إغلاق
 

Bookmark and Share

د. هبة رؤوف: قتل الشرف ليس من الدين و... ::

الكاتب: ولاء الشملول
نشرت على الموقع بتاريخ: 10/06/2006

د. هبة رؤوف: لست راضية عن وضع المرأة 

د. هبة رؤوف: قتل الشرف ليس من الدين وتحرير المرأة فيه كلام كثير!
في الحلقة السابقة من الحوار تحدثت الدكتورة هبة رؤوف عزت الناشطة النسائية والمفكرة الإسلامية عن نفسها واهتماماتها الأدبية والفكرية، وكذلك قيادتها في جمعية الأمهات المصريات، وفي هذه الحلقة من الحوار تتحدث عن إعادة قراءة الدين ورؤيتها لحقوق المرأة، ورأيها في الأساس الذي تقوم عليه الأسرة في العصر الحديث، كما تتحدث عن الأولويات الواجب السير بها في قضايا المرأة، والعديد من القضايا كسفر المرأة دون إذن زوجها، ومفهوما للقوامة في الإسلام فماذا قالت؟..

* أشرتِ من قبل لضرورة إعادة قراءة الدين ككل، فأيهما نعيد قراءته أولاً.. حقوق المرأة ودورها ومكانتها في الإسلام أم إعادة قراءة الدين ككل؟
ـ الأفضل أن يسير الاتجاهان معاً فلا يجب الفصل بين أي قضية في الدين أو بين قضية وأخرى، فالمرأة لن تنهض بدورها في المجتمع إلا بفهمها الصحيح للدين ككل ومن خلال قراءة هذا الدين جيداً فلا يمكن الفصل بين الجانبين.

* ما هي رؤيتك لأولوية قضايا المرأة في المجتمع؟
- لا يوجد قضية معينة لها الأولوية لأن كل فئة نسائية في المجتمع لها أولوية خاصة بها، ولا يمكن التعميم في هذا الأمر بالنسبة لكل النساء في المجتمع وحتى ناشطات النساء لا توجد لديهن أجندة أولويات واحدة ولكن القضايا تختلف من فئة لأخرى بل من امرأة لأخرى فالأولويات متفاوتة لكن على أي حال لابد من الانطلاق من منظومة إسلامية في النظر لقضايا المرأة.

فمن وجهة نظري فقضية التعليم مثلا تعتبر أزمة في العالم العربي حالياً وتمثل إحدى أولويات اهتماماتي، لأنه لا يعتبر مواكباً للعصر الذي نعيشه ولا يستطيع مواجهة العصر وتحدياته ولا يمكنه تحويل البشر إلى كوادر صالحة للعمل في ظل النظام الاقتصادي الذي نعيشه.

كما ينبغي إحداث نهضة عقلية نقدية تشمل التجديد الديني واستعادة التمدن الإسلامي الذي بدأ في التراجع في ظل الأوضاع العالمية الراهنة والحداثة والنظام المتمدن الحالي وسوء التخطيط وتوحش القيم السياسية.

* أنت ضد تشرذم الأسرة الذي يتمثل نموذجاً في الغرب، وضد تدخل المؤسسات في الأسرة – ما رأيك في الدعوة لإنشاء بيوت لإقامة النساء من صاحبات الظروف الخاصة من المطلقات أو الأرامل وغيرهن؟
ـ بداية أدعو إلى أن ترفع الدولة يدها عن المجتمع المدني ولا تطبق سياسة الدولة فيما يتعلق بالمجتمع المدني حتى يمكنه القيام بدور فاعل بل عليها أن تكون رقيباً على نفسها بدلاً من أن تكون رقيباً على المجتمع المدني حتى يتحول الأخير إلى حركة فاعلة ومؤثرة في المجتمع وليس ذراعا من أذرعها كما تريد، وعن هذه الفكرة فأرى أنها فكرة جيدة موجودة في التاريخ الإسلامي لحل مشكلات بعض النساء، فالإسلام حريص على التعامل مع المشكلات المختلفة.

* ما تقييمك للمجلس القومي للمرأة وما تعليقك على دعوة أيمن نور المرشح للرئاسة المصرية في الانتخابات الأخيرة لإلغائه؟
ـ أري أنه مجلس حكومي وتابع لرئاسة الجمهورية ولكنه لم يحقق الطموحات التي عُلقت عليه منذ إنشائه بل عجز عن حل مشكلات كثيرة، لأنه لا يقدم كل الحلول الممكنة للمشكلات الموجودة في المجتمع لأنه يتقيد برؤية الدولة، ووجهة نظرها في الأمور وليس معبراً عن قوى المجتمع المدني كما يجب أن يكون.

لهذا فهناك اتجاه يرى أن يكون المجلس القومي للمرأة مستقلاً ويقوم بدعم الدولة ولا يتبع رئاسة الجمهورية، والأدلة على فشله في مواجهة المشكلات والأوضاع الخاصة بالمرأة في المجتمع أنه فيما يتعلق بالمشاركة السياسية للمرأة وبعد الميزانية الكبيرة التي تم رصدها لإعطاء دورات تدريبية في المشاركة السياسية ورفع الوعي السياسي لدي المرأة، لم يرشح عدد كافٍ من النساء تعبر عن حجم الاهتمام الذي أعطاه المجلس القومي لهذه القضية، ومن هنا فهو لم يؤثر في دفع النساء للمشاركة في الحياة السياسية فحتى الحزب الوطني الحاكم نفسه لم تحوِ قوائمه العدد المناسب من النساء وهذا يعني تناقض في سياسة الدولة فهي تكثر الحديث عن قضايا المرأة وأهمية مشاركتها ولا تنفذ هذا الكلام.

* هل ترين حله إذن كما اقترح مرشح الرئاسة أيمن نور أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة؟
ـ لا أرى حله لكن تغيير وضعه القانوني لأن النساء بحاجة إلى منصة تعبر عنها وتلجأ إليها عند الحاجة، ولكن بحيث لا يترك للقوى السياسية وحدها بل لقوة سياسية معينة هي التي ترتبط بالحكومة، وعليه أن يفتح لكل التيارات السياسية الأخرى ويقدم خدمات حقيقية، وألا يعتمد على الحسابات السياسية فالمجلس القومي للمرأة مثلاً لم يدعم مرشحات الإخوان المسلمين من النساء والمفروض أنه معبر عن النساء بكل فئاتها وتياراتها في المجتمع.

* ما تعليقك على رأي الدكتورة نوال السعداوي أنه لو كان السبب في قوامة الرجل على المرأة هو الإنفاق فإنه من الممكن أن تكون القوامة للمرأة في حالة لو كانت هي التي تنفق على الأسرة؟
ـ هذه المسألة فيها كلام لأن المرأة لا تنفق على بيتها إلا باختيارها أما الرجل فالإنفاق مسئوليته الأساسية، ولا يمكن إغفالها ثم إن الواقع حالياً يفرض على المرأة الإنفاق على بيتها وأسرتها لارتفاع الأسعار، والمرأة تفعل هذا طواعية نتيجة ظروف المجتمع فالدخل الواحد لا يكفي للإنفاق على الأسرة فتضطر المرأة إلى الإنفاق في ظل النظام الرأسمالي القاهر للجميع، فلابد أن نعرف أن غالبية النساء العاملات تعمل من أجل الإنفاق على الأسرة وليس من أجل تحقيق ذواتهن.

* ذكرت من قبل أن تفعيل دور المرأة في المجتمع ينطلق من الأسرة فممارسة دور المرأة لأمومتها بفاعلية يساعدها في تفعيل دورها مجتمعياً.. كيف هذا؟
ـ
حين تمارس المرأة دورها من خلال أسرتها ومن خلال أمومتها فهي تؤدي دوراً مهماً في المجتمع فالأمومة تحقق وقوة وقيمة عالية تضيف للمجتمع، وهذا ما نحاول أن نفعله في رابطة الأمهات المصريات أن نفعل دور الأمهات وأن نجعل للأم دوراً في المجتمع نابع من كونها أم وأنها فاعلة ولها قيمة عظيمة في المجتمع.

* في دول مثل قطر بدأت تعطي حقوقاً أوسع للمرأة بقرارات عليا من القيادة السياسية مثل تولي منصب وزيرة ورئيس جامعة ونحن في مصر لم نصل إلى أن تتولى المرأة منصب رئيس جامعة، فهل ترين أن حصول المرأة على هذه الحقوق يُفرض على المجتمع بقرارات من الطبقة العليا؟ وكيف ترين ما يجب أن يكون من مراحل صعود المرأة وتمكينها في المجتمعات العربية؟
ـ تمكين المرأة في المجتمعات العربية لا ينفصل عن السعي الديمقراطي وتمكين الأفراد بصفة عامة في المجتمع، وتقوية المجتمع أمام السلطة، وأنا أرى أن تمكين المرأة بهذا الشكل المفروض بقرارات علوية غير نابعة من المجتمع كتطور لحركة المجتمع وليست إفرازات طبيعية للمجتمع، بل تعتبر مجرد إجراءات شكلية لتجميل أوجه هذه النظم والدليل هو أن ارتباط النساء المختارات في مناصب عليا بالأسرة الحاكمة.

وأرى أن تولي المرأة هذه المناصب يعتبر مثل تولي الرجل منصباً ما وهو غير أهل له وبغير استحقاق، ثم إنه لابد من الانتباه إلى أن تمكين المرأة لا يعتمد على احتلال المرأة مناصب، فالمهم هو الغالبية التي لابد من تمكينها، فمعيار تمكين المرأة هو الحضور المدني والشعبي للمرأة في المجتمع.

* ما أكثر العادات والتقاليد التي تمشي مع العرف وهي ضد الدين فيما يتعلق بوضعية المرأة؟
ـ قضية قتل الشرف الذي تُقتل فيه المرأة بغير ذنب فيما يتعلق بشرف أسرتها، ممارسة العنف بصفة عامة ضد المرأة وكل هذه الأمور ليست في الدين في الأساس.

* ما تعليقك على حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية بإلغاء قرار وزير الداخلية لسنة 96 الذي كان يشترط لمنح جواز سفر للزوجة موافقة زوجها على سفرها للخارج؟ ولماذا؟
_ يمكن القول إن العلاقة الزوجية لا تستقيم بالإكراه على فعل شيء أو المنع من فعل شيء، وقد جاء القانون نتيجة مشكلات حقيقية بعد منع الزوجة للسفر للخارج في حالات كثيرة نتيجة تعسف أزواجهن، ويجب النظر للأمر من جميع الجوانب فهناك جانب اجتماعي، فهناك نساء لهن ظروف خاصة تستدعي السفر للخارج وأحياناً يقف الزوج حائلاً أمام سفرها، ويجب الانتباه أن الفقه حين حدد سفر الزوجة مع محرم فقد فعل هذا ليس لغرض المنع وإنما حماية لها أثناء السفر، وهذا لا يعني أن يحجب الرجل عن المرأة هذا الحق ولكنه تكليف له أن يتحمل المشقة والمال لتحقيق المنافع المنتظرة من السفر، وشرط سفر المرأة هو الأمن والصحبة الآمنة للمرأة.

* ما مفهومك لتحرير المرأة؟
ـ هذا سؤال يحتاج إلى ست ساعات متواصلة من الحديث، لكن دعيني أقول باختصار إن الحرية تصور مرتبط بالإطار المرجعي فهي في فكرة التنوير بدأت تحررًا للفكر من الكنيسة وليس من الدين، ثم تطورت إلى تحرر من الدين، يكفي أن نقارن هنا بين فكر جون لوك المؤمن وفكر روسو العلماني المتطرف، وفي هذا السياق كان تحرير المرأة في بداياته حصولها على حقوقها الاجتماعية والاقتصادية في ظل التحول الرأسمالي الصناعي حيث كانت النساء والأطفال يعانون من ظروف غير إنسانية في داخل الآلة الاقتصادية (وهو أنشأ النقد الماركسي للرأسمالية).

وكانت قيمة المساواة هي الحاكمة، ثم ما لبث الفكر النسوي أن تطور عبر أجيال مختلفة وتفرقت سبله لنجد فيها المتطرف الذي يرى الرجال مصدر الشر والعنف والنساء مصدر السلام والرحمة في رؤية أقرب إلى العنصرية النسوية المعادية للرجال، أما الأسرة فمبكرًا تفككت بعد أن سحبت الدولة وظائفها ثم اختلت العلاقات بداخلها لصالح فك الارتباط ما بين الحب والزواج والجنس والإنجاب، ولذلك أبعاد طبية وأبعاد نفسية وأبعاد اقتصادية ليست بعيدة عن صعود ثم هبوط نموذج دولة الرفاهة، من المهم أن نفهم سياقات فكرة تحرير المرأة وعلاقته بالاقتصادي والسياسي.

ويمكنني بإيجاز أن أقول إن الحرية عندي مقترنة بالعدل، يتم تسكينها في أبنية اجتماعية تتوازن فيها الحقوق والواجبات، وتبني هذه الوحدات مجتمعًا يحترم العدل في المال والشورى في الأمر، وبذلك تنبني علاقة مركبة بين الشخصي والأسري والاجتماعي والمدني والسياسي في شكل دوائر متتالية وأيضًا متقاطعة، وتوجد منظومة من القيم الأخلاقية على مستويات شتى تضم هذه الدوائر حتى لا تتشظى.

هذا أقرب إلى متن شديد التركيز على نهج علماء السلف يحتاج إلى هامش طويل لشرحه، يدخل فيه تفصيل فيه معنى القوامة والاستخلاف والولاية وإنسانية المرأة في علاقتها بأنوثة المرأة وتداخل الأدوار وتفاعل المساحات وتنوع مضمون القيم ودلالتها حين تنتقل من المستوى الفردي إلى المستوى الجمعي وهكذا.

*للتواصل:
maganin@maganin.com

*اقرأ أيضاً :
كيف تكون انطباعا ممتازا ومبهراً ؟ كيف تغزو الآخرين وتؤثر فيهم؟  / يوميات ولاء في عيد ميلادي ...أنا متفائلة / يوميات ولاء : نيولوك أم قولبة؟ / يوميات ولاء: اسمه أحمد! /
اعترافات أنثى: وأنا ...مسترجلة! / اعترافات أنثى: متهمة بــ..الرومانسية! / عندما تقول المرأة:"والنبي أنا عتريس..!" / يوميات ولاء: لو كنت كفيفة / ليسوا وحدهم أصحاب الديك البلاستيك! / لسه جوانا شيء يعشق الحياة!  / رجل وإمرأة (1) / رجل وامرأة...(2) /  رجل وامرأة 3(هو بقى باباوهي بقت ماما)  / رجل وامرأة 3(هو بقى باباوهي بقت ماما) / رجل وامرأة 4  
 
 



الكاتب: ولاء الشملول
نشرت على الموقع بتاريخ: 10/06/2006