عالم رمادي....
بسم الله الرحمن الرحيم.. جانب الأخوة الكرام في موقع مجانين.كوم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
أنا شاب في الحادية والعشرين من العمر، ممن ابتلوا بالعادة السرية منذ الصغر، منذ عمر الخامسة أوالسادسة، وقد قرأت الكثير من المشاكل والمقالات المتعلقة بهذا الموضوع على موقعكم الرائع وفهمت بعده بشكل أوضح كيف أن مشكلتي تتعلق بتمحور حياتي وآمالي وتفكيري حول هذا الموضوع، وبالتالي، وجدت أنني بأمس الحاجة لأن أجد ما يملأ وقتي باهتمامات تشغل مساحة تفكيري بأمور ونشاطات أشتهي فعلها وأستمتع بممارستها مثل الرياضة والاختلاط بالناس والرسم الذي وهبني الله موهبة عظيمة لإتقانه واحترافه إلى درجة كبيرة جداً، وتعطيني الأمل بمستقبل عظيم جداً في هذا المجال إن شاء الله،
ولك الآن سيدي أن تسألني:" إذا كنت على هذه الدرجة من الإيمان بمواهبك، فلماذا لا تنطلق ؟ ألا يشكل هذا الإيمان الكبير بهذه النعمة الإلهية دافعاً قوياً وعزما للمضي والخروج من هذا الإطباق على النفس والتمحور حول شهوة من شهوات الحياة وإن كانت مهمة فهي رغم ذلك لا تستحق كل ذلك التمحور حولها عند عدم وجودها، بوجود باب واسع للنجاح والإبداع في مجال تحبه في الحياة ؟ ".
الحقيقة أنني أنا من يسأل نفسي هذا السؤال، وإليك سيدي (أو سيدتي) الجواب: الحقيقة أنه إضافة إلى كل هذه السنين من الصراع الداخلي المرير مع هذا المسخ المسمى "العادة السرية"، اكتشفت مشكلة أخرى لا تتعلق بالمواضيع الجنسيّة ولكنها مزّقتني كل ممزّق وأورثت عندي عقداً شلّت حركتي ونشاطي حتى احتار الأهل والأقرباء في ما يجعل ذلك الفتى الشاب على ما هو عليه من الشلل تلك المشكلة هي أنني أخاف أن أحتكّ بعمق مع الناس و خاصة الشباب في سنّي بسبب شعوري بالضعف تجاههم و أنني أقل منهم و دونهم شأناً و قوة و شخصية.
إنني لا أستطيع أن أدافع عن نفسي بالكلام فإنني أقتل من أول كلمة جارحة توجّه إليّ، إن الكلمة الجارحة لا تجرحني، بل تقتلني من حينها حتى أجد نفسي عند أقل كلمة من الغرباء الشباب أو حتى الأطفال أحياناً (نعم يا سيّدي، الأطفال، أنت لم تخطيء في القراءة) موضع نظرات مستهزئة و ساخرة من الحاضرين، شعور بالذلّ والدونيّة والمهانة بين الخلق.
أنا أعرف جيّداً أن معظم هذا الشعور هو وهم محض، ولكنه ليس وهماً في عقلي وقلبي، بل هو واضح أكثر من الشمس. وهذا الشعور ليس في ذات المستوى دائماً، فيوماً تراني قوي الشخصيّة.. أسير في الشارع دون خوف و أحادث الناس وأختلط بهم بكل ثقة، ويوماً تراني من فرط الشعور بالخوف من أن أكون محط أنظار الناس المستهزئة في الشارع، أو من فرط الشعور بالعجز وقلة الثقة بالنفس، تراني أنزوي في البيت وحيداً حتّى أشعر بالسلام والأمن بعيدا عن الاحتكاكات الإنسانية.
ورغم أنني سيدي الكريم لست قبيحاً، فلله الحمد لي حظ من الجمال، وأنا لست غبيّا، فلله الحمد ربي وهب لي حظاً كبيرا من الذكاء، باختصار إنني كامل خَلقاً وخُلقا، بفضل الله وبحمده، حتّى أنني متميّز عن أبناء جيلي بالوعي والثقافة وحسن مداراة الناس، وصاحب نظرة للأمور لا تتأتّى لكثير من الشباب، ويشهد على ذلك أصحابي وإخواني.
أظن أنني قد بدأت أتحدث بغرور، طبعاً ليس لي شيء مما ذكرته من نفسي فكل ذلك نعمة إلهية عظيمة أرجو أن يأذن لي ربّي أن أسخرها لخدمته وخدمة خلقه، عسى أن أقدر بذلك أن أشكره عليها، ألا ترى يا سيّدي كيف أن الله يتحبب إلى خلقه بنعمه العظيمة ويكسب قلوبهم إليه بها وهو الغنيّ عنهم ؟ أشعر كثيراً أن نعمة ربي عظيمة عليّ وأنّه فضلني بها على كثير من الناس وأحب أن أحدّث بنعمة ربّي (وأما بنعمة ربّك فحدّث) وأنا الذي كنت منذ قليل أنظر إلى مشاهد العري وأقوم بتلك العادة الخبيثة وهو يستر عليّ ويحلم عنّي حتى كأنّي لا ذنب لي !!! ويوفقني لأن أكتب لك عسى أن أجد عندك ما يشفي صدري بإذنه، أردت أن أبيّن لك يا سيّدي الصورة كاملة عسى أن يكشف الله ضُرّي بكلماتك الكريمة العطوفة.
الغريب أن معظم الناس يظن أن شخصيتي قويّة ومتينة، وذلك بسبب القناع الكاذب الذي أحسنت صنعه على مدى تلك السنين لأحمي به نفسي ولأواجه به العالم والناس، وبعض هؤلاء من أقاربي يطالبني كثيراً أن أزورهم وأن أتردد عليهم، لكنني أعتذر كثيراً وأتجنب التواصل معهم، إذ أشعر أنني ثقيل الظل، كما أشعر عندما أجلس إليهم كأنني طفل فيما بينهم، إذ لا أحس بنفسي أنني رجل، وأشعر بالاستغراب في أعماقي عندما يتم معاملتي أو محادثتي كرجل، تماماً كاستغراب الطفل عندما تعامله كرجل، لكن لا أترك لهم المجال للشعور بذلك.
كما أن عليّ أن أبذل جهداً وأن أتكلّف في كل حركاتي ومكانتي بينهم حتى تكون كلماتي ونظراتي وردات فعلي متوازنة وغير مضطربة، وطبعاً هذه الحالة ليست دائمة، فعندما أجد أن نفسي مستقرّة فإنني أنتهز الفرصة وأزورهم و أكون طبيعيا، ولكن مع شيء من القلق الخفيف. أنا كسول قليل الهمة على العمل، ذو نفسيّة مهزومة، ضائع تائه حائر ولا أدري من أين أبدأ ولا أعرف قدراتي. بل أشعر أنني فاقد للقدرة. كلما هممت للقيام بعمل أو بخطوة للتقدّم للأمام، قعد بي الإحباط عند أول عقبة بسيطة في الطريق، الإحباط الناتج عن الشعور بالضعف وخور قواي والشعور المسيطر بأنني لا محالة سأفشل.
فاقد الإيمان والأمل بقدراتي وإمكاناتي، وفي ذات الوقت أشعر بطاقة هائلة مكنونة في أعماقي لكنها محبوسة في صندوق حديدي لا أدري ما كنهه، أشعر شعوراً غريباً كأنني مصفد بسلاسل ثقيلة تحيط بعنقي وجسدي وتتدلّى من على كتفاي، تنهك قواي عند أقل حركة أو محاولة للقيام والسير للأمام.
إن التفكير في أنني يجب أن أبذل الجهد وأن أتعب وأكدح في أيّ شيء في هذه الحياة يصيبني بالغمّ الفظيع والشعور بالبؤس. كما أنني عجول ولا أحب الانتظار، فالانتظار يحطم أعصابي حتى لأكاد أنفجر من ضيق صدري، ذو فكر سوداوي تشاؤمي تجاه كل فكرة كبيرة للتجديد والتطور والتغيّر، من دون سبب منطقي، ولا أدري من أي نبع ملعون تنبع هذه الأفكار السوداء. فمثلاً أفكر لكي أجدد نشاطي أن أقوم كل يوم بممارسة رياضة الركض في منطقة على الكورنيش مثلاً، فتصاحب هذه الفكرة صور متخيلة لنفسي أركض بين الناس وأمام الآخرين، فأتصوّر الناس تنظر إليّ نظرة استهزاء من ركضي المترنّح والحقيقة إن طريقة ركضي مختلفة نوعاً ما ولكنها ليست شاذة للغاية فأنا رأيت البعض ممن يركضون هكذا بشكل عادي، فأتصوّر أحدهم يضحك عليّ،. فأنا أكثر ما أخاف من السخرية والاستهزاء و... والضحك عليّ، ويتتابع الفكر التشاؤمي والنظرة السوداء المحبطة للأمور بأنني سأتعب كثيراً وسأملّ بسرعة، وليس من أحد يشاركني هذه الرياضة اليوميّة وسأشعر بالوحدة والغربة حين أمارسها وحيداً، الخ.
إن هذا الشعور الدائم الذي ذكرته جعلني أفقد كل لذة في ما أقوم به في الحياة، فأنت تعلم أنه لكي يقوم المرء بأعماله اليومية يجب أن يستمتع بها، أو على الأقل ببعضها، وخاصة في سني المراهقة ومطلع الشباب حيث يكتشف الإنسان ذاته ونفسه ومواهبه وإمكاناته. فأنا لا أذكر بأنني استمتعت بالعمل الجماعي الذي كنت أشتهيه (كالرياضة والألعاب) إلا في ما ندر وذلك منذ سن التاسعة وحتى سن السابعة عشر.
أما بعد السابعة عشر فقد أصبح عندي أصدقاء وصرت أستمتع بالأنس بهم والحديث معهم والسهر بصحبتهم. فأنا عدا عن ذلك لا أجد لذة إلا العادة السريّة، تلك لحظة اللذة الوحيدة الكبيرة التي أحصل عليها. كما أنني أعاني من ضعف التركيز والشرود الدائم والنسيان الكثير، مما حدا بي إلى صعوبة القدرة على الاستيعاب، مما أدى إلى رسوبي في آخر سنة دراسيّة والتي بعد إنهائها كان من المفترض أن أدخل الجامعة، وقد عزفت عن إعادتها بسبب ما أصابني من حالة "القرف" من الدرس لما عليّ أن أبذله من مجهود جبّار في سبيل ذلك.
بل إنني قد رسبت في كل سنين الثانوية العامّة وقد مكثت في كل سنة سنتين. وقررت أن أبدأ العمل في مجال قدرتي الفنيّة الذي وجدت فيه فرصة عمل جيّدة فتحها الله أمامي. لكن تمنعني حالتي النفسيّة من الانطلاق في هذا العمل أيضاً فهو عمل حرّ وأحتاج إلى دراسته في الجامعة، كما أنني لا يمكنني أن أنظم وقتي وأكلي ونومي فكل هذه الأمور فوضوية ومبعثرة في حياتي، فكم من أيام كنت أسهر فيها الليل حتى الفجر ثم أنام بعدها إلى العصر
وصلت إلى هنا::
علاقتي بوالديّ جيّدة. أحاول قدر الإمكان أن أكون بارّاً بهما قدر استطاعتي، فبر الوالدين برأيي هو مفتاح السماوات والأرض، ولكن فارق السنّ بيني وبينهم يجعل التفاهم معهما صعباً، وذلك ليس لأنهما غير متفهّمان -بل إنهما متفهّمان بقدر استطاعتهما- ولكن فقط لأن فارق السن هذا يعيق عليهما فهمي رغماً عنهما.
فوالدي يكبرني بخمس وأربعين عاماً وأمي بأربعين عاماً ولا يوجد في عائلتنا مشاكل عائلية كبيرة، إذ أنها والحمد لله عائلة محترمة جداً ومتواضعة ويحترمنا جميع من يعرفنا. أخطئ بحقهما أحياناً فأندم بعدها كثيراً ويكون السبب هو ضيقي مما أنا فيه.
ظمآن صادي إلى الحب، بعد حبّ قديم من طرف واحد كنت فيه في غاية الجبن من أن أصرّح للفتاة التي أحببت بما يعتصر في قلبي من العشق، وكنت أعيش شعوراً عميقاً من الدونيّة يمنعني من أن أصدّق أنني أليق بتلك الفتاة.. حتّى بعد أن علمت منها أنها لن تصدّني إذا صارحتها، أنا في الحقيقة قد نويت الزواج وأنا مستعد له، إنما المانع الوحيد هو مشكلتي مع شخصيّتي فإنني لا أجد حلاً سواه لنيل طاعة الله ورضاه فالحقيقة أن كل ذنوبي تتعلّق فقط بالمواضيع الجنسيّة و ما يتفرّع عنها بشكل مباشر أو غير مباشر.
الحقيقة يا سيدي أنني أشعر أن ثمة كلام كثير لم أقله بعد ولم أستطع بعد أن أعبر عن المسألة بصورة واضحة كما ينبغي، إنما أردت أن أبث همي وحزني إليكم ، فأنا قد بثثته إلى الله.، ولكن كثرة ذنوبي وما اجترحته قد فعل فعله بقلبي حتى بتّ غير قادر على الكلام معه دون أن أشعر ببعض النفاق يتخلل كلامي عندما أقول له "سامحني، أو عندما أقول له "ربي إنّي أتوب إليك.."، لقد بتّ يا سيّدي غير مريد في أعماقي أن أقلع عن هذه العادة السريّة، فأنا أحبها، لقد شغف قلبي بها فأنا لا أجد لذة غيره، ولقد ذقت حلاوة الكلام مع الله منذ سنوات خلت، ولكنني بسبب ما اجترحته من الذنوب قد نسيت تلك اللذة.
تلك اللذة التي كنت أبكي بحرقة لكي يتوب الله علي بعد كل استمناء حتى أتذوقها من جديد، فقد كنت أبكي وأستغفر بصدق. أما الآن، فإنني أجد حب هذه العادة قد كبر في قلبي حتى بات الشيطان ينسيني معها تلك السعادة التي لا مثيل لها.
كثيراً ما أجلس وأحاول أن أكتب كل ما يجول في خاطري، وأحاول أن أطرح على نفسي أسئلة وأن أجيب عليها بصدق من قبيل: ماذا أريد؟ ما الذي يضايقني؟ ما هي أهدافي؟ ما السبيل إلى تحقيق ما أريد؟ من أين أبدأ؟.....الخ. ولكن دون جدوى فأنا أريد أن أتغير ولكن لا أعرف كيف أبذل جهداً، لا أعرف من أين ائتي بالعزم على التغيير فكل تلك الرغبة والضيق ممّا أنا فيه لا يخلقان عندي العزم على التغيير!! لكن لماذا ؟؟؟......
هل تعرف يا سيّدي ما الذي أحلم بالحصول عليه ؟؟.. زوجة أعشقها تكون لي سكناً وتكون نصفي الآخر الذي أبحث عنه، وتكون خلاصي من معصية الله ومعيني الإنساني على تحسين خلقي مع والداي و مع الناس وعلى مجاهدة نفسي وعمل أكف به نفسي عن الاحتياج للخلق ومنتهى أملي بعد يوم طويل من السعي في كل ما هو خير أن أختلي في غرفة وحيداً على سجادة صلاتي لأناجي ربّي. لا أجد في نفسي طموحاً غير ذلك، وهذا الطموح ناقص كثيراً، لأن الإنسان يجب أن يكون له طموح في هذه الدنيا يكون سعيداً في حلمه دائم إلى تحقيقه بغض النظر إن كان يصبّ في سبيل رضا الله أم لا، حتى رسول الله كان همّه وحلمه الذي تحمّل في سبيله الصعاب و الآلام هو أن يجعل كلمة التوحيد هي العليا في الأرض، وذلك في سبيل إرضاء الله، محبوبة الأوحد.
ثمة الكثير الكثير مما يعتلج في رأسي وقلبي مما لم أقدر أن أقوله وأعبر عنه لما أعانيه من التشتت الذهني وقد حاولت أيها الأخوة الكرام أن أقول لكم كل ما أستطيع. وما لم أقوله أترك لكم قراءته بين السطور. أرجوكم أفيدوني فيما يشفي القلب وأرجوكم أن تكثروا لي من الكلام وأن تفصّلوا في التوضيح.
والحقيقة لا أدري كيف أعتذر على رسالتي الطويلة جداً لكن صدقوني أنني وسط دوامة من الأفكار المضطربة المتلاطمة والمزدحمة والتي لا أجد منها مخرجاً ولا متنفّساً سواكم وأعتذر على طلبي المزعج بتفصيل وإطالة الجواب، ولكن يعلم الله كم أنا بحاجة إلى طيّب كلامكم وصراحتكم بل إلى الكثير منه وأنا أنتظره بفارغ الصبر.
ولكم سادتي خالص شكري وإعجابي ومحبّتي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
25/11/2005
رد المستشار
أهلاً بك أيها الأمل الذي لا يخيب أبداً، لأنه: بالله..
وجدت في مشكلتك الكثير من اللف والدوران – ليس بمعنى المراوغة – بل بمعنى الرجوع إلى الموضوع الواحد أكثر من مرة، وهذه سمة الكلام الذي يكون من قبيل تداعيات الأفكار والفضفضة، والحمد لله أن هيّأ لك هذه الفرصة في الفضفضة والتي ستعينك كثيراً في إزاحة العبء عن قلبك فتحررك من ثقل همومك مشاكلك والتي حلها ميّسر بإذن ..
مشكلتك كما أراها تتمحور حول نقطة واحدة وهي: فقدان الثقة بالنفس انخفاض تقدير الذات، ولهذه المشكلة عوامل أدت إلى ظهورها وتفاقمها، ولها تداعيات على جوانب حياتك المختلفة وقبل أن ابدأ بمناقشة مشكلتك أود فقط أن الفت انتباهك إلى أن علاقتك مع الله عز وجل قد وصلت إلى حافة الخطر، صحيح أن الله تعالى "لا يمل من المغفرة حتى تملوا من الاستغفار"، وأنه مهما أذنب العبد وكرر الذنب ثم استغفر وتاب بصدق قبل الله توبته، إلا أنه يجب أن لا ننسى أن كثرة العودة للذنب تسقط هيبة الذنب من النفس إلى أن تعتاد النفس على الذنب وتستمرئه، وتكرار نقض العهد مع الله عز وجل يسقط هيبة الله عز وجل من القلب، وهذه مصيبة كبرى، صحيح انه تعالى قال :"نبّئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم" ولكنه جل وعلا أتبعها بقوله:"وأنّ عذابي هو العذاب الأليم" ..
وهذا يا أخي قد حدث فعلا معك، فتدارك أمرك فإنك لا تأمن على نفسك أن يختم الله على قلبك لكثرة نقض العهد مع الله، وأخشى عندها أن يتضاءل الأمل في إنقاذك، الأمر يحتاج وقفة حازمة مع النفس، هذه الوقفة التي لن يستطيع أحد في الدنيا أن يفعلها بدلاً منك، لا بد من أن تفعلها بنفسك، ولكنك يمكن أن تجد بعض المعينات التي تعينك على ذلك ومنها إجابتي هذه، إن شاء الله.
وأريدك أن تنتبه إلى شيء مهم جداً وهو أن تغيير حياتك لن يأتي بمعجزة، ولن يكون من الخارج، خارجك أنت، بل من داخلك، أقول هذا الكلام لأنني لاحظت أنك تعتقد أن تغيير حياتك سيكون حين تجد الزوجة التي تعشقها والتي تكون سكناً لنفسك وخلاصاً لك من هذه العادة السيئة، طيب، ماذا لو نشأت مشاكل بينك وبين هذه الزوجة، وماذا لو حدثت معكما عراقيل في طريق إشباع شهوتك الجنسية، ثم من قال لك بان من تعوّد الحصول على اللذة الجنسية بمفرده سيعتاد الحصول عليها مع الشريك بسهولة ؟؟ راجع المشاكل التي تأتي عن هذا الموضوع وسترى..
أرأيت، الكثير من العقبات، الحل يا عزيزي يبدأ من عندك أنت، لأن حياتك تصنعها بيديك لا بيدي الظروف الخارجية والمفاجآت والمعجزات..
إذاً أنفض عنك هذه الأفكار التي ستجعلك تنتظر سراباً لن يتحقق ما لم تتحرك أنت لصناعة حياتك، وابدأ وبقوّة، ولا تنتظر أن تعود لك لذة مناجاة الله عز وجل بسرعة وبسهولة، فهذه اللذة لا يشعر بها إلا القلب النظيف من أدران المعاصي وآثام الغدر، فتحتاج الكثير من الجهد في العبادة والكثير من الثبات على الاستقامة إلى أن ينظف قلبك من كل ما علق به من بقع الذنوب السوداء غطته ومنعت نور الطاعة من دخوله.
ثم ما أدراك، أليس من المحتمل أن الله عز وجل يريد امتحانك ليرى هل تعبده وتستقيم على أوامره جرياً وراء لذة العبادة فقط، أم جرياً وراء إرضائه بغض النظر هل ستأخذ مكافأة عبادتك في الدنيا لذة أم لم تتذوق أي شيء ؟؟
الأمر يحتاج للكثير من الثبات والعزم، وكله بيدك، لا بيد الآخرين.
ثم هناك فكرة قلتَها وأحب أن أؤكدها قلت:"و منتهى أملي بعد يوم طويل من السعي في كل ما هو خير أن أختلي في غرفة وحيداً على سجادة صلاتي لأناجي ربّي.لا أجد في نفسي طموحاً غير ذلك، وهذا الطموح ناقص كثيراً، لأن الإنسان يجب أن يكون له طموح في هذه الدنيا يكون سعيداً في حلمه دائم إلى تحقيقه بغض النظر إن كان يصبّ في سبيل رضا الله أم لا، حتى رسول الله كان همّه وحلمه الذي تحمّل في سبيله الصعاب والآلام هو أن يجعل كلمة التوحيد هي العليا في الأرض، وذلك في سبيل إرضاء الله، محبوبه الأوحد"
إن عمل النبي عليه الصلاة والسلام من أجل إعلاء كلمة الله تعالى لم يكن بعيداً عن سعيه لإرضاء الله، بل كان هو محور كل تحركاته،أما سمعت دعاءه ومناجاته لربه جل وعلا وفي كل حركات حياته كيف أنه يبغي رضوانه ؟
حتى في أشد المواقف صعوبة على نفسه، يوم أن طرده –فدته نفسي- أهل الطائف، ألم تسمع دعاءه الطويل الذي شكى فيه حزنه وهمومه لربه والذي قال في آخره "إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي" ؟؟
فالقاعدة الأساسية والهدف الأسمى في حياتنا هو: إرضاء الله عز وجل، وهذا لا يتحقق على السجادة فقط، بل إن السجود والركوع والعبادة هي إعداد لما وراءها من سعي وإصلاح في النفس وفي المجتمع وبناء للحياة على النحو الذي يُرضي الله عز وجل، ولهذا جاء ترتيب نزول القرآن، فلم تنزل "يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا، " إلا لأن وراءها "يا أيها المدثر * قم فأنذر... "
يبدو أننا قد بدأنا نضع أيدينا على مكمن خمولك في حياتك، وهو فقدانك الدافع الذي يدفع المؤمن في حياته كلها وعلى مدى سنوات، وهو: إرضاء الله، والجنة. والذي لا يتحقق إلا بإخلاص العمل –مهما كان هذا العمل- لوجه الله الكريم.وطموحك بالسجود جميل ولكن ينقصه الشق الثاني: العمل.
تقول في استشارتك :
"أنني أخاف أن أحتكّ بعمق مع الناس وخاصة الشباب في سنّي بسبب شعوري بالضعف تجاههم وأنني أقل منهم ودونهم شأناً وقوة وشخصية"
هذا الشعور بأنك أقل منهم له جوانب إيجابية جدا لمساعدتك في انتشالك من حالة الشلل التي تعاني منها، حيث ستشكل مقارنتك لنفسك بهم ورؤيتك لنفسك بأنك قليل القيمة، حافزا للعمل والتطوير والمضي قدما في الحياة أي ستتحرك وتنتهي حالة الشلل هذه، ولكن على أن لا تتطرف وتصل إلى درجة المقارنات الظالمة أو الحقد أو .... وما قدرة الكلمات الناقدة على اغتيالك حتى ولو كانت من أطفال إلا بسبب انعدام ثقتك بنفسك، هذه الثقة التي تأتي وتترسخ من خلال إنجازاتك، فأين هذه الانجازات التي ستعتمد عليها لتقوّي نفسك أمام هجوم الآخرين هذه الكلمات لا تصيب منك مقتلا إلا لأنك أنت ترى نفسك نكرة، لأنك لا تفعل شيء، وتزداد استسلاماً للاشيء، ولا تأخذ خطوات عملية لتحقيق ما ترغب في تحقيقه ’، فمثلا هذه العادة السرية التي وصلت باطلاعك على موقعنا إلى قناعة رائعة بسوئها وأنت ترغب من أعماقك بالإقلاع عنها، ولكن أين خطواتك الحثيثة وصبرك وثباتك والتزامك بهذا القرار ؟؟؟
هذا التخاذل ينسحب على كل أمر تريد تحقيقه في حياتك، فتجد نفسك مشلولاً يا عزيزي ما أنت فيه : شلل إرادي، وبيدك أنت فقط أن تحرّك إرادتك وعزيمتك وخطواتك نحو صناعة حياتك .
القاعدة الذهبية في ذلك "إذا هبت أمراً فقع فيه" تخاف الركض على الكورنيش حتى لا يرى الناس ركضك المختلف قليلاً فيهزؤون بك، أولاً ضع في حسبانك أنك أجمل مخلوق على سطح هذه الأرض، ألست الإنسان الذي قال الله تعالى "ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم"
إذاً أنت جميل ولكنك لست كامل لأن الكمال لله وحده، فإذا ما سخر الآخرون منك للنقص الذي فيك – وكل إنسان فيه جانب بل جوانب من النقص كما فيه مميزات – فلا تحزن منهم، بل احزن عليهم لأنهم ما فعلوا هذا التصرف إلا لجهلهم وقلة وعيهم بأنفسهم وبدينهم وبربهم وبمصيرهم يوم القيامة، ومن السطحية التي يعيشونها إذ إن الإنسان الذي لديه عمق في شخصيته لا يرى في الآخرين إلا أعماقهم، أما الإنسان سطحي الشخصية فهو الذي لا يرى في الآخرين إلا سطحيتهم بعد كل هذا الحوار النفسي وبهذه الطريقة الإيجابية والشاكرة والمعترفة بجميل خلق الله، تابع الركض مرة ومرة ومرة، وبعدها ستجد أن هذا الأمر لم يعد يؤثر فيك ولا قيد شعرة، بل ستصبح قوياً وعصياً على النقد.
يجب أن تتعلم كيف تكون "عصياً على النقد" ليس بمعنى أن لا تلقي بالاً لأي ملاحظة توجّه إليك، بل تأخذها على محمل الجد وتبدأ بعرضها على نفسك بكل صدق وشفافية، لتقيّم هل أنت فعلا تتصف بهذه الصفة أم لا، وإن كنت تتصف بها فبنسبة كم ؟
طبعاً هذه الطريقة مهمة، لأنه لا يجوز للإنسان أن يهمل النقد الموجّه إليه وإلا فإنه لن يتطوّر ولن يتخلص من عيوب نفسه التي كثيراً ما لا يراها، حتى أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه له مقولة شهيرة في هذا: رحم الله امرأً أهدى إليّ عيوبي وأحب أن أبشرك بأن ما تعانيه من تقبل جائر في حق نفسك للنقد بحيث أن الكلمة تقتلك ما هو إلا احد تجليات المشكلة الحقيقية وهي: فقدان الثقة بالنفس وتدني شديد في تقدير الذات، والتي تؤثر على حياتك الاجتماعية فتجعلك تنزوي وترهب الناس، كل هذه الأمور مرتبطة ببعضها البعض وإذا كسرنا إحدى هذه الحلقات توصلنا بإذن الله إلى تحطيم الحلقات الأخرى التي تشل حركتك.
وطبعاً لن يرتفع تقديرك لذاتك ولن تزداد ثقتك بنفسك إلا من خلال إنجازاتك وتغلبك على تحديات حياتك وأولها: التغلب على العادة السرية، وهذه أيضاً لن تتغلب عليها إلا حين تجعل لنفسك قيمة في هذه الحياة فتحدد لنفسك هدفاً تخطط له وتسعى لتحقيقه.
وأما بالنسبة لتذبذب حالة الثقة بالنفس ارتفاعاً وانخفاضاً، فإني أريدك أن تحضر ورقة وقلم، وتجلس في مكان هادئ وتتذكر ذلك اليوم الذي كنت فيه مرتفع الثقة بالنفس وتحادث الناس، أريدك أن تتذكر وتكتب: ماذا فعلت قبل أن تخرج للشارع، لنعرف ما الذي شحنك بهذه الطاقة: هل هو درس سمعته، أم هل هو اكتشاف اكتشفته، أم مسألة رياضية صعبة استطعت أن تذللها، أم لأن والدتك ودّعتك بدعوات تشرح القلب، أم ماذا ؟؟، وبهذا تعرف مفتاح ثقتك بنفسك فتدخل لنفسك منه ..
إذاً نحن أمام شاب متعدد المواهب والقدرات: "حتّى أنني متميّز عن أبناء جيلي بالوعي والثقافة وحسن مداراة الناس، وصاحب نظرة للأمور لا تتأتّى لكثير من الشباب، ويشهد على ذلك أصحابي وإخواني. "
"الرسم الذي وهبني الله موهبة عظيمة لإتقانه واحترافه إلى درجة كبيرة جداً"
جميل أنك تخشى أن تغتر بما وهبك الله إياه من نعم، ولكن من الضروري أيضاً أن تقدّر نفسك قدرها ولا تبخسها حقها.
تقول بأنك تشعر أن هناك انفصال بين ظاهرك وباطنك..
لقد آن الأوان لتزيل هذا الانفصام بين ظاهرك وباطنك، ولكن هناك حقيقة مهمة يجب أن تعرفها وهي أن مجرد أن العبد يذنب ذنباً مع ربه جل وعلا، فهذا لا يعني أن الله عز وجل سيرفضه وينبذه بل هو تعالى يمهله وينتظر توبته، هذا ليس لتقليل شأن المعصية، بل هي كبيرة جداً مهما صغرت لأنها في حق الله عز وجل، بل هذا الكلام حتى لا نسمح للشيطان أن يجرنا إلى هاوية تدني تقدير الذات، بل إن الله عز وجل يقول في الحديث القدسي: أنين المذنبين أحب إلينا من تسبيح المرائين" "لذنب تذل به إلينا أحب إلينا من طاعة ترائي بها علينا"
تقول:
"فكل تلك الرغبة والضيق ممّا أنا فيه لا يخلقان عندي العزم على التغيير!! لكن لماذا ؟؟؟
بل تخلقه، ولكنك تتباطأ في استغلاله السريع فتشعر بالفشل مرة بعد أخرى ويتراكم الفشل فيثقلك.
الحل: أن تنفض عنك ركام الكسل والتقاعس وتبدأ ولو اضطررت إلى أن تجر نفسك جراً، وهذا سيكون في البداية فقط وبعدها ستتذوق طعم النجاح وستجده أمتع من أي لذة أخرى عرفتها قبل ذلك، وعندها فقط ستبدأ حياتك بالسير في الطريق الصحيح لأن هذا النجاح الأوّلي هو الذي سيدفعك للنجاحات التي تليه، إذ لا شيء يدفع للنجاح مثل النجاح نفسه.
طبيعي أن تكون حياتك الخارجية فوضوية فما الحياة الخارجية إلا تعبير عن الحياة الداخلية، فأنت من داخلك مضطرب ومشوش، وهذا أيضا له يد كبيرة في عدم قدرتك على التركيز والشرود الدائم
والحمد لله أن علاقتك بوالديك جميلة ومستقرة، وبسبب الفارق العمري الكبير واختلاف المواقع بينك وبين والديك تنشأ هذه الاختلافات في وجهات النظر، فالأمر الواحد يختلف رأي الإنسان فيه إذا كان موقعه هو موقع الولد، عن رأيه في نفس الأمر حين يختلف موقعه ويصبح والداً، فلا بأس بهذا الاختلاف والحقيقة أنها سنّة الحياة، وأنت كبير بما فيه الكفاية لتعرف الصواب من الخطأ، فليس مطلوباً منك أن تطيعهما طاعة تامة لتبرهما، بل البر هو أن تحسن صحبتهما ومعاملتهما وتلبي طلباتهما خصوصاً أن والديك أصبحا في سن متقدمة يحتاجان فيها إلى الرعاية ليست المادية فقط، بل قبل ذلك الرعاية المعنوية، ولا تنس الاستنارة بآرائهما والاستفادة من تجاربهما في الحياة فستجد فيها الكثير مما يضيء لك طريق حياك ولمزيد من المعلومات حول ما تعاني منه أنصحك بالرجوع إلى هذه الاستشارات:
ضعف الشخصية: إلى متى!!!؟؟؟؟
أريد تنمية نفسي
فقدان الثقة بالنفس
الثقة بالنفس : ممكنة إن شاء الله
الثقة بالنفس: كن واضحا وصريحا ومحددا
عدم الثقة: لا في النفس ولا في الآخر!
عدم الثقة لا في النفس و لا في الآخر متابعة
لا أثق في نفسي: لك علاج
انخفاض تقدير الذات
فن العلاقات: وعي غائب، وفريضة ضائعة
فن العلاقات: وعي غائب، وفريضة ضائعة مشاركة
كيف أكسب الأصدقاء؟
كيف نهزم الخجل ونحبُّ الأصدقاء !؟
كيف أكون محبوبا بين الآخرين ؟
خجلي أبعدني عن الناس!
الطريق إلى التوكيدية في الإسلام
عدم تقدير الذات: صححي المساروإذا لم تتمكن بعد كل ما سبق من تقوية ثقتك بنفسك، فلا مفر من مراجعة طبيب نفسي ليتابع حالتك فربما كنت بحاجة إلى تدخّل طبي....
وفي النهاية لا أجد غير أن أدعو لك بالتوفيق، فوفقك الله وأعانك على رحلة حياتك....
أستودعك الله.... وتابعنا بأخبارك....
ويتبع >>>>: عالم رمادي .. لوّنه أيها الرسام !! م