إغلاق
 

Bookmark and Share

يوميات رحاب: عيد الأم ::

الكاتب: د.رحاب سيد عبد الله
نشرت على الموقع بتاريخ: 21/03/2005

 

سنويا وفي مثل هذا اليوم أتذكر أحداثا ومواقف كثيرة وعديدة وكل عام يضاف المزيد منها والمزيد...
كنت في سنة أولى ابتدائي.. (سبع سنوات) وكانت مدرستي لها طقس في الاحتفال بعيد الأم.. من تكريم الناظرة والمدرّسات في حفل موسيقي جميل وإلقاء كلمة رقيقة في حقهن وهكذا.. فخرجت علينا طفلة تكبرني في المرحلة الدراسية بأنشودة في غاية الروعة وملحنة بلحن شجي، فوجدت الطفلة التي بجواري في طابور الصباح تبكي بشدة.. فأتتها إحدى المدرسات واحتضنتها وقبلتها وأخذتها بعيدا لا أعرف إلى أين.. فلما عدنا للصفوف الدراسية.. تنامت الأسئلة عن سبب البكاء.. فنحن في هذا السن الصغير لم نعرف سر هذه العبرات المسكوبة!!؟؟

فقيل لنا أن والدتها قد توفيت إلى رحمة الله هذه السنة.. والأغنية قد أثارت فيها آلام الفراق والحرمان.. فتأثرت كثيرا.. وحينما عدت لمنزلي.. قبلت أمي بشدة واحتضنتها بشكل لم تعهده مني.. واعتقدت أكرمها الله وشفاها.. أن هذا الفعل بمناسبة عيد الأم... ولكني قد عقدت العزم بيني وبين نفسي أن لا أغضبها ولا أسبب لها أي إزعاج.. فغيري يبكي أمه وأنا كنت أُبكيها- بضم الهمزة-. ومن ساعتها وبفضل الله.. وأنا ماشية على الصراط المستقيم مع الوالدين.. -أكرمهما الله - بفضل من الله سبحانه وتعالى..

وفي مثل تلك الأيام.. كنا نعقد أنا وصديقاتي مقارنة بين أم كل منا.. وتصر كل واحدة فينا أن أمه من تستحق الأم المثالية.. لأنها فعلت وفعلت.. وآتي لحبيبتي الغالية أمي وأقص عليها جلستنا فتقول: كل واحد فينا شايف أمه ما حصلتش.. وتستحق الأم المثالية.. وهذه حقيقة.. فكل أم فينا هي كذلك على مستوى أسرتها... فلا داعي للاختلاف بينكن فلتقولي لهن أن تعتبر كل واحدة منهن والدتها.. أما مثالية.. وتتصرف على هذا الأساس.. ولنرى الفعل الذي يصدق الاعتبار!!! ماشي..؟؟

أذكر أيضا أن أمي كانت تأخذني للمتجر لشراء هدايا لمدرساتي في الفصل.. ووجهة نظرها هي والوالد أن هذا يربي في الشعور بالعرفان والامتنان على المبذول من مجهود.. وقدر الله لي أن أبتعد عن أسرتي فترة الدراسة الجامعية.. وساعتها.. كان قلبي ينفطر بمجرد سماع صوت الوالدين في الهاتف.. ولأن الوالدة تضع عطرا واحدا مميزا... فبعد السنة الأولى من الدراسة والتقائي بهما في عطلة الصيف.. وحيال عودتي للقاهرة لمرة أخرى..أخذت قارورة عطرها معي كي أضع منها وقتما أشتاق لحضنها.. والعجيب من كل هذا.. أن الأب في كل أسرة وعلى مستوى الأقطار.. لم ينكر على الأم الاحتفال بها في يوم خاص.. فلم أسمع منهم من يقول: اشمعنا..؟؟

ربما لاستقرار شعوره هو الآخر باستحقاقها لهذا التكريم..-صرح بذلك أو أخفى- الذي لا يقلل من قدر عطائه أبدا .. فليس هناك وجه ولا داع للمقارنة بين العطائين...
وكرهت ذات مرة من إحدى قريباتي عندما ألحت على طفلها بسؤال عقيم: بتحب مين أكثر بابا ولا ماما؟؟ والغلبان الطفل والزوج.. صامتين
فليس هناك من كلمات تعبر عن الحيرة -للطفل- والاستياء - من الأب - أبلغ من الصمت..
حتى أنه قد قامت حركة منذ سنوات لتسمية عيد الأم بعيد الأسرة.. أو جعل يوم خاص لعيد الأب وأظنها باءت بالفشل.. لا لشيء.. إلا لأن للأم خصوصية.. ليست من صنعها بذاتها..

ولكنه الله...الذي أرسل على لسان رسوله -عليه الصلاة والسلام- أنه.. أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك..وكانت عيني ترصد كالعادة.. أمهات المرضى خلال عملي.. فهي بين السهر عليه والبكاء من أجله والدعاء له والترقب لنتاج العقار واللهفة
وغيرها من الفعال التي ينقص قدرها مجرد الوصف بالكلمات..
أذكر أن حالة طفل في غاية السوء أتتني في الاستقبال.. وكان والدها يحملها ثابتا.. وكانت الأم منهارة تسندها من الوقوع جارة لها..
فبعد الكشف عليها.. قرأ والدها في أعيننا -الأطباء- أن الحالة سيئة
فأخذ يقول: أنا مؤمن وصابر.. وربنا يريحه بقى!!!

فصرخت الأم: لا ..حرام عليك.. ده لو كان عظم في أفة.. ربنا يخليه ليا..
وبعد خروجها من الاستقبال سألت رفيقتي: يا ترى مين فيهم الصابر
ومين فيهم غير ذلك؟؟ والإجابة واضحة طبعا..
فالأب يحكم بعقله.. والأم ولله الحمد.. ناقصة عقل..

وفي النهاية .. أرسل تحياتي ومباركاتي.. لأمي الغالية ولكل أم تقرأ مقالتي..
وأذكركم: أن الجنة تحت أقدام الأمهات.. وبين أيادي الآباء..
فليقبل كل منا ما تصل إليه الشفاه... من أمه أو أبيه..
أهديكم هذه الأنشودة..تعلمناها في المرحلة الابتدائية.. وأرددها إلى الآن..

أمي .أمي أحلى نغمي يجري عذبا بفمي ودمي
أنا أهواه وأردده.... بالحب الغالي.. أنشده
نغم حلو عذب عذب.... قد زينه هذا الحب
سهرت ليلا كي تحرسني.. كم أعطتني لتربيني
سهرت ليلا كي تحرسني.. كم أعطتني لتربيني..
فلها دين لن أقضيه... أحيا عمري لأوفيه
ورسول الله يذكرنا أن نرعاها ويبشرنا
ورسول الله يذكرنا أن نرعاها ويبشرنا
فارضي عنا يا أماه دوما حتى يرضى الله
أمي.أمي أحلى نغمي يجري عذبا بفمي ودمي
أنا أهواه وأردده.... بالحب الغالي .. أنشده

مودتي
لكل أم وأب

للتواصل:

 
maganin@maganin.com

اقرأ أيضاً على صفحتنا
تقارير وأخبار :
يوميات رحاب: في مترو الأنفاق.
يوميات رحاب: مخاض بلا ولادة
يوميات رحاب:عم علي وزوجته عزيزة.
يوميات رحاب: الصبر .. الجميل
يوميات رحاب: ليلة الزفاف
يوميات رحاب: الخوف..وأسئلة تحتاج للإجابة..
يوميات رحاب : النظارة حرام .. !!
يوميات رحاب: القناعة كنز
يوميات رحاب: ذهبت سعاد..
يوميات رحاب: في الفيوم
يوميات رحاب: النطق بالشهادة .



الكاتب: د.رحاب سيد عبد الله
نشرت على الموقع بتاريخ: 21/03/2005