عندما تعصاك أعضاؤك
السلام عليكم؛
أنا فتاة من أسرة محافظة جدا, أدرس في الجامعة, طموحة جدا, أحاول أن أكون متفائلة على الرغم من كل شيء, صبورة جدا, مرحة, وملتزمة ولله الحمد والمنة.
مشكلتي باختصار تبدأ منذ أن التقى الحيوان المنوي الغير مرغوب فيه بالبويضة الغير مرغوب فيها لتنتج الكائن الحي الذي هو حضرتي والذي يحمل الجنس الغير مرغوب فيه، مشكلتي هي أنني فتاة في أسرة تمقت الإناث, منذ صغري وأنا أسمع أبي يهدد ويتوعد بتطليق أمي ورمينا في الشارع والزواج بأخرى و و و....
الاسطوانة المعتادة والمعروفة, لذا فأنا تربيت في بيئة غير أمنة، مزعزعة, لا أشعر فيها بالانتماء أو الرضي عن ذاتي. أبي تزوج أمي بغير رضا أهله, لذلك حشدوا كل جيوشهم وطاقاتهم في قتال تلك الدخيلة التي لا تنجب إلا البنات, يعني حرب داحس والغبراء التي طحنتنا وسحقتنا بلا أي مبرر منطقي كانت قائمة. وكذلك أهل والدتي كانت لدينا مشاكل كثيرة معهم، باختصار صلتنا الآن شبه مقطوعة بكلا الجانبين.
سأبدأ بمشكله الوسواس التي أعاني منها ويعاني منها أبي أيضا وخالي, المشكلة بدأت منذ أن كنت في العاشرة تقريبا من عمري كانت تنتابني أفكار ملحة عن أن الدين خطأ وأنني ورثته لذلك أعتقد أنه صحيح, كنت أفكر أفكار كفرية, أستغفر الله, ثم في المذاكرة, كانت تأتيني أفكار أن الذي ذاكرته خطأ, أو أن الكتاب يتغير حينما أدخل الامتحان وأحاول استرجاع ما حفظته.
ثم تطور الأمر إلى أنني أصبحت أتخيل نفسي أؤذي من أحب, مثلا كنت أستخدم الدريل وابنة أختي الصغيرة كانت عندي, تخيل نفسي أؤذيها به, خفت أن أفعل ذلك فعلا. أتخيل نفسي خلال المحاضرات أقف وأصرخ أو أن أتفوه بما لا يليق.
ثم المشكلة الأعظم وهي الوسواس المتعلق بالنظر للأعضاء الجنسية لكلا الجنسين وهذا له علاقة بما كنت ولا أزال أتعرض له من تحرش من الذي يسمى في الأوراق الرسمية والدها. نعم كانت ولا يزال يتحرش بي بنظراته, والوضع مقرف جدا لا أستطيع الخوض في التفاصيل، ولكني الآن أتفاداه تماما, لا أقابله إلا نادرا مع أنه يعيش معنا إلا أني أعزل نفسي تماما في غرفتي حتى وقت الأكل أكل أي ساندويتش حتى لا أجلس معه في مكان واحد.
احتجت الكثير من الوقت لأستوعب ذلك, لأواجه نفسي بأنه هذا يحصل لي, لم أتمكن من إخبار أحد لأنهم لن يصدقونني وأنا منهكة جدا وأضعف من أن أشرح أو أثبت لأحد. وفوق هذا هو يشك بنا كثيرا, ويحصر خروجنا ودخولنا, ويسمعنا كلام سيئ بلا أي إثبات.
ولأنه كان متشدد معنا من ناحية العلاقات بالجنس الأخر, فقد تطور في داخلي شعور قوي بأني مذنبة وغير محترمة بالإضافة لشعوري السابق بالدونية لكوني فتاة. ومن هنا بدأت مشكلتي مع النظر القهري للأعضاء التناسلية, كانت مشكلة مع الرجال فقد ثم تحولت الآن للإناث أيضا.
تستطيع تخيل مدى التقزز الذي أشعر به كل يوم، صديقاتي ابتعدن عني لأنهم ظنوا أني شاذة، أسوأ ما يمكن أن يحدث للإنسان هو أن يظلم وهو في داخله نظيف, أستطيع أن أتخيل ما يدور في أذهان الرجال وهم يرون تلك الفتاة التي تنظر لهم بهذا الشكل. شعور مؤلم, مهين يسحق ذاتي حتى التفتت، أثر جدا على دراستي وتحصيلي العلمي, وتعرضت للتحرش عده مرات وأرغب بشده في معرفة السبب. يعني أنا محافظة جدا على حجابي وبسبب نظراتي القهرية لا أرفع بصري في أحد, ولست جميلة بالقدر الذي يجعله الطبيب الذي يعالجني يتجرأ ويمسكني بطريقة مقززة أو.....أو....أو.
لذلك وبعد كل موقف أنطوي على نفسي أكثر, وشعوري بأنني قذرة وغير شريفة يتنامى أكثر, أضف إلى ذلك ما أقاسيه في البيت من تحرش ومشاكل وعزلة جعلني أتدهور أكثر وأكثر. أنا أعلم أن صبري على ما حصل لي وسكوتي على ما فعله ذلك الوحش المسمى أبي حفاظا على تماسك أسرتي وحتى لا أظلم أخواتي أو أمي أكثر مما عانوه، أعلم أن صبري لا يضيع عن رب العزة والجلال، وأعلم أن كل ما يحصل لي له سبب لأتعلم وأتقوى ويزداد قربي من ربي وأزهد في الدنيا أكثر.
مرت علي أوقات يأس كثيرة رغبت فيها بالانتحار ولكن تعلقي بربي كان أقوى ولله الحمد. أعتذر عن الإطالة وأقدر جدا جهودكم جزاكم الله عليها خير الجزاء،
ووفقكم لما يحبه ويرضاه.
13/01/2006
رد المستشار
الأخت العزيزة "سلوى"،
لا أخفي عليك مدى ما تعانين وأنت التي تغرقين، ولا أشك في حجم الألم الذي تشعرين وأنت من يحترق. بدأت قصتك ببذرة ألقاها شخص غير بريء في تربة بريئة فاكتسبت البذرة براءة التربة التي تحملها وتبرأت ممن ألقاها. وعندما رأى هذا الشخص نتاج زرع لا يروق هواه لعن البذرة والتربة التي أنجبتها. ومن هنا أصل الحكاية بدأ فقد ترعرعت النبتة الصغيرة في أرض محفوفة بالجفاف والملوحة اللاذع طعمها، وكان عليها أن تتحمل وأن تكمل النمو وفي نفسها سؤال يطرح نفسه وهي ترى كل من ألقى بذرة يحبها وينتظرها تكبر ويرعاها بفؤاده ويسقيها ماء عينيه... ولماذا أنا دون غيري لست محبوبة من والدي وأسرتي؟ ولماذا والدي لا يحبني كباقي الآباء؟. إذن هناك سر...
لقد بدا هذا السر يتضح مع البلوغ ومع تفتح زهرتك بدأت تلتفتين إلى طبيعتك الأنثوية التي صرخت ولفتت أنظار حتى والدك! وعندها بدأت تدركين الفارق بين الذكر والأنثى... لعلها هي الأعضاء التناسلية، وبرمزية جنسية بدأ الصراع بداخلك ينشب ويخلق جوا من التوتر الداخلي مدعم بالكبت الجنسي والعزلة عن الجنس الأخر بحكم التربية المغلقة، ثم بدأ الوسواس يطرح أسئلة كان لا بد لبصرك وعقلك أن يجيباها وكان مضمون هذه الأسئلة.. ما الفارق بين الذكر والأنثى؟ وما السر في العضو الذكري للولد الذي يجعل الدنيا ترحب به؟ وما العار في عضو الأنثى الذي يجعل الدنيا تشمئز منها؟.
أضيفي إلى ذلك الأسباب الوراثية في أن شخصيتك مؤهلة للمرض وعندك تاريخ مرضى في أسرتك ممثل في والدك وخالك. ولما اندفعت وراع الشغف وإدمان النظر للأعضاء التناسلية ولما كانت طبيعة نفسك لا ترضى بذلك ولا يروقها فقد تولد لديك إحساس بالقذارة وتحقير الذات أو أنك أصبحت خطرا على الآخرين وأصبحت سفاحا يقتل الأطفال.
الصديقة "سلوى"؛
هوني عليك من ازدراء نفسك فالأمر ليس ملك يمينك، ولا تفكري كثيرا بوالدك فانه لا يستحق التفكير وأنا معك في تجاهلك إياه لأنه سيذكرك دوما بمصيبتك وانه سيوقظ دوما بداخلك الاشمئزاز الجنسي وهو أول عتبات الوسواس، ولا تتورعي أن تقصدي الطبيب النفسي مادامت المعاناة قد بدأت تمس قدرتك على المذاكرة أو تفكيرك بالانتحار.
الأخت الطيبة؛
أنت تدرين مشكلتك ولا تحتاجين إلى تشخيص ولا يهمك كثيرا أن نسترسل في تفسير أسباب الوسواس، لكن ما يهمك فعلا أن تتعلمي كيف الخلاص من تلك الأفكار الضالة. فلو حدثتك عن لماذا أنت موسوسة؟ فهذا يجرنا إلى أمور متشعبة وعدة لكن ما يهمك أن شخصيتك مؤهلة للوسواس بحكم التكوين الوراثي ثم تحت ضغط الظروف المحيطة بك وخصوصا في علاقتك بأبيك، فقد حدث نوع من الخلل في الناقلات الكيميائية بالمخ المسئولة عن ملكية الفكر فمن هنا قد فقدت السيطرة على الفكر ومن هنا أخذك الوسواس في شطحاته إلى الوسواس الجنسي الذى أسلمك إلى الاكتئاب.
يا صديقتي؛
هوني على نفسك أولا فأنت مريضة، وما دامت هذه الأفكار أنت عنها غير راضية فأنت من ذنبها بريئة فخففي عنك إحساسك بالذنب. ثانيا ما دامت هذه الأفكار تعوق تقدمك وتضعف من إمكاناتك فلا بد من استشارة طبيب لتتناول بعض العقاقير التي ستصلح ما أفسده الوسواس من خلل بالمخ.
أما عن قهر الأفكار التي تراودك فلديك طريقتين:
0 إما الهروب من الفكرة أصلا وهذا أفضل في البداية وذلك بشغل نفسك بأمر آخر أو تغير موضعك الذي يهاجمك به الوسواس، وأن تغلوشي على الأفكار بشيء آخر كسماع القران مثلا أو ممارسة هواية أو سماع الموسيقى.
0 أما الأمر الثاني فهو معادلة الأفكار بأن تحدثي نفسك بعكس نص الفكرة الو سواسية، فإذا حدثك الوسواس بأن تنظري إلى الأعضاء التناسلية رددي في نفسك ما النفع في ذلك؟، إن الناس ستظن السوء بي؟، أنا مؤدبة وأخشى الله وهكذا..
وأخيرا أنصحك بأن تكثري من هواياتك فالرياضة تخلص الإنسان من كبته وتشعره بالسعادة وتهدأ من روع الأفكار في رأسه والأدب والرسم هما فنان يطلقان اللاشعور وينفثان عن المكبوت ويشعران النفس بالثقة والإبداع. كما أنصحك أن تقرئي على إبداعات مجانين قصيدتي (استشارة مجانية في الوسواس القهري) و (إلى مكتئب1).مع تمنياتي بالسعادة.
ويتبع>>>>>>>>> : إيه ذنب البنت ؟ م