الفراشة م4 مشاركة مستشار
حصريا..!
أستاذة أميرة بدران في كل مرة كنت أكتب الأعرف على أي أرض أقف، لكن هذه المرة جئت بسؤال يؤرقني، اكتشفت أنني أتمنى أن أحمل أنا آخر فأنا لا تنطبق علي مقولة محمود درويش (لو كنت غيري لصرت أنا مرة ثانية)... جزء كبير مني تكون من بيئتي التي نشأتُ فيها منذ نعومة أظفاري وهذا إلى سن معين لا ذنب لي فيه.
أحيانا أحاول أن أعدد مميزاتي وأحاول إقناع نفسي بنفسي!!، جئت اليوم بسؤال مهم في كل مرة أتهرب منه في كل مرة أحاول إيهام نفسي أنه خوف وقلق، أحاول إيهام نفسي أنه من فرط الزحام وأنني لم أعد أفرق بين المهم وغير المهم... لكن السؤال كَبُر وما عاد رأسي يتسع..! اكتشفتُ أن جزءاً كبيرا مني لازالَ متأثرا بل ويعيش في الماضي بل ويتصرف متأثرا به، وأن غضبي جزءا منه حول كوني لا أستطيع التخلص من الماضي وأنني أحمل غضبا تجاه أشياء قديمة ولكني لم أبح بها الأحد.
تساءلت: هل سكوتي وعدم تنفيسي هو العقبة التي تقف في طريقي للتغيير؟؟ وهل كتماني هو الذي يقفُ عائقا بيني وبين نفسي؟؟! هل كتماني صار نقمة...؟ هل المسألة مسألة تفريغ؟ أعترف أنني لدي حساسية تجاه أن أسرد الماضي وأرفض أن أكشف بعض الأحاسيس العميقة حتى إلى اقرب الناس إلي.
حساسية تجاه التعري بما يدور في خلجات نفسي، لست أحمل الضغائن لكنني أحمل العتب لا أكن الكره لكنني لا أستطيع أن لا ألوم، هل أقوم بإضافة حلقة جديدة في سيناريو هذه الحياة هل أقوم فيها بحبكة تجعل المشاهد ينتظر ما بعد ذلك..! هل أقوم بالإعلان قبل عرض الحلقة...؟! وحصريا سيكون مسلسلا يعرض أول مرة على محطتي البائسة..!! أم أننا ما دمنا نستثقل أسرارنا إلى هذا الحد فكيف سيحتمل غيرنا!!
ما أريد الوصول إليه أنني ما دمت أحمل هذه المشاعر والتحامل على البعض حتى لو كانت على أشياء مضت هل لن أشفى من هذا الغضب وهذه المشاعر إلا عند المواجهة؟ أم أن نصائح المتفائلين بأن النسيان والمضي قِدما مفيدة؟ أم المتبلدون أمثالي بأن (التطنيش) أسهل..؟ هل إقامة ربيعا عربيا في سيناريو هذه الحياة سيبدد هذا الغضب وهذه الكآبة وهل ستعود رغبتي للحياة..؟ هل كل من ذهب إلى عيادة نفسية لا يتمكن من الشفاء الكامل إلا بالإفصاح؟ أم أن هناك حل آخر؟ لستُ ممن يهوى الوقفة الطويلة على الأطلال..! لكن أطلالي هي من تقفُ بداخلي..!!
بتُ أحسد الناس على قدرتهم على الضحك والبكاء...!
"تناسي" قلت ذلك مرارا أن أتناسى كل شيء وأن أرتاح من هذا النكد وأن أمضي، ولكن سرعان ما أكتشف أنني لازلت أتصرف وأفكر وأشردُ بالماضي.
دراسيا أنتكس فترات ويصيبني الإهمال والشرود الطويل وبالرغم من ذلك تحصيلي يعتبر جيدا نوعا ما بالنسبة لإهمالي فأحيانا ألتقطُ معلومة من بين الشرود أثناء المحاضرة فتنقذني أثناء الاختبار، حين أعتزل، حين أنام لساعاتٍ طوال، حين أتغيب عن الجامعة، حين أهمل دراستي، أو حين أشرد، كل هذا يشعرني أنها حالة تمرد، فلم أعد أحتمل سماع الأخبار وما يحصل في العالم لطالما كانت الأخبار تتعبني وتقلقني وتجعلني أتساءل ماذا أنا، لم أعد أحتمل سماع فلان توفي، فلان مرض، وأجدني أكثر من السابق لا أحتمل أي ضغط إن كان دراسيا أو غيره، ترى هل مازالت سلسلة استشاراتي في نطاق الوسواس القهري؟ أم أنها ستصبح في نطاق الاكتئاب؟ أم ستصبح في مشاكل الأمة؟؟
أحيانا تنتابني حالة غريبة فحين يسألني أحد عن ماذا أحب وأكره فأجيب بسلاسة لكنني بعد الإجابة اشعر أنني لا أعرف وأتساءل هل هذه أنا فعلا؟؟ أشعر بالاغتراب عن نفسي، لا أُشبهني، وتنتابني حالة أخرى وهي الشعور بالعبثية وأن كل شيء هراء، وأحيانا كثيرة لا أحب أن أتحدث بشكل عام وعن نفسي بشكل خاص، تصوري أنني أحاول كتابة بعض التفاصيل التي قد تكون أسهمت بوصولي إلى هذا الحال ولكنني لم أستطع، لا أنكر خوفي من أن يدخل الموقع شخصا يعرفني ويعرف أسلوبي ولكن ليس خوفا بنسبة كبيرة وأستطيع التغلب عليه فأعلم أنه يمكنكم حذف بعض الفقرات وحتى إن لم تحذف خوفا عابرا ولا يعطلني، ولكنني لا أستطيع تخيل أن أكون كتاب مفتوح أمام أحد حتى لو لم يكن يعرفني أستسخف تضخم هذا الشعور أحيانا.
أصبحت أكثر قلقا بسبب أو بدون سبب والشعور الدائم بعدم الارتياح وبالرغم من النوم الطويل إلا أنني لا أصل إلى النوم ولا أغفو بأريحية إلا بعد وقت من التفكير والقلق، أنا لا أخلدُ إلى النوم بل أستسلم إلى النوم، أريد أن أعرف سبب ضياعي؟؟!!! أريد أن أعرف سبب عدم تأقلمي مع الواقع؟!! هل لو بحت هل لو تعرى داخلي سأشفى؟؟ وسيتلاشى الغضب؟؟ وشيء كبير مني إن لم يكن نصفي يرفض الانخراط في العالم يرفض العيش كإنسان طبيعي، يستمتع بقوقعتهِ ويخافها ويمقتها أحياناً!!! ذات مرة قرأت استشارة قديمة على الموقع لفتاة كانت تشكو الوحدة وتخافها وكانت إجابتكِ أن الوحدة فكرة وخيار في ذلك الوقت لم أفكر بالاستشارة كثيرا فلم أكن أفكر في حالة الوحدة والغربة كثيرا لكن الآن مع ازدياد اغترابي عن نفسي وعن الواقع ترتب عليه أنني أفكر في ذلك، كان النوم شيئا لطيفا جدا أما الآن فأصبحت أفكر ماذا بعد النوم؟؟
كانت أحلام اليقظة شيئاً مريحا جدا أما الآن فأصبحت أفكر ماذا لو ضاع الوقت وأنا أحلم وأحلم هل سأستيقظ وأجد نفسي في صحراء قاحلة؟؟! أهي فوبيا المستقبل!؟؟ أتساءل ماذا لو انتهت الحياة عند هذه النقطة؟! وكأن شيئا لم يكن... ماذا لو كنت أحتضر كيف سأرى الحياة؟ هل ستعود رغبتي للحياة لأنها فقط غريزة البقاء؟؟ أم ستعود لأنني سأشعر بقيمة الحياة التي لا أشعر بها؟؟ رغم ما حدثتكِ عنه من حساسية تجاه التعري أو البوح... إلا أنني أشعرُ في بعض الأحيان بالحاجة إلى التعبير عن شيء لا أعلمه، أشعر أنني سأتوقف يوما ما عن كل شيء وستنتهي طاقتي وتنتهي صلاحيتي، أحيانا أشعر أنني أحلم وأن كل هذا العالم حلم... وحتى لو لم أكن متشبثة بالحياة فإنني لا أستسخف الموت ولا أراه حلما ورديا أعلم أنه عالمٌ خاص ولهُ قوانينه بل وأخافه، لكنها رغبة الموت العقيمة... وأخاف أن ينتهي بي المطاف وأنا أدور في نفس الحلقة المفرغة.
ماذا أفعل وأنا لا أشعر بقيمة أي شيء!! أحيانا أتمنى طريقا لا يعود بي إلى نفسي، تراني هل أتراجع عن كل شيء بهذه السهولة وأقفُ على أنقاض إنسانيتي بلا شعور، وهل اعتادت عيناي على الظلام فأصبحت لا تجيد الرؤيا. لماذا أجد أن لدي قدرة مهولة على مجاراة الحياة والظهور بأنني شخص طبيعي مرتاح من جميع النواحي!! بل أصبح ذلك لا شعوريا الأنفي كل شيء، الأنفي نظرات التساؤل والاستغراب وبعد ذلك أعودُ إلى عُقرِ داري منهكة من مجاملات ويصعبُ تمييز أنها مجاملة من قِبلهم.
في كل مرة اكتب وأجد أن الرسالة تطول وأقولُ في نفسي لا أريدُ تحويلها إلى خاطرة أو فضفضة من غيرِ أن أشعر بل إنني حقا سئمتُ المتاهة وأريد الخروج منها أريد أن أعرف ما سر هذا التنافر بيني وبين الواقع وبيني وبين المجتمع؟؟ بعضُ الأحيان أتمنى حقا بأن أبقى بمعزلٍ تام وبعض الأحيان أشعرُ أنني أسأمُ الجدران وأنني أريد أن أختلط بالبشر ولكن من بعيد وبحواجز عديدة...
أصبحتُ لا أميز أحيانا إذا كنت أشعر بالكآبة أو بالارتياح أو بالقلق، اختلطت أوراقي! ماذا أحب؟ ماذا أكره وبماذا أهتم؟ بماذا أحلم؟؟ هل فعلا أمسكت بداية الخيط مثلما قلتِ؟ أم بعد لم أمسك؟ هل أكتبُ لكِ اليوم لأنتشل نفسي من طريق معتم؟ أم لأني لا أعرف أساسا ما لون الطريق؟ تراني هل أستظل بشجرة ميتة تساقطت أوراقها وبعض أغصانها وباتت شحيحة الظل؟!! أم أنني أخطأت حين جلستُ على الأريكة واستدرت جانبا لأراني أنا أخرى تجلس بجانبي في أحلام يقظتي..!؟ واستدرت للخلف لأرى عالما خياليا ليس في واقعنا المرة!! هل سأصحو من أبَديتي السوداء؟ وهل رضيتُ بالمسرحية؟ هل رضيتُ بخرافات المشاهد؟؟ وهل رضيت بما قالته لجنة التحكيم؟ لماذا دائما أشعر بعدم الرضا عن أي شيء؟
أشبعني شرودي أحلاما وردية، وأدرك أنها وردية...! كلما حاولت توديعي وجدتني لم أرحل، وجدتني عالقة على جسر متهالك يأبى السقوط.
بعد أن انتهيت من كتابة الاستشارة عدت لقراءتها عدة مرات وتساءلت لماذا استطعت التعبير عن مشاعري ووصف ما أمر به؟؟ ولماذا لم أستطع إلى يومنا هذا إيجاد الحل؟؟
هل الغضب الذي أشرتِ إليه ناتج عن ما أحمله بداخلي؟
أشكر الدكتور سداد على رده لكن يبدو أنه لم ينتبه للاستشارات جيدا وربما أنا لم أكتب بعض التفاصيل بوضوح، لكنني أوضحت بعض الأشياء ففي استشارة الفراشة م1 أوضحت أن استشارتي كانت عبر أحد المواقع وأنني اضطررت إلى قطع الدواء بعد 4 أشهر من استخدامه لأن الصيدلاني طلب وصفة طبية، وأوضحت في استشارة الفراشة م2 أن لا شيء يمنعني من الذهاب إلى الطبيب النفسي سوى عدم قبولي لكشف أسراري الشخصية ولكنني لم ألغي فكرة الذهاب إلى الطبيب النفسي إذا شعرت أنني وصلت إلى طريق مسدود.
وفي أول استشارة معك حق فلم أوضح متى بدأت أخذ الدواء، بدأت أعراض الاكتئاب في عمر17 كانخفاض الشهية وفقدان الوزن والعزلة والنوم لساعات طويلة واللامبالاة، ولكن بدأت في تناول الزيروكسات في عمر 19، أما ما يخص الوسواس القهري أشرتَ إلى (وعدم وجود تفاصيل تعكس بعض الاضطراب في التفكير كما هو الحال في المرضى المصابين بالحصار المعرفي (الوسواس القهري)، هذه الملاحظة يمكن تفسيرها كما يلي عدم إصابتك بالحصار المعرفي، نجاح العلاج).
هل كل مرضى الوسواس يصابون باضطراب في التفكير؟؟ حتى لو كان مريض الوسواس يدرك بأن ما يفعله غير منطقي؟، وساوسي كانت إعادة الصلاة والوضوء والتأكد من الأشياء كإغلاق الباب أو الفرن عدة مرات أو التأكد بأن الإناء قد غسلته جيدا من الصابون لئلا يتضرر أحد عدة مرات والمواد السمية ففي المرحلة المتوسطة حين درسنا الزئبق كنت أتخيل أن كل شيء عليه زئبق فمثلا إذا اشتريت زجاجة مشروب غازي أتخيل أن عليها زئبق فكنت أتركها وآخذ التي ورائها وربما يصل بي الحال أحيانا إلى أن أترك الثلاث أو الأربع زجاجات الأولية وآخذ التي في الخلف وغيرها من الوساوس، ومع هذا كنت أدرك بأن ما أفعله خاطئ وغير معقول إلى أن فقدت قدرتي على تحمل الأفعال القهرية وبعد جهد تخلصت منها بنسبة كبيرة ولكن بقي بعضها مع وساوس الأفكار.
أشكر جميع القائمين على هذا الموقع الرائع وأخص بالشكر الأستاذة أميرة بدران،
وسلام من الله عليكم.
14/05/2015
رد المستشار
أهلا وسهلا بك من جديد، تلك المرة أرى أنك تحومين حول مساحة "اللا قرار". وحقيقة وعين الأمر ليس كما تحدثت عن البوح والتعري النفسي أمام آخر بقدر ما هو تملص من القرار، فكما قررت - بدون وعي - التخبط واللا نهائية التي أرهقتك فوجودك وحضورك لذاتك الحقيقية التي تتمكن من التعامل الصحي مع الغضب، وتتمكن من الاستقرار، وتتمكن من قبول الموت الطبيعي، وتتمكن من قبول الخوف، وقبول الغموض، وقبول الشك، وقبول الضعف، وقبول الفشل، دون الموافقة عليهم.
هو ما سيريحك بصدق، فالبوح ليس المقصود منه "الحكي" ولا "الفضح"، ولكن البوح له وظائفه النفسية؛ فهو يجعلنا نسمع بأذننا ما يدور بداخلنا فيكون له وقع علاجي في أنفسنا، ويسمح بمناقشة ما يلبث علينا فهمه، ويسمح بالتخلص من طاقة سلبية جاثمة وقابعة منذ سنوات بداخلنا، وغيره الكثير، والعلاج ليس كما تتصورين في التعبير عن الغضب وترك الشرر يكسر ما حولنا، ولكن علاجه بمواجهة ناضجة مع من أغضبك!
وكلما تمكنت من قبول غضبك والتعبير عنه بنضوج كلما تخلصت حقا من حجمه بداخلك، فقد يكون غضبك من موقف أثر فيك مع والدتك منذ كنت في الخامسة من عمرك مثلا، فمواجهته الناضجة الآن هو أن تذكريها بالموقف وتتحدثي معها عما كنت تحتاجين إليه وقتها فيحدث تواصل نفسي بينك وبينها بشكل ومذاق مختلف تكوني أنت من تديرينه وتتحكمين في نضوجه وتعليمه لها، وغيره من التدريبات التي تمكنك من التخلص الحقيقي من غضب مكتوم يأكل من طاقتك الذهنية والنفسية الكثير بلا طائل، صديقتي أنت تحتاجين شجاعة اتخاذ قرار واعي لاختيار واعي بأن تكوني أنت كما أنت، وحينها ستلتقين بذاتك وتتعرفين عليها وتقدرينها وتحبينها وتتعهدين مناطق ضعفها بود.....
ويتبع>>>>> : الفراشة حصريا.... ومساحة اللاقرار م6