إغلاق
 

Bookmark and Share

أنا وجمال وجنون السكري ::

الكاتب: وليد حمدوني
نشرت على الموقع بتاريخ: 20/01/2008


هذا اليوم 26/11/2007 ، قذفني خوفي من أن أكون مصاباً بمرض السكري إلى شواطئ رأس الخيمة، كي أمارس رياضة المشي وبعض التمارين الرياضية، حيث علمت من خلال بحثي على الإنترنت بأنه من الأفضل لمريض السكري أن يمارس الرياضة.. وبعد أن أوصلت زوجتي إلى المدرسة التي تعمل فيها، وبعد أن أمضينا عشر دقائق من (النقار) المتكرر في كل يوم.. حول العودة إلى البلد.. هي تريد أن تعود وأنا أقول ننتظر كم سنة.. المهم وصلنا المدرسة ولم يقفل النقاش بعد.. ثم توجهت إلى الشاطئ ومشيت عدة آلاف من الأمتار.. حتى شعرت بأني أصبحت خفيفاً فوق الكرة الأرضية وأقل أذى ً لطبقة الأوزون.. وحين وصلت إلى مكتبي مصطحباً معي شطيرتي فول وخضار من مطعم رمضان المصري، عند دوار السفينة، وبعد أن أعددت نصف لتر شاي، بنصف الكمية المعتادة من السكر جلست إلى المكتب، وأول من فكرت أن اتصل به هو جمال مشاعل.. صديقي الصحفي، الذي يعمل في مؤسسة إعلامية في أبو ظبي، خريج دورة 1990، من قسم الإعلام، وبنفس الدورة التي تخرج منها شباب لا معون بعضهم صار رئيساً لتحرير، وقريباً وزير أو سفير، وبعضهم لم يحصل على وظيفة ولم يصبح حتى غفير ..وغاب خبره وانطوى ذكره، كأنه لم يكن.. ولم تساوي جهوده شروى نقير..!

- وبعد السلام والتعبير عن الأشواق سألته عن حاله ودراسته.. وراح يشكوا لي عن تعثره في إنهاء الدبلوم الذي يدرسه في القاهرة، بسبب الإهمال في وصول رسالته إلى الأستاذ المشرف.. وقال لي يا رجل والله بدأت تظهر بي أمراض عجيبة..
-
قلت له، أخشى أن يكون ظهر فيك المرض الذي ظهر بي
- أظن أن بدايات السكر قد بدأت بي..
-
أنت أيضا ظهر فيك السكر
- وهل أصابك أنت
- نعم ولكن قل لي ما علاماته، هل يتبول الإنسان كثيراً ودائماً ريقه ناشف..؟؟
-
تشعر بأن في فمك شيء مثل الرمل
- ولكني أشعر بأن فمي حلو دائماً ولكنه ناشف
- وهل حللت، ربما مرضك نوع آخر
- أنا لم أحلل حتى الآن وهل حللت أنت؟؟
-
أووه.. من زمان، وظهر أني مصاب به منذ مدة..
-
أسألك وهل تشعر بأن الماء طعمه حلو ولذيذ جداً؟؟
-
نعم.. بالضبط
- يا رجل منذ متى وأنت تنعم بهذه الحلاوة ولا تخبرنا
- صار لي استمتع بها سنتين
 
ثم قال جمال..؟
يا رجل الغربة تأكلنا.. ولا ندري متى يكون لنا في الأرض مستقر.. حتى الأصدقاء لم يعودوا أصدقاء.. صدقني في العيد أرسلت رسالة عبر الهاتف لصديقنا الذي صار رئيساً للتحرير ولم يرد علينا..
قلت له لا تظلم الرجل.. أنا أرسلت له تقول (كل عام وانتم بخير) فرد الرجل علي بعبارة (كل عام وأنتم بألف خير).. يعني الرجل رد علي بكلمة زيادة.

قال جمال:
- ربما أكون ظلمته فالرجل مشاغله كثيرة .. المقال الافتتاحي.. والتحرير..
- ربما لم يرد عليك لأنك من النخبة حيث أنت كنت صحفياً كبيراً في مجلة العربي، بينما أنا من العامة، وصحيفته تتوجه إليها.
- أخي لا تهتم، الإعلاميون مشغولون دائماً، ولا احد متفرغ لأحد ولا تنسى أنه الوسط الأكثر أنانية ونرجسية، الحياة اختلف معناها.. ولكن مازلنا نحتفظ بمشاعر الود.. رغم السنين، وإن لم نلتقي، وإن لم نتواصل.

أتصدقون..!؟ أنه في اليوم التالي ذهبت إلى العيادة، وحللت لأجد أن السكر عندي نسبته 294، وقال لي الطبيب سكرك مرتفع جداً، وعندك زيادة 200 على الأقل عن المعدل الطبيعي، وبكل فخر تجاوزت جمال بمائة وخمسين حيث أن معدل السكر عنده لا يتجاوز 145 قلت للدكتور الهندي يا دكتور ما سبب هذا المرض هز رأسه ثم أشار بإصبعه إلى السماء وقال من الله، وحين سألته وهل يشفى هذا المرض؟؟ هز رأسه نافياً وقال (لازم كنترول)، ثم اتخذ قراراً بحرماني من جميع أنواع الحلويات والعصائر، وتساءلت كيف سأشرب القهوة التي أحبها حلوة.. قال لي بدون سكر ثم أخرج من جيبه علبة بيضاء وقال (أو استخدم هذه)، شعرت بصدمة بأن أصاب بمرض لا يشفى، ثم قال لي الدكتور أنا أيضاً مصاب بنفس المرض، ويجب أن نحمد الله، قلت له الحمد لله على كل حال، سأعتبر أن هذا المرض هدية، وأنا سعيد بها، ثم قلت لماذا لا أكون سعيداً وأنا نسبة حلاوتي تقارب الثلاث مئة.. ولهذا أجد الآن تفسيراً حين أنظر إلى نفسي في المرآة وأقول ما سر كل هذا الجمال؟؟.

لكن أحداً من الذين أقابلهم كل يوم وحتى النساء لم ينبهر بحلاوتي لدرجة الإغماء .. وأعتقد أنني الوحيد المرشح للغيبوبة من هكذا حلاوة..!
وهكذا صرت أمشي على الشاطئ كل يوم في الصباح والمساء، وأتذكر أن نسبة السكر عندي زائدة بمقدار (200) عن المعدل الطبيعي، وحينها أغني وأنا (أتمختر) بجوار البحر: (جميل واسمر، بيتمختر.. أقول سكر.. يقول أكثر.. من السكر .. 200 مرة).

واقرأ أيضاً:
نيسان / فاقد الأمان / غزالي / زمان العجب / أحلام أب مسافر / جندي مارينز أميركي يتغنى بقتل عائلة عراقية / أحزان بابل / حالة موت / أقلام فاسدة / كوني إذا متفائلة / تحية صباحية/ تباركت أسراره / وردة المساء / انطفاء / أولمرت يقبل عباس / سادة الظلام / حكايتنا لها معنى / مرحباً بالضيف / عصفور على الشباك / أقول لأهل مصر لا تحزنوا مشاركة.



الكاتب: وليد حمدوني
نشرت على الموقع بتاريخ: 20/01/2008