبيوتر والإنترنت وقضم الأظافر ونقر الجلد وهوس الشراء وغير ذلك) تتسم بسمات ثلاث هي:
1- الفشل في مقاومة اندفاعة أو نازع أو هوى للقيام بفعل ما ضار للشخص نفسه أو للآخرين.
2- شعور متعاظم بالاستثارة قبل القيام بذلك الفعل.
3- الإحساس بالمتعة أو الرضا أو التخلص من الضغط النفسي أثناء القيام بذلك الفعل.

وعلينا أن نلاحظ أن السائلة لم تصف لنا أفكارًا تسبب لها الضيق مثلاً قبل نتف الشعر، وإنما وصفت شعورًا واضحًا بالرغبة في قطع شعرة ثم وصفت الرغبة الملحة التي أشرنا إليها، ثم أضافت تشبيهها للشعرة بأنها تنتظر النتف، وكأن الشعرة تحتاج إليه أو تفرح به! ويلاحظ في إجابتها أيضًا أنها تشعر بشيء من المتعة أثناء عملية النتف، وهي لم تعبر بوضوح عن نوعية هذه المتعة من ناحية كونها متعة جسدية أو نفسية.

ونحن هنا أمام شكل من أشكال اضطراب نتف الشعر التي لا تأخذ شكل الدورة الشعورية المشهورة لاضطراب الوسواس القهري، فبينما نجد فيما يقارب نصف مرضى اضطراب نتف الشعر أفكارًا تسلطية تسبق النتف وتسبب تراكمًا للضيق والتوتر إلى الحد الذي يدفع المريض إلى الفعل القهري المتمثل في نتف الشعر، رغم عدم رغبته في تكرار النتف، لكنه يضطر إليه للخلاص من التوتر والضيق، هذه النوعية من المرضى غالبًا ما نجد في تواريخهم المرضية أو العائلية بعض أعراض اضطراب الوسواس القهري، ونستطيع تسمية اضطرابهم بنتف الشعر الوسواسي.

لكننا نجد في بقية المرضى مجرد الرغبة في النتف، والتي يعبرون عنها بصور شتى، فبعضهم كما فعلت السائلة يقول بوضوح بأنه يحس برغبة ملحة وبعضهم يركز فقط على خاصية معينة للشعرة التي ينتفها، وبعضهم يقول بأنه لا يملك تفسيرًا لما يحمله على النتف أو أنه ينتف دون وعي منه أو بصورة تلقائية وبعضهم لا يجد ما يقوله، ونستطيع تسمية اضطراب نتف الشعر عند هؤلاء بنتف الشعر الاندفاعي، واضطراب الأخت السائلة يقع ضمن أو أقرب إلى هذه الفئة الأخيرة.

وكما يبين الشكل فإن هذين النوعين من اضطراب نتف الشعر يمثلان طرفي متصل يتوزع عليه المرضى، فمعظم الحالات لا يمكن وضعها في هذا الطرف أو ذاك، وإنما هناك من يكونون أقرب إلى الاندفاعية وهناك من يكونون أقرب إلى الوسواسية أو القهرية، وهناك من نجدهم في منتصف المتصل كما تشير الأسهم الصغيرة في الشكل.

وأما ما تحس به السائلة بعد النتف فهو حسب وصفها شعور بالراحة! لأنها قطعت الشعرة المتموجة ثم تضيف بعد ذلك "مع أني أفضل الشعر المتموج على الأملس"! وهي بذلك تضعنا في حيرة كبيرة فهي لا تملك تفسيرًا منطقيا لما تفعل! فمن المنطقي فيمن تفضل الشعر المتموج على الأملس أن تترك ذلك المتموج في حاله على الأقل!

ويلاحظ أنها لم تقل بأنها تشعر بالخلاص من الضيق أو التوتر؛ لأن نتف الشعر هنا لم يكن مسبوقًا لا بالضيق ولا بالتوتر، وإنما فقط بالرغبة الملحة التي أشرنا إليها من قبل، كما أنها أيضًا لم تشر إلى الشعور بالأسف أو الندم على استسلامها للرغبة في نتف الشعر مثلما نجد في كثيرين من المرضى، وكل هذا يتماشى مع إجابتها بعد ذلك التي أشارت فيها إلى أنها غير موسوسة على الإطلاق، فسمات شخصيتها أقرب إلى الاندفاعية أو اللامبالاة على الأقل فيما يتعلق بموضوع نتف الشعر.

وعندما نصل إلى علاقاتها الأسرية نجد أنها علاقات تتسم بالكثير من البعد والفتور فهي تصف لنا انعزالها الذي يكاد يرتبط فقط بالأسرة، في تناقض واضح مع علاقاتها الاجتماعية الناجحة والمتعددة التي جعلت لها شعبية كبيرة، ساعدها عليها أنها مثقفة ومتفوقة كما قالت، وذكية وطلقة اللسان كما أستطيع الاستنتاج.

إلا أن هذا النوع من التفاعل داخل الأسرة لا بد أن يشمله التدخل العلاجي النفسي من خلال العلاج الأسري لكي يصبح بإمكانها تبادل المشاعر والاهتمامات مع أعضاء أسرتها فذلك يساعد كثيرًا في تخلصها من عادة نتف الشعر، وأتمنى أن يكون هناك في مكان إقامتها متخصصون في العلاج النفسي الأسري.

وأما مستواها الدراسي الممتاز الذي ترجعه هي إلى أنه ضربة حظ، فإنني أميل إلى إرجاعه لذكائها واتقاد ملكاتها وقدرتها على التذكر والفهم السريع من مجرد الشرح الذي تقوم به المعلمة في الفصل، وأما اتهامها بأنها مهملة؛ لأنها لا تستغل طاقاتها كلها في الدراسة فأنا أتفق معه، وأدعو الله أن يمكنها من تغيير ذلك في أقرب وقت، إلا أننا لا نستطيع إغفال الإشارة إلى أن إرجاعها تفوقها إلى ضربة الحظ فيه ما يوحي بأنها ترجع الأحداث في حياتها نجاحًا أو فشلاً إلى قوى خارجية وليس إلى قدراتها أو أفعالها الذاتية أو أنها بلغة علم النفس تعتقد أن مركز التحكم في حياتها خارج عنها.

وبينما نجد معظم مرضى نتف الشعر الوسواسي يخفون اضطرابهم عن الآخرين ما استطاعوا لذلك سبيلاً، فإن السائلة على العكس من ذلك لا تخفي الأمر ولا تعتبره سرًّا؛ لأنها من النوع الاندفاعي، بل هي تقول لنا بأن هوايتها تزيين الشعر، ثم تكلمنا عن نمص الشعر من الوجه (أو نتف الشعر من أماكن أخرى) بعد ذلك، على أنه ليس مشكلة فهو للتنظيف فقط، فهي تقول: "فأي مكان به شعر يصلح للنزع أقطعه، لكن مجرد للتنظيف فليست مشكلة"، وهنا أحس بأنها تخفي الكثير خاصة أن معظم شعر الجسد الداخلي يكون من النوع المتموج الذي يستثير فيه الرغبة للنتف، وبأن هناك مشاكل لا تود التصريح بها.

كما يبينُ لنا إقرارها بأنها تحبُّ أن تلمس طبقة البويصلة البيضاء وأن تلمس الشعرة، ثم تقول "وأرمي الشعرة بعدها لأقطع شعرة أخرى" يبين لنا ذلك نوعية الطقوس التي تفعلها بعد النتف والتي تحوي شيئًا من المتعة لها، وهذه الطقوس (التي تشبه الطقوس القهرية) تذكرنا رغم تصنيفنا للحالة كحالة نتف شعر اندفاعي، بأننا نتحرك في إطار نطاق الوسواس القهري وإن كنا أقرب إلى طرفه الاندفاعي.

وأما الدافع الذي مكنها في وقت من الأوقات بالامتناع عن نتف الشعر لفترة ما، فهي لا تذكره، وليس في ذاكرتها إلا أن غرفتها كانت مليئة بالشعر، وقد يكون في ذلك ما أشعرها بالندم على تشويهها لجمالها الذي منحه لها الله سبحانه، ربما.

وأما ما تتعرض له السائلة من كرب نفسي هذه الأيام بسبب مشكلة تتعلق بالشات والعلاقات الإلكترونية التي أوصلتها إلى أن أصبح هناك من يقوم بابتزازها فلعل لذلك دورا في زيادة معدل النتف لشعرها؛ لأن للكرب دورًا في دفع المرضى للانفلات السلوكي فيما يتعلق بالعادات والنزوات، ومن المهم هنا أن ننصحها بقراءة العديد من الإجابات المعروضة على صفحتنا
استشارات مجانين لعل فيها ما يساعدها في أزمتها الحالية، ومن هذه الإجابات على سبيل المثال لا الحصر:
حب على الشات: حذارِ يا بنات!
حكم الشات: فتوى مجانين يا بنات!
إدمان الشات كجزء من مشكلة زوجية مشاركة
الشات أول طريق الانفلات
الحب على النت: ما بعد الكذب مشاركة

وأما ما بعد كل هذا التحليل فهو رأينا في كيفية العلاج الذي لا بد أن يتم من خلال علاقة مع طبيب نفسي ذي خبرة في العلاج السلوكي، ونحن هنا لا نستطيع إلا أن نبين لها أن أنجح طرق العلاج السلوكي حسب المعلومات المتاحة حتى الآن في حالات نتف الشعر هي برنامج علاج سلوكي يسمى"التدريب على قلب العادة" Habit Reversal Training، وهو كبرامج العلاج السلوكي بوجه عام يحتاج إلى الصبر والمثابرة لفترة طويلة، ويتكون برنامج التدريب على قلب العادة من أربع مراحل هي:

المرحلة الأولى: وتعنى بالتدريب على الدراية بالذات وبالسلوك، بحيث تقومين خلالها بتسجيل مرات نتف الشعر وما يسبقها وما يليها من مشاعر وأحداث، وتستمرين في ذلك بانتظام لعدة أسابيع، وتقومين بعرض ما تكتبينه على معالجك أو معالجتك النفسية إلى أن يصبح السلوك وكل ما يحيط به واضحا لك وللمعالج، ولا تقولي إنك لا تحتاجين لهذه المرحلة؛ لأنك (كما تحسبين نفسك) على دراية بكل شيء! فذلك لا يفيد؛ ولأن تطبيقك والتزامك بذلك سوف يجعلك تكتشفين الكثير مما كنت تجهلينه، ولا تدرين شيئًا عن وجوده.

المرحلة الثانية: وتتمثل في تعلم الاسترخاء الذاتي، وتقوم فكرته الرئيسية على أساس أن معظم حالات النتف يسبقها معدل عالٍ من التوتر النفسي والعضلي، فإذا ما أصبح بإمكان المريض أن يسترخي فإننا نعضد سلوكًا يتنافى مع السلوك المراد تغييره.

المرحلة الثالثة: وتتمثل في التدريب على الوعي بحركة الحجاب الحاجز (وهو الحاجز العضلي الفاصل بين تجويف الصدر وتجويف البطن) أثناء التنفس، والوعي بهذه الحركة يزيد من استرخاء الشخص نفسيا وجسديا، وعند إتقان تلك المرحلة يتمكن الشخص من دمج ما تعلمه في المرحلة الثانية مع ما تعلمه في هذه المرحلة وصولاً إلى التمتع بالقدرة على الاسترخاء الذهني والجسدي في أصعب المواقف، والقدرة على التركيز داخل الذات التي تعتبر ضرورية للبدء في المرحلة الرابعة.

المرحلة الرابعة: وتسمى بالاستجابة العضلية المنافسة Competing Muscle Response، وتتمثل باختصار شديد في التدريب على أفعال عضلية معينة تتنافى تماما مع فعل نتف الشعر، فمع الاسترخاء الجسدي والذهني والانتباه لحركة الحجاب الحاجز والتنفس بعمق مع ما يستلزمه كل ذلك (في وقت واحد) من تركيز، يبدأ الشخص في تعلم فعل شيء بكفيه، غير النتف بالطبع، وهذه هي الاستجابة العضلية المنافسة والتي تتمثل ببساطة في قبض عضلات الكفين بشدة (وكأن الشخص يقبض على شيء في كفيه) مع وضع الذراعين ملتصقتين بجانب الصدر وزاوية الكوع في وضع الزاوية القائمة، ثم شد عضلات الذراعين بدءًا من الكوعين وحتى أطراف الأصابع.

فإذا أصابتك الرغبة الملحة في النتف بعد أن تكملي التدريبات السابقة مع المعالج السلوكي، فما عليك إلا أن تدمجي ما تعلمته في المراحل الثلاثة الأخيرة وتستمري ويداك في الوضع الموصوف لمدة ثلاث دقائق، فإذا لم تنته الرغبة الملحة فكرري نفس الخطوات، وربما تحتاجين في البداية لتكرارها أكثر من مرة، بل وأكثر من ذلك عليك أن تفعلي تلك الخطوات حتى لو بدت لك في البداية غير ناجحة وحتى لو بدأت في نتف الشعر فيمكنك أن تتوقفي عن النتف وتبدئي في تنفيذ تلك الخطوات، وحتى لو انتهت نوبة النتف عليك أن تفعلي تلك الخطوات، باختصار شديد أنت تقومين بإحلال عادة مكان عادة، واسألي الله أن يعينك.

وبالرغم من الصعوبة التي تبدو به بعض هذه الخطوات، والغرابة التي تبدو بها بعضها فإن الالتزام بهذا البرنامج مع معالج سلوكي مدرب هو أكثر طرق علاج نتف الشعر نجاحًا حتى الآن، وفي بعض الأحيان تتم إضافة أحد عقاقير الماس أو الماسا والتي تفيد خاصة في حالات نتف الشعر الوسواسي.

وفي النهاية أقول لك بأن ما أتوقعه في حالتك هو الاستجابة الطيبة بإذن الله تعالى؛ لأن ذكاءك واضح، وكل المطلوب منك هو الاستعانة بالله تعالى ثم مفاتحة أسرتك أو أقرب أفرادها إليك في موضوع حاجتك لمساعدة طبيب نفسي ذي دراية بالعلاج السلوكي، وقد بشرنا الله سبحانه وتعالى بأنه عند حسن ظن عبده به فكما قلت في إفادتك "أشعر أن رحمة الرب معي رغم تقصيري وهوان شأني، وتلازمني هذه الرأفة منذ فتحت عيني على هذه الدنيا"، و
تابعينا بأخبارك فنحن في انتظار سماع كل خير عنك.  
   
المستشار: أ.د. وائل أبو هندي