إغلاق
 

Bookmark and Share

اجتثاث عروبة العــــــــــراق!! ::

الكاتب: وجدي أنور مردان
نشرت على الموقع بتاريخ: 06/04/2005

خطر على بالنا (ماذا يجري في العراق) عنوانا لهذا المقال، وبعد أن استفزنا أحد صعاليك المارينز، بدلنا العنوان إلى العنوان الحزين الذي يتصدر المقال. لا ندري كيف سيتعامل المؤرخون في المستقبل مع الكم الهائل من الكذب و التضليل والتشويه والتلفيق، الذي رافق غزو العراق واحتلاله وتدميره وسرقته، سواء في مرحلة الإعداد أو التنفيذ؟. كيف سيتعاملون مع التعتيم والتشويه الإعلامي والمعلوماتي بعد انزلاق الولايات المتحدة الأمريكية إلى المستنقع العراقي؟. فرئيس ما يسمى بأقوى دولة في العالم، سجل عليه أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، 237 كذبة سوداء، ومازالت الأكاذيب تترى وتتضاعف طرديا كلما توسعت محنتها في صحارى العراق وشوارع مدنه ومنعطفات بساتينه.

لم يعد بالإمكان حجب الشمس بالغربال، ومع هذا، مازال أركان النظام الأمريكي يمارسون بمنتهى الوقاحة والصلافة، الكذب والشعوذة والدجل، يحرفون الحقائق ويشوهون الوقائع ويخفون أعداد قتلاهم وجرحاهم والمصابين بالجنون واللوثة العقلية والاضطرابات النفسية، ضاقت بهم المستشفيات بما رحبت، فأما الهروب من أقوى وأعظم جيش في العالم بات أكثر عددا من هروب الجنود الحفاة من جيوش العالم الثالث. أركان النظام الأمريكي يعرفون حجم المأساة وتفاصيله الدقيقة المروعة.

كلنا أمل أن يقيض الله، في يوم ما، أحد الكتاب المنصفين، أمثال سيمون هيرش أو جون بلجر أو بوب وودوود، أو نعوم تشومسكي، ليكشف للعالم الوثائق الأمريكية الرسمية التي تتحدث عن هول الكارثة التي واجهتها أمريكا في بلاد العباسيين، أرض الرافدين المقدسة ويفضح ورطتها الكبرى في "المستنقع العراقي" واستنزافها على أيدي المقاومة العراقية الباسلة.

العراقيون ومقاومتهم الباسلة، من جانبهم، يعرفون التفاصيل الدقيقة والوافية عن حجم الكارثة ويقومون بتوثيقها، بالصوت والصورة، للأجيال العراقية القادمة كواحدة من انصح الصفحات الإنسانية إشراقا وعظمة وبسالة. قبل أيام حلت الذكرى المشئومة الثانية لغزو العراق واحتلاله وأسر بغداد الحبيبة. ما انفك الأوباش، من يومها، يدمرون سيد الأوطان، يسرقون شواهد الحضارة الإنسانية التي أبدعها العراقيون، يفككون دولته. يدمرون بناه التحتية حجرا حجر، يفككون ومصانعه قطعة قطعة، يذلون أبنائه ليل نهار، يغتالون علمائه ورجالاته، بعد أن سرحوا جيشه وألغوا وزاراته ومؤسساته. جعل الأوباش رؤوس شباب العراق كرة قدم يتسلون بها عندما يتعبون من نحر أطفاله وشرب دمائهم واغتصاب نسائه. سيقف التاريخ مرعوبا مشدوها لحجم الجرائم التي ارتكبتها مرتزقة أمريكا والأوباش المرافقين لها. ومثلما لم ينسى العراقيون ابن العلقمي ومس بيل ومن لف لفهم، فأنهم سوف لن ينسوا بوش وبريمر والجلبي ورامسفيلد ومن لف لفهم.

ليس بنا من حاجة لتكرار ما سبق أن افتضح أمره وبان للعالم اجمع الدوافع الحقيقية لشن العدوان على العراق واحتلاله وتدميره و تفتيته و تغيير هويته العربية والإسلامية. لقد تصور محللون غربيون وعرب وغيرهم، أن أمريكا ارتكبت أخطاء كثيرة و فادحة بعد غزوها واحتلالها للعراق. ذهبت قسم من تلك التحليلات إلى أن أمريكا خططت بدقة للغزو والحرب ولم تخطط لما بعدها، بمعنى أنها خططت للحرب ولم تخطط للسلام. حتى كبار المسئولين الأمريكان أوحوا أو اعترفوا بوقوع مثل هذه الأخطاء.
 
ولكن السؤال الملحاح هو، هل ارتكبت أمريكا فعلاً أخطاء في العراق؟!!.

نعترف بأننا كنا مع الرأي الذي أقر بذلك وكتبنا مقالات عدة بهذا الاتجاه، ولكن بعد تفحصنا الدقيق لمسيرة الأحداث في العراق خلال العامين من عمر الاحتلال البغيض ومتابعة الوثائق والاعترافات التي أدلى بها بعضهم، أمثال بول بريمر ورامسفيلد وولفوتز وحتى الرئيس بوش نفسه، تبين لنا أن ما جرى في العراق لم يكن أخطاءً وإنما تنفيذا لخطط مرسومة بدقة متناهية نفذها و ينفذها سلطات الاحتلال وعملائها بحرفية عالية ممزوجة بكم هائل من الحقد الدفين والتعطش للثأر من العراق والعراقيين وكل من يقف أمام المشروع الصهيو-أمريكي في العراق والمنطقة.

أمريكا لم ترتكب أية غلطة في العراق، ربما أنها قد ارتكبت بعض الهفوات البسيطة وهي من طبيعة الأعمال والخطط الكبيرة من هذا النوع والحجم. انيطت مهمة إعداد الخطة الأمريكية (العراق بعد الحرب، ثم سميت، العراق الجديد)، إلى معهد جون هوبكنز في واشنطن. استغرق إعدادها عامين كاملين اشتملت على (17) مجلدا. شارك في إعدادها خبراء عرب وعراقيين ومخططين ومفكرين أمريكيين. سلمت المجـلدات الـ (17) إلى البيت الأبيض في شهر كانون الثاني2003.أي قبل شهرين ونصف الشهر من شن العدوان الغاشم على العراق.

من البديهيات المعروفة، أن الإنسان إذا ارتكب خطاء ما، لابد وانه يحاول، أما إصلاحه أو يتوقف عن الإصرار على المضي قدما فيه. فمن الأخطاء التي اتهمت أمريكا بارتكابها هو حل الجيش العراقي وحل بعض الوزارات العراقية وإصدار قانون اجتثاث البعث. مما أدى إلى تسريح الملايين من العراقيين وقطع أرزاقهم، الأمر الذي أجج وفاقم من موجة العنف وانتشار عصابات القتل والسرقات والخطف التي لا علاقة لها بأعمال المقاومة العراقية الوطنية المشروعة.

أعترف المسئولون الأمريكان أن حل الجيش العراقي كان خطاءً جسيما، وعبر بول بريمر عن ندمه بأنه لم يلغي قانون اجتثاث البعث قبل هروبه من العراق في 28/5/2004. كما اعترف بأن احتلال العراق كان لتأمين أمن إسرائيل، ولكنه لم يفصح عن حقيقة أساسية وهي أن حل وتسريح الجيش العراقي وتفكيك الدولة العراقية وفرض سياسة اجتثاث العنصرية كان شرطا أساسيا مسبقا لإسرائيل وبعض الدول العربية والأطراف السياسية العراقية الذين دخلوا العراق على ظهور الدبابات الأمريكية الغازية، للمساهمة والمشاركة فـي مــجزرة ((تحرير العراق)).

دافع بريمر، عن قرارات حل الجيش العراقي وتدمير الدولة العراقية وحل وزاراته واستهــــداف(اجتثاث) البعثيين، في مقال نشره في صحيفة وول ستريت جورنال النيويوركية بعد تقليده بوسام الفارس، الملطخ بدماء العراقيين.

قال بريمر: إنها كانت قرارات صحيحة عكست الحقائق الموجودة على الواقع في العراق، لأن أهداف التحالف الأمريكيـالبريطاني كانت أبعد من فكرة تغيير النظام!!!

إن حل الجيش العراقي، الذي بني منذ تأسيسه على مبادئ العروبة والإسلام، وحملة الاغتيالات التي طالت كوادر حزب البعث، المسيء منها والبريء، والحملة الشعواء التي تشنها كتاب المارينز العرب على الفكر القومي العربي والثوابت العربية،وخاصة بعد احتلال العراق، تهدف إلى تشويه الفكر القومي العربي وتحميله جميع المآسي والهزائم التي لحقت بالعرب، والتركيز على أن الإصلاح لا يتم إلا باجتثاث الفكر القومي المتخلف، وبدأت أمريكا باجتثاث عروبة العراق ونزع هويته العربية والإسلامية.

الولايات المتحدة الأمريكية تريد بناء جيش، أو جيوش عراقية جديدة، ليس على أساس القيم الوطنية العربية والإسلامية، وإنما على أساس الانتماء والولاء الطائفي المتخلف، وما يدعم قولنا هو، أولا: أن شروط قبول التطوع بما يسمونه بالحرس الوطني، يتم بتزكية من أحزاب طائفية معينة. ثانيا: تشكيل جيش كردي (من أفراد البيشمركة) مرادف، للحرس الوطني، يختلف كليا عن رديفه العراقي، عقيدةً وتسليحاً وتدريباً وقيادةً، فلا يسمح الأكراد أن يقود الألوية الكردية ضابط عربي أو تركماني أو صابئي او يزيدي أو فيلي أو شيعي أو سني أو ملحد؟!!! عدا طبعا الأشقاء الأمريكان!!!

نشرت صحيفة المشرق الصادرة عن تجمع الوحدة الوطنية العراقي في الأسبوع الماضي مقالاً افتتاحيا جاء فيه:
إن حمى المنافسات والخناقات على المناصب أثبتت أن الغالبية العظمي من الطبقة السياسية العراقية الجديدة هم طلاب سلطة وطلاب ثأر وليسوا أصحاب قضية والأدلة على ذلك كثيرة، ومنها أن البعض من اللوائح الانتخابية التي تنافست في الانتخابات لم تطرح للعراقيين برنامجاً سياسياً وطنياً يكون فيه الوطن والمواطن هما القضية والموضوع والهموم، بل إن كل ما سمعناه هو تعبير عن تطلعات وأحلام أو ترجمة لشحنات ثأرية لم يستطع أصحابها كبتها أو السيطرة عليها وأنها جاءت لتواصل الاجتثاث، وإذا سألتها عن برنامجها السياسي للمرحلة القادمة قالت لك الاجتثاث، وإذا سألت عن الأمن قالوا نحقق الاجتثاث أولا، وإذا ألححت في السؤال وماذا عن التربية والتعليم قالوا دعنا نكمل الاجتثاث أولا، وإذا سالت ماذا عن السياسة الخارجية للعراق، انزعجوا من إلحاحك وأجابوك إجابة جامعة مانعة قائلين:
هدفنا الاجتثاث وبرنامجنا الاجتثاث وديدننا الاجتثاث وحلمنا الاجتثاث ومن لا يروق له هذا البرنامج فليهشم رأسه على أقرب جدار كونكريتي عازل تحتمي به قوات الاحتلال أو مقرات الأحزاب وما أكثرها.

وهكذا عمت شوارع بغداد ومدن العراق شعارات الاجتثاث ولا يعلوا صوت فوق صوت الاجتثاث. وحمي وطيس الشعارات، بعد التفجيرات الإرهابية التي حدثت في مدينة الحلة والتي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، اتهم مواطن أردني في تنفيذها، وهكذا أضيفت إلى شعار الاجتثاث كلمة العرب. في الوقت الذي ندين ونشجب بشدة العمل الإجرامي الجبان الذي طال أبناء شعبنا المنكوب في الحلة، لا نريد الدخول في تفاصيلها في هذه العجالة، ولكن من حقنا أن نطرح سؤالاً: كيف تم الكشف عن هذه الجريمة وفاعلها بهذه السرعة القياسية ولم يكشف عن فاعل انفجار النجف الذي راح ضحيته المرحوم محمد باقر الحكيم وعشرات من المصلين الشيعة منذ سنتين؟؟ ولماذا لم يتم الكشف عن منفذ انفجار مقر الأمم المتحدة؟ وعن مئات التفجيرات الإرهابية الأخرى التي حدثت خلال العامين الماضيين؟ ولماذا الأردن بالذات؟! هل لأن المتهم بمنفذ عملية الحلة عربي ومنفذ عملية النجف والأمم المتحدة غير عربي؟!! أم أنه حان وقت الانتقام من الأردن وشعبه الطيب الشهم؟! والإصرار على أن يعتذر الملك عبد الله!! يعتذر عن ماذا؟ عن اتهام احد مواطنيه بتنفيذ العملية؟ أم يعتذر لأنه كشف عن مخطط الهلال؟‍‍‍‍‍ أم أن كل هذه المناورات هو لإسقاط التهمة عن أحد المرشحين لتولي منصب رفيع أو غير رفيع في التشكيلة الحكومية المؤقتة القادمة يرغب في الثأر من الأردن وتركيعه؟!!

ولعلها من قبيل المفارقات، بأن واحداً من أهم أسباب الحرب التي شنتها أمريكا وحلفاؤها على العراق هو اتهامه بتهديد جواره الإقليمي وافتعاله الأزمات معها. لكن الملاحظ أنه وبعد تنصيبها لأعوانها في الحكومة المؤقتة والقوائم التي فازت في الانتخابات المزورة نجد أن علاقات العراق مع جواره لم تتحسن بل إنها تدهورت ووصلت إلى مرحلة استدعاء السفراء، والتهديد بنقل المعركة ضد الإرهاب على أراضيها واستمرار التهديد وكيل التهم لأكثر من دولة جارة واتهامها بمساعدة الإرهاب، ورعاية الأعمال التخريبية وإثارة حرب أهلية واعتبار إحداها بالعدو الأول.

العرب العراقيون والأردنيون والسودانيون والفلسطينيون مستهدفون في العراق وربما أن هناك خططا لاجتثاثهم وأبادتهم ضمن متطلبات الحرب ضد الإرهاب وكذلك كل من ينطق بلغة الضاد، لغة القرآن الكريم ولغة رسول الله وعلي والحسين والعباس والكاظم رضوان الله عليهم جميعا. هذه الأمة العظيمة لا تستأهل ما حل بها بسبب السفهاء من أبنائها وناكري جميلها ومصاصي دمائها المتحفزين للقضاء عليها. ألا ساء ما يظنون.

إنه لشرف وفخر لنا أن ندافع عن هذه الأمة العظيمة المجيدة التي تثقفنا بثقافتها وتسلحنا بلغتها المقدسة، وأن أرومتنا التركمانية العراقية تحتم علينا أن نكون أوفياء مخلصين لتراب العراق وهويته، كما كان أبائنا وأجدادنا، وان نكون سيوفا ضمن السيوف الشريفة النبيلة التي تدافع عن حريته وكرامته واستقراره ووحدة أراضيه، وأن نكون معول بناء مع قافلة الخيرين لبنائه.فمهما حاول الحاقدون وعملوا على تهميش هذه القومية الأبية المخلصة للعراق وتربته وجميع مكوناته فأنهم سيبقون سيوف مشرعة تدافع عن وحدة التراب العراقي.

جمعتنا الصدفة، في ليلة 19-20 آذار، ذكرى الغزو المشئوم والعدوان الغاشم ضد العراق وشعبه الأبي، بعراقيين- لأسباب مبدئية لانكشف عن انتمائهما القومي أو المذهبي- بدأ أحدهم الحديث بتشفي، قائلا، تهانينا الحارة، سألته: على ماذا؟ قال بمناسبة ذكرى تحرير العراق!! لاحظت بعض الارتياح الممزوج بالإحراج على وجه زميله الذي معه. اعتصرني الألم وخنقتني الغصة.

قلت له بصوت امتزج فيه كل أحزان العالم. أن الأمريكان والبريطانيين أنفسهم يعتبرون غزوهم للعراق احتلالا، وكذلك منظمة الأمم المتحدة وصفته بنفس الوصف والأمين العام للأمم المتحدة اعترف بعدم قانونيته وشرعيته وانه عدوان سافر حسب كل القوانين والأعراف الدولية والشرائع السماوية، فلماذا تعتبر احتلال بلدك وتدميره تحريرا؟

أجاب بمنتهى القباحة والصلافة، الأمريكان حرروا العراق من الاستعمار العربي الذي بدأ منذ العام 15 هجرية واستمر لأكثر من 1400 عاما. لم يكن هناك بلد اسمه العراق، وإنما بلاد ما بين النهرين. أما دولة العراق فهو اختراع انكليزي في العشرينات من القرن العشرين. بلاد الرافدين لم يكن عربيا عبر تاريخه القديم، فالسومريون والأكديون لم يكونوا عربا، سكنوا في الجنوب مع الفرس أما كردستان فهو موطن الأكراد الآريين. وأضاف هذا البائس قائلا: العرب استعمروا بلاد ما بين النهرين بالقوة العسكرية بادعاء نشر الإسلام، أما الاقوام الاخرى مثل التركمان والأشوريين فأنها أقوام دخيلة وطارئة استطاب لها الاستقرار في ربوع بلاد ما بين النهرين بسبب الترحاب والتسامح الذي لاقوه من الأكراد والفرس!!

لم اصدق ما اسمع، شعرت بدوار عنيف، وأنا بين مكذب سمعي وبصري وجميع حواسي وحتى إنسانيتي. قلت لهذا السفيه إن مجرموا الحرب أمثال شارون ورامسفيلد وولفوتز لايجرؤون على أن يتفوهوا بمثل هذا الكلام الشائن.
 
ثم ركنت إلى الحكمة القرآنية العظيمة (أذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) وقوله تعالى (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً)(الفرقان:72) وأنهيت النقاش، لآن النقاش مع أمثال هؤلاء لا يجدي نفعا وأن احترام آرائهم يعتبر إهانة لإنسانية الإنسان وعقله وذكائه.

هل كان يعقل أن يسمع الإنسان مثل هذه الشوفينية الحاقدة في العراق الجديد أو يشاهد شعارات تغطي شوارع بغداد والبصرة، والحلة والنجف تنادي بـ (الموت للعرب!! أو رحلوا العرب عن العراق)؟!!! أو (الموت كل العرب وخصوناً الأردن وسورية) هل يعقل أن عربيا أو عراقيا متعلما في المرحلة الابتدائية يكتب شعارا ركيكا بأخطاء لغوية فادحة، وبهذا الفحوى العنصري الشوفيني البغيض. لم نتوقع يوما ولم يتوقع العرب، مهما جمح بنا الخيال، أن نسمع، ونشاهد شعارات عنصرية حاقدة مثل هذه الشعارات، تغطي جدران أبنية بغداد الأسيرة ومدن العراق المحتلة.

هكذا استطاعت المختبرات الأمريكية والصهيونية إعادة صياغة عقول نفر ضال خامل الذكر من العراقيين ليمسخوا هوية العراق وانتمائه العربي الإسلامي والعمل على قطع أواصر الدم والقرابة والعشيرة والتاريخ واللغة، في الوقت الذي يصول ويجول في ربوع بغداد، قلعة الأسود، الصهاينة والفلاشا وعصابات امبراطورية تونغا ومرتزقة بولندا ومثليي ايطاليا وسحاقيات أمريكا ومرتزقتها.

إن جولة قصيرة في مواقع المارينز العراقية، كافية لتأكيد ما ذكرنا، بل أدهى وأمر. أنصح من يقوم بهذه الجولة بتناول حبتين من حبوب منع ارتفاع الضغط!! كنا نسمع في شوارع بغداد أصوات تهدر الموت للصهيونية وحناجر تزمجر، الموت لأمريكا، أما اليوم فأن الصهاينه أصبحوا أشقاء ويصوتون في الانتخابات العراقية وأصبح أخواننا وأشقاؤنا، دما ولحما وفكرا ولغةً وتاريخاً أجانب!!

لم يعز ويكرم العربي في بلد، مثلما كان يعز ويكرم في العراق. العربي كان في العراق أهل الدار والعراقيون كانوا ضيوفهم؟
 
يبدوا أن سلطات الاحتلال وأذنابها ينفذون مشروعا خبيثا من أجل إعادة بناء الذاكرة السياسية للشعب العراقي وإعادة صياغة نسيجه الاجتماعي بما يسمح بتبديد الرؤى والصور والأفكار والثوابت القومية والوطنية التي ترسخت في المجتمع العراقي الأبي خلال مئات السنين, دون أن يدرك أصحاب هذا المشروع الخبيث إن من يحاول التطاول على التاريخ والجغرافيا ويقفز فوقهما لا بد أن يرتدا عليه بعنف جارف.

عذرا أيها التاريخ. عذرا أيها الأشقاء لا تؤاخذونا بما فعل السفهاء منا. عذرا فإن بغداد أسيرة، والفراتين أسرى ونخيل العراق أسرى. اللهم احفظ العراق وأهل العراق

وجدي أنور مردان
كاتب من العراق
29/3/2005

اقرأ أيضاً
الفلوجة إنها حرب إبادة/ العربي في القصة الصهيونية/ أحبتنا ... بيانا./ استمرار الإحساس بالفجيعة أو الخسارة  



الكاتب: وجدي أنور مردان
نشرت على الموقع بتاريخ: 06/04/2005