إغلاق
 

Bookmark and Share

يوميات زوجة مغتاظة ومغامرات د/عباس المحتاس ::

الكاتب: زوجة مغتاظة
نشرت على الموقع بتاريخ: 31/03/2005

 

د . أحمد أنا وجدت في نفسي أشياء لم تولد من قبل وبداية شكرا جزيلا لك يا دكتور أحمد يا من دعوتني بمقالك على باب الله أن أغوص في بحر الجنون وأتعمق وأتوكل على الله، نعم فمجانين ما أعمقه فمقال على باب الله الذي نشر على صفحات مجانين يبدو أنه جعل من يوم 7 – 3 عيدا للمرأة المصرية لكي تستعيد مجدها لأنه هو ذاك التاريخ الذي نهجت فيه مدح المغاربة فو الله برغم هذا وبرغم قسوة المدح إلا أنه فجر بركان الفكر النسائي فإذا كنا نعترض على طبيعة المرأة المصرية فدعوها تبحث عن حقها وتثبت ذاتها وتؤكدها بالفكر الثقافي فالمرأة المصرية تقدس العقل والفكر والإحساس أولا والإنسانية.

فسنخرج سهامنا من غمدها فليس لها اليوم أن تغمد، كفاك الله شر سهام المرأة فنحن الزوجات المصريات سنثبت لكم أننا نتفوق على نساء العالم. وأعتقد أن هذا يسعدكم بما أن العصر القادم سيشهد زيادة في عدد السيدات وانقراض للرجال، واطمئن حواء لا تقلقي فسوف لا يمثل هذا ضررا لك أبدا . فلا يجب أن يشعر الرجال بقلق حواء .

المشكلة هنا أن الرجال يعتقدون في أن الفتاة إذا تأخر سن زواجها ستكون مصيبة المصائب وهذا غير صحيح لأن الفتاة اليوم مثقفة وعلى درجة من الوعي والعلم واهتماماتها متشعبة وربما تتفوق على الرجل (أعطني أذنك يا حواء سرا فلابد أن نظهر للرجل هذا وإن لم يكن حقيقي) فلابد أن يكون حقيقيا أمامهم صدقيني.

فهم يحتاجون إلى سيكولوجية خاصة في التعامل فلنبحث عن أسلوب مبتكر لترويض النمور (الرجال) .
وأكرر شكري لك يا دكتور أحمد لأنك كنت سببا للمرة الثالثة أن أتعمق وأغوص وأبحر في عالم العلم أكثر وأكثر وبسبب باب الله الذي كنت أنت على بابه حضرت أنا هذا المؤتمر بملكات خيالي الحالمة وشرفني عرضه على مجانين على حلقات لأن جلساته كثيرة ومطولة:-
الـمـؤتــمر
نقلا عن : د.عباس المحتاس .
وعلى لسانه أثناء لقائه بأحد الأصدقاء وأنا أقوم بدور المراقب العام للموقف :-
وقد كان الدكتور عباس هو (أنا) وصديقه (هو)
***
هـــــو -------------
الكذب خيبة، لذلك لن أخفي ما في نفسي عليك، لن أنكر أنني أسعد إنسان في العالم بانعقاد المؤتمر في بلادنا، سئمت النساء منذ زمن ولم يعد لي فيهن مأرب، ولطالما خجلت من الاعتراف لك بشذوذي المقموع ببطش قاهر دونه الموت، لطالما قاومت، وما أكثر ما كذبت نفسي في البداية، وداريت العورة وتحايلت على الحقيقة، رحت أخادع نفسي، لعلها الصداقة، لعله حبي للعالم، لعلها فرط رجولة، ولعلي لم أشذ لكن العالم هو الذي شذ، لكنني لم أجد في النهاية بدا من الاعتراف لذاتي بميل طاغ إلى الرجال، ولكي لا تسرف في سوء ظنك بي فإني أبادر إلى طمأنتك أنني في شذوذي موجب، لست بسالب.

لطالما أخفيت الأمر على الخلان بعد ذلك، وأولهم أنت، لديكم يقين من السماء طوله خمسة عشر قرنا أو يزيد، فكيف أواجهه... الآن أواجهك، ولست وحدي، فالعالم -ممثل في المؤتمر- معي، العالم، بعد أن جرف الطوفان أدران التخلف والجمود التي عشتم في ظلها طويلا تخنقوننا، فارفع نظرتك الأشد سما من لدغ الثعابين والأفاعي عني...
***
أنــــــا ------------
رفعت نظري... انكفأت على نفسي... انقلب بصري على ّوهو حسير وأنا حسير... ورحت - كحيوان - مجروح ألعق في روحي جرحا لا يكف عن النزيف، فبعد اعترافه، أنهدّ في داخلي شيء، تآكل، تخلخل، كالزلزال حين يزلزل، حين يخرج من الأرض أثقالا.

ورحت في البداية أتساءل عما حل بى وهو يعترف لي، التزمت الصمت، لأنني لم أجد ما أقوله، ولأنها عادتي، حين يستبد بى الألم، فإنني أصمت وأبتسم، كما فعلت، حتى لقد اندهش لرد فعلي، وظنني أوافقه، لكنني كنت من الزلزلة في دوار، كنت كالسكارى وما هم بسكارى، وأحسست فجأة أن جميع المواد اللاصقة والرابطة في العالم قد تلاشت، ابتداء من النسيج الضام الذي يربط خلايا جسدي، يمنعها من أن تتبعثر، وأعضائي وأشلائي أن تتبعثر، وطوابق المنزل الذي أقطنه أن تنقض، ومحافظات بلادي أن تختلف، وجغرافيا بلاد العالم أن تعمها الفوضى... والكون... كله... أن يختل... أن تدرك الشمس القمر وأن يسبق الليل النهار... وأسلمني السهاد إلى سهاد والأرق إلى أرق والقلق إلى قلق وعز نومي وثقل عليّ صحوي..

هكذا... ببساطة يعترف...
تحت وقع قارعة اعترافه ظننتني أحلم، أو تمنيت ذلك. لكنني لم أكن أحلم... فملصقات المؤتمر الذي تحدث عنه تملأ الشوارع، والصحف والإذاعة والتجمعات وكل الأجهزة تدعو الناس للإيمان برسالته.فإن لم يؤمنوا فجزاؤهم جزاء الكافرين.

هــــــو -------------
اُنظرْ إلى الملصقات التي تملأ الشوارع داعية للمؤتمر بدلا من أن تنظر إليّ هذه النظرة... فَـسَـدَ سُـمُّـك المهلك وتهديدك بالجحيم... ولعلهم أعطونا تًرْيَاقْا له، وقد وصلتني بطاقة الدعوة، لم يدركوا في البداية كنه مواهبي فأرادوا لي أن أكون عضو شرف، لكنهم في النهاية اقتنعوا أن أكون عضوا عاملا كامل الأهلية. أقلع عن هذه البسمة الصامتة الأشد سوءاْ من سمك، واحبس لسانك في فمك، في السخافة ما تقول، عضو شرف بلا شرف، احتفظ أنت بالشرف كما يحتفظ الإنسان بعيب خلقي أو ببقايا ذيل. اصمت إذن واسمعني... لم أعد أفكر كما تفكر أنت، لكن سوء حظي جعل مثلك صديقا لي وأنا أحتاج الآن إلى مشورتك. قلت لك أنني سئمت النساء منذ زمن ولم يعد لي فيهن مأرب.

الآن يحل المؤتمر مشاكلي... الآن أستطيع الزواج دون أن أقترن بامرأة.. سأقترن برجل.. فساعدني في الاختيار المناسب... لا.. لا أريد غلاما... فلست غرا... بل رجلا ناضجا، لا.. ليس زواج متعة بل زواج مصلحة... زواج عقل... زواج يرفعني يجعلني في العام القادم وزيرا... وربما أكثر، المشكلة ليست في قلتهم بل في كثرتهم... يتبدى لي الآن بعد نظر الحكام... فلطالما تساءلت معك عن سر احتفاظهم بالشواذ على قمم السلطة وعلى رأس الأجهزة... الآن أنا فهمت، فهل فهمت أنت؟. ليس مهما أن تفهم، لكن ساعدني على اختيار من أقترن به.

أنــــــا ---------------
تقترنُ بالضياع... وأقترن أنا بالذهول وبالشقاء... أحاول الهرب منك ومن نفسي ومن العالم... وحين يكاد يقتلني الأسى أسقط في نوم يسلمني إلى تلك الثواني اللعينة... الملعونة... ما بين انتهاء نومي واكتمال صحوي، قبل تجسد الواقع واختفاء الأحلام والكوابيس وانبلاج الرؤى، تلك الثواني هي عذابي وسقمي وابتلائي وبلائي.
ذهلت، حين بعد اكتمال صحوى وجدت الباب مكان الشرفة. والسرير مكان الصوان ورأسي مكان قدمي... وقلت لنفسي لعلي أحلم فقفزت من الفراش لأفاجأ أن الشرفة تطل على الشارع الآخر... فارتجفت...

بحثت عن الجار المواجه فلم أجده... أبو البنات... عم حافظ أبو الولايا... واللافتة الضخمة التي علقها على شرفته لم تعد موجودة هي الأخرى... لا هي ولا الشرفة ولا البيت ولا الشارع... فاختفى بيت الشعر المكتوب بخط عم حافظ الرديء على اللافتة:

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى... حتى يراق على جوانبه الدم
ذكرت صاحبي... قلت لنفسي ربما مع حاجيات المؤتمر شحنوا لنا عقاقير هلوسة دسوها في مياه النيل، فما أراه غير طبيعي، وحالي غير مُرْضِ...
توضأت على عجل وصليت... ولم أدر إن كنت قد صليت تجاه الكعبة أو بيت المقدس أو البيت الأبيض فلم يعد من الممكن الحكم على الاتجاهات بعد الانقلاب الذي حدث.

هرعت إلى صواني، إلى ملابسي... لم يهلني انقلاب الألوان... فالقمصان البيضاء أضحت سوداء، والأسود أضحى أبيض، أما الأحمر والأخضر فممنوعان...
على السلم أكملت ملابسي وهندامي... وجدت عم حافظ الوقور وقد استخفه الفرح صائحاْ...
- جاء الخلاص..
- كيف يا عم حافظ
- قائمة انتظار عرسان البنات ممتدة لعام كامل... سعوديون وكويتيون وعدنيون أما الشهود فأمريكيون وإسرائيليون وإنجليز...
فغرت فاهي ذاهلا:
-
كيف تمتد قائمة الانتظار لمدة عام كامل يا عم حافظ?
- كل أسبوع عريس...
صرخت:
- لا ينفع يا عم حافظ...
رد في هدوء..
-
اعتمد البرلمان قانونا جديدا للأحوال الشخصية..
صرخت :
- القانون لا ينفع..
أجاب :
- إنهم بصدد استصدار فتوى من الشيخ الكبير.
هتفت :
- وأشهر العدة
انصرف عني ضاحكا مستهزئا وهو يقول :
يا متخلف يا ظلامي يا رجعي يا متأسلم..!!..
وفى انصرافه رأيتها على ظهره.. اللافتة التي كان يعلقها على بيته.. ليست هي تماما.. وإنما نسخة أصغر منها.. وعليها نفس بيت الشعر:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى... حتى يراق على جوانبه...
كانت كلمة الدم وحدها قد اختفت بعد أن غطاها وحلّ محلها عملة ورقية خضراء من فئة الدولار.

اقرأ أيضاً:
يوميات زوجة مغتاظة
على باب الله: 7 / 3 / 2005
على باب الله: يا بنت بلدي: - السبت 12/3/2005



الكاتب: زوجة مغتاظة
نشرت على الموقع بتاريخ: 31/03/2005