بدون عنوان
منذ المرحلة الثانوية وأنا أتمنى أن أصبح ضابطاً بحرياً أو جوياً ولكن لم يتم قبولي في أي كلية من الكليات العسكرية، انتهت الدراسة الثانوية وفي انتظار دخول كلية تتوافق مع ميولي التي لا استطيع تحديدها، بدأت الدراسة في المعهد العالي للخدمة الاجتماعية وكنت في البداية تحت ضغط نفسي رهيب لأنني كنت أريد دخول كلية عسكرية فكنت دائماً أبحث عن القوة أسعى وراء أن أحصل على سلاح وأتدرب عليه أحب الجري والتنطيط، فكنت أتمنى أن أدخل كلية تتوافق مع ميولي ولكني دخلت في مجال لم أتخيل في يوم أن يكون مجالي فكنت أرى نفسي دائماً أرتدي زياً عسكرياً وحذاءً أسود بكعب من حديد حتى أبيد ما يقع تحت قدمي، كنت أرى نفسي بداخل دبابة مدرعة أقفز من فوقها كنت أرى نفسي في سلاح الصاعقة وأهتف بأعلى صوتي لوطني كنت أتمنى أن أقفز من طائرة حربية حتى أقوم بعملية ما...
لو سمحت لا تحكم على شخصيتي من الآن ولا تقول أني مهووس بالأفلام الأجنبية لالالا.. المهم بعد أن دخلت الخدمة الاجتماعية وتخرجت وبدأت في إجراءات التجنيد ولم يتم قبولي كضابط احتياط لكثرة العدد وبدأت في الخدمة بالقوات المسلحة كجندي وأنا الآن قربت أن انتهي ولكن عندما دخلت الجيش كجندي لم أجد ما كنت أتمناه وأنا في الثانوي.
نعم الجيش فيه ما أتمناه من قوة ومغامرات ولكن الحرية..... لا يوجد حرية وأنا كما قلت لك أحب الجري والتنطيط ولا أحب أن أكون آلة تتلقى الأوامر، 40 يوم وتنتهي مدة خدمتي في الجيش وسأخرج سأجد نفسي أخصائي اجتماعي يساعد الضعفاء.. لم تكن أبدا هوايتي ولكن أين القوة التي أبحث عنها........ بدأت أبحث عن دراسة لتحقق لي ما أريد ولكني لا أعرف ماذا أريد؟؟؟
أصبحت أعاني من عصبية شديدة داخل الجيش وعندما أكون في إجازة في البيت لا أطيق أحد من زملائي ولا أحتمل سماع أمي وهي تتحدث معي ولا أطيق سماع إخوتي وهم يتحدثون معي فإذا بدأ أحدهم في الحديث فيجد مني رد فعل عنيف حتى يتحدث بصوت منخفض مع أن صوته منخفض.... لا أعرف ماذا أريد أعصابي انهارت من الجيش من الأوامر من طريقة الاستيقاظ صباحا، من شاب في سني يحمل على كتفيه نجمتين ويتحكم فيّ، أين القوة التي أبحث عنها؟؟؟
في النهاية أنا أريد أن تناقشني ولا أريد علاج فلا أنا مريض ولا مصاب بجنون العظمة.....................
شكرا.
21-4-2006
رد المستشار
أخي العزيز، "أحمد"
قرأت رسالتك باهتمام شديد، وبقدر سعادتي بمناقشة هذه الرسالة بقدر حزني على عدم استثمار من هم مثلك في وظائف ومهن تنفع بلدنا وأمتنا، وهذه بالطبع مشكلة نظام التربية والتعليم العقيم في بلدنا، بل في كثير من أقطار أمتنا العربية والإسلامية؛ والذي أصبح من نتاجه تخرج شباب وشابات من الجامعات والمعاهد وهم لا يعرفون ماذا يريدون؟ ولماذا تعلموا لهذه السنوات الطويلة ما لا يحبونه ولا ما لا يتذكرونه بعد تخرجهم؟، "ولكن والديهم يقولون ذاكر علشان تأخذ شهادة عالية تتجوز بيها، ويتفاخر الآباء بعد ذلك بأن أبناءهم قد حصلوا على شهادات جامعية عالية!!!، أما المحتوى الثقافي والفكري في عقول هؤلاء الشباب، وقدرة هؤلاء الشباب العملية على حل مشاكلهم ومشاكل مجتمعاتهم بعد تخرجهم فلا يهم!!!!"، ولا يهم بعد كل هذا الإنفاق من الأهالي، وذلك الإهدار لطاقات هؤلاء الشباب في أجمل سنوات عمرهم وأكثرها إنتاجاً وحيوية وإبداعاً، ويكفي ما يدفعه أهالينا من أموال على الدروس الخصوصية لأبنائهم كل عام!!.
أعتذر لك أخي العزيز عن هذه المقدمة، ولكن أعتقد أنها هامة للإجابة على أسئلتك، هل تعلم أخي العزيز أن طفل الروضة والتلميذ والطالب في المدارس الغربية واليابان يُخصص له حصة أسبوعية على مدى سنوات تعليمه الأساسي، محورها هو قدراته وإمكانياته وميوله ورغباته المستقبلية في اختيار المواد الدراسية المناسبة، وكذلك الحرفة أو المهنة التي ستكون متوائمة مع قدراته وإمكانياته ورغباته، مع مناقشة التلميذ أو الطالب في البدائل المناسبة إذا عجز - لسبب ما - عن تحقيق هدفه المنشود في اختيار المهنة أو الحرفة التي طالما بات الليالي حالماً بالعمل فيها، والعيش من مكاسبها!!.
والآن أخي العزيز ما هي الحلول المتاحة بالنسبة لك؟!، ولمن يُعانون من مثل مشكلتك؟!، وكذلك الطلاب والطالبات الذين لم يتحدد مصيرهم الدراسي بعد؟!؛ أعتقد أن الوالدين والمعلمين لهم دور كبير في ذلك، عليهم جميعاً تنمية إمكانيات وملكات وقدرات أبنائهم، فالطفلة أو الطفل الذي يحب الرسم أو الموسيقى أو الكتابة أو القراءة أو الرياضة أو الخطابة أو قيادة الآخرين أو السيارات أو الطائرات أو الكومبيوتر أو الحياكة أو التطريز أو صنع الحلويات أو فك و إصلاح الأجهزة التي تعطلت بالمنزل............ إلخ، فمن الأمانة أن ننمي لديهم تلك الهوايات قدر الاستطاعة؛ ولو عمل الطفل في إجازته الصيفية كي يمارس هوايته المفضلة أو يُنفق عليها.
بالنسبة لك أخي أحمد أرى أنك مغرم بالإثارة والمغامرات؛ وإن عجزت في أن تعمل كضابط بالقوات المسلحة؛ فهذا ليس نهاية الدنيا؛ فيمكنك وأنت في هذا العمر أن تتعلم حرفة الغطس مثلاً في أحد المواقع السياحية في بلادنا، لكن هذا الأمر يحتاج مال للتعلم كهاوي في البداية، أو العمل كضابط أمن في إحدى شركات الأمن الخاصة، وهذه الشركات أصبحت منتشرة بكثرة في بلادنا، ولكن هذا العمل يحتاج أيضاً إلى تدريبات ودراسات وبالطبع هذا الأمر يحتاج منك لعزيمة فولاذية وصبر وإصرار على تحقيق ما تصبو إليه من أهداف تتناسب مع روح المغامرة والتحدي والحركة الزائدة لديك.
وإذا كان حولك مجموعة من الأصدقاء تثق فيهم ويثقون فيك فلماذا لا تقومون معاً بمشروع جماعي إنتاجي لبعض الصناعات الصغيرة غير المكلفة، كصناعة لعب الأطفال أو التريكو أو التطريز أو عمل بعض الوجبات المنزلية المميزة للسيدات العاملات، وعليك أنت التسويق والتوزيع مثلاً.
أيضاً يناسبك أخي العزيز العمل كمدرب لإحدى ألعاب القوى -إن كنت رياضياً محباً للرياضة – والتي تتناسب مع بنائك الجسدي ومع توافر من يدربك في أحد نوادي المنطقة التي تعيش فيها؛ مثل الجودو أو الكاراتيه أو التايكوندو أو المصارعة أو كمال الأجسام أو رفع الأثقال أو رياضة القفز من الأماكن المرتفعة......... إلخ .
أما إذا وجدت عملاً يجمع بين الاستفادة من دراستك لعلم الاجتماع وفيه الإثارة والمغامرة والحركة في نفس الوقت كمشرف طلابي في مدرسة أو جامعة أو إداري في مؤسسة فهذا غاية المراد من رب العباد، وإن كنت محتاج في هذه الحالة لبعض الكورسات الإدارية أو التربوية.
أما إذا عجزت عن اختيار، أو احتراف واحدة من الوظائف أعلاه -لأي سبب– فليس عيباً أبداً أن تقود سيارة ليموزين أو تاكسي كعمل مؤقت حتى تتمكن من تحقيق هدفك الذي تتمناه، المهم أن تعمل ولا تكون عاطلاً، واعلم أن القوة والقيادة والمال لا يهبطون على أي منا من السماء، ولكن هناك أسباب للقوة والغنى، ولابد من الأخذ بها على الأقل كي يستطيع الإنسان منا المحافظة على قوته ووجاهته وماله - إذا أعطاه الله تلك النعم- وأهم هذه الأسباب هي العزيمة الأكيدة والإصرار على النجاح والصبر؛ ولا تنسى هذا القول: "عليّ أن أسعى وليس عليّ إدراك النجاح".
واقرأ أيضًا:
على باب الله: عن العسكرة والأقدمية