إغلاق
 

Bookmark and Share

أجمل وأذكى عزاء ::

الكاتب: أ.د مصطفى السعدني
نشرت على الموقع بتاريخ: 06/05/2007


تتجمع في خاطري أحيانا صور بعض الناس، وبالذات من الأطفال أو المراهقين، الذين قضى بعض أهلهم من أب أو أم أو إخوة أو أخوات أو جد أو جدة ممن يحبونهم هؤلاء الصغار ويتعلقون بهم، وكيف يكون مقدار الحزن والشجن الذي يعاني منه هؤلاء الصغار؟؟؟!!، ولأنني من المؤمنين بعدل الله وحكمته؛ فدائما ما أكون مقتنعا بأن وفاة بعد الأقارب الذين نحبهم هو بالتأكيد خير لهم، وخير لنا أيضا، فالله عز وجل لا يعطينا إلا الخير ولو كره الملحدون!.

وقد مر عليَّ خلال العام الماضي فقط ثلاث حوادث مفجعة من هذا العيار الثقيل!، وأفضل ما يقوله المصاب عند فقده حبيب هو قول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: "اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها".

وفي كتب تراثنا الإسلامي الجميلة الكثير من قصص العزاء الجميل شعرا ونثرا وقصصاً، ولكن أجمل قصص العزاء هو ما قرأته عن عزاء الإسكندر الأكبر لأمه يعزيها في وفاته (وقد ذكرها المسعودي في كتابه مروج الذهب)، يقول المسعودي:

مات الإسكندر المقدوني وهو ابن ست وثلاثين سنة، وعهد إلى ولي عهده بطليموس بن أريت أن يحمل تابوته إلى والدته بالإسكندرية، وأوصاه أن يكتب إليها إذا أتاها نعيه أن تتخذ وليمة وتنادي في كل أنحاء مملكة الإسكندر الشاسعة أن لا يتخلف عنها أحد، وأن لا يجيب دعوتها من فقد محبوباً، أو مات له خليل، وليكون مأتم الإسكندر بالسرور خلاف مأتم الناس بالحزن، ولما ورد تابوته وتم دفنه، نادت أمه في أهل المملكة كما أمرها ابنها الفقيد، فلم يجب أحد دعوتها، ولا بادر أحد إلى ندائها، فقالت لحشمها:
ما بال الناس لم يجيبوا دعوتي؟؟!!
فقالوا لها أنت منعتهم من ذلك!!.
قالت: وكيف؟!

فقيل لها: أمرت ألا يجيبك من فقد محبوبا، أو عدم خليلا، أو فارق حبيباً، وليس فيهم من أحد إلا وقد أصابه بعض ذلك!!.
فلما سمعت ذلك استيقظت واستفاقت وعلمت ما رمى إليه ابنها قبل وفاته، ليخفف عنها مصابها الفادح في وفاة واحد من أعظم قادة العالم سطوة وشجاعة وخلقا وعلما وبأسا، وهو ما يزال في ريعان الشباب ودون أن يتزوج، ودون أن ينجب ابنا أو ابنة لوراثة ملكه الممتد من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق!!، وهكذا الدنيا لا تعطي أبداً كل شيء، ولو كان للإسكندر ذي القرنين!!.
وهنا قالت الملكة الأم:"لقد عزاني ولدي أحسن عزاء"!.

واقرأ أيضاً:
معرض القاهرة للكتاب.. وفكرة عاقلة لمجانين
أحتاج من يقرأ بشدةٍ.. مشاركة
أحتاج من يقرأ بشدة مشاركة 6  
باب جديد الدين والصحة النفسية
سيد الرجالة مشاركة



الكاتب: أ.د مصطفى السعدني
نشرت على الموقع بتاريخ: 06/05/2007