حب الآباء حرية أم تقييد..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية أحب أن أشكركم على هذا الموقع الرائع وعلى هذه الجهود التي تنم عن صدق وتفاني في الخدمة الإنسانية.
مشكلتي في الحقيقة على الرغم أني لا أحب أن أسميها مشكلة فكيف يكون الحب مشكلة؟
تتلخص في كثرة حب والدي لي ولإخوتي وخوفه الشديد علينا في بداية حياتنا لم نكن ندرك مدى تقييد حبه لنا لرغباتنا فقد تربينا على الطاعة المطلقة والثقة الكاملة في ما يقوله والدي ووالدتي حتى في نمط لباسنا ومأكلنا ومشربنا وزياراتنا وحتى أصدقائنا
ولكن ما أثار هذه المشكلة بالفعل هو عندما تخرجت من الجامعة وبدأت حياتي العملية وبدأ اختلاطي بالناس يزداد وبدأت مواقف والدي وحرصه الزائد علينا يقيد تقدمنا وتطور حالنا ومع ذلك لم أتضايق من تدخل والدي بنوعية العمل الذي سأعمله (فهو يرفض أن أعمل بالشركات الخاصة خوفا علي من أن يستغلني رؤسائي وأن يرهقوني بالعمل فهو يفضل أن أعمل بالقطاع الحكومي وهذا يحتاج لسنوات لأنه يعتمد على ترتيبي في المملكة)
لكن في الحقيقة سبب المشكلة الحقيقي هو أن خوف والدي وصل إلى مستقبل حياتي كأنثى فهو حاليا يرفض ارتباطي بشاب على دين وخلق يشهد له بهما وذلك لأن هذا الشاب قد سبق وأن تزوج ولكن لم يستمر زواجه أكثر من شهرين وقد أبدى الشاب استعداده التام للحديث والسؤال عن سبب الطلاق وأن يسأل والدي من يشاء حتى يطمئن لكن والدي رفض الموضوع بأكمله وقال أنه لا يريد أن يسأل حتى وإن كان أفضل البشر على الإطلاق فهو لا يعرفه ولن يرمي بجوهرته (أنا) في مكان يجهله تماما
وقد حدثت عدة مناقشات فيما بيننا ولكن كان الرد الرفض المطلق لا أعرف إلى أي حد سيصل خوف والدي علينا فهذه من أبسط ما يمكن ذكره وحتى المرض هو يرفض أن يمرض أيٌّ منا وليلا نهارا يأخذنا من طبيب لآخر
حتى أن أختي الصغرى أصابها الوسواس القهري من المرض لشدة ما يهتم والدي بمرضنا وأكلنا ونومنا وكل شيء.
أعرف تماما أنه الحب الحقيقي الذي يحمله لنا إلا أنه بدأ ينقلب إلى قيد يطوقنا لا أعرف ما الحل الصحيح حتى لا أظلم والدي بأعماق نفسي فقد حرم كثيرا ولا يريد أن نحرم من شيء.
أتمنى أن أسمع تعليقكم بأسرع وقت ممكن.
وجزاكم الله كل خير
21/9/2004
رد المستشار
لا يا ابنتي لست معك في أن حبَّ والدك حب حقيقي، ولست معك في أن ما تعيشينه ليس مشكلة فهي فعلا مشكلة!
ولكنها من نوع المشاكل التي تقيد التصرف الحر في حلها!!!
فنحن نتحدث عن أب محب له كل الاحترام وحسن المعاملة والود والأدب ولكن كيف؟ كيف سيكون هذا العلاج أو الحل؟؟؟
سيكون الحل بأذن الله من خلال توضيح للرؤية لك وللوالد الكريم ولكن أهم من العلاج هو كيف أمارسه بهدوء وبصيرة وحكمة؟؟
.معنى البر الذي يحدثنا الدين عنه ليس الطاعة ..نعم ليس الطاعة وإنما معناه الأدب وهذه من الأمور المغلوطة التي نتبادلها كثيرا ،فقد قال الله عز وجل،
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
صدق الله العظيم (لقمان:15)
وليس هذا الأمر خاصا بالشرك فقط، ولكن يعلمنا الدين أننا يمكن أن نختلف مع آبائنا ولكن كيف نختلف كيف أقول رأيى المختلف لهما؟؟؟ أقوله بالبر- أى بالأدب الجم فلا أختلف بالصياح أو سوء الأدب أو حتى كلمة أف
..الحب ..الحب الحقيقي يبنى ولا يهدم لا يصيب بأمراض معيقة للحركة الطبيعية والحياة مثل مرض الوسواس القهري الحب يدعم الثقة بالنفس ويعلم تحمل المسئولية فهو قيمة مضافة للمحب والمحبوب وليس هو أبدا مجال تعلم الاعتمادية وعدم القدرة على اتخاذ أى قرار ولو بسيط مثل ماذا أأكل ماذا أشرب ماذا ألبس!!؟؟
...أستطيع أن أخمن أن والدك وحيد أو أن علاقته بأهله غير قوية لسبب أو لآخر، وهذا ما جعله يخلط بين الحب والتملك دون عمد منه أو انتباه له
....لا أعتقد أنه يأخذ هذا الموقف المتشدد من هذا الشاب بالذات ولكنه سيكرر هذا الموقف تجاه شباب آخرين ولن تعييه الأسباب لرفضهم فهو يتعامل معكم على أنكم جواهر ثمينة جدا يملكها فمن هذا الذي سيستحق أن ينالها ويأخذها بعيدا عنه دون متابعته الدقيقة لها في كل أمورها الصغيرة قبل الكبيرة
.....قد يحتاج والدك إلى تدخل من أصدقاء أو معارف أو أقارب ليدعموا متطلباتكم في مواصلة الحياة بالشكل الصحيح ولا أعلم ما موقف الوالدة فلم تذكري شيئا عنها
......قد يحتاج والدك للعرض على طبيب أو معالج نفسي حتى يستطيع أن يمارس حياته معكم أو يدونكم بشكل أقرب للطبيعي
كل ما سبق يا ابنتي ليس سهلا ولكن الأصعب منه الاستمرار في هذا الوضع، وأكرر وأقول بصوت عال عليك أن تعالجي الأمر بشكل هادىء مبصر حكيم وفى إطار الأدب الشديد مع التدرج حتى لا تحدث أزمات وصدمات عنيفة فهذا حقك والحق لا يمنح بل يؤخذ ولكن يؤخذ بالأدب الجم.. وإحساسك به.. والوسائل غير المباشرة.. الصبر الجميل.. التدرج الذي يحتمله.. المناقشة في الوقت المناسب.. المطالبة بحقك في تكوين خبرة لك في الحياة مع الاستعانة برأيه طبعا
.......تحتاجين قبل كل هذا أن تقتنعي بما قلته أو على الأقل اعرضيه على نفسك
ولا تنسي الدعاء له عز وجل أن يلهمك الوسيلة الصحيحة المهذبة للوصول لما اتفقنا عليه