إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   تقوى 
السن:  
20-25
الجنس:   C?E? 
الديانة: مسلمة 
البلد:   مصر 
عنوان المشكلة: الصوفية والفصام : محاولة للفهم ، ودعوة للاجتهاد 
تصنيف المشكلة: الفصام والوهام Schizophrenias & delusions 
تاريخ النشر: 14/11/2003 
 
تفاصيل المشكلة
الخوف من سوء الخاتمة :
 
 طبعا في البداية أحب أن أحيطكم علما بأنني أشعر بفخر حقيقي أن لدينا موقعا هادفا رائعا كموقعكم فجزاكم الله عنا خير الجزاء.
 
 أنا فتاة نشأت في أسرة من أب فاضل كان يعمل في منصب عسكري مرموق ولكنه سرعان ما أنهي الخدمة وأنا ما زلت في الثالثة من عمري لا أعي شيئا ولا أتذكره يعمل مطلقا. علما بأني البنت الصغرى ولي ثلاثة أخوة ذكور يكبرونني .
 
 أما أمي فهي ربة منزل استقالت من عملها بناء على رغبة أبي لتصحبه في تنقلاته المتكررة بين المدن المختلفة طبقا لطبيعة عمله التي ذكرتها من قبل . فهي شخصية مسالمة ومقهورة في أغلب الأوقات نتيجة لشخصيه والدي المسيطرة إلى حد ما . المشكلة يا سيدي تكمن في والدي - فأرجو أن يتسع صدرك لتسمع مني ما يعاني منه والدي ونعانيه معه - وسأروي من البداية حتى تظهر جميع جوانب المشكلة بقدر الإمكان والله المستعان.
 
 نشأ والدي يتيما فقد توفت أمه وهو لا يزال في الثالثة من عمره ثم توفي والده وهو في السادسة وتركه في كنف جدته لأبيه وكانت شخصية قوية ومتحكمة - كما أسمع منه شخصيا- عمل أبي في أعمال صغيره وحقيرة و لم يتعلم حتى سن الثالثة عشرة ، وذلك لأنه لم يكن ليهتم به أحد - وكما يحكي لي - فقد غيرت إحدى الأحداث مجري حياته عندما عاكس إحدى الفتيات في الشارع وكانت عائدة من المدرسة فنهرته بشدة وذكرته بالفارق بين فتاة متعلمة وصبي يعمل في أحد المحلات .
 
 شعر والدي بالإهانة وقرر أن يتعلم وفعلا التحق بمدرسة ليلية - التي كانت منتشرة وقتها - وأصر أن يكمل تعليمه رغم الإحباطات التي كانت تحاصره والكلمات التي كانت تثبط من عزيمته .0 المهم تحدى أبى أقداره واستطاع أن يجمع السنين في سنه أو اثنين حتى تمكن من أن يأخذ الإعدادية والثانوية دون أي مساعدة من الأهل بل بالعكس بتثبيط الهمم من جدته ورفاق الشارع .
 
 وبشبه معجزة من معجزات القدر استطاع والدي أن يلتحق بالكلية العسكرية التي كانت وقتها من المستحيل أن يلتحق بها إلا أبناء الصفوة و ليس صبي معدم مثل هذا وبالفعل تخرج منها ضابطاً وسط فرحة واستغراب كل من حوله .
 
 بعدها مباشرة تزوج أمي و كان في بداية الزواج لا يصلي ولا يصوم رمضان ويلعب القمار أحيانا مع أصدقائه كتسليه ويشرب بعض أنواع الكحوليات أيضا . وأمي عكس ذلك تماما ولكنها كانت صابرة لأنها تحبه من جانب ولأننا ننتمي إلى عائلة زواجها كاثوليكي - آسفة للتشبيه - فليس عندنا شيء اسمه طلاق .
 
 يجب أن أذكر للأمانة - أن والدي شخصية طيبة وحنون يحب الدعابة وكانت أمي ترجع عاداته تلك إلى أنه لم يجد من يرشده ويوجهه في الصغر. وعلي عكس ما لاقاه فإنه ربي أخوتي تربية إسلامية رائعة وهم بالتبعية ربوني هذه التربية وليس هو للأسباب التي سوف أسوقها .
 
 المهم .. مع مرور السنين بدأ والدي يلتزم شيئا فشيئا وبدأ يصلي ويصوم وكانت هذه هي أفضل حالاته كما تروي أمي وذلك لأنه تعرف بعد ذلك علي إحدى الطرق الصوفية التي "انجذب" إليها بشدة وكان يقضي كل إجازاته - عندما كان يعمل - عند هذا الشيخ وينظم الحضرات في المنزل وحلقات الذكر قد يبدو هذا للبعض شيئا عاديا ولكن الغلو في أي أمر ليس عاديا علي الإطلاق .
 
 وفي هذه الأثناء كان يسعى بكل السبل ليسوي معاشه حتى يتفرغ تماما لما عشقه وانجذب إليه بشدة . وفعلا نجحت محاولاته وأصبح بالمعاش وهو في سن 40 سنة أي في أوج شبابه . وأخذ مكافأة آخر الخدمة وصرفها بالكامل علي هذا الشيخ ومريديه دون أن يعبأ أن له أربعة أبناء لا يزالون في أمس الحاجة لهذه النقود أضف إلى ذلك عددا من الشقق التي باعها برخص التراب كي يتوفر معه نقود لنفس السبب وفي هذه الأثناء كان قد اشتري سيارة ويتنقل فيها مع رفاق الطريقة التي يتبعها . وعندما نفدت النقود وباع السيارة انفض من حوله الرفاق ووجد نفسه وحيدا بلا عمل أو نقود ليبدأ مشروعا كباقي زملائه في العمل . في هذه الأثناء أصيب أبي بما يشبه الاكتئاب فكره الخروج من المنزل رغم أنه كان يصلي كل الفروض في المسجد وأحيانا يقف إماما .
 
 كان أبي يقوم بأشياء مبالغ فيها مثل الجلوس في حجرة مظلمة لفترات طويلة جدا وحده كي يذكر الله ويصلي طول الليل بلا نوم ويصوم ليس صياما عاديا ولكن بدون أكل أو شرب لمدة أربعة أو خمسة أيام وكأنه يعذب نفسه وكان يتركنا ونحن الأطفال الصغار وأمي التي لم تتعود علي التصرف في أي موقف وحدنا ويذهب إلى المدينة التي بها شيخه الحبيب ويعتكف فترات طويلة في المسجد وذاكرتي حافلة بمشاهد ذهابنا مع أمي لنستجديه كي يعود معنا وهو في حالة يرثي لها من عدم أكل أو شرب أو استحمام معتكفا في ركن في المسجد وكأنه أحد المتسولين وليس الضابط الذي كان مركزه مرموقا .
 
 هذه الأيام كانت أسوأ أيام في حياتنا جميعا وشارفت أمي علي الانهيار من ثقل العبء الملقي علي كاهلها ولا مبالاة والدي بالدنيا كلها وكأنه يعيش في عالم ثاني وقراراته المفاجئة التي هي بالطبع خاطئة . قرر فجأة أن ننتقل إلى مدينة أخرى واتخذ لنا بيتا قديما لا يرقي إطلاقا للمستوي الذي كنا نحيا به وبالطبع نفذنا أوامره على مضض . ومنذ أن انتقلنا إلى هذه المدينة - بالمناسبة هي مسقط رأسه هو وأمي وفيها كل أهلهم - وهو لا يخرج من البيت إطلاقا وكأنه يخاف من الناس . ثم بدأ يصلي بأسلوب غريب وهو جالس رغم أنه سليم تماما ثم انقطع عن الصلاة تماما منذ أكثر من ستة أعوام كما انقطع عن صيام رمضان أيضا .
 
 وكان يتكلم معنا وكأنه يلقي محاضرات طويلة لأشخاص يوجه إليهم الحديث بالطبع ليس نحن لأن كلا منا كان مشغولا عنه بشيء ، وكان يتكلم في أشياء غريبة أذكر منها حديثه عن شيء اسمه علم الباطن وتفسير الأشياء العادية بأسلوب غريب وغير منطقي ثم بدأ يتكلم و هو وحده في حجرته المغلقة ويتكلم كأنه أمامه أشخاص يوجه الحديث إليهم و كأنه هو مخلص العالم من كل الشرور وأنه هو المنتظر .
 
 ودائما ما يتحدث عما يسميه الديانة المصرية التي يجب أن يتبعها كل المصريين بدلا من الإسلام الذي هو محتل من وجهة نظره !!! و هكذا يا سيدي نخاف أن يتكلم أمام شخص غريب فيظن الناس أنه ملحد وخاصة أنه يتكلم كلاما لا يعقل عن الرقص الذي هو صلاة والغناء الذي هو وهو وهو وهكذا .
 
 وفي إحدى مراحل حياته في هذه الأثناء منعني أنا وأمي من الخروج من المنزل وحتى من الذهاب إلى الدروس أثناء دراستي الأمر الذي أثر عليّ بالسلب في هذا الوقت وكذلك أمرني أن أخلع الحجاب وإذا لم أنفذ رغبته هددني أنه سوف يحرق جميع كتبي وملابسي ولكنني صبرت ودعوت الله كثيرا حتى فرّج عني هذه الكربة . و كان يشك في تصرفات أمي و يجلس أمامها وهي تصلي حتى تفرغ من صلاتها وإذا نامت خارج الحجرة في أي مكان في المنزل يجذبها بعنف وكأنها فعلت شيء شائن حتى أنه في إحدى المرات شك أن هناك أمراً شائنا بينها وبين أحد أخوتي الأمر الذي لا مجال له ولا منطق .
 
 أنا في حيرة من أمري يا سيدي ولا أخفي عنك سرا أنني في شدة الخوف أن يؤثر ما يقوله والدي علي زواجي لو تقدم لي أحد لان أخوتي رجال ولا يتأثرون بالأمر مثلي. أنا أخاف علي والدي جدا من سوء الخاتمة . هل لو مات علي ذلك نحاسب نحن أننا لن نعالجه مع العلم أنه إذا ذكر أمامه كلمة علاج يثور بشده ويقول إنني أعرف أنكم لستم أنتم من تقولون هذا ولكن الذين يكرهونه !!! وهو سوف ينتقم منهم .
 
 أرجو أن تساعدوني في هذا الأمر فقد تكون رسالتي تلك سببا في هدايته وشفاه .. اللهم آمين . هل هو الآن ملحد أي يجب التفريق بينه وبين أمي مثلا .. أرجو المعذرة فآلاف الأسئلة تدور في رأسي فهل من مجيب . أرجو أن يكون الرد بشكل شخصي عن طريق البريد الإليكتروني.
 
 جزاكم الله خيرا وأرجو أن تكونوا قد أدركتم من كلامي جميع جوانب المشكلة.
 
 7/11/2003 
 
 
التعليق على المشكلة  

الأخت السائلة: أحسنت عرض مشكلتك، ونرجو أن نكون عند حسن ظنك، وأهلا بك دائما حتى تزول معاناتك هذه بمشيئة الله.

ذكرتني قصة والدك بما تعلمناه وما يتعلمه كل دارس في مجال الطب النفسي عن بعض العلامات التي ترافق ظهور مرض الفصام، وهي الاهتمام بدراسة الروحانيات إلى درجة الاستغراق فيها، وتفسير الكثير من الظواهر والأحداث تفسيرا خاصا يسميه المريض باطنيا أو ينسبه إلى العلم اللدني نسبة إلى قوله تعالي (وعلمناه من لدنا علما) أو يقرر المريض صراحة بأن وحيا أو إلهاما يأتيه ليخبره بالمعلومات والمعاني !!! ولأن الطب النفسي كما نتعلمه في جامعاتنا هو حصاد خبرة غربية بالأساس ، ومساهمة العرب والمسلمين في تغذيته من ثقافاتهم وتراثهم وواقع خبراتهم قليلة ، فالنتيجة تكون مجرد معلومة نعرفها عن تلازم بين أمراض الفصام ، وصاعد الاهتمامات الغيبية/ الروحانية/ الدينية ... قد تأخذ أشكالا مختلفة حتى عما ذكرته هنا كأمثل.

وإذا صح ما تعلمناه من أساتذتنا ومنهم أساتذة العالم المخضرم الأستاذ الدكتور يحي الرخاوي، وهو يصف الفصام بأنه عملية تشظي أو تصدع لبنيان النفس والعقل، فهل يمكن أن نفهم الاتجاه للأمور الغيبية بوصفه محاولة من الإنسانولو بغير وعي للبحث عن معني ضام أو محور جامع تلتئم حوله أنقاض النفس والعقل المتهدم !!! ولا نعرف معني يملك هذه القدرة والقوة على إعطاء روح التماسك والتناسق بين الأجزاء والمتناقضات والشظايا العقلية والنفسية أكثر من الدين والتدين، وصحيح أنه هنا يأتي شكل غير سليم، وهذا مفهوم لأنه بحث من نفس مريضة، وبطريقة غير منهجية أو واعية، ولنقل أنه مجرد اتجاه أو رد فعل لأن كلمة بحث تحمل في طياتها معانيا إيجابية ومنهجية تفتقدها الظاهرة التي نتحدث عنها، وهذه أفكار مبدئية تحتاج إلى تطوير واجتهاد من الزملاء المتخصصين .

وأغلب الظن يا أختي السائلة أن والدك مريض بأعراض فصامية يبدو وأنها من النوع المصحوب بضلالات الاضطهاد أحيانا وجنون العظمة كما يسميه البعض ولا أذكر لك على سبيل التشخيص الطبي الدقيق، فلا تشخيص إلا بفحص مباشر، كما نؤكد دائما، ولكنني أحاول إفهامك بعض أبعاد حالة والدك، أو تفاعلي وتعليقي على رؤيتك عنها .

وربما يترافق مع أعراض الفصام في حالة والدك هذه أعراض أخرى للاضطراب المزاجي قد تكون المسئولة عن تصرفاته الخاصة بالإنفاق السفيه، أو النشاط الزائد بعدم النوم أو الأكل لمدة  خمس أيام أو ستة، وكذلك الميل المرضي إلى العزلة لفترات طويلة ..... الخ

وربما يقول قائل أن كثيرا من الوقائع والتصرفات التي تصدر عن والدك قد تقع من بعض المتصوفة أحيانا، فهل يعني هذا أن كل متصوف هو مريض نفسي أو على الأقل مرشح لكي يكون كذلك!!!

وأقول: أن التطرف في أي مسلك قد يكون بالفعل من مقدمات الدخول إلى تجربة غير طبيعية أو خبرة مرضية، والاعتدال من علامات الصحة النفسية بما يعنيه من توازن وتركيب ومرونة واستمرار ... هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن أي نشاط عقلي أو نفسي/ روحي يتعارض مع قيام الإنسان بواجباته والأدوار والأعمال المطلوبة منه أبا أو زوجا أو فاعلا في تيار الحياة وعمارة الكون، إن هذا النشاط المعيق يقع بتقديري في نطاق الأمراض النفسية بوضعه مقدمة أو علاقة من علامات اعتلال أكبر في أداء الوظائف النفسية الأخرى فمرحبا بالزهد أو الصمت أو حب المناجاة في خلوة ...ومرحبا بالتخفف من الماديات لصالح الروحانيات والمعنويات، ومرحبا بإيثار الآخرة وما عند الله على الدنيا وما بين أيدي الناس من متاع زائل، مرحبا بطريقة أبسط في العيش المتوجه إلى غاية أسمي للوجود الإنساني من مجرد الطعام والشراب والزينة بشرط ألا يشل هذا حركة من يمارسه، أو ينحرف به عن سنة المصطفى الذي وضع الحد الفاصل بين الإحسان في العبادة، والدروشة أو الابتداع في النشاط الروحي حين قال لمجموعة من الشباب الراغبين في الالتزام والتفاني في العبادة بما لم يفرده الله، ولم يأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم ... فقال لهم: (ألا إنني أتقاقم لله، وأعرفكم به .. ولكنني أصوم وأفطر وأقوم وأنام، وأتزوج النساء ... فمن رغب عن سنتي .. فليس مني) .

وأنا أضيف هنا أن المسلم الذي يخالف هذا النهج الواضح المتوازن المرغوب إنسانيا وإسلاميا، ويخطط لنفسه مسارا آخر، فردا كان أو جماعة، فهو مرشح بشدة للواقع في المرض النفسي إن لم يكن مريضا بالفعل، وكم من مرضى ينكرون أو لا يعرفون بأنهم مرضى!!! وأعود لوالدك فأقول: ليس والدك ملحدا ... معاذ لله ولكن أغلب الظن أنه مريض لدرجة فقدانه البصيرة بمرضه، وبما يفعله، وإذا كانت علاقته مستمرة بالطريقة الصوفية أو ببعض أصدقائه منها أو من غيرها فقد يكون هذا هو المدخل لبداية الإقناع بالعلاج الذي يمكن أن يؤتي ثماره على نحو يدهشك، وفي الأسواق الآن بعض عقاقير سائلة وشفافة تمكن إذابتها في المشروبات أو وضعها في الطعام، وهي بلا طعم ولا رائحة وقد تبدءون العلاج بها شرط أن يرى والدك طبيبا متخصصا أولا.

ويضيف الدكتور وائل أبو هندي ، الأخت العزيزة السائلة أهلا وسهلا بك ، وأشكرك على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين ، وأما ما أود إضافته فقط بعد الإجابة الشاملة للأخ الزميل الدكتور أحمد عبد الله ، فهو فقط أن أحيلك إلى معلومات توجد على موقعنا عن اضطراب الفصام هي :
الفصام
بعد ظلمة نفسي ، وانقطاع رجائي : عاشقة الفصام
نقاب فعباءة فبنطلون !! إحترس من حواء
أسمعهم ولكن من يصدقني: نحن نصدقك ولكن !
اكتئاب أم فصام وهل هناك احتمالات بارانويا ؟
ما هو الفصام ؟ الرد بعد المعلومات !

وأهلا وسهلا بك دائما فتابعينا بأخبارك وأخبار والدك، وشاركينا بآرائك.

 
   
المستشار: د. أحمد عبد الله