حياك الله يا أختي, وبداية أعتذر عن أني من سيجيبك وليس د.وائل شديد الانشغال.
لنقل شيئا عاما يتعلق بفلسفة الحياة هل هناك ما يضمن أن لا يصيبك البلل في يوم ماطر إذا خرجت من المنزل؟؟ هكذا هي الحياة لا يمكن أن نعيشها بلا مشكلات مهما حرصنا. لا يمكن أن يكون لك أولاد بدون مشكلات وإن لم يكن لك أولاد فتلك أيضا مشكلات وليس مشكلة واحدة.
لن أخبرك المزيد عن اضطراب النشاط الزائد فأنت تصفينه بالفعل بمختلف أوجهه وتقولين أنك قرأت الكثير في الموضوع ولكن هناك ما قد ترغبين في القراءة عنه أيضا وهو صعوبات التعلم Learning Disability حيث تعود بعض الأعراض التي ذكرتها إلى هذا النوع من الاضطراب وهما نوعين مختلفين وإن كانا مترابطين حيث يكون النشاط الزائد واحدا من أبعاد تشخيص صعوبات التعلم, ولعل اشتباه الطبيب بوجوده هو ما يمنعه من إعطاء الطفل أي دواء يزيد من فترة انتباهه, وقولك أن المشكلة ظهرت فقط عند دخوله المدرسة دليل إضافي حيث لا يلاحظ الأهل صعوبة التعلم إلا من خلال النشاط الزائد الذي هو عرض لها قبل ذلك إلا على أنه شقاوة أطفال, فتذكري هل كان طفلك في أي وقت منذ بدأ الحركة طفل هادئ؟
لا يزال الموضوع مبهما بالنسبة لك لأن ما هو معروف عبارة عن نتائج دراسات ارتباطية حيث لا يمكن أن نجري دراسات تجريبية لنعرف أكثر عن المشكلة, لا تفسر الدارسات الارتباطية سبب ارتباط العوامل معا مما يبقى الصورة نوعا ما غير واضحة حين يصر العقل على معرفة السبب.
يحرص الطبيب على الحديث معك لأنك من الواضح تعانين من آثار كونك أم لطفل من ذوي الحاجات الخاصة, وأنت بحاجة فعلا للمساعدة كي تستطيعي الاستمرار في حياتك الخاصة من حيث تقبلك للمشكلة وفي تعاملك مع ابنك وابنتك الأكبر وحتى مع زوجك.
يمر والدي مثل هذا الطفل بمجموعة من ردود الفعل عند معرفتهم بمشكلة طفلهم منها
الصدمة: وهي اختلاط المشاعر ما بين الشك والرفض وعدم القدرة على الاقتناع, لم يحدث لنا نحن هذا!
الإنكار: وتشمل التشكيك في التشخيص, ورفض أسلوب المختص في معالجة الأمر وتوقع انتهاء المشكلة بمعجزة ما, وجوانب هذه الحالة من أهم أسباب تأخر حصول الأطفال على المعالجة المختصة.
الحزن: والذي يوصف بأنه حالة مستمرة ومتجددة لا يتجاوزها الوالدان بل يعيشانها كلما تعرض طفلهم لمشكلة جديدة. في هذه المرحلة يعاني الوالدان أو أحدهما من الشعور بالذنب وانخفاض تقدير الذات, ويعتبر التعامل مع مشاعر الوالدين من أهم الخدمات التي تقدم لذوي الحاجات الخاصة كي يستطيع الأهل أن يتعاملوا مع وضعهم الخاص.
مرحلة التوجه للخارج: ثم ينتقل البعض إلى هذه المرحلة وهي البحث عن البدائل المناسبة للتعامل مع الطفل, ولاحظي كلمة البعض.
مرحلة احتواء الأزمة: يصلون إلى هذه المرحلة وهي قبول الواقع كما ينصحك الطبيب, الأمر الذي ينعكس إيجابا على الطفل عندما يكون الوالدين قد تقبلوا وضعه الخاص وأنه لن يتغير وعرفوا كيف يتعاملون معه.
تشير كلماتك أنك ما زلت تراوحين مكانك ما بين الإنكار والحزن وإن كنت قد أخذت طفلك للطبيب, أعتقد أنك بحاجة حقيقية للمساعدة المختصة كي تفرغي غضبك وإحباطك من مرض طفلك لتستطيعي العيش معه والأخذ بيده دون أن تقولي لقد مللت من تطبيق جداول تعديل السلوك, مللت يا أختي لأنك رافضة نفسيا مرض أبنك, ومع قولك أنك جربت الكثير منها مع سن ولدك الصغير نقول أنك لا تعطين البرامج وقتا كافيا لتحقق التغيير المطلوب.
لن أظن أبدا أنك متهاونة مع طفلك بل قد تكون المشكلة العكس حيث قد يكون ما يحدث بالفعل هو أنك تفرغين إحباطك من مرضه شدة غير مبررة في التعامل معه, لن تجدي الشدة معه لتطبيق شيء لا يستطيعه, لاحظي أنه مريض وليس مجرد طفل مشاكس أو عنيد, ولكن كلماتك مظهر لما يعانيه والدي مثل هذا الطفل من إحباط وغضب وتضرر لمفهوم الذات بل والشعور بالذنب أحيانا.
أهم ما أريد لفت انتباهك له أن الدراسات لم تشر بأن الإدمان أعلى بين هذه الفئة( ذوي الحاجات الخاصة) من غيرها, ولكنها اتفقت على أن جنوح الأحداث( مثل الإدمان وارتكاب الجرائم) نتيجة مباشرة للقسوة الو الدية والشدة في أساليب التربية, والأسر المفككة إذن أنت المسئولة عن انحراف ابنك وقذفه بعيدا إلى الشارع فقط لأن غير راضية عن وضعه, فأرجوك لا تزيدي الأمور سوءا!!!
لابد أنك قرأت من بين ما قرأت أن انتشار النشاط الزائد يصل إلى واحد من كل أربعة وأن من بيننا كراشدين الكثير ممن يعيشون ويعانون من هذا الاضطراب دون أن نلاحظهم, فهم ينجحون بطريقة ما في تدبير أمور الحياة لأنهم لا يعانون من انخفاض الذكاء أبدا.
يستطيع طفلك سواء كان يعاني من النشاط الزائد أو من صعوبات التعلم أيضا أن يتعلم وينهي تعلميه الجامعي فقط من خلال تقبلك لوضعه وحرصك على علاقتك به واختيار الطريقة المناسبة لتعليمه, فكندا من أشهر الدول التي تهتم بقضايا صعوبات التعلم وهذه نقطة إيجابية لصالحك, هو يحتاج فقط لتقبل اختلافه وحدود قدراته وطريقة مختلفة في التعليم.
ومن الأشياء التي لا تناسب طفلك أبدا تعلمه أكثر من لغة في نفس الوقت ناقشي الطبيب في هذا الأمر, طفلك لو كان يعاني من صعوبة التعلم فهذا يعني تأخر في سنه عمن في مثل عمره عامين على الأقل وبالتالي فهو في الثامنة يعادل طفل السادسة من حيث نمو الضمير والمفاهيم المجردة الضرورية لبداية التزام الأطفال دينيا, فلا تضغطي عليه حسب الحديث الشريف بتعليم الصلاة في السابعة, حسن علاقتك بك وبوالده سيعمل على تعلقه بالدين من خلال النمذجةModeling , حدثيه عن الالتزام ولكن راعي وضعه الخاص.
ترتب الأمور حسب أهميتها الفعلية وهنا تكون حياتك الشخصية وعلاقتك بطفلك وتربيته كإنسان صالح وإبعاده عن المزالق أكثر أهمية من نجاح طفلك الأكاديمي,
واقرئي من على مجانين: نقص الانتباه المفرط الحركة ! طفلي مفرط الحركة قليل الانتباه !
أعانك الله على ما كلفك وتابعينا بأخبارك. |