إغلاق
 

Bookmark and Share

صورة الإسلام في كتب التاريخ المدرسية ببولونيا ::

الكاتب: د.مصطفي الحلوجي
نشرت على الموقع بتاريخ: 17/02/2005

 

تحظى الحضارة العربية والإسلامية بصورة إيجابية في كتب التاريخ المدرسية البولونية، تقدم تلك الكتب الحضارة العربية والإسلامية على أنها حضارة ساطعة دامت لعدة سنوات، إن استناد تلك الحضارة المزدهرة على ديانة يعني أن تلك الديانة لها مبادئ أساسية كالحرية والمساواة والتضامن والانفتاح على حضارات الآخرين وضرورة التزود بالعلم كما هو مذكور في العديد من
الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.

إن الأوراق التي بحوزتنا وتمثل محور هذه الدراسة هي ترجمات قامت بها السفارة المصرية في بولونيا للكتاب المدرسي وقد حاولت دون جدوى معرفة اسم ناشر هذا الكتاب أو سنة النشر ويحاول من جانب آخر مفتش التاريخ بوزارة التعليم المجرية بالمساعدة في التوصل إلى معرفة الناشر.

فهذا الكتاب (ص80 –81) يعطي صورة مغايرة عن الإسلام عندما يعرف الجهاد على أنه الحرب المقدسة عند المسلمين للدفاع عن الإسلام أو نشره ويبدو أن مؤلفي هذه الكتب المدرسية قد نسوا أو تجاهلوا أن الجهاد في اللغة العربية وفي الإسلام هو في الأصل نضال داخلي ضد الذاتية بهدف أن يصبح الفرد نافعا لوطنه الإسلامي أو غير الإسلامي بالإضافة إلى ذلك تحرم الآيات القرآنية العنف وتحلل الدفاع ضد المعتدين بصفة فردية أو على مستوى المجتمع وذلك باستخدام الوسائل الملائمة "(وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)"سورة 2 آية 190"، كذلك (.. مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً...)(سورة المائدة: من الآية32) كما أن "لا إكراه في الدين" سورة 2 آية 256،

إن الإسلام لا يعرف مصطلح الحرب المقدسة المستخدم في الحروب الصليبية ولكي نفهم جيدا آية قرآنية معينة لا يجب أن يقتصر الأمر على معرفة الآيات القرآنية الأخرى المتعلقة بنفس الموضوع ولكن يجب أيضا معرفة المناخ الجغرافي والتاريخي والديني والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي كما يجب أيضا فهم مبادئ وروح الإسلام إذ يبدو أن الكتاب يخلطون بين المبادئ الدينية والأحداث التاريخية بينما أن الأحداث الحربية لا يمكن أن تفهم بمنأى عن العوامل التاريخية والثقافية المحيطة .

وقد قام المسلمون في عهد النبي محمد بالعديد من الحروب الدفاعية إذ قاموا بفتح مكة بعدما نقض أهل مكة اتفاقهم مع النبي كما اعتدى أهل مكة على المسلمين في العديد من الغزوات كغزوة بدر وأحد والأحزاب بينما يصور الكتاب في الصفحة رقم 80 النبي كقائد حربي يحارب غير المسلمين.

إن الإسلام دين سلام ويرجع أصل كلمة إسلام إلى الجذور السامية العربية - سلم - والتي تعني بكل اللغات السامية سلام وأمن،  أيضا كلمة سلام أكثر من مرة في كل صلاة .

ويتجه الكتاب لا المدرسي نحو تعريف الإسلام في الصفحة 78 و 79 على أنه خضوع لإرادة الله هذا التعريف يمكن أن يفهم بمعناه السلبي لأن التلاميذ يمكن أن يتصوروا أن المسلم ليس إنسانا نشطا وغير مسئول عن تصرفاته بينما أن الإسلام يجعل المسلم مسئول عن أفعاله والآيات القرآنية تحتوي على العديد من العبارات التي تدعو المسلم إلى القراءة والفهم والتفكير والتعقل والاختراع .
وليس التعريف الخاص بالإسلام هو فقط الذي يشوبه خطأ بل أن هناك العديد من المفاهيم الخاطئة في الكتاب في الصفحات رقم 78 79 تنص على أنه يجب على كل مسلم أن يقوم بالحج مرة واحدة في حياته إذا كانت لديه القدرة المالية والصحية ولن يتعرض إلى مخاطر خاصة بفقدانه لعمله وكذلك شريطة أن يكون طريقه آمنا من المخاطر "كذلك في نفس الصلوات نجد أن عدد الصلوات اليومية هي ستة صلوات بدلا من خمسة.

هذه الأفكار المشوهة تعرض الطلاب المسلمين في بولونيا للإهانة والضغوط النفسية مما يجعلهم فريسة سهلة في أيدي المتطرفين.يجب على الكتاب التأكد من صحة المعلومات الإسلامية التي شوهت وحرفت بسبب الأفكار السابقة التي تناقلت منذ الحروب الصليبية وفتح أسبانيا والإمبراطورية العثمانية والاستعمار وحرب الجزائر، وكذلك صورة الإسلام المشوهة في الصحافة عن طريق المتطرفين المسلمين

ونحن نأمل أن يصحح الكتاب تلك الأخطاء من أجل أن يردوا للإسلام ولثقافة الإسلام صورته الصحيحة ومن أجل حماية الطلاب المسلمين المغتربين في بولونيا خاصة من يخرج منهم من النظام التعليمي دون شهادة ويجد نفسه مهشما اجتماعيا مما يؤدي إلى انحرافه ويصبح فريسة سهلة في أي المتطرفين بينما يكون الإسلام الذي يأمر بالعدل ويدعو إلى التكافل والتضامن والتسامح بريئا من تلك الأفعال .

الكاتب الدكتور / مصطفى الحلوجي
أستاذ بكلية الألسن والترجمة – جامعة الأزهر

اقرأ أيضاً على مجانين :
صورة الإسلام في كتب التاريخ في مدارس إيطاليا
صورة الإسلام في الكتب المدرسية في النمسا
الثقافة الإسلامية في الكتب المدرسية الأوروبية
الإسلام في المدارس السويدية
فى مناهج التاريخ الأوربية.. العرب يدرسون
أوربا والإسلام في العصور الوسطي
صفحات مشرقة من التاريخ العرب



الكاتب: د.مصطفي الحلوجي
نشرت على الموقع بتاريخ: 17/02/2005