الخوف على أخي يدمّر حياته
لقد تأخر الرد كثيرا على هذه الاستشارة حتى أنني أخشى أنني لم أرسلها أصلا، ولهذا أعيد إرسالها من جديد، فإن كنت قد أرسلتها فأرجو المعذرة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم أعد أعرف كيف يمكنني أن أتصرّف لأجنّب أخي كل هذه الرعاية التي تخنقه..
أصل الحكاية..
أخي طفل بلغ الحادية عشرة من عمره، ولكنه حتى الآن لا يذهب خارج المنزل بمفرده أبدا، لماذا؟؟
لأن والدي – سامحه الله – يمنعه من الخروج من المنزل لأنه يخاف عليه من الخطف أو التحرشات..
أخي مخنوق، يتمنى أن يذهب إلى السوبر ماركت القريب والذي لا يبعد أكثر من 100 متر عن منزلنا، يتمنى أن يلعب على دراجته الهوائية في الشارع مثل باقي الأطفال، يتمنى أن يلعب الكرة أيضا معهم... لكن والدي لا يسمح له بذلك أبدا، يجب أن يكون معه شخص ما كبير..
اللعب في الشارع آمن بالنسبة لنا، لأن الحي الذي نقطنه هادئ جدا، ولا تمر منه السيارات إلا لماماً..
عندما كان أخي في السابعة أو الثامنة من عمره، أردنا أن نرسله إلى النادي ليتعلّم السباحة أو أي شيء في دورات منظمة مخصصة للأطفال – بالمناسبة، كل أولاد الجيران يذهبون إلى هذه الدورات - لكن والدي رفض وبشدة،
بحجة أنه لا يزال صغير السن، وقال والدي ساعتها أنه حين يبلغ العاشرة أو الحادية عشرة يمكن أن نرسله،
وها هو ذا قد بلغ الحادية عشرة، ولكن والدي لا يزال متشبثا برفضه غير المنطقي.. ويرفض أي نقاش في هذا الموضوع..
وقال لي: عندما يصبح عمره 14 أو 15 سنة نرسله إلى النادي.. ولكنني واثقة أنه سيتراجع عن هذا القول، بل هو لم يقله إلا ليتخلص منا لبضع سنوات، لماذا أنا واثقة أنه لن يرسله ؟
لأنه دائما ينصح ابن أختي 14 سنة أن يترك نادي كرة السلة الذي يلعب فيه.
الفكرة لدى والدي هي أن هذه النوادي ليست إلا ملفي للناس السيئين والشواذ..
وأن الصغار إذا ذهبوا إليها فسوف يفسدون وينحرفون ويتعلمون أشياء سيئة للغاية..
لا يستطيع أبي أن يستوعب أن الحصانة هي من الطفل نفسه لا من البيئة.
حتى الذهاب إلى مراكز لدورات في اللغة أو الكمبيوتر أو الخط أو....... يرفضها والدي
على كل حال أنا لا أفضّلها لأن أخي نفسه يريد أن يلعب لا أن يعود للدراسة من جديد في الصيف..
( لا أريد عرض ما بين أقواس.....)
الآن..
ماذا افعل كي أبعد أخي عن هذه الحماية الخانقة؟؟
هل أسمح له بالذهاب بدون علم والدي؟
ولكن هذا سيفسده أيضا..
أرجو أن تأخذوا بعين الاعتبار أن والدي لا يستمع نصيحة من أحد، أي ليس هناك أمل في أن نطلب المساعدة من عمي مثلا أو عمتي ليقنعوه بذلك.. أولادهم وأولاد أولادهم يذهبون إلى هذه النوادي، وموقف والدي أنه يخطّئهم دائما.. وينصحهم بأن يمتنعوا عن إرسالهم..
ولا مجال أيضا لأحاوره أنا وأقنعه بالموضوع لأنه أقفله نهائيا وطردني من الغرفة حين حاولت الحديث معه فيه..
وها هو ذا الصيف سينتهي قريبا، وليس لأخي شغلة طول النهار إلا التنقل بين قنوات الدش وألعاب الكمبيوتر..
أحيانا يلعب الكرة مع أولاد أختي الصغار على شرفة المنزل، ولكن بمعدّل قليل جدا، أي مرة في الأسبوع تقريبا.. وهذا لا يكفي..
هل يمكن لهذا الطفل أن يعيش طفولته؟؟ هل يمكن أن ينمو بشكل سوي ؟؟
أم أن هذا هو المستحيل بعينه في ظل التربية الحالية؟؟
ماذا أفعل؟؟
هل آخذه إلى النادي وأبقى معه حتى ينتهي التمرين ثم أعود به إلى البيت؟؟ وكل هذا بدون علم والدي..
أليس في بقاء الكبار بجانبه دائما إعاقة لنموّه..؟؟
أخي صار شابا صغيرا نستطيع الاعتماد عليه في قضاء حاجيات المنزل الخفيفة، لكن والدي يرفض وبشدة..
هل من حلّ لهذه المعضلة؟؟
أرجوكم لا تنسوا أن والدي صارم جدا، متشبث برأيه جدا، لا يقبل حتى النقاش، لا مجال لأن يؤثّر عليه أحد حتى ولو من خارج المنزل..
ودمتم سالمين
01/10/04
رد المستشار
اسمحي لي أن أبدأ رسالتي بدرس هام تعلمته:
كثير من المشكلات في حياتنا لا يوجد لها حل، ولكن يمكن أن نقدم لها برامج "تعويض" أو "دعم" تخفف من تأثيراتها السلبية..
وأذكر لك مثالا: لو أن هناك شخص قد فقد بصره، فما هو حل مشكلته؟!
لا حل لها.. ولكن من الممكن أن وفر له رفيقا يعينه في شئونه أو نلحقه بمدرسة للمتفوقين أو نشتري له كتبا علي طريقة "بريل" أو نضمه لنوادي رياضية لذوي الاحتياجات الخاصة..وهو في كل الأحوال سيظل فاقدا لبصره وسيظل يعاني ؟!!ولكنه حي ومتوازن منتج...
كأني أريد أن أقول أنه طالما الوالد علي قيد الحياة، وطالما أنه لا يقبل تدخلا أو مناقشة، وطالما أن أخاك إذا مارس أي نشاط دون علم الأب فإن أمره سينكشف وستكون النتائج أسوأ من الأمر الحالي.... إذن المشكلة ستظل قائمة ولا سبيل لحلها حلا جذريا!!
ولكن الحياة لا تتوقف.... كل ما علينا هو أن نبحث عن برامج "تعويضية" ليحيا أخوك حياة أقرب ما يكون للحياة السوية...
تعالي نفتت المشكلة إلي ثلاث تهديدات يواجهها أخوك
1 ) التهديد الأول: عدم تحمل المسئولية
2 ) التهديد الثاني: العلاقات الاجتماعية الغائبة
3 ) التهديد الثالثة: غياب الأنشطة الحركية والاكتفاء بالدش أو الكمبيوتر....
*التهديد الأول:
سيواجه أخوك الحياة متأخرا، ربما في سن الخامسة عشر، وهذا يحتاج منك إلي استعدادين:
أولا: أن تحافظي علي صداقتك معه، بحيث أنه إذا خرج للحياة وواجه صدماتها يجدك عندئذ بجواره.
ثانيا: أن تتوسمي في آخرين غيرك – أن يقوموا بهذا الدور لأنه عندئذ سيحتاج دعما وتوجيها حكيما من عدة جهات بإشراف منك....
* التهديد الثاني:
العلاقات الاجتماعية التي لم يستطع أخوك أن يخرج إليها. لا مانع أن تأتي هي إليه، وان تقوموا باستضافة الأصدقاء تحت سمع وبصر الكبار، ولا مانع أن تكون جلساتهم في حجر غير مغلقة.وعندئذ يتمتعون بقدر منأنشطة بالشروط التي كبير معه إن كان هذا هو ما سيرضي أباك.. فما المشكلة في هذا الشرط؟ لماذا لا نحاول تذليله.. وفي نفس الوقت نحاول حسن استغلال الوقت الذي ينفقه أخوك أمام الدش والكمبيوتر بحيث يوجه في اتجاه مثمر ومفيد بمساعدتك أيضا واستشارة النشطاء الجادين في هذين المجالين....
أخيرا.. أدعوك للهدوء، وإلا تعتبرين نفسك في مواجهة كارثة أو مصيبة، وأن أخاك سيدمر ويتحطم...
أريدك أن تخرجي من هذا الواقع الغير مثالي بأفضل النتائج الممكنة، وبأكبر شحنة من البرامج التعويضية...
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا جزيلا على ثقتك، ليست لدي إضافة بعد ما تفضلت به مجيبتك الدكتورة فيروز عمر، غير الإشارة إلى سلامة ذاكرتك فأنت بالفعل أرسلت هذه الاستشارة من قبل ولكن الدكتورة فيروز، تأخرت بالفعل في الرد عليها وقد اعتذرت عن ذلك في ردها : تعتذر د.فيروز إلى جورج وإلى الجميع!،وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين، ودمت سالمة لنا.
ويتبع >>>>: الحماية الخانقة : خوف أبي م. مستشار