الحصول على أصدقاء
سؤالي _أكرمكم الله_ يَبْتَدِي عند ولادتي حيث كان أبي يُدَلِّلُنِي ولكن في المعقول لان أبي حازم، وكان يقول عليَّ (هذا عرفته من أمي) وأنا صغير "هذا الطفل سابق سِنُّه". وكنت طفلًا أحب الحماس واللعب والمُغامرات، حتى الصف الرابع الابتدائي حين أردت أن انتقل من فصلي لأنَّه كان فيه أقوياء في المدرسة، وكنت معدودًا فيه، فأَرَدت أن أنتقل إلى فصل آخر حتى أُسَيْطِر على هذا الفصل الجديد كاملًا وتكون لي الحرية الكاملة. وبعد انتقالي تفاجئت أن الفصل تقريبًا مُرتَبِط ببعضه، وتشاجَرْتُ مع أحدهم فتَجَمَّع عليَّ أغلب الفصل، وبدأت بالهروب، ولكن لم أرحل من الفصل لِكْبْرِيَائي.
تكوَّن من ساعتها عندي بعض الخوف والهدوء في الخارج، لكن في البيت يقول أبي على سبيل المزاح أنِّي تغيَّرْت للأسوء، ولكني لم أشعر في البيت أنِّي تغَيَّرت. واستمر الوضع هكذا، ولم يعد فيَّ الحماس، ولم أُكَوِّن صداقات إلَّا معرفة فقط للمصريين. حتى وصلت إلى الثانوية (طبعاً انا مصري، وولدت في السعودية، وعِشْت حتى نزلت للجامعة في مصر)، وفي الثانوية كَوَّنت صداقات، وكما أقول في نفسي بالغصب لأنه كان لا بُدَّ أن المصري يُصادِق المصري لِقِلَّتِنا وسط السعوديين. وكما يَصِفُني البعض حتى الآن أنِّي شخص حر، ولكني في فترة الثانوية كنت أُقَدِّم بعض التنازلات من أن يَسُبُّوني وأن أُسَوِّي أعمالهم أيضًا رغم تضايقي جدا من داخلي. وكنت خلال هذه الفترة لا أُحِبُّ الخروج وأُفَضِّل المُكُوث في البيت، لكني كنت أخرج.
حتى ذهبت لي مصر ودخلت الجامعة فأَلْغَيْت الشَّتْم، ولكني كنت مُنْعَدِم الأصدقاء تقريبًا، فلم أكُن أَمْلُك غير واحد، حتى أنِّي عندما أتحَدَّث مع شخص لأول مرة لا يتكلم معي مرة أخرى، ويصنع كأنه لم يرني أو يقابلني من قبل. حتى أتَت السنة الثالثة في الكلية، وبدأت أُطَوِّر من نفسي داخليا.
والآن عمري 23 عامًا، ولا يحدث لي تغيير اجتماعي. علمًا بأن أبي وإخواني ليس كُلُّهم اجتماعيون جدًّا.
وجزاكم الله خيرًا.
30/4/2021
رد المستشار
مرحبًا بك صديق موقعنا العزيز.
أقرأ رسالتك وأتَصَوَّر تجربتك، وأَتَخَيَّلُها كيف كانت مَلِيئَةً بالصُّعُوبات والتَّحَدِّيَات على المستوى النفسي والاجتماعي، وكذلك المُنْعَطَفات التي مَرَرْت بها بدءً من كَوْنك عِشْت مشاعر الأَقَلِّيَّة رغم كونك في بلد عربي، وعشت مرحلة تغيُّرات المراهقة وما صاحبها من تغيير في إقامتك لبلدك الأصلي لتُحَاوِل التَّكَيُّف مع تفاصيل أخرى جديدة.
يبدو أنك كنت تحتاج لِدَعْمٍ أكثر مما تَلَقَّيْتَه في طفولتك لِتَفْهَم نفسك أكثر وتَفْهَم الآخرين وتتعامل معهم دون محاولة السيطرة عليهم أو التنازل عن حقوقك، وكذلك أن تَتَفَهَّم الفروق والاختلافات الفردية. وتعرَّضْت لضغوط اجتماعية وثقافية، وكنت في حاجة لِتَدْعِيم مهاراتك، لكنك بدأت تُفَضِّل الانسحاب وقَلَّة التفاعل، مِمَّا جعل مهاراتك الاجتماعية أَقَلّ، مِمَّا لا يساعدك على أن تَتَوَافَق مع الزملاء والأصدقاء.
ما تُعانِيهِ من شعور بالعُزْلَة أو الوحدة أَمْر مُتَرَتِّب على ما تعانيه من نقص في بعض المهارات الشخصية (الاجتماعية)، وهو أمر يمكن تَدَارُكُه، خاصةً وأن لديك مهارات أخرى نفسية ربما لم تُتَح الفرصة لتُخْبِرَنا بها، ويمكن استثمارها في بناء علاقات والاندماج أكثر مع الناس.
حاول الاندماج مع المُحِيطِين بك حتى وإن لم تشعر بالسعادة أو لم تشعر بأنك موجود بينهم أو مُشابِه لهم. تواجَد واصبر وتَحَمَّل فترات وأنت تتفاعل مع الناس. ابدأ من الصديق الوحيد لتصل من خلاله إلى آخرين، ولا تُقَيِّم نفسك كثيرًا من خلال ردود فعل الآخرين نحوك. وحاول طلب المساعدة النفسية من أحد المُخْتَصِّين النَّفْسِيِّين كي يَدْعَمَك في المرحلة الأولى لِتَسْتَعِيد الشعور بالكفاءة الاجتماعية أكثر وتَتَفَهَّم تجربتك الحياتية والتَّغَيُّرات التي مَرَرْت بها.
واقرأ أيضًا:
الصداقة والأصدقاء
وعاء الأصدقاء
كيف أكسب الأصدقاء؟
أريد حبا وأصدقاءَ
حياة بدون أصدقاء
الأصدقاء ركيزة مهمة في حياتنا
تأكيد الذات