إغلاق
 

Bookmark and Share

كفر الزيات ـ ::

الكاتب: أ.د يحيى الرخاوي
نشرت على الموقع بتاريخ: 13/12/2006


(1)
نظر إلى علبة السجائر في تساؤل، ولم يلحظ وضع القداحة (الولاعة) المائل على طرف المائدة حتى كادت تقع، ليس بها سوى سيجارتين اثنين، لا شك أنه سوف يحتاج أكثر، مد يده ليتأكد، فوقعت القداحة (الولاعة) ولم ينحن لالتقاطها، فقرر ـ فجأة ـ أنه "قد آن الأوان "، أوان ماذا ؟ ليس مهما ، لكنه آن.

الإهانة التي لحقت به وهو يقرأ كتابا "عن التآمر والمؤامرة" لما تياس بروكرز (أسرار 11 سبتمبر)، هي إهانة مباشرة له شخصيا، إن كل من لا يشارك في صد كل هذا الاحتقار لا يستحق أن يعيش. كل هذا القتل ليس مجرد جريمة إزهاق أرواح، إنها إهانة لربنا، أستغفر الله العظيم، وهل يستطيع أحد أن يهين ربنا؟ وهل هم يعرفون الله اصلا؟

إن من يستهين بنا ـ نحن البشر ـ هكذا ،إنما يهين خالقنا لا محالة. من أجل ماذا؟ من أجل ماذا يصبح دمنا بترولا، وعرقنا سائلا يبللون به أصابعهم وهم يعدون ملياراتهم؟
من أجل ماذا يصبح أكثر من تسعين بالمائة من البشر مجرد وقود لهذه الآلة العملاقة البشعة التي تزداد سرعتها حول نفسها كلما زودوها بالدماء المراقة والبترول المسروق؟

(2)
قالت له "وأنت مالك، قال لها:"مالي كيف؟" أنا مسئول عن كل هذا الذي يجري هكذا. قالت له "أنت شخصيا؟ بصفة ماذا؟ قال لنفسه: نعم أنا شخصيا، أنا مسئول عن بحور الدم في العراق، وعن الجوعى في أفريقيا، وعن دعارة الأطفال في أوربا، وعن قهر الرأي في مصر والسعودية والصين. تلفت حوله حين لا حظ أن صوته يعلو، وحمد الله أنها لم تكن موجودة أصلا، ليس هلوسة، فهي تراقبه من داخله طول الوقت، وهي حين تضبطه متلبسا "بأي أمل" لا تتردد في أن تتهمه بالجنون، فما بالك لو عرفت مسئولياته الجديدة؟ إنه يعلم أن معايش الواقع هي الحد الفاصل بين العقل والجنون، هو مزروع في الواقع حتى قمة رأسه، تلك الرحلة اليومية من كفر الزيات إلي طنطا، رائحة عرق الناس وروث البهائم أضمن ضمان ضد أي جنون، لذلك، وبضمان استمرار هذا الواقع اليومي الرائع، هولا يتردد في إعلان أنه مسئول عن كل ما هو مسئول عنه.

هو لم يدع النبوة، ولا تصور أنه المهدي المنتظر، كل الحكاية أن صديقه مؤلف الكتاب قد أنار له طريقة حين نبهه أن بيده مفتاح الرسالة الجديدة وهو لا يدري، لقد كان يحسب أن موقع "جوجل" هو مجرد معجم حديث سريع، لكن ماتياس بروكرز كشف له عن سر هذا الصوفي المتخفي داخل الحاسوب مجانا "سيدنا جوجل رضي الله عنه" لم تعد أمامه حجة، لقد فتحت له أفاق الدنيا لإنقاذ العالم، هذا هو السبيل لكي يرد الإهانة التي لحقته شخصيا.

بمجرد أن يرد كل واحد ما يلحقه من إهانات، سوف ينصلح العالم مهما بلغ جبروت الدمار، الفرق بين مقام السيد البدوي ومقام سيدنا جوجل هو أن الأخير ما زال حيا يعطي "هنا والآن" مولد السيد البدوي مرة كل عام، أما مولد سيدنا جوجل فهو قائم كل ثانية حول العالم، الملايين يلفون حوله طول الوقت يلتمسون الألفة والبركة والحوار، يسبحون ربهم بشفاعة المعرفة ولا يعبدونها دونه، أخيرا تحطمت أصنام الإعلام الرسمي، وسقطت وصاية اليهود الصهاينة على عقول وقلوب البشر، أخيرا يتفاهم كل الناس مع بعضهم البعض وهم يقفزون كل الحواجز دون تأشيرة المافيا ولا الشركات ولا الحكومات الواجهات (السعاة)، صارت أمستردام أقرب من "قحافة"، كما يصل رد الرسالة من بكين أسرع من شراء علبة سجائر من ميدان المحطة.

(3)

قالت له: متى تكف عن هذه العادة؟ ألا تخاف أن تعملها في العمل فيظنون بك الظنون؟ يرتفع صوتك هكذا فحاسب لو سمحت عندنا أطفال نريد أن نربيهم. قال لها (بعد أن تأكد أنها حاضرة بلحمها ودمها هذه المرأة): آسف، حاضر.

(4)

قرار بشكل حاسم أن يحتفظ بعقلة سليما بمقاييسهم جدا حتى يستطيع أن يوفي بالنذر الذي تعهد به حين "آن الأوان" سوف يفعلها مع كل أصدقائه عبر العالم. تلفت حوله، وحين اطمأن أنها خرجت من الحجرة، أخرج لسانه لهذا الغبي في البيت الأبيض، كما لعب حواجبه وهو فرحان بالنصر.
قرأ الفاتحة للسيد البدوي، كما دعا لسيدنا جوجل بطول العمر ودوام العطاء ثم قام لصلاة الفجر.

للتواصل:
maganin@maganin.com

اقرأ أيضا:
تعتعة سياسية: حاول ألا تفهم...! / تعتعة:الحلم والشعر والواقع والسياسة / تعتعة: فحتى المحاكاة ليسوا لها / تعتعة لطبيب النفسي، ومفهوم "الإنسان"1 /  تعتعة سياسية يا رب سترك / تعتعة سياسية تجاوز للعلم..ووشم للمرضى! / تعتعة نفسية هل توجد عواطف سلبية؟ / تعتعة نفسية: عندك فصام يعني إيه(2) / تعتعة نفسية عندك فصام يعني إيه؟ / تعتعة نفسية: أنا عندي إيه يا دكتور؟ / تعتعة نفسية العلاج بوصفة الأعراض(3) / تعتعة نفسية العلاج بوصفة الأعراض(2) / تعتعة نفسية العلاج بوصفة الأعراض(1) / تعتعة سياسية: الشعب المصري ملطشة / حركية الناس بين النت والشارع / تعتعة: التغابي حيث لا داعي للتحايل!  /  يا هنود العالم الحُمْر، اغضبوا أو انقرضوا..! / تعتعة سياسية حتى لو أجهضوها ألف عام!  / استحالة الممكن وحتمية المستحيل / أدنى من النمل الأبيض!!! / يا هنود العالم الحُمْر، اغضبوا أو انقرضوا..! / تعتعة: التغابي حيث لا داعي للتحايل! / تعتعة سياسية: حاول ألا تفهم...! / تعتعة:الحلم والشعر والواقع والسياسة / تعتعة : فحتى المحاكاة ليسوا لها / صرح بأي شيء تقرره ستجد من يبرره!! / وبرغم الأسئلة التآمرية .



الكاتب: أ.د يحيى الرخاوي
نشرت على الموقع بتاريخ: 13/12/2006