إغلاق
 

Bookmark and Share

(صور-7) بحثا عن عمل..ومن خرج من داره ! ::

الكاتب: د.مجدي سعيد
نشرت على الموقع بتاريخ: 15/06/2005

 

كانت الفترة التي تلت تركي للعمل بلجنة الإغاثة الإنسانية هي أول فترتين من أصعب الفترات التي مرت بي في حياتي، إذ لم يكن أمامي عمل ألجأ إليه فإما أن أرجع بإرادتي إلى القمقم الطبي وعلي في تلك الحالة أن أعوض ما فاتني من سنين العمر دون تخصص معين أمارسه وأتقنه في الطب، وإما أن أصبر على عدم العمل وما يعنيه ذلك من معاناة مادية والأقسى منها المعاناة النفسية مع استمراري في البحث عن عمل في مجالات أخرى قريبة لما أدرس وما أحب،

وقد اخترت الثانية وكان قرار صعب لم أقدر صعوبته في حينه ولكنني لست بلا شك نادما عليه. وفي تلك الفترة (في بدايات عام 1996) عرض على زميلة لي في دراسة الأنثروبولجيا بالمعهد وهي الصحفية بجريدة الشعب هدى مكاوي أن تعمل باحثة في مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية والذي يمتلكه ويديره الدكتور سعد الدين إبراهيم، وقد كان المركز في ذلك الوقت ذو سمعة ليست على ما يرام في الأوساط الوطنية والإسلامية وذلك بسبب رعايته لعقد مؤتمر يناقش قضايا الأقليات في العالم العربي، وتبنيه للآراء التي تقول بأن تلك الأقليات ومنها الأقباط تتعرض لانتقاص في الحقوق، ولما تناقشت مع الأستاذة هدى رأت هي ألا تذهب للعمل هناك وعرضت علي لعلمها أنني كنت أبحث عن عمل أن أذهب بدلا منها، ولكنني ترددت كثيرا للأسباب السابقة، وبعد أن استشرت أكثر من شخص عزمت على أن أذهب للعمل في المركز للتعلم وتكوين خبرة تسمح لي بالانتقال إلى عمل آخر، وبالفعل توجهت ذات يوم من أيام رمضان في ذلك العام إلى المركز طالبا مقابلة الدكتور سعد، معرفا له بنفسي وأنني قد تخرجت طبيبا وأدرس الأنثروبوجيا وتركت العمل بالطب وأود أن أعمل معه باحثا بالمركز وبالفعل وافق الرجل وطلب مني التعرف على مسئولي المحاور ودراسة ما يقومون به من أعمال ومشاريع أبحاث والاختيار فيما بينها،

وبالفعل فقد اخترت العمل في بحث حول تقييم السياسات السكانية في مصر وكانت منسقة البحث هي الأستاذة نجاح حسن، ومن ثم فقد شاركت في البحث بتطبيق عدد من الاستمارات البحثية على أطباء تنظيم الأسرة في عدد من المراكز الطبية الحكومية في عدد من المحافظات، وبعد ذلك اشتركت في مشروع بحثي آخر حول "ثقافة الفقر والفقراء في مصر" كجزء من العمل في تقرير التنمية المصري الذي كان يقوم بإعداده معهد التخطيط القومي،

لكن المشكلة كانت في أن العمل في تلك الأبحاث كان بالقطعة، فلا هو يجزئ ماليا ولا هو يشغل الوقت يوميا، لكنني وبعد الانتهاء من المشاركة في البحث الخاص بالفقر عرض علي الدكتور سعد المشاركة في مشروع يسمى صندوق ابن خلدون للنقد الشعبي وهو تطبيق لتجربة بنك يسمى جرامين وهو في بنجلاديش يقدم قروضا متناهية في الصغر لأفقر فقراء المجتمع ليقيموا بها مشاريع مدرة للدخل واشتهر في مصر باسم بنك الفقراء بعد عقد الأهرام لندوة مطولة استضافت فيها البروفيسور محمد يونس مؤسس البنك، وعرفت أن الدكتور محسن يوسف وقد كان يعمل في البنك الدولي قبل ذلك- سوف يشرف على تنفيذ ذلك المشروع في مصر، وأن العمل في هذا المشروع يقتضي إرسال أربعة أشخاص للتدرب لمدة شهر في البنك، وقد سافر ثلاثة -بعد اعتذار رابعنا- كنت من بينهم وكان سفرنا في منتصف مارس 1997،وعودتنا في منتصف أبريل 1997 -ولذكريات ذلك السفر حديث آخر-

وبعد عودتنا اختار الدكتور سعد والدكتور محسن أن يبدؤوا تطبيق التجربة في منطقة حضرية هي بولاق الدكرور ومنطقة ريفية هي قرية "بدين" التابعة لمركز المنصورة، وقد عملت بشكل أساسي في منطقة بولاق الدكرور كمشرف ميداني للمشروع، لكنني وبعد أن عملت حتى نهاية نوفمبر من نفس العام قررت ترك العمل في المشروع لأسباب ترتبط بسوء إدارة الدكتور محسن للمشروع،

ومن ثم كان علي مواجهة نفس الموقف مرة أخرى البحث عن عمل، لكنني وبعد شهر تقريبا التقيت بصديقي الدكتور أحمد عبد الله الذي أشار إلى أن هناك مجلة طبية ناشئة اسمها "روشتة" وأنه سيشرف على تحريرها، وأنه يحتاجني للعمل معه بها وبالفعل عملت في المجلة مع الصديق الصحفي حسام الدين السيد لكننا وبعد عمل لمدة شهرين لم نتلقى مليما واحدا أجرا على ما أعددناه من موضوعات، وذلك للخلاف بين الدكتور أحمد وبين صاحب المجلة على أسلوب العمل، وفي خلال تلك الفترة كنت قد علمت من صديقي الدكتور أحمد أيضا بوجود فرصة للعمل في هيئة كير للتنمية وبعد أن أجريت المقابلة في المشروع بشهر أو اثنين وبعد اعتذار مبدئي من قبل الهيئة تلقيت دعوة للعمل مشرفا على مشروع أنشطة المجتمع لتحسين البيئة وهو أحد مشاريع الهيئة في أسوان وبالفعل قضيت في المشروع حتى نهاية شهر نوفمبر من ذلك العام متنقلا بين مراكز محافظة أسوان ثم اضطررت لترك العمل لمشكلات تتعلق بالعلاقة بين موظفين مسلمين وآخرين من المسيحيين وأريد لي أن أتخذ موقفا باعتبار منصبي وديانتي فيه ظلم للطرف المسلم ولما لم أفعل أنهي عقدي فاستقلت قبل أن تنتهي مدة العقد وعدت للقاهرة باحثا للمرة الثالثة عن عمل لفترة طالت أكثر من عام هو بلا شك من أقسى أعوام عمري.. عن ذكريات ذلك العام وما حدث بعده لنا حديث آخر إن شاء الله.

اقرأ أيضاً:

(صور-1).. القلم والورقة..والحالة
(صور-2) من الذاتي إلى العام
(صور-3) فرز الأفكار والأحلام
(صور-4) صراع الحلم والواقع
(صور-5) اختبار صلابة الحلم
(صور-6) مصر المغتصبة..هل لها من رجال؟



الكاتب: د.مجدي سعيد
نشرت على الموقع بتاريخ: 15/06/2005