إغلاق
 

Bookmark and Share

العلاج بالقرآن.. شبهات وردود(4) ::

الكاتب: د. محمد شريف سالم
نشرت على الموقع بتاريخ: 22/11/2008


همسـة عتــاب.. للمشاركين في مؤتمر العلاج بالقرآن بين الطب والدين

رسائل قصيرة (4)

العلاج بالقرآن.. شبهات وردود(3)

جانب من الحضور في مؤتمر العلاج بالقرآن
رسالة للدكتور عبد الحق حميش من الشارقة.. قولك: (لم أجد في كلام السلف شيئًا في منع التفرغ للرقية). لا، بل يوجد؛ فقد روت عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد»، أي: مردود عليه.
وكلامك أن الذي يمارس الرقية لا يستطيع أن يمارس معها عملًا آخر، هو كلام غير مقبول؛ لأن الرقية تشبه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل على حسب استطاعته، يستطيع كل من يقوم بها أن يمارس عملاً آخر معها.

أما رسالتي للشيخ أبي مسلم بلحمر من الجزائر.. سيدي الشيخ الآن فقط عرفت أن مآسي الجزائر لم تأت من فراغ كيف لا!! وقد عرفت من كلامك في حلقات مؤتمر "العلاج بالقرآن بين الطب والدين" بالنص: (تتكاثر وفود الزائرين من المرضى بمعدل 200 إلى 300 حالة يوميًا).

وقولك بالنص: (ومن بين هؤلاء المرضى قضاة ومحامون وأطباء ومهندسون وأئمة ودعاة وطلبة وأساتذة ورجال أعمال واقتصاديون وصحفيون وإعلاميون).

بالله عليكم، كيف يحكم القاضي وهو ممسوس؟! كيف يدافع المحامي وهو ملبوس؟! وكيف يعالج الطبيب ويجري عمليات جراحية وهو مسحور؟! وكيف يبني المهندس بيوتًا ومصانع ومدارس وهو محسود؟!

السادة الأفاضل
الدكتور طارق بن علي الحبيب:

كلامك أن المعالجين بالقرآن المدربين بشكل جيد يمكن الاستفادة منهم في تقديم الخدمات الصحية النفسية والروحية، لماذا؟ هل عجز مجتمع الطب النفسي العربي المسلم عن إعداد الطبيب النفسي المؤمن الصادق العارف بدينه، والذي يستطيع كما يقول الشيخ علي أن يلصق المريض بربه تعالى ويوجهه إلى المعاني الإيمانية؟! وإذا أراد المزيد أن يرسله إلى دور العبادة، ولا يخلط بين الاثنين، ولماذا لم تسمع لكلام الدكتور حمدي فؤاد المصيلحي عن أهمية إلمام الطبيب المعالج بطبيعة مجتمعه وبيئته ودينه وأهمية وجود تدريب للطبيب على عمل دعم روحي نابع من معرفة حقيقة الإسلام ودور الدين في حياتنا بما فيها العلاج النفسي.

الدكتور وائل أبو هندي:
كنت أتمنى أن تقول ولو حتى كلمة واحدة من كلامك وكلام أصحابك خصوصًا الدكتور محمد المهدي على موقع "مجانين دوت كوم" فيما سمعت ورأيت.

الدكتور سليمان عبد العظيم:
أنا معك أن المسلمين يميلون للعلاج بما استنته السنة النبوية الشريفة والقرآن الكريم، وأعيد عليك: أنا معك فقط في ذلك، ولكن ما يحدث في الحقيقة هو بدع مستحدثة وافتراء وظلم وكذب باسم القرآن والسنة.

الشيخ جلول يوسف حجيمي:
من عجز الطب عن علاجه مدة طويلة ليس بالضرورة أن يكون ملبوسًا أو مسحورًا أو محسودًا، والمشعوذ الحقيقي والدجال هو من يدعي وجود أعراض معينة يعلم مسبقًا أنها توصف بالمس أو السحر أو الحسد وأقصد بذلك المتعالج الذي يوحي إلى المعالج بالتشخيص المطلوب لكي يبرر أفعاله الحقيرة ويتحكم فيمن حوله.

الدكتور محمد أيمن عرقسوسي:
هل معنى كلامك أنه يكفي علاج ضغط الدم بالأدعية والآيات في شريط مسجل؟ وإلا فما معنى تطوير علاج ارتفاع ضغط الدم والتخفيف من الأعباء الاقتصادية على المريض والدولة وتجنيب المريض الأعراض الجانبية للدواء؟! لأن ذلك لن يتم إلا بوقف الدواء. يا دكتور محمد أيمن علاج ضغط الدم علاج رباني خلقه الله واكتشفه الإنسان، «تداووا عباد الله».

الدكتور. محمد بن عثمان الركيان:
قولك: أيد الأغلبية (9,86 % ) فتح عيادات للعلاج بالقرآن.. منذ متى يقوم الأطباء بعمل استفتاء للمرضى قبل أن يقوموا بأي إجراء طبي؟!

منذ متى يسأل الطبيب العليل عن العلاج؟! هل لو عملت استفتاء للأطفال عن العلاج بالحقن الوريدية أو العضلية؛ لأنها أكثر فاعلية وتقصر مدة العلاج، ولو كان ردهم: لا نوافق، هل نوقف العلاج بالحقن؟!

الشيخ أسعد الكحيل:
سامحك الله يا شيخ، نص كلامك (... توصلنا بعد إجراء تجارب طويلة عملية وتطبيقية إلى تحويل الرقية الشرعية إلى ذبذبات كهرومغناطيسية عبر جهاز حديث يتصل مع الحاسوب من خلال اتصاله عن طريق الناصية والأذن، فكانت الدوافع لاختراع هذا الجهاز علاج الأمراض المستعصية.. معالجة الأدوية بالذبذبات الكهرومغناطيسية للرقية الشرعية).

لا أجد أي كلمة أو تعبير أرد به عليك، وكل لومي وعتابي على من حضر هذا المؤتمر سامحهم الله. يا سيدي، اخترع لنا جهازًا يخفف آلام المرضى مثل أجهزة العلاج الطبيعي، اخترع لنا سلاحًا نرد به كيد الأعداء والظالمين والمتجبرين، اخترع لنا آلة رخيصة لحصاد المحاصيل لفقراء المسلمين، اكتشف لنا دواءً جديدًا رخيصًا للأمراض التي تنهش في أجساد الفقراء والمساكين. يا سيدي «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

الدين كامل وليس في حاجة لمن هو مثلي ومثلك ليضيف إليه، أما في أمور الدنيا فافعل ما شئت، واخترع ما شئت، واكتشف وأبدع وتفنن «أنتم أعلم بشئون دنياكم».

الدكتور ناصر العبيد:
علاجك للسرطان والإيدز والسكر والصرع بالقرآن فقط كلام باطل ولا ينبني على أسس علمية ولا شرعية.

مرض الصرع
كنت أعالج شابًّّا سعوديًًّّا من مرض الصرع الذي حول حياته لجحيم هو وأهله، وعندما انتظم على العلاج الدوائي تحسنت حالته تمامًا بفضل الله، والتحق بالعمل في مصفاة للبترول وابتسمت الدنيا له، وعندما أراد أن يتزوج أحب أن يستشير أحد المعالجين الأفاضل خطيب وإمام المسجد، قال له: "لبسك جني ولا بد من وقف الدواء؛ لأن هذا الصرع بسبب الجن وعندما يخرج سوف تتوقف نوبات الصرع"، وعندما أوقف الدواء فجأة خرج من بيته بالسيارة فانقلبت السيارة وتحطمت وذهب إلى المستشفى فأقنعته بالرجوع إلى الدواء وذهب للمعالج مرة أخرى فأكد له وجهة نظره بضرورة وقف الدواء؛ فتسبب ذلك في حادث مروع على كوبري للمرة الثانية وقابلته في غرفة العناية المركزة بالمستشفى في حالة يرثى لها.

أيها الناس، الصرع مرض عصبي وهو حدث وقتي يحدث لفترات قصيرة يكون فيها المخ تحت تأثير نشاط كهربائي غير طبيعي متكرر، فإذا كان هذا النشاط في جزء محدود من المخ يحدث ما يسمى بـ"النوبة الصرعية الجزئية"، ويترتب على ذلك حركات ارتجافية أو تشنجية في طرف أو جزء من طرف أو نصف الوجه، أو في شق كامل من الجسم، ولا يصاحبها عادة فقد الوعي، أما إذا اختلت الشحنات الكهربائية في خلايا المخ بالمراكز الحسية فيشعر المريض ساعتها بالخدر أو التنميل أو الوخز أو الكهرباء أو برودة أو سخونة تنتشر في طرف أو جزء من طرف أو في الوجه أو الشق كله.

أما الاضطرابات الكهربائية في الفص الصدغي فتؤدي إلى نوبات اضطراب الوعي وشخوص العينين وفقد التعبير والانتباه، مع هلاوس بصرية مرئية مخيفة، وقد يسمع المريض رنينًا أو طنينًا أو يشعر المريض كأنه في حلم، وأيضًا قد يصاحب ذلك أعمال معقدة مع عدم الوضوح الفكري.

أما إذا شمل النشاط الكهربائي المخ كله فإنه يحدث ما يسمى بـ"النوبة الصرعية الكبرى" وفيها يفقد المريض وعيه ويحدث حركات وتقلصات توترية وتشنجات تصيب عضلات الجسم كله والوجه، ويصبح وجه المريض أزرق ويتراكم اللعاب ويختلط بالهواء، ويبرز اللسان وربما يعض عليه، وربما يبول المريض على نفسه، مع صداع واختلاط التفكير ولا يتذكر المريض عنها شيئًا.

التشخيص
الوصف الإكلينيكي - الرسم التخطيطي للنشاط الكهربي للمخ والذي لو تم عمله أثناء النوبة الصرعية يمكن تسجيل النشاط الكهربي لكل نوع من أنواع النوبات بدقة شديدة وبالتالي تحديد نوع العلاج المناسب.

كنت أعالج فتاة من الإسكندرية تأتي بحركات غريبة مريبة: صراخ، عويل، إغماء، تشنج، توهان، أحلام سيئة وكوابيس و... و...

ذهبت لعديد من المعالجين الأفاضل أصحاب علم وعبادة فتم تشخيص الحالة أنها ملبوسة بجني يوناني؛ لأنها تتكلم أثناء الغيبوبة والتوهان باللغة اليونانية.

وعندما كلمتها باللغة الأجنبية بكت ولم تستطع أن ترد وطلبت الكلام بدون وجود الأهل، فقالت: إنه تم عقد زواجها ودخل بها الزوج في السر ثم طلقها أهلها منه وهي الآن قد فقدت عذريتها والكل يعلم أن زوجها لم يدخل بها.. من يحل المشكلة؟ الجن المزعوم!

وللعلم فاللغة الأجنبية التي تكلمتُ بها معها هي الإيطالية ولكنها ظنت أني أتكلم اليونانية وطبعًا هي كاذبة، والمعالجون الأفاضل لا يدرون!

خاتمة
لم يرد في الكتاب والسنة صفة محددة لرقية السحر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
لم ترد صفة محددة لرقية العين عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه أمر أن نسترقي من العين ولم يحدد الطريقة.
لم يرد في الكتاب والسنة رقية معينة محددة للجن.

لم يحاور النبي صلى الله عليه وسلم الجن، ولم يأمر أحدًًا بأن يحاورهم أو يدعوهم للإسلام.
لا يوجد دليل على أن الجن يهرب عند سماع القرآن، بل حالهم عند تلاوته هو الاستماع والإنصات، كما قال تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآن....} [الأحقاف: 29]، وقال تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً} [الجن: 1].

والذي يهربون منه هو الأذان؛ لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا ثُوِّبَ بالصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر، حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى».
لا يوجد دليل أن القرآن يحرق الجن.

لا يوجد دليل على أن ما يسمع من كلام غريب على ألسنة الناس بأصوات مختلفة هل هو جن أو شيطان أو الإنسان نفسه.
لا توجد أسرار في الإسلام يعلمها البعض ولا يعلمها البعض الآخر كما يزعم ذلك الكهنة؛ لأن هذا من مداخل الشيطان.

لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم استخدام السدر في علاج السحر، أما الاعتماد على التجربة في العلاج الشرعي فهو أمر غير مقبول بميزان الشرع.

أما ما نقله الحافظ ابن حجر أن ابن بطال نقل عن وهب بن منبه استعمال السدر والماء المقروء عليه، وقول الشيخ ابن باز رحمه الله إنه من باب التداوي، فكل هؤلاء علماء أفاضل يرحمهم الله، لكنْ كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم.

تحسن أي مريض بقراءة آيات أو أذكار حتى مع تكرار القراءة لا يلزم أن هذا المريض كان مسحورًًا أو ملبوسًًا أو محسودًًا، ولم يرد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

من يدعي رؤية الجن والعفاريت فهو إما موهوم أو مريض يرى تهيؤات، أو طفل يرى تخيلات، أو كاذب منافق، قال الإمام الشافعي رحمه الله: من زعم من أهل التكليف أنه يرى الجن أبطلنا شهادته إلا أن يكون نبيًّا، قال تعالى: {.... إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ...} [الأعراف: 27].

من يدعي تسخير الجن نرجو منه أن يسخر لنا جنيًّّا يذهب ويفجر قنبلة نووية من التي تمتلكها إسرائيل ويخلصنا منهم، أو يذهب إلى البنك المركزي ويأتينا بالملايين لكي نرتاح من هذا الهم الذي نحن فيه، أو يسخر لنا جنيًّا يحمل حيوانًا منويًّا ويوصله إلى بويضة المرأة في الرحم لكي يعالجها من العقم!

من يقوم بتشخيص بعض الحالات باللبس أو بالمس ثم يقوم بضرب الحالة لإخراج الجن مدعيًا أن بعض العلماء فعل ذلك، فليس معه دليل من كتاب أو سنة صحيحة أو حتى ضعيفة تؤيد ذلك، وما يدعيه المعالجون من أن الإمام أحمد بن حنبل أرسل نعله الخشبي لضرب جارية بها مس من الجن، فإن هذه القصة تحتاج إلى تحقيق، وخاصة إذا علمنا أن راويها علي بن أحمد المعبراني يقول: خرجت أنا والصبيان ولي سبع سنين أو ثماني سنين نبصر أحمد بن حنبل كيف يضرب؟ (طبقات الحنابلة للقاضي أبي يعلى 1/233)، فهل يعتمد المعالجون على قصة يرويها طفل صغير؟!

وأيضًا هناك حكاية أخرى يرويها الإمام ابن القيم عن شيخه الإمام ابن تيمية في ضرب المصروع إذا كانت الروح ماردة لا تخرج بالقراءة عليها. (زاد المعاد 4/68).
فهل يعتمد المعالجون على حكايات لا ندري مدى صحة نسبتها إلى هؤلاء العلماء الأجلاء، ولا الدليل الشرعي الصحيح الذي اعتمدوا عليه للعلاج بهذه الطريقة؟!

لا تفهموني خطأ.. نحن نؤمن بوجود الجن والسحر والعين والحسد ولكن نختلف في تكلف التشخيص وأخطاء العلاج.
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله.

اقرأ أيضاً:
القرآن يتحدى  
توصيات مؤتمر العلاج بالقرآن بين الدين والطب  
مؤتمر العلاج بالقرآن بين الدين والطب  
على باب الله: القرآن يتحدى 8/4/2007
القرآن والعلوم العصرية ومنهجي الإعجاز والإيقاظ  
العلاج بالقرآن من راحة سلبية إلى طمأنينة وجودية   

نشرت على موقع إسلام اون لاين بتاريخ 18 مايو 2008



الكاتب: د. محمد شريف سالم
نشرت على الموقع بتاريخ: 22/11/2008