وبعدين
أنا بنت عندي 17 سنة حرمت منذ صغري من حنان الأب فهو مطلق والدتي ولا نتكلم معه فهو مسافر.
وأنا أغار دائما من البنات اللي بكونوا أبواتهم معهم ومناح، ودايما لما أروح أنام بتخيل حالي بنت صغيرة وإني أنام في حضن والدي، أو أنني عندما أتزوج يكون زوجي هو كوالدي وأقول له بابا.
بس أنا دايما أحب الرجال الكبار في السن فأنا أعرف رجل صاحب دكان متزوج ولديه أولاد ولكنه متدين يبدو عليه، فأنا أحب الذهاب هناك لأنه عندما أذهب يبتسم لي ويسألني عن حالي، فعندما أذهب للنوم أتخيله والدي....
وأنا لا أؤمن بالحب إطلاقا فأنا أعتبره مسألة وقت مع مرور الوقت يسأم الإنسان ولا يعود للحب وجود.....
ولكن أريد أن أتخلص من هذه المشاعر لأنني أعتبرها ضعف.
30/09/2005
رد المستشار
الابنة الفلسطينية العزيزة
يبدو أن غياب الأب عن حياتك جعلك تعيشين حالة نهم عاطفي لأحاسيس الأبوة التي قد حرمت منها، وقد خلق هذا جوا من القلق والتوتر الداخليين جعلك تتقمصين دور الطفلة برغم أنك صرتي كبيرة، وقد جعل هذا كل أحلامك هي أن يكون لك أب كباقي زميلاتك وأخذت أحاسيسك تتطلع لإشباع عاطفة الأبوة ونسيت أنك بنت تحب وتحلم برجل غير والدها.
هذا لأنك في رحلة تطورك العاطفي قد وقفتي عند محطة عاطفية يمر بها الإنسان في طفولته، وفيها تشغف الطفلة البنت بوالدها وتراه أجمل رجال الأرض ثم بعد ذلك تختفي هذه الأحاسيس الطفولية عندما تشبع البنت من عاطفة الأبوة فى طفولتها تدليلا وقربا من والدها، وعندئذ تبدأ البنت فى رؤية أبيها أبا ومثلا أعلى وتبدأ بعدئذ في البحث عن رجل آخر يشبه له ويكون هذا الرجل هو زوج المستقبل الذي غالبا ما تختاره البنت بحيث يكون أقرب الناس لأبيها الذي تحبه.
أما أنتي يا صغيرتي فان رحلة حياتك العاطفية قد توقفت فى محطة غاب عنك فيها الأب وجلستي أنتي تنتظرينه حتى الآن وكلما رأيت رجلا يشبه له تجرين عليه وتظنين أنه هو أبوك وبدأت تشغفين حبا بكل من يشبه له فى سنه وهيئته.
يا ابنتي:
لا نمنعك عن حب والدك ولا نمنعك عن سعيك وراء دفء أحضانه. لكننا ننصحك أن تخلعي عنك عاطفة الأطفال وطريقتها فى الحب. فإن الحب لدى الطفل هو أمه وأبوه فقط أما اللائي فى مثل سنك فالعاطفة لديهن تكون أكثر عمقا وأكثر تفرعا، وهى تبدأ عندهم من حب والديهم ويكون هذا الحب شقين شق غريزي وآخر سـبـبي لأنهما يعطيان الإنسان الأمن والحنان. ثم يتفرع الحب ليهم إلى حب أنفسهم وأهليهم وزملائهم وأصدقائهم ويصل الحب فى النهاية إلى حب الجنس الآخر كبداية الإحساس بالأنوثة واستعدادا لبناء بيت جديد، وهذه هي فطرة الله الذي فطر الناس عليها.
الابنة العزيزة:
ينبغي لك أن تصححي من نظرتك لأمورك العاطفية فكل مرة تعجبين برجل كبير في سن والدك تذكري أنك تشبعين عاطفة الأبوة التي قد حرمتي منها الأيام، ولهذا أنصحك أن تعلقي نفسك بحب آخر يشغلك عن جرحك القديم، لأن التفكير فى الماضي لن يفيدك بل قد يزيد من آلامك لو تذكرتي تخلى أبيك عنكم وسفره بعيدا.
إنما الأحرى أن تشبعي عاطفتك بطريقة مشروعة فتوطدي من علاقتك بالأهل والجيران والمعارف فمن الممكن أن ترين بينهم من يكون كأب لك، وأن تنمي من هواياتك وتشغلي نفسك بأحلامك وطموحاتك فأنت فتاة في سن الزهور ينتظرها مستقبل ولديها أماني تود تحقيقها فاحلمي بمستقبلك أولى من أن تحلمي بنومك في حضن أب قد رفض أن ينام في حضن طفلته. واعلمي أن لديك بديل أقوى وأمثل من الأبوة وهو إحساس لا يتعكز وحب لا ينفد وهو الأبقى، أقصد الحب الإلهي فأنت مسلمة ملتزمة وأعتقد أن تدينك وقربك من الله سيساعدك كثيرا أن تنضجين بعواطفك وتتقمصي الدور الذي يتمشى مع مرحلتك العمرية.
يا صغيرتي:
فكري برهة في أحاسيسك وتعلمي أن تسألي نفسك عن كل شيء ولماذا تحبين فلانا وتكرهين فلان؟.
س. لماذا أميل للناس الكبار؟
ج. لأعوض بهم حرماني من الأب
س. وهل يكفيني أن أعيش فقط بعاطفة الأبوة؟
ج. لا. فأنا لم أعد طفلة
س. إذن ماذا يفيدني الآن في مثل سني ومرحلتي؟
ج. أن أحاول إسعاد نفسي بحب آخر، حب من صنعي أنا وعلى طريقتي، حب لم تصنعه لي الأيام على ذوقها، وهو حب اللهو حب الناس، حب الطبيعة، حبي لنفسي بأن أجعلها شيئا مرموقا.... وعندها يا ابنتي ستشعرين أن لحياتك معنى وأن هناك عواطف أخرى غير الأبوة يحيى من أجلها الإنسان.
مع تمنياتي بالسعادة