إغلاق
 

Bookmark and Share

حدود العلاقة بين المريض والطبيب النفساني مشاركة ::

الكاتب: أ.د وائل أبو هندي
نشرت على الموقع بتاريخ: 17/05/2008


حدود العلاقة بين الطبيب النفسي والمريض

أرسلت مريضة نفسية (22 سنة، لا تعمل، ليسانس آداب، مصر) تقول:

أنا عايزة أحكي تجربتي مع الدكاترة النفسيين واللي مستمرة لحد دلوقتي مدة 3 سنين، غالبا يا دكتور الكلام اللي اتقال هو الصح مش نادر ولا حاجة.
أنا كنت بتعالج عند دكتور من فترة وكنت بحس انو بيحتقرني أو قاعد معايا -عشان أكل العيش بس- وكان بيقعد يشتمني انتي حمارة ومتخلفة مع أني كنت مختاراه عشان هو معروف عنه أنو متدين يعني مش هيعمل معايا حاجة وحشة وكنت مقصرة في الصلاة في وقتها فكان بيقوللي لو جيتي من غير ما تصلي المرة الجاية أنا هضربك وطبعا ده كان بيخوفني ويضايقني، فماما قالت لي خلينا نغير الدكتور وفعلا روحت لدكتور تاني وهو مابيتعاملش معايا بطريقة وحشة بس بحس أنه مش حاسس باللي جوايا وهو فاكر انو فاهم كل حاجة.
 
ده غير كمان إن بحس إن السكرتير بتاعه مش طايق أي حد من العيانين وبيبص لهم من فوق لتحت ولما قلت لماما قالت لي هو أصلا مابيتكلمش مع حد.
أنا عايزة أعرف هو الدكاتره بيبقوا بيتكلموا عالمرضى إزاي مع السكرتارية؟
وهل يشترطوا إن السكرتير دا يكون بيحترم الطب النفسي؟

وعايزه أعرف كمان هو ليه الطب النفسي غالي أوي كده عن أي نوع طب تاني؟ وكمان الدكتور من حقه يشتم العيان بتاعه عادي؟ وأعرف منين إن الدكتور اللي أنا عنده دا شاطر وهينجح في علاجي وخصوصا أن الدوا بياخد كتير على ما يجيب نتيجة؟

23/4/2008

تعليق الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي:
الابنة العزيزة "مريضة نفسية" أهلا بك على مجانين، وشكرا من القلب على فضفضتك البريئة هذه التي أراها تضع أحمالا فوق أكتاف كل طبيب نفساني ليحول دون مشقة الوصول إليه ومنها يلقى قاصدوه كثير!

من غير المعقول يا ابنتي أن تكونَ الأمور بهذا السوء في عيادات الطب النفسي الخاصة خاصةً، ولا العامة حتى.... أحسبُ أغلب العاملين في مجال الطب النفسي لديهم اقتناعا به وهم يشاهدون نجاحاته في العلاج، وبالطبع هناك فروق في مستوى القناعة، وهناك داخلة في الأمر علاقة كل طبيب نفساني بمن يعملون معه وهي بالتأكيد يمكن أن تسبب اختلافات، ولكن بشكل عام وببساطة من المؤكد أن من يعملون في عيادة أي طبيب نفساني يكونون مقتنعين ببراعة من يعملون معه.

وهناك حدود للعلاقة بين العامل في المجال النفسي غير الطبيب وبين المريض -مثلما وصفنا بين الطبيب النفساني ومريضه- وهذه الحدود يجب أن تحترم،....... مثل سرية المعلومات ومهنية إدارة العلاقة.... وهنا يمكن أن يختلف السكرتير عن غيره كثيرا هذه واحدة، كما يمكن أن تفسر طريقته في التعبير عن مهنية العلاقة على أنها رفض أو احتقارٌ أو ما شابه يا ابنتي هذه ثانية.

أيضًا يلتزم الطبيب النفساني في حديثه مع مساعديه بحدود سرية معلومات المريض التي يفترضُ فيها أنها سرية وهو بالتأكيد يتكلم عن مرضاه مع مساعديه بشكل مهني... وطبعا هناك عوامل فردية واختلافات بشرية في كل من الطبيب النفساني والمساعد أو المساعدين وهناك انطباعات تؤخذ دون أي كلام ودون أن يستطيع أحد منعها لأن الجميع بشر يا ابنتي وهذا أيضًا قد يفسر بعضا مما تصفين.

بكل تأكيد هناك اختلافات واسعة بين الأطباء النفسانيين الممارسين للعلاج النفسي ومنهم من يعطي مريضه انطباعا بأنه لا يحس به ومن يعطي انطباعا بأنه يسمع فقط ومنهم غير ذلك. مثلما منهم من تكون العلاقة معه صعبة لأن العلاقة التحولية والتحولية المضادة Transference and Counter- Transference تؤدي لمواقف مثل ما وصفت من شتمٍ ووعيد وكل ما كان يخيف حضرتك.

الطب النفسي غالي لأنه -بمقاييس السوق الصحي- فرع طبي نادر وصعب ويحتاج الطبيب فيه إلى وقتٍ وجهدٍ كبيرين للتعامل مع كل حالة وإن كنتُ أرى هذا حقا للطبيب النفساني الحقيقي الذي يجهد نفسه فعلا في مناجزة حالة مريضه بشكل كامل (طبي نفسي اجتماعي) وليس حقا للطبيب النفساني الكيميائي الذي يقتصر دوره على وصف عقَّاقير وهو مع الأسف موجود خاصة في بلادنا.

لستُ أبدا مع شتم المريض.... وليس الشتم أبدًا مما يقره الأطباء النفسانيون طريقة من طرق العلاج وليس مسموحا به في العلاقة العلاجية لكنه رغم ذلك يحصل وسبب ذلك هو أن الطبيب النفساني يتخذُ عديدا من الأدوار ومنها دور المربي الذي قد يشتم أحيانا.... واستخدام العقاب في علاج السلوك مسألة خلافية لكنها في مجتمعاتنا تستند إلى أسس كثيرة وأصيلة في ثقافتنا........ لكن الشتم والانتقاد لا يصح أن يحدث إلا في إطار علاقة علاجية طيبة ومتصلة وهادفة لصالح المريض، وعلى انفرادٍ إن حصل الشتم وليس أمام أحد غير الله، وأشددُ على شرط الانفراد، وأفسر ذلك بأن جزءٍا من العلاج النفساني تربية وتقويم معرفي وسلوكي، وفي نفس الوقت يجب أن تكون الألفاظ مختارة بعناية وغير مهينة! بقدر ما هي منبهة إلى خللٍ ما في فكر أو سلوك المريض يجب تنبيهه له.

اقرأ أيضاً:
وصمة المرض النفسي: ليست من عندنا!
عقلاء الشارع أخطر من المجانين
عقلاء الشارع أخطر من المجانين مشاركة
دوامة الهلع: أين حقوق المريض العربي
المريض النفسي: مهضوم الحق؟ أم كلنا؟
المريض الصعب.. هل يمكن أن يصبح سهلا!!
أسر المرضى النفسيين Patient 
حقوق المريض النفسي بين الرعاية والوصاية



الكاتب: أ.د وائل أبو هندي
نشرت على الموقع بتاريخ: 17/05/2008