اكتئاب متلصص
أشكركم علي موقعكم الرائع،
عزيزتي.. أتعلمين ذكرتني بنفسي في فترة من فترات حياتي كم لامستني مشكلتك لكن بدون دموع فأنا المرحة القوية (التي وصفها الدكتور وائل تماما الفتاة المرحة القوية التي لا تظهر مشاكلها لأي كائن من كان) وأظن أنك كذلك.. وما سأقوله لك لا تقسي علي نفسك (أنت أكثر وحده تعرفين نفسك) عامليها برفق، أعرف كم هو مقدار الألم الذي تسبب فيه كلمه.. لم تعودي كما كنت؟ أين فلانة المرحة؟
وأظن أنها تزيد شعورك وإحساسك بأن لديك خللا ما.. لكن قولي لكل اللي يقولك هذا الكلام.. الشخصيات تتغير وأنا تغيرت للأحسن طبعا لأن من كثر مزاحه قلت هيبته، أما من ناحية الصلاة أنت تستطيعين وقف التخيلات والأفكار بتركيزك في الصلاة.
صدقيني التحكم في الأفكار يعتبر نعمة عظيمة..وتخيلي أنك في المسجد الحرام تصلين مثلا وأنت بإذن الله ناجحة دنيا ودين وراح تتغيرين وتتطورين لأن دوام الحال من المحال هذه سنة كونية يا نسمه (اسأل حكيم ومجرب) أنا غيرت في المثل بما يتناسب مع عصرنا.
وشكرا
22/9/2006
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
صديقتي نسمة.. اسمحي لي بأن أناديك بصديقتي.. لأنك وببساطة أعدت علي أجواء تجربتي السابقة التي مرت علي منذ أعوام، وذلك عبر قراءتي لكلماتك البريئة التي أثارت ابتسامة ارتسمت على شفتي وأنا أقرؤها..
لم أكن أنوي إرسال هذه المشاركة لمدى الانشغال الذي أجد نفسي فيه حاليا، والذي قد يعيق قدرتي على إيجاد الكلمات المناسبة لك.. لكن وصفك المرح البريء دفعني للكتابة أيا كانت المعوقات..
فأنا يا صديقتي مررت بنفس تجربتك بل ربما بتجربة أقسى منها عندما كنت في مثل سنك.. كنت خلالها فتاة في ال15 من عمري سعيدة جدا جدا في حياتي ومرحة أيما مرح وأستمتع وأجد المتعة بأي شيء أمامي أيا كان.. كنت قوية الشخصية الكل يعرف سطوتها ومرحها.. كنت في ضحك متواصل مثلك ولم تكن الدموع تعرف طريقها إلي بل كنت أنا التي أجاهد كي أجد شيئا يذكرني بها..
حتى جاء اليوم الذي قررت فيه أسرتي الهجرة إلى دولة أخرى.. تم إجباري على الرحيل معهم.. وأفقت على نفسي وإذا أنا ببلد لم أعهد العيشة فيها قط..فلا لغة نتشارك بها ولا عادات ولا تقاليد.. ولا ديانة.. كل شيء مختلف.. ووجدت أنني لست موضع ترحيب من البعض هناك.. حتى ديانتي وحجابي الصغير البريء لم يكن يروق للبعض... لم أكن أقوى على الدفاع عن نفسي لأنني لا أتقن لغة غير لغتي العربية التي لا يفهمونها.. ولم تكن لدي مرونة اجتماعية تعينني على التأقلم مع من حولي..
كيف لا؟؟؟؟ وقد أمضيت قرابة ال10 سنوات أذهب إلى نفس المدرسة وأقابل نفس الشخصيات والزميلات اللواتي لم أعرف غيرهن... فلم أعد أرى نفسي كما عهدتها.. أصبحت فتاة حزينة كئيبة باكية تستعيد الذكريات التي ذهبت بلا عودة وتحن لأيام الماضي السعيد...
أقص عليك هذه القصة يا صديقتي وأنا أبتسم لأقول لك أن هذه التجربة كانت (أفيد) تجربة مررت بها في حياتي.. وأعتقد أنها ستكون كذلك وإلى الأبد... حيث أنها نقطة التحول.. ففي تجارب كهذه تصقل الشخصية وتتسع المدارك وتتعرفين على أنماط جديدة من الناس والحياة وأشياء أخرى عديدة يا صديقتي لا يسعني المقام لذكرها هنا.. لم تكوني لتعرفيها.. إن بقيت طوال عمرك في المكان الذي وجدت نفسك فيه..
في تجارب كهذه تتفجر الطاقات والقدرات لتعيد تأكيد ذاتها مرة أخرى، وتعيد النفس بناء نفسها من جديد بعد انكسار أحدثه التغير المفاجئ.. لكن هذه المرة ستعيد النفس بناء نفسها بشكل أكثر نضجا وأكثر تفهما ووعيا..
صدقيني يا صديقتي..، قد لا يبدو لك الأمر كذلك الآن..لكن حتما ستعين ذلك لاحقا.. وستبتسمين.. المهم أن تحاولي استغلال التغير الذي طرأ على حياتك بشكل يعود بالنفع عليك.. لا تفكري بأيهما أفضل أو أسوأ.. أو تقارني بين مدرستك وزملائك الحاليين والقدامى... فكري فقط أنهم أناس مختلفون وهذا قد يتطلب منك التفكير والتصرف بطريقة مختلفة... هذا لا يعني تغيير شخصيتك ولكنه فقط اكتساب لمهارة جديدة لم تكتسبيها بعد.
فقلما يجد منا ما يكون له نقطة تحول، في مجتمعات أصبحت فيها نقاط التحول شيء نادر الحدوث..فاحمدي الله أن هذه النقطة قد أتتك دون أدنى جهد منك... فاسعي للاستفادة منها... واحمدي الله أيضا أنك مازلت في بلدك وزملائك الحاليون ما هم إلا بشر يتحدثون نفس لغتك، ولكم نفس العادات والتقاليد، وإن تباينت الدرجات في مدى تطبيقهم لها.. فأنتم لا تزالون أبناء بلد واحدة.. أقول لك هذا وأنا أهمس في أذنك.. أنه كلما زادت المحنة صعوبة كلما كان هذا أفضل لشخصك.
كفكفي عنك دموعك وابدئي من جديد..لأنك لاحقا قد تتبنين وجهة النظر التي أتبناها أنا الآن في أنه من الخطأ بقاء المرء في نفس المكان لفترة طويلة لأنه بذلك يضيع على نفسه الكثير.. الكثير... تحياتي لك.. وإن رغبت في التواصل معي فسأسعد بذلك.. تاركة لطبيبنا الفاضل حرية السماح لنا بالتواصل عبر بريدي الإلكتروني.
30/9/2006
رد المستشار
الابنة العزيزة "نور" أهلا وسهلا بك على مجانين، وأشكرك على مشاركتك، وأبدأ أولا بالتعليق على تغييرك صيغة المثل اسأل مجرب ولا تسأل حكيم أو ولا تسأل طبيب (والحكيم هو الطبيب كما كان وأتمنى أن يكون) بصيغة أخرى هي اسأل حكيم ومجرب، وأنا لا أدري هنا هل تقصدين التشديد على أهمية الخبرة بالتجريب؟ أم تقصدين أن تبادل الخبرات بوجه عام هو أمر في غاية الأهمية؟؟ خاصة مع سهولته في عصر الاتصالات الذي نعيش؟؟، أتمنى يا نور لو توضحي لي هذه النقطة.
صحيح أن دوام الحال من المحال ولكن هذا لا يعني أن نرضى بكل حال أو تغير حتى لو كان تغيرا مَرَضِيا لأن ذلك قد يؤدي لما لا تحمد عقباه، بالتالي فإن علينا أن نفرق بين تغيرٍ يحسب تطورا للأحسن وتغير لا يمكن أن يرى كذلك، أليس كذلك يا نور؟
الحقيقة أن مشاركتك تعتبر بالفعل دليلا على الحكمة الناتجة عن خبرة واعية تفاعلت مع عقلٍ مستنير بارك الله فيك، إلا أنني لا أستطيع اعتبارها كافية لحل المشكلة، وذلك نظرا لطبيعة الاستشارات عبر الإنترنت والتي تمنعني قدرتي على الفصل والتقييم الصحيح لحالة صاحبة المشكلة، ولأنني ما أزال أراها بحاجة إلى علاج نفسي معرفي وسلوكي خاصة وأنني لا أرى لصاحبة المشكلة دعما أسريا مطمئنا حسبما فهمت من سطور إفادتها، هداها الله ووفقها لطريق الشفاء وجازاك خيرا على مشاركتك الطيبة.
وأما ابنتي "أ" فحقيقة أجد مشاركتها رائعة وإن شعرت بأنها لم تفرغ كل ما في جعبتها، ولا أكملت حتى التنظير والتشبيه إلا فيما يخص نقطة الشخصية التي كانت مرحة،.... لا أدري يا "أ" أشعر أنك الآن أفضل حالا مما بدأت به في الغربة لأنك مشغووووولة جدا، إلى درجة البخل في المشاركة... طيب ما رأيك أنني سأمسك عن التعليق على مشاركتك الجميلة الرائعة، إلى أن تكمليها لنا بالتفصيل المفيد.
وأما صاحبة المشكلة الأصلية فهنيئا لك بهاتين وغيرهن من اللاتي لمحن في مشكلتك جزءًا من حياتهن تغيرت فيه الفتاة القوية المرحة إلى أخرى لم يحببنها.... ولكنهن رغم اختلاف الظروف والملابسات تجاوزن أزمتهن وأصبحن الآن أفضل بفضل الله -ولأنني لا أملك أي دليل على أو حتى انطباع عن مرض إحداهن- إلا أنني أقول لك أن حالتك قد تكونُ مختلفة وأن المهم هنا هي تلك الرغبة في التواصل الحميم معك التي تشعر بها كثيرات مثلك وإن كن بعيدات، فها هي الدنيا تريدك جعل الله لك فيها الخير... أين متابعتنا بالتطورات الطيبة في حالتك؟