إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   حصة 
السن:  
25-30
الجنس:   C?E? 
الديانة: مسلمة 
البلد:   . . . . . . . . . 
عنوان المشكلة: نموذج عربية غير مكونة مشاركة مستشار 
تصنيف المشكلة: اضطرابات الشخصية Personality Disorders 
تاريخ النشر: 15/12/2005 
 
تفاصيل المشكلة
 
أسئلة مشروعة: نموذج عربية غير مكونة 

أحتاج لمساعدة عاجلة

جزاكم الله خيرا على هذا
الموقع الرائع....

أساتذتي الأعزاء...واسمحوا لي أن أعبر عن إعجابي الشديد بما تفعلونه والتأثير الرائع الذي أحدثتموه...وأعتذر بشدة عن إرسالي المشكلة عن غير الطريق الرسمي ولكني أحاول منذ عدة شهور ولا أطيق الصبر أكثر من ذلك فاعذروني إذا زدت الحمل عليكم......

أنا أفضل عدم نشر رسالتي لعدم رغبتي في أن يعتبر ردك أية عبرة تودون إيصالها للناس خلال الرد....ولكن إذا رغبت في نشرها لأنك تعتقد أنها قد تفيد الآخرين فلا مانع عندي شرط حذف أي معلومات قد تدل على شخصي (للتسهيل فقد وضعت تحتها خط بالإضافة إلى البيانات الشخصية طبعا)....

...... فأنا أشعر أن كل جانب من جوانب حياتي مضطرب...مما جعلني أشك أن حالتي هي حالة اضطراب في الشخصية وإن كنت لم أستطع تصنيف نفسي حتى الآن..كما أنني أعتقد أنني أمر بحالة اكتئاب تزداد تعمقا كل يوم.... أكثر ما يخيفني فيها هو إني فقدت طعم كل شيء حتى العبادة...وهذا ما قصم ظهري إذ أنني أشعر بفراغ فظيع إذا حدث لي هذا....

..........................................

لا أتعرف على مشاعري...أعرف أن أماكن الشعور بالمخ قد حدث فيها شيء ما إذا واجهني موقف ما ولكني بصعوبة أعرف ما هو هذا الشعور وفي كثير من الأحيان لا أعرف...أنا كتومة منذ الطفولة وأحس دائما بأني في أفضل حال إذا لم يعرف أي إنسان ما أشعر به، ولأني كنت (عيوطة) فالوسيلة الوحيدة كانت أن أكبت هذا الشعور... حتى أن عقلي الآن قد تبرمج على الكبت أصبحت عندي إعاقة في التعامل مع المشاعر...

أكره دوري في الحياة كامرأة...أشعر بغضب لا يوصف منذ صغري إذا اشتغلت في البيت أو نظفت مكان إخواني علما بأنني الكبرى وأمي تعمل فأغلب حياتي كنت مضطرة إلى العمل في البيت وكنت أشعر أن هذا ليس عدلا على الإطلاق وأن عمل الرجل خارج البيت فيه تنمية لذاته ومهاراته بغض النظر حتى عن حريته ومكاسبه المادية وحتى إذا كان يكرهه فان له مواعيد محددة وله أجازة...

أما عمل المرأة في البيت فهو استهلاك لوقتها وجهدها دون أجازة ولا تضيف لنفسها شيئا على الإطلاق...أنا أعرف أنكم ستقولون أن هذا غير صحيح وأنا لا أستطيع أن أعترض على هذا ولكني يا سيدي أشعر أنني لست امرأة بما فيه الكفاية لأبذل كل هذا العطاء الذي يحتاج إلى طاقة نفسية هائلة...

كما أنني لست امرأة بما فيه الكفاية لأشعر بمردود هذا الجهد.....مع أن عائلتنا مشهورة بأنها تتعامل مع البنات أفضل حتى من الأولاد وحتى أخواتي كانوا يتمنون أن يحصلوا على قليل من الدلال الذي حصلنا عليه... وعندما أقرأ عن علاقة الرجل والمرأة في الإسلام وغيره وعبر العصور فإن كثيرا من الكلام-وليس كله يوترني ويضايقني-أستغفر الله- ويضيق صدري وأخاف أن أكون كما كان إبليس عندما رفض السجود لآدم مع أن الله أمره بذلك....كذلك أنا أرفض ولو داخليا أن أخضع للرجل كما أمرني الله ....

.......... هذا إذ أني ألاحظ أنكم غير متسامحين بالمرة في
موقعكم مع من تسموهن بالمسترجلات...مع أنك تتحدثون ربما عن الشواذ والساديين بتقبل أكثر...وأنا لا أوفق على تسمية وضعي هذا بالاسترجال ولكني أعترف أن عندي خللا ما فرويدكم علي فإني أعاني ولست فخورة بمشاعري هذه...

...........، أحب الأطفال فقد ربيت أخواتي الثلاثة الصغار لكني لا إراديا منعت نفسي من أن أحس بأي شيء إذا حملت طفلا وأنجح في ذلك في كثير من الأحيان....في داخلي شعور أنني قد أستطيع إنجاب طفل وإرضاعه وحمايته ولكنني لن أكون قادرة على تربيته...لا أريد أن أخرج معاقين نفسيين إلى الحياة من أمثالي..

....................................................................................................

............... فقد تربينا كلنا داخل البيت في وضع محمي تماما ومدارس خاصة مع بنات العائلات الراقية....كان أبي يدور المدينة وما جاورها ليبحث لنا عن كتب نقرؤها وكان القليل المتوفر كبيرا على سني ولم أكن أفهم كل ما فيه ولكنه كان كافيا لأنسج عالما لي وحدي في الخيال وأرسم لنفسي طريقة للعيش لأفاجأ بعد ذلك أن أغلب ما تمنيت لن أستطيع تحقيقه لمجرد أنى فتاة..

..................................................... ولكن أمي قالت لي أنني فتاة ويجب أن ألعب مع الفتيات فاضطررت إلى الاستجابة لرغبتها....لا أتذكر الكثير من السعادة في صغري خاصة في أيام المدرسة، مع أنني حصلت على الكثير من الرعاية والحب من والداي إلا أنني أشعر بغضب دفين من كليهما ولا أدري حتى وأنا في هذا السن لماذا....أنا أحبهما للغاية وأحب كل عائلتي ولكني في أعماقي أشعر أنهم كان يمكن أن يساعدوني بطريقة ما ولكنهم لم يفعلوا ربما لأنهم لم يشعروا أن عندي مشكلة...

.............................................فقد ذهبت إلى الجامعة كما خططت خارج البلاد، وهناك تعرفت إلى شاب قال لي أنه يحبني وهذا في السنة الأولى...وبسبب شخصيتي الضعيفة القابلة تماما للإيحاء فقد اقتنعت أني أحبه... أمضينا 3 سنوات في علاقة أنا أصفها بالمريضة... لأني كنت وعكس كل ما أشعر بداخلي أنفذ كل ما يريد مني وأنقاد له..مع إنني يا سيدي لم أشعر يوما أنه وسيم جدا كما كان الكل يقول...

وكنت أمل الجلوس والحديث معه حتى أكاد أنفجر وأمضي على هذه الحال ساعات طوال..كان أنانيا متملكا شديد الاضطراب...ولكن لم يحدث بيننا أي علاقة جسدية من أي نوع طوال هذه السنوات ولا حتى أي رغبة بذلك. ولكنه ذات يوم أبدى رغبته في أن يحتضنني ولم أمانع...وبدأت أعرف ما معنى هذه الرغبة...صارت بيننا أشياء سطحية لفترة من الزمن أنهيتها بعد ذلك خوفا من الله تعالى...خصوصا أني بدأت أتدين في تلك الفترة ووضعت الحجاب....وأنهيت العلاقة كلها بعد 4 سنوات من العذاب والمعاناة وقررت أنني لن أفعل ذلك الأذى بنفسي مرة أخرى. وفي السنة الأخيرة من العلاقة فقط أدركت أني لا أحبه ولم أحبه يوما...هل عرفت يا سيدي كم أنا معاقة الإحساس؟

...................................................... لأنه يفهمني ويستوعبني أكثر من أي شخص على هذه الأرض، هو الوحيد في حياتي الذي أستطيع البوح له بكل شيء وأي شيء. لا أعرف إن كنت أحبه لنفس المشكلة في مشاعري. كما أنني حرصت أن أبتعد عن أي علاقة جسدية معه، وهو يريد الزواج بي ولكني أخاف من عقدي أن تتعسنا معا وأن حسابي عند الله سيكون عظيما لأنني لا أظنني سأكون زوجة صالحة... ولأن عندي إحساسا قويا أنني سأكون تعيسة إذا تزوجت حتى لو منه....

الذي أخافني فعلا هو أنني ظللت فترة أعاني من خيالات جنسية سادية معه هو...أعامله فيها بكل قسوة وأهينه بشكل فظيع وهو كأنه يريد ذلك بل ويتوسل إلى لأعامله هكذا... وأحصل على النشوة الكاملة بالتخيل فقط....وأتعذب وأشعر بالذنب بسبب محتوى الخيالات وبسبب كوني أصل للنشوة.... حاولت السيطرة على هذه الخيالات والحمد لله نجحت ولكنني أخاف إن تزوجته أن أحتاج لممارسة هذا الشيء معه ولست أدري ما قد تكون النتيجة، علما بأن هذا الأمر حديث جدا لا يتعدى بضعة أشهر وأنا أنفر من الزواج حتى قبل حدوثه....

................................................. إلى أن بدأت تظهر هذه الخيالات، وأعتقد أنني كنت أكبت هذه المشاعر دون أن أدري كما هي العادة خوفا من الوقوع في الحرام.... أذكر أنني كنت أتخيل أنني أعذب رجل-كما أرى في التلفزيون وأنا صغيرة جدا ربما 7-8 سنوات وكنت أستمتع بذلك....بالرغم من أنني بعد أن كبرت قليلا كنت أشعر بخوف شديد وتقزز يصل إلى حد البكاء طوال الليل عندما أقرأ عن التعذيب في السجون أو إذا شاهدت فيلما فيه ألم جسدي. الحمد لله تمكنت من التخلص من هذه الخيالات منذ حوالي الشهرين ولم أعد أجد لذة في تخيلها ولكني أكره نفسي لمجرد أنها مرت بي....

أنا يا سيدي في الظاهر إنسانة لطيفة متعاونة....ولكني محبة للظهور ...كما أنني أبالغ في محاولة إرضاء الناس من حولي...مشتتة الاهتمامات جدا وهذا يستهلكني أيضا... أحس أن الرجال ينجذبون لي وأنني أستطيع التعامل معهم...كثيرا ما سمعت منهم أنني امرأة جميلة ذات شخصية قوية – تخيل- وزادني جاذبية بضع صفات قريبة للرجولة مثل الجرأة والذكاء...الخ...يا للمأساة!

...................................................وهذا كان يسبب لي ما يشبه المغص العاطفي ويسبب لي نفورا وضيقا وشعورا بالذنب وباني مخادعة ومتلاعبة وظاهري ليس كباطني... وهذا أكثر ما أكره في نفسي...أشعر أن حياتي كلها زائفة وأنني (فالصو) وأخدع الناس من حولي ومع ذلك أموت خوفا من أن يكتشف من حولي الضعف الفظيع الذي أشعر به داخلي. وأشعر أن أكثر ما يضعفني هو انعدام قدرتي على السعادة....

أخيرا يا سيدي فإنني أحس أنني طوال حياتي كأني لا أعيشها...بل كأني أتفرج عليها من بعيد، وكأني انقسمت نصفين أحدهما وهو الأقرب مني يتفرج على الحياة... والآخر وهو الأبعد عني يعيشها أمنيتي منذ زمن بعيد أن أوحد هذين الشخصين وأن أوحد داخلي مع خارجي واستمتع بطعم الحياة....

أرجوكم بحرارة أن تساعدوني... لأني أعتقد أن ندبة تكبر كل يوم في قلبي... وكما تعلمون يا أهل الطب أن الندبة نسيج لا وظيفة له.....

2/7/2005 
 
 
التعليق على المشكلة  


صديقتنا العزيزة..

قرأت رسالتك كثيرًا.. ولا أستطيع أن أقول غير أنني جد فخورة بكِ.. أرجوك لاتقسي على نفسك.. ولا تتهميها بالغرابة.. ودعينا سويًا نحاول تحليل الأحداث..

كنت أكبر أخوتك ويبدو أنك تحملت مسؤوليتهم من طفولتك، كرهت ذلك الدور لأنه لم يكن وظيفتك أو سنك حينئذ، في ذات الوقت لم تأتيك هذه المهمة من باب حب أو بطريقة غير مباشرة تدفعك لهذا العمل من داخلك كسعادتك بإخوتك مثلا أو بيتك.. لا يعني هذا أنك كنت تتحملين نوعًا من القسوة، ولكنك كنت تلاقين المسؤولية والتذكير بالمسؤولية التي أصبحت تثقل كاهلك.. ومع مرور الأيام كرهت ذلك الشعور في أعماقك..

الكبرى والمسؤولة دائمًا.. ووالدتك تعمل معناها: "أنتِ قدوة، لا تتصرفي كالأطفال، لا تبكي كالأطفال، لا تتكلمي، إذا كنتِ أنت الكبيرة تفعلين وتفعلين فما الذي تبقى للأطفال"؟؟ ثم ترين أن إخوتك لا يتحملون مثل مسئوليتك، وبعد أن كبروا وأصبحوا في السن التي كنت تتحملين فيها أنت مسؤوليتهم.. لم يتحملوا عنك شيئًا وبقيت أنت الكبرى..

هذه الأحداث وغيرها ربما جعلتك تصلين إلى مرحلة من الحزن أو كتمانه فسرتها أنتِ بأنك أصبحتِ (عيوطة).. ثم تحولت إلى كبت هذا الحزن وعدم التعبير عنه، لكنك لم تذكري شيئًا عن المرحلة الفاصلة.. التي حولتك من مرحلة التعبير إلى مرحلة الصمت الأكثر حزنًا بلا شك، وقد يكون ذلك حدث مع تقادم العهد.. دون وجود جديد يذكر..

هذا الصمت.. مع الشعور بالمرارة قبله حولك إلى تلك التصورات.. أضاف إلى ذلك نشأتك في مدينة سعودية صغيرة ومثل ما قلتِ (تربينا داخل البيت في وضع محمي).. ظلت أحلامك الصغيرة لا تتعدى القصص الملونة التي كنت تقرئين، والحياة الهادئة البعيدة عن المسئولية التي تتمنين.. والوالدان في انشغال.. لم تكن هناك تهيئة للحياة، تأخذين رسائلاً سلبية دون أن تشعرين، وليس مستبعدًا أن يكون الطب هو الاختيار الطبيعي لك من والديكِ وأنت شعرتِ أنه الأفضل حتى تغتربي ويصفو لك الحال مع وحدتك.. حتى تستطيعين التصالح مع نفسك..

كراهيتك لدور المرأة قد تكون نابعة عن رؤيتك لوالدتك وهي تتعب خارج وداخل المنزل في توجيهكم ورعايتكم، أو عدم رضاك عن الوضع الأسري المشغول، ربما تشعرين أن والدتك مظلومة، أو أنها كانت تشعرك بذلك حتى تعاونيها في رعاية أخوتك، وهذا يفسر الحنق على أنوثتك منذ الطفولة.. ولذلك أيضًا منعت نفسك من الإحساس بالأطفال لأنك ربطتهم بالضغوط والتعب والألم، ثم هاأنت تلقين اللوم على نفسك الحزينة بقولك "لا أريد إخراج معاقين نفسيين للحياة".. لن يحدث ذلك فلا تقلقي، لأنك ستقومين بحماية أولادك من كل ما كان تأثيره عليك سيئًا في شتى مراحل حياتك.. حتى لو كان بسيطًا جدًا.. أنت مرهفة الإحساس يا صديقتي وسترين:)

قلتِ إن المرأة تعمل دون أجر وجهد لا ينتهي والرجل عكس ذلك، ثم قلتِ أعلم أنكم ستعارضون، لكننا لا نعارض.. نحن نقول أن القضية لا تجرد من العاطفة، هذه المرأة التي تبذل الجهد تكون مستمتعة جدًا به في حال إن كانت في محيط تحبه غير شاعرة بالظلم أو عدم التقدير ممن حولها.

مسألة رفض الخضوع للرجل هذه لم؟؟ لأن المجتمع يشعرك دائمًا أنك عاجزة.. والداك كانا يفرضان عليك حماية زائدة مغلقة، الحياة التي عشتها لم تساعدك على استكشاف نفسك أو العالم من حولك، كل شيء يجب أن يقوم به لك أحد.. شقيقك يرافقك، والدك يوصلك، هذا المكان للأولاد فقط، ممنوع هذا على البنات، وحتى وأنتِ طفلة كانت والدتك تقول لك: العبي مع البنات ولا تلعبي مع الأولاد..

من الطبيعي جدًا بعد ذلك أن تكرهي الرجل..

ترسبات الطفولة قد شوشت بعض المفاهيم، أو نستطيع أن نقول أن هذه المفاهيم لم تكون لديك من البداية بشكل صحيح..
وأنت تشعرين بذلك وقلتِ (أشعر أني لست امرأة كفاية لأبذل العطاء).. تشعرين أن هناك خطأ ما لكنك لم تضعي يدك عليه بعد..

وبهذا تصبح الخيالات التي تأتيك لا شبهة فيها لاضطراب جنسي إنما هو موضوع كره الرجل وقد تعاظم في نفسك، خصوصًا بعد مقابلتك للإنسان المغرور الذي كانت علاقتك به (مريضة) كما تصفين ، وليس بعيدًا أن عقلك الباطن كان يبقيك معه لأجل أن يؤكد لك مدى كراهيتك للرجال.. وعندما ابتعدت عنه لتعرفك على الآخر، العاقل والمتفتح، اكتشفتِ أنك لم تكوني تحبين الأول، ولأنك وجدت معاملة مختلفة من الثاني.. تشوشت أفكارك..

ثلاث سنوات من الضعف والاستسلام للحب.. هل تعرفين ما تفسيرها؟؟ كنت تريدين أن تفهمي ما يحدث في الدنيا من حولك.. لم تكوني في داخلك راضية أو سعيدة أبدًا وربما كنتِ تقولين: هل هذا هو الحب الذي يقولون!! لم تكوني مقتنعة لكنك بقيت على أمل أن تفهمي ما يحدث حولك، ولم يكن لديك القوة لحسم أمرك برغم عدم حبك له، ليس لأنك (معاقة الإحساس) حاشا.. ولكنك أصلا لم يكن وصلك بعد هذا المعنى، فلم يكن أمام أفكارك أي بديل آخر..

بعد الكثير من المتناقضات والأشياء التي جربتها نفسك ولم تطيقينها أيضًا آثرت الابتعاد للبحث عن الأمان النفسي بعيدًا عن الشعور بالذنب وما يتركه في النفس..

وما كان نفورك من الزواج إلا لأن بداية ما عرفت من طريق موصل إليه لم يكن محببًا بالنسبة لكِ بل لم تكوني تطيقينه، فحاولي أن تفصلي تلك الصورة المشوشة عن صورة الارتباط الواضح النقية، ثم الزواج المحبب للنفس أيضًا..

أقول لك ذلك، لأن البعد لا يشفي الجراح، ورفع رايات كراهية الرجال والدنيا تزيد من تضييق الخناق وتصعيد الإحساس المرير، واجترار الذكريات المؤلمة وتعظيم الإحساس بالذنب على ما لم تعرفي خطأه حتى تعاقبي عليه..

هوني على نفسك إذن وجربي النظر إلى حياتك من زاوية أخرى، فلعله خير، واعلمي أن الله سبحانه وتعالى هو الذي سير الأحداث كما رأيتِ لحكمة.. لعل مما ظهر منها أنك تعلمت كثيرًا مما كان غامضًا عليكِ وشعرت بفارق شاسع بين الحياتين.. ثم هاأنت تشعرين الآن كل يوم أنك للأفضل كلما تعرفين شيئًا جديدًا..

عدم استعدادك لمواجهة الحياة وتسلحك بالوعي أو (عدم التكوين) كما قال د.وائل، هو سر ضيقك التي لا تعرفين سببه من أبويك.. تشعرين أنهم السبب لكنك لا تدركين في أي شيء..
هم السبب لأنهم انشغلوا بحياتهم ولم يعلموك شيئًا عن حياتك.. حملوك المسؤولية منذ الصغر، وحملتها على صغر سنك، وكبت مشاعرك، وكرهت حياتك، واكتفوا هم بالمنظر الزائف من الخارج: الشخصية الاجتماعية وابنتهم الطبيبة، لكنهم نسوا أن في الداخل إنسان ضعيف جدًا أصابه الوهن.. يحتاج إلى حنان ورعاية وفهم.. ليس مجرد دلال..

ومع أنك لم توضحي نوع الدلال الذي تشتهر به عائلتك كما تقولين، لكن التدليل أحيانًا يكون من أنواع التضييق لا أكثر، وقد تشعرين أن الدلال الزائد خوف زائد ليس لأنهم يحبونك، ولكن لأنك (بنت).. وهذا يظهر من طريقة إعطائهم الدلال وتوقيته..
أنت فتاة طيبة وخيرة.. أحببت إخوتك وحنوت عليهم، هم ليس لهم ذنب فيما حصل، أنت ضحية مجتمع وأسرة تركت أولادها (يربيهم الله) وتلطمهم التجارب..

الذين لديهم أساسات اجتماعية في حياتهم يصمدون في صدمات الحياة أكثر من الذين لم يأخذوا أي تجارب في حياتهم..

أرى أنك تحتاجين للمساندة النفسية حتى تعيدي حساباتك وترتبي لحياتك وتقومي بوضع الأمور في نصابها الصحيح، لا تقدمي على الزواج وأنت تحملين هذه المشاعر السلبية.. يجب أن تتخلصي في البداية من ترسبات الطفولة، يجب أن تعودي وتسمحي لنفسك بالإحساس وتعترفي بمشاعرك الطبيعية وتفتحي قلبك للدنيا وتعيشين بطريقة صحيحة.. لا تكبتي مشاعرك، دعيها بسلام مادامت لا تدفعك لعمل خاطئ.. لا ضير يا صديقتي من إحساسك بمشاعر جنسية طبيعية فهذه فطرة ولا خطأ ولا عيب من الإحساس بل إن كبته هو الذي يورث ضيقًا وشعورًا ملازمًا بالخطأ يصعب التخلص منه فيما بعد..

افتحي ذراعيك للحياة بدون أي شعور باللوم على نفسك أو النقص، ليس عيبًا أن تخطيء، مادمنا نتعلم من أخطاءنا دائمًا ونحذرها..
ولم يقل أحدًا أن هناك أشياء تتمناها الفتاة ولا تستطيع تحقيقها لأنها فتاة.. الفتاة تستطيع أن تقوم بكل شيء تتمناه في إطار الشرع مثلها مثل الفتى تمامًا..

الخطأ هو أن تحملي أي مشاعر سلبية على الجنس الآخر، لأن هذا معناه اختلال في النفسية، ويسبب ضيقًا وحزنًا، لأن الفطرة هي تقبل الجنس الآخر، لأنه سوف يكون منه من سوف تقضين معه عمرك القادم بكل تفاصيل الحياة الصغيرة..

الحل ليس في العيش بمفردك.. الحل في التغيير من الداخل، التصالح مع النفس ومع المجتمع، ووقتها لن تستطيعين العيش وحيدة ولن تطيقين لأن الإنسان اجتماعي بطبعه..

.. صفاتك التي وصفت بها نفسك أنك (لطيفة، محبة للظهور ، مشتتة الاهتمامات، أبالغ في محاولة إرضاء الناس/حياتي زائفة-أشعر بضعف فظيع أخفيه-أريد أن أوحد خارجي مع داخلي).
كلها تقول شيئًا واحدًا: أنك كنت غير مهيئة لخوض غمار الدنيا.. حزينة وغير مدركة، وتحتاجين لمن يساندك ويفهمك بشكل واضح.

لا تستسلمي للاكتئاب إذن يا صديقتي وحاولي فهم نفسك وتفهمها وإعطائها العذر فيما مضى من أجل الأمل الذي هو آت..

أنت تصفين مشاعرك وتقلبات حياتك بأسلوب نفسي عميق جدًا يجعل من الصعب ألا تدمع العين.. وكأن إحساسك العميق -الحزين جدًا- هو الذي يكتب وليس أنتِ.. الحياة لا تتوقف لأنك فتاة.. الحياة تمضي وتشرق وتزدهر ليس لأنك فتاة وحسب، بل لأنك أنموذج مشرق لفتاة مسلمة واعية تخطت صعاب حياتها وتمضي بكل عزم في طريق الإدراك المتطلع دائمًا إلى الأفضل في تكوينك، لإقامة سلام دائم مع نفسك..

وفقك الله وأنار دربك، وتابعينا بأخبارك.

 
   
المستشار: أ.هدى الصاوي