مجهولة العنوان:أحلام الركض والبكاء
همسات تريد أن تصرخ همسات تريد أن تصرخ أنقذوني فقد سئمت حياتي، أنقذوني سئمت الأنين من ذكرياتي.
الدكتور أحمد عبد الله؛ السلام عليكم أنا من المتابعات لك على مجانين وإسلام أون لاين. إني في الحقيقة أريد أن أصرخ وعاليا أيضا. منذ زمن تراودني رغبة قوية في الصراخ لكن أنا وكيف؟
أنا تجاوزت الثلاثين من عمري، ولم تكن حياتي في يوم من الأيام سهلة أو عادية.. فتحت عيني على الألم بكل ما تعنيه هذه الكلمة، ولك أن تتخيل طفلة ذات نفس وثابة، تنظر بألم للأطفال من حولها، تتمنى لو تركض تمرح معهم لكنها لا تستطيع.. تحلم مرارا وتكرارا بأنها تركض... لكنها لا تستطيع...
هكذا بدأت حياتي وبدأت معها آلامي... مرت السنين الماضية كلها وأنا ألهو عن نفسي وعن أمنياتي... أدرس أعمل... أمارس حياتي... أحاول أن أنسى... ولكن... الآن يسيطر علي شعور مرير لا يريد أن يفارقني... أنا لم أعيش حياتي كما ينبغي في أي مرحلة من مراحلها... لا طفولة... لا مراهقة... لا شباب... نعم كنت ناجحة دوما ومضرب مثل... لكن ما فائدة ذلك...؟
كل من حولي يظن أني قوية... متحدية... لا شيء يؤرقني... لكن ما فائدة ذلك؟
مللت التمثيل أنا.... حصلت معجزة سماوية وتزوجت... لكني لم أستطع أن أكمل زواجي... كانت رغباتي التي كبتها وقسوت في كبتها لا تريد أن تستجيب... لم أسمح لزوجي أن يعاشرني أكثر من مرة في الأسبوع وبالزور ونحن في أول سنة زواج... لم أنجح أنا في الإفصاح عما أريد... ولم يستطع هو فهم ما أريد بنفسه...
كنت أريد رجلا يفهم أحزاني... يفهم ضعفي... يعاملني على أساس ذلك... يعطيني الحب والحنان والاهتمام... وليس الجنس وحسب وهو يظن أنه كل شيء... ربما لو فعل ذلك لاستطاع أن يثير فيّ تلك الرغبات المكبوتة.... لكنه لم يفعل...
انتهى زواجي بالطلاق طبعا بعد سنة واحدة... ومرت سنين... كان طفلي كل شيء في حياتي... ومازال... ولكن.... تعبت أنا.... تعبت كثيرا.... أشعر أنه لم يعد لدي ما أعطيه.. لقد أعطيت الكثير طول حياتي... لكني أنا لم أحصل على شيء...
مشاهد كثيرة لا تريد أن تفارق خيالي... الشاحنة التي دهستني... الشارع الذي كان فيه الحادث... المشفى... الحلم بأني أركض... فكرت في تغيير المكان واشتريت شقة لي... لكن لم يتيسر لي الانتقال لها حتى الآن.... حتى صور الناس الذين آذوني وجرحوا مشاعري هنا وهناك ما زالت مطبوعة في ذاكرتي... كلماتهم... نظراتهم... إنه جحيم لا يطاق....
لكن أنا عندما أكون أمام الناس لا يمكن أن أظهر ضعيفة... بالعكس الكل يظن أني أقوى من كل شيء... مؤمنة... صابرة.... تمنيت لو أجد إنسانا... أظهر أمامه كما أنا بدون رتوش بدون تزييف... أظهر بضعفي وحزني وجراحي الكثيرة... تمنيت أن أجد من عنده استعداد أن يجلس ويسمع ويعطي ويشعر ويحس.... لكن أين هم البشر؟؟؟
أحببت مرة أو ظننت أني أحب أو لا أعرف.... فكرت أني سأبكي بمجرد أن ألقاه... تمنيت فعلا لو أفعل ذلك... لكن ما أن رأيته حتى أخرسني أو خرست بنفسي وتجمدت ولا أعرف ماذا حصل.... تعبت أنا... تعبت... ألا يحتاج الإنسان ولو للحظات... يتجرد فيها من الكذب والتمثيل والظهور بغير مظهره الحقيقي... أحتاج أنا لإنسان أبكي أمامه أصرخ.... أطلق رغباتي المكبوتة... دون خوف أو وجل.....
أنا خائفة على نفسي... وأشعر أن جحيم الاكتئاب يلاحقني.... ولا أعرف حقا ماذا أفعل؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ملاحظة: آسفة أني أرسلت لكم عن هذا الطريق لكني لم أعد أستطع التحمل أكثر من ذلك.... وآسفة لاختراع بريد إلكتروني مزيف.. ليس لدي بريد إلكتروني.
24/1/2006
رد المستشار
غبت عن مجانين لفترة بالكتابة، لكنه هو وأنتم في العقل والقلب والوجدان، ويجري بذكره وذكركم التفكير واللسان، ومع رسالتك أعود.
انتهزت الفرصة لأقول لك وللجميع مجدد أن ما نقدمه عبر سطورنا هو محاولة للتجوال معا والمشاركة، ولذلك يظلمنا جدا من يحاسبنا وكأننا نقدم حلولا لأننا لا نفعل، ومؤخرا كانت إحداهن تقول لي: من فضلك احترس فأنت قد تنساق وراء قلمك أو مشاعرك فتكتب لفظا هكذا، أو تطلق كلاما يوحي بأنه فتوى تخالف السائد، والناس تقرأ وتسمع، وتتأثر وتطيع!!
قلت لها: الاتفاق العام بيني وبين الناس أنني بشر أصيب وأخطئ، وأن كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا المعصوم (ص) فيما بلغه عن ربه تشريعا للناس وتوجيها وإرشادا.
وقلت لها، وأقول لك ولكل القراء الأعزاء أن هدفي أن يتعلم الناس كيف يمارسون فضيلة التفكير والحرية فيبحثوا عن المعارف الصحيح، وينفتح على الخبرات النافعة، مهما كان مصدرها، ويختاروا لأنفسهم ما يحلو لهم وما يناسب ظروفهم، وما سيقفون به بين يدي المولى عز وجل.
ومؤخرا تعلمت درسا هاما للغاية، فكما أن ما يصيب الإنسان هو من القدر، وما يجري لحكمة، وأن الرضا به من الحكمة فضلا عن كونه من أركان الإيمان، تعلمت أنه عند الأذكياء الناجحين لا يوجد شيء اسمه فشل، ولكن دروسا مستفادة، وهي بديهية متوقعة مترتبة، على اعتبار الحياة رحلة ومسيرة تعلم ودار ابتلاء من أولها إلى آخرها، وأن إلى ربك المنتهى، فهل تضعين آلامك وذكرياتك في هذا السياق الممتد أم تنظرين إليها بوصفها صورا منقطعة عن السياق والمسار والمصير الذي لا يعرفه أحد؟!!!!
منذ دقائق فقط وقعت عيني على العناوين الرئيسية في الصفحة الأولى لجريدة يومية مصرية يمسك بها الراكب المجاور لي في القطار الذاهب إلى حيث عملي بالزقازيق وينقل العنوان تصريحا عن نجمة سينمائية مشهورة في الخمسينات من عمرها قالت بأن خبر طلاقها من زوجها النجم المشهور هو صحيح وليس شائعة، وفي متن الخبر تقول أن "الطلاق ليس نهاية العالم"، نحن نقرر إذن أن ما حدث لنا هو كارثة نختار بعدها العجز، أو هو فرصة للتعلم نضبط بعدها الأداء، نحن نقرر أن نتألم فقط، أو نتعلم فقط، أو نتألم ونتعلم بعد كل صدمة أو حادثة ونحن نحمل بداخلنا الاستعداد لهذا وذاك، أن نقيم مأتما وعويلا، أو أن نتأمل، ونقف على أقدامنا وننفض الغبار عن ثيابنا بعد أن تعثرت خطواتنا.
هل يعني كلامي هذا أننا ينبغي أن نجفف الدموع أو نحبسها أصلا؟!!!
هل يعني كلامي أننا غير محتاجين للصدر الحنون والأذن التي تسمع، والكيان الإنساني والتواصل الوجداني والحسي الذي يمسح على الروح، وترتخي معه الأعضاء في استراحة بين معركتين!!
لدينا جميعا مسافة بين ما نظهر به أمام الناس، وما نستخفي به عن أعينهم، وليس هذا نفاقا طالما هو في حدود المعقول ونمارسه بوعي واختيار ومسئولية، وهو أمر يختلف ويتكامل، ولا يتناقض مع أننا نحتاج إلى أنيس ورفيق تكتمل به الألفة، وتزول به الوحشة، وتبدد الوحدة.
وإن وضع الاقتراب من الاكتمال الإنساني لا يكون إلا برجل يحتضن امرأة، وهي تحضنه، وكأنها تدخل بين أضلاعه لتعود إلى مكانها في صدره، وعلى التماس مع قلبه، أليست حواء مخلوقة من ضلع آدم؟!
فما قيمتها هي خارج صدره!!؟
وما اكتماله هو وحيدا دون ضلعه الناقص؟!! وإذن نحتاج إلى الشريك لنكتمل، ويرتقي وجودنا، وأداؤنا الإنساني، لكننا بغيره نعيش يا سيدتي، أو ينبغي أن نعيش, وننتج حتى يفتح الله علينا بمن يستحقنا, ونحبه.
إن من يرهن نفسه في انتظار المهدي أو الحبيب الموعود الذي يخلع بين يديه الدروع والأقنعة ليبكي، إنما يضع نفسه في مأزق شديد، والأفضل أن يواصل حياته إبداعا وإنجازا وتحقيقا ونفعا للناس وشهادة عليهم، وكدحا إلى ربه قبل أن يلاقيه، وفي نفس الوقت يبحث هو عن سعادته، عن ضلعه الناقص أو عن الصدر الذي تسكن هي بداخله.
سيدتي.. نقرر بأنفسنا أن الزمان قد أصبح قاسيا، وأن الأحوال سيئة، وأنه لا بشر، ولا أمل، ولا حيلة، ولا أفق غير الضياع!!
لكننا لو قررنا أن نرى العالم بإنصاف وواقعية لوجدنا أن الجمال والحنان والروعة والحب والمجد ورضا الله سبحانه كلها موجودة لم تزل، ولكن جنبا على جنب مع الشر والقبح والقسوة والدناءة وإغضابه جل وعلا، كلها في الكون وكلها بداخلنا!! وهكذا الحياة والإنسان.
إذا كنت تحتاجين لعلاج دوائي أو نفساني بأنواعه فلا تتردي في طلبه فورا، وتذكري أن إرادتك في طلب التعافي أو في إعادة تأهيل نفسك لتتغيري هي الشرط لكي تنجحي في الوقوف على قدميك ولملاقاة الإنسان الذي تنتظرينه، وهو أيضا ينتظرك، فتحركي أرجوك، الحركة شرط للوصول، وتابعينا بأخبارك.