إغلاق
 

Bookmark and Share
اسم العمل الأدبي: أستطيع العد وحدي 
اسم صاحب العمل: شروق مجدي 
نوع العمل: قصة قصيرة 
الوزن الشعري: ---------- 
تاريخ النشر:  14/06/2006
 
الموضوع



"شكرًا"..
قالتها وأغلقت الهاتف بسعادة
.. جلبت الألبوم الموضوع على الرف العلوي.. نفضت عنه الغبار وبدأت بالتصفح.. لم تجد سوى قليل من صور طفولتها فانتابها الفضول..
أهذا كل شيء
؟ سألت فأشارت أختها أن هناك المزيد في المكتبة.. ذهبت.. أخرجت حقيبة صغيرة مليئة بالصور.. لم تجد الكثير من صورها مقارنة بصور أختها الكبرى لكنها كانت سعيدة.. جمعت صورها كلها وأخذتها، فرشت الصور القليلة على الفراش وأخذت تنظر إليها.. في ألبوم صغير بدأت في ترتيب طفولتها، شهران.. ستة.. عام.. ستة.. ستة أعوام؟!


خرجت كالمجنونة من الغرفة
.. أخذت تقلب الصور الباقية في الحقيبة.. صورة واحدة هي كل ما أريد.. لم تجد شيئًا.. تقهقرت سعادتها خائفة وبدأ الحزن يغزو ملامحها.. أعادت كل شيء إلى مكانه وهي تتجنب نظرات أختها المتعجبة، على الفراش جلست مذهولة.. أين ذهبت أعوامها الخمس؟! لطالما ظنت أنها بدأت تفقد سنواتها بعد رحيله فقط.. ظنت أن رحيله هو الذي أفقدها القدرة على العد.. لكنه هو أيضًا لم يهتم بعد أيامها.. لعله خاف أن تعجل أعوامها القليلة بقدره المحتوم.
جلست
.. محاولة أن تتذكر ما أهملته الصور.. ومضات سريعة قصيرة وباهتة.. ها هو يعلمها الأرقام.. يضربها بشدة عندما تخطيء.. وهناك يحملها ولعبتها.. يضفر شعرها القصير.. و.. حاولت وحاولت فلم تجد إلا بعض الصور غير واضحة المعالم وأصواتا متداخلة، صارخة تخبرها أختها أن هناك من يريدها على الهاتف.. تخرج من شرودها القصير. وفي بطء وحزن تجيب:
نعم
.. وأنتِ بخير.. أشكرك.. آ آ.. لا لا بالطبع أعرف كم عامًا بلغت ولكني فقط لم أعتد هذا السؤال (صمتت قليل وفي توتر أجابت) إنها الخامسة والعشرون..

نعم يمر سريعًا جدًا
.. أعلم، بالأمس كنت في السادسة من عمري (شردت ثانية فلم تسمع باقي الحوار.. لكنها أفاقت عندما تمنت لها محدثتها أن تعيش مئة عام)..
شكرًا
.. شكرًا على اتصالك..
أغلقت الهاتف بشبه ابتسامة وفي شرود أحضرت الكاميرا
..
أمام الكاميرا وقبل ثوان من التقاط الصور جلست بابتسامة واسعة يشوبها بعض التحدي وقد قررت أن تبدأ العد من جديد
..
مرت الثواني طويلة وصاحبها سيل من الذكريات التي بدأت في التسلل إلى عقلها
.. تذكرته وهو يركض خلفها.. تذكرت أول يوم لها بالمدرسة وكيف كان بانتظارها وذهبا سويًا لشراء الكراسات والجلاد.. تذكرت.. وتذكرته أيضًا وهو مريض كيف كان عصبيًا قاسيًا على غير عادتها به.. كأنه أراد أن يهينها غيابه.. أو لعله فقط كان خائفًا.. الآن فقط أدركت هذا.. أسقطت أسوار اللوم التي بنتها حول ذكرياتهما سويا.. أطلقت سراحها وتمتعت بتتابعها بادئة العد بطريقة لا تستطيع الكاميرا تسجيلها.


 واقرأ أيضًا على إبداعات أدبية:
 
يوميات شاب (1)، يوميات شاب(2)، باسم أطفال فلسطين: جنين، كائنات خالية من الضوء، عفوا يا سيدتي!، الريح والورد، أطفال الحجارة، فين العَلَمْ..؟؟، أنشودة سجين، من أشعار الوطن اللاوطن، "خُبط" أصبحنا، رسالة من إفريقي إلى إيما لازارْ، من قصيدة لبغداد، قـلَّـةُ فَـهْـمٍ قـليـلَـةُ الأدَبِ!، تقوى!، من ملفات المهجر، ذكريات ومشاهد من الحرب، بيقـولـوا ..: عملوا لنا كـويز!!، أصواتُ العربِ!، لماذا...لماذا ؟!!، شكرا لكم: سليمان خاطر، توهان !!!، يابتاع الفول والطعمية، إلى مكتئب، إلى مريض الفصام، إلى مريض الوسواس، منتهى العقل، فين المصري؟؟؟  ، توهان !!!، همسة إلى مدخن، إلى مريض الهوس
 

 


الكاتب: شروق مجدي
نشرت على الموقع بتاريخ: 14/06/2006