أرجو منكم أن تنصحوني في طريقة معاملة ابنتي ريحانة (9 سنوات) التي أجد صعوبة كبيرة في تربيتها؛ حيث أنها ومن دون أخوانها الثلاثة هي من توترني وتقلقني من كثرة حركتها وصراخها إذا أقلقها أحدهم.
وتبدي حين أمانع في أمر ما غضب ونرفزة شديدة وتبدأ تخبط الأرض برجليها وترمي في الأشياء معبرة عن عصبية كبيرة... زد على هذا أنها في السنة الرابعة وما زالت لا تعرف القراءة المسترسلة ولا تحب الحفظ أبدا... رغم كونها والحمد لله من الأوائل و هذا لأنني دائما وراءها في الدراسة وأحفظها وقت الامتحانات.
لا ترضى بأي أمر يعطى لها وتعبر عن رفضها له بالبكاء والصراخ والنرفزة... والشيء الذي أقلقني هذا العام أنني اكتشفت أنها أخذت من حقيبتي مبالغ مالية كي تشتري حلوى و(أيس كريم) لها ولزميلاتها حتى أنها أخذت في الأخير مبلغ معتبر وأودعته عند ابنة جارتي والتي هي في نفس عمرها.
عالجت الأمر بهدوء... وعدتها إذا حكت لي كل شيء بالتفصيل أصفح عنها. وهذا ما فعلته وأخبرتني عن مكان في البيت أخفت فيه البعض من النقود، وأنها كانت تشتري الحلوى بالبعض الأخر وأنها أعطت بنت الجيران المبلغ المتبقي كي تشتري لها عروسة كانت قد وصفتها لها، مع الذكر أن بنات جارتي يملكون دائما نقودا في جيوبهم وأنا دائما ضد فكرة إعطاء المال للأبناء بمبالغ كبيرة وهذا لن ينفعهم بل سيفسد تربيتهم ولا بأس بإعطائهم من حين لآخر بعض الدنانير لكن لا يجب أن يكون هذا دائما.
جربت الحنان... جربت الضرب... ولكن شيئا لم ينفع... عصبية كثيرا... ما العمل... بالرغم أنني اجتهد معهم لتربيتهم تربية أسلامية وأنا دائما استخلص معهم العبر من أي شيء يسمعونه أو يرونه كي أمرر لهم ما يجوز وما لا يجوز وما يليق وما لا يليق.
ملاحظة..في المدرسة المُدرسة دائما تشكرها وتقول لي أنها مؤدبة ومتخلقة ويا ريت كل الأطفال مثلها... لكن في البيت شيبتني...
أرجو منكم المساعدة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
08/11/2025
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأخت الفاضلة "أم زينب"، أشكر لك ثقتك وحرصك على تربية ابنتك تربية صالحة، واهتمامك بتقويم سلوكها بأسلوب هادئ ومتزن. من وصفك يتضح أن "ريحانة" – حفظها الله – فتاة ذكية، نشطة، ذات طاقة عالية، لكنها بحاجة لتوجيه تربوي ونفسي دقيق يناسب طبيعتها الانفعالية وحاجاتها النفسية في هذه المرحلة.
فيما يلي توضيح وتحليل مختصر للموقف، مع بعض التوصيات العملية:
🔹 أولًا: الفهم النفسي للسلوك
ما تصفينه من سرعة غضب، عناد، وحب لاقتناء الأشياء، إضافة إلى السرقة من أجل الحلوى أو العرائس، لا يعبر بالضرورة عن فساد أخلاقي، بل عن نقص في مهارة ضبط الذات وحاجة داخلية إلى الإشباع أو التقدير.
غالبًا ما يُقدم الطفل في هذا العمر على أخذ المال خفية بدافع الفضول، أو لتقليد الآخرين (زميلاتها اللاتي يمتلكن نقودًا)، أو لتعويض شعور بالنقص في الحرية أو التملك.
🔹 ثانيًا: بخصوص العصبية والعناد
"ريحانة" تُظهر نوبات غضب لأنها تعلم أن صراخها يجذب انتباهك، وأنك في النهاية قد تتراجعين أو تنفعلين. هذا السلوك يتغذى على رد فعلك، لذا كلما كانت استجابتك هادئة وثابتة، سيتراجع بالتدريج.
التعامل الأمثل:
1. عند الغضب أو الصراخ، ابتعدي عنها بهدوء دون جدال أو تهديد. قولي فقط: "سأكلمك حين تهدئين". تجاهلي نوبة الغضب تمامًا حتى تنطفئ، ثم تحدثي معها بعد أن تهدأ.
2. امدحيها بعد كل ضبط لنفسها ولو بسيطًا، فالثناء هنا هو العلاج الأقوى.
3. استخدمي جدولًا بسيطًا للسلوك الجيد (مثلاً نجمة أو قلب لكل يوم تسيطر فيه على غضبها)، واستبدلي العقاب بـ فقدان الامتيازات (حرمان مؤقت من لعبة أو مشاهدة التلفاز).
🔹 ثالثًا: بخصوص أخذ المال
أحسنتِ أنك تعاملتِ مع الموقف بهدوء وصدق، وهذا تصرف سليم جدًا.لكن المهم الآن ألا تتحول القصة إلى "وصمة" تذكَّرها بها دائمًا. بل استعمليها فرصة للتعلم:
1. ناقشيها بهدوء في معنى الأمانة والنية الطيبة وحدود أخذ المال، مع ضرب أمثلة واقعية إيجابية.
2. اتفقي معها على نظام مصروف بسيط وثابت (مثل 20 دج في اليوم أو مبلغ أسبوعي صغير) لتتعلم إدارة المال تدريجيًا.
هذا النظام لا يشجع على السرقة بل العكس، يمنحها شعورًا بالثقة والاستقلالية.
3. علميها أن طلبها للأشياء لا يُرفض دائمًا، ولكن له وقت مناسب وطريقة لائقة.
يمكنك مثلاً أن تضعي "صندوق الأمنيات" تكتب فيه ما ترغب به، وتختاران معًا كل أسبوع شيئًا واحدًا ممكن التنفيذ.
🔹 رابعًا: من حيث التحصيل الدراسي
تأخرها البسيط في القراءة أو الحفظ ليس مؤشرًا خطيرًا، بل ناتج غالبًا عن ضعف التركيز بسبب النشاط الزائد أو التوتر.
جرّبي الآتي:
اجعلي وقت المذاكرة قصيرًا ومتكررًا بدل جلسات طويلة.
استخدمي أسلوب اللعب والقصص بدل الإلحاح والضغط.
امدحي مجهودها لا نتيجتها: قولي مثلًا "عجبتني طريقتك في المحاولة" بدل "لسه مش حافظة!".
خامسًا: لكِ أنتِ كأم من الطبيعي أن ترهقك طفلة بهذه الصفات، لكن تذكّري أنها ليست عنيدة ضدك، بل تحاول إثبات ذاتها واستقلالها.
احرصي على أن تريها وأنتِ هادئة ومتماسكة دائمًا، لأن الطفل يكتسب طريقة التعبير من الأم.
وابدئي كل يوم بجلسة صغيرة من الاحتواء الإيجابي: حضن، نظرة حنان، كلمة حب غير مشروطة. هذا يذيب نصف العناد قبل أن يبدأ أو لعب معا
خلاصة القول: "ريحانة" تحتاج إلى:
حب ثابت غير مشروط
حدود واضحة وثابتة
نظام يومي متوازن
تشجيع أكثر من عقاب
مصروف رمزي منظم لتعلم الأمانة والمسؤولية
وفي النهاية ليمنحكِ الله حكمة من فوق وصبرًا نقيًا في قلبك،
رَبِّ الْوَلَدَ فِي طَرِيقِهِ، فَمَتَى شَاخَ أَيْضًا لاَ يَحِيدُ عَنْهُ
واقرئي أيضًا:
ابنتي والسرقة..ماذا أفعل؟
السرقة في الأطفال
السرقة
ابنتي والسرقة.. ما الحل؟
السرقة عند الأطفال
ابني يسرقني..ماذا أفعل؟