العالم الرمادي... بالألوان
السلام عليكم سادتي.... شكرا لكم للرد على رسالتي.... وشكرا للسيدة الفاضلة إعطائها لي الإجابة الشافية لها... أنا قبل أن تصلني رسالتكم منذ أكثر من سنة أحسست بعوارض الاكتئاب في نفسي بعد أن قرأت ما ينشر لديكم حول ذلك.... وذهبت إلى طبيب لمدة سنة... ثم غيرت الطبيب لأنه لم يكن يعير ما أقوله اهتماما... خاصة فيما يتعلق بالمخاوف التي لدي.... وعندما ذهبت إلى الطبيب الجديد.... شخص لدي منذ البداية عوارض الخوف الاجتماعي قائلا أنها هي المسبب الأساسي للاكتئاب... لقد شفيت عند الطبيب الأول من الاكتئاب وأنا أقطف ثمار العلاج من الفوبيا عند الطبيب الثاني....
على أية حال صرت إنسانا آخر الآن...... ولكن هل تعرفون أن الاكتئاب صنعني؟؟؟ ليس كل ما في الاكتئاب سيء وقبيح.... إن الحزن والأسى الذي يغلي في قلوب هؤلاء الناس يصنع في أرواحهم شيئا ً قدسياً..... والطهر الذي يصنعه الحزن في قلوبهم لا أظن أنه يمكن أن يحصلوا عليه في مكان آخر... بدون استغراب يا سادتي... أنا أشتاق إلى الحزن والبكاء في تلك الأيام.... بل وأفتقده أحياناً..... نعم أنا لا أشتاق إلى اليأس والضعف والإحساس بالدونية والحقارة والعجز... أنا أشتاق إلى ذلك القلب الحزين الذي يهرب من حزنه إلى الله... أحببت أن أقول هذه الكلمات فقط لأقول للحزانى من ضحايا الاكتئاب أن في طيات هذا الحزن رحمة إلهية مخفية... يد الله تصقل في أرواحكم نورا طاهرا ً أعتقد أنه سيترك أثره الجميل العذب فيكم طوال حياتكم وبعد أن تشفوا بإذن الله.... عندما تكون في قلب الألم والأسى قل الحمد لله... واسأله الشفاء.
عندي لكم سادتي سؤال: لقد أخبرت طبيبي الثاني أنني أقرأ في موقعكم الاستشارات ومشاكل الآخرين والردود عليها.... وما تنشرونه في موقعكم الكريم من مقالات في علم النفس والطب النفسي... إلخ... فكان رده: (هذا أسوأ ما يمكن أن تصنعه بنفسك.... لا تقرأ المزيد من مشاكل الناس والردود عليها...لأن تركيبة شخصيتك من النوع الذي يسقط ما يقرأه على نفسه... فأنت عندما تقرأ عن غيرك تحاول أن تطبقه على نفسك... دون أن تشعر... وهذا ضار جدا ً لك....) وأنا منذ ذلك الحين لا أقرأ المزيد.... هل ما قاله طبيبي صحيح... وهل قراءة مثل هذه الأمور مضر بالآخرين كما هو ضار لي؟؟؟ أم أنني حالة خاصة...
السؤال الثاني: وأرجو الإجابة التفصيلية عليه.... ما الفرق بين الشخص الضعيف الشخصية والشخص المصاب بالخوف الاجتماعي؟؟؟؟
والسؤال الثالث: كيف يستطيع المرء أن يعرف أن طبيبه النفسي جيد... ومناسب له؟؟؟.. هل الارتياح إلى الطبيب ضروري للمريض ولإتمام علاجه؟؟؟
والسؤال الرابع: هل صحيح ما يشاع أن الطبيبة الأنثى هي أنسب للمريض الذكر .... والعكس؟؟؟
وأختم باعتذاري عن طول الرسالة وكثرة الأسئلة.... ولكم شكري والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
20-نيسان- 2007
20/04/2007
رد المستشار
الأخ الفنان الموهوب؛ صاحب العالم الرمادي من قبل، والعالم الملون حاليا بالألوان الجميلة الزاهية تحية طيبة لك، وأهلاً ومرحباً بك معنا دائماً،
استمتعت بقراءة مشكلتك من الناحية الأدبية والفنية، رغم أن محتواها قد أحزنني، والحمد لله فقد وصلتني دون أي أخطاء؛ مما زاد من استمتاعي بقراءتها، وهي كرسالة تحتوي على استشارة نفسية مركبة تصلح أن تكون اختباراً لطلاب الماجستير والدكتوراه في الطب النفسي؛ وكيف يتصرفون كمتخصصين في الطب النفسي في علاج مريض نفسي بحالة مرضية لديها: القلق والخجل المرضي والرهاب الاجتماعي والاكتئاب الجسيم المصحوب بضلالات لوم النفس والعجز الاجتماعي والمادي مع الإفراط في ممارسة العادة السرية، بالإضافة إلى بعض الاضطرابات في العلاقات الأسرية مع الوالدين، وشخصية اكتئابية مزمنة وتجنبية في نفس الوقت (أي لديها اكتئاب مزدوج) وهل لديها وسواسا أيضا أم لا؟!.....و .....إلخ.
والأجمل في رسالتك هو رد أختي رقيقة الظل لمى عبد الله عليك، ولا أدري لماذا أرسلها د وائل أبو هندي لي ولم يرسلها إليها للتعقيب؟؟!!!، رغم أن ردها عليك كان رائعاً بديعاً، وأنا أشكرها بشدة عليه لاستفادتي منه شخصياً، وبالذات في الجانب الديني الذي من الواضح أنه يؤثر عليك وعلينا تأثيراً كبيراً.
سأنتقل الآن لأسئلتك:
أولا: أنت فنان موهوب وحالة خاصة، وأطع طبيبك النفسي فيما يقوله لك.
ثانياً: ما الفرق بين الشخصية الضعيفة والرهاب الاجتماعي؟! تابع الإجابة على هذا السؤال على صفحات كتاب "تأكيد الذات" وبتسلسل المقالات الموجودة من 1 إلى 82، والذي من الواضح أنك لم تقرأ منه شيئاً!!!، ومن فضلك تابعني بانطباعاتك فسوف تستفيد منه كثيراً بإذن الله.
وعلى فكرة نحن خلال دراستنا للطب النفسي كأطباء نفسيين أو كأخصائيين نفسيين من خريجي كليات الآداب قسم علم نفس؛ لا نجد جذوراً عميقة لهذا الاصطلاح الغريب: "ضعف الشخصية"!!!، وذلك رغم انتشاره الشديد في وسائل الإعلام المختلفة؛ ونفضل دائما قول "اضطراب الشخصية" أو "ضعف الثقة بالنفس" أو "نقص الروح المعنوية". وقد يكون مصدر هذا الاصطلاح "ضعف الشخصية" هو كتابات بيير جانيه، الطبيب النفسي الفرنسي الشهير في مطلع القرن العشرين وكتاباته عن العصاب وعن "الوهن النفسي أوالعصبي"، "Psychasthenia" أو "Neuroasthenia". المهم هذا الموضوع يحتاج المزيد من البحث من جانب الأكاديميين النفسيين.
السؤال الثالث إجابته هو أن تكون أنت مقتنعاً بطبيبك النفسي المعالج وبكفاءته وقدرته على تفهم حالتك وعلاجك وتعاطفه معك، ولقد أثبتت الأبحاث العلمية أنه من الصعب جداً أن يكون هناك طبيبا نفسيا واحدا "وبالذات في العلاج النفسي" قادرا على التعامل مع كل الاضطرابات النفسية بنفس الكفاءة والنجاح والمقدرة!!، بل أنه من الصعب أن تجد معالجا نفسيا موهوبا في تركيبته النفسية والشخصية مع إتقانه للنواحي الأكاديمية والعلمية للعلاج النفسي في نفس الوقت، وبكلمة أخرى أن توافر المعالج النفسي المثالي أمر عسير، ومن لا يصدقني يراجع الدوريات العلمية النفسية في ستينات وسبعينات القرن الماضي، وبالذات المقالات العلمية المتعلقة بكفاءة المعالج النفسي!!!.
السؤال الرابع: هل صحيح ما يشاع أن الطبيبة الأنثى هي أنسب للمريض الذكر.... والعكس؟؟؟
هذا السؤال أطرحه كفكرة بحث علمي بسيط في منطقتنا وعلى الذكور والإناث من الطبيبات والمريضات والأطباء والمرضى النفسيين الذكور أن يدلوا بدلوهم بناءً على خبراتهم.
أما رأيي الشخصي فأنا لا أجد ذلك صحيحاً كمؤثر على نجاح العلاج النفسي، ولكن هناك عوامل أهم مثل توافق الطباع بين المريض والمعالج أو المعالجة، وخبرة وعلم المعالج أو المعالجة المهنية والعلمية، وكذلك ثقافة المجتمع نفسه والبيئة التي نشأ وترعرع فيها كل من المريض والمعالج!.
والآن وبعد أن قمت بالإجابة على أسألتك أطلب منك طلبا قد تكون فيه فائدة مادية ومهنية بالنسبة لك وأنت في مراحل علاجك الأولى ألا وهو: هل يمكنك أن تصمم لوحة فنية تظهر فيها صور مستشاري مجانين من وجهة نظرك الفنية الراقية بدلا من مجموعة الصور المعروضة كتتر حاليا بالصفحة الرئيسية؟
أتمنى أن أرى براعتك الفنية وعمق رؤيتك النفسية لكل منا كما أتحفتنا بلغتك الأدبية العميقة الراقية يا فنان يا موهوب.
وتابعنا بأخبار شفائك القريب بإذن الله.
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، الأخ العزيز أ.د مصطفى أسألك وقراء مجانين الدعاء للأستاذة لمى عبد الله بالشفاء والعافية بسرعة من ألم الظهر الذي أقعدها عن العمل على الكومبيوتر، وقد وعدت بأن تستأنف العمل بعد إتمام العلاج فادعوا الله لها.