ماذا أفعل؟
السلام عليكم؛
أريد بالطبع أن أشكر لكم مجهوداتكم الكبيرة للتخفيف من آلام الناس ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة.
أنا عندي 27 سنة أعمل في مكان جيد وأتقاضى راتب كبير وأدرس دراسات عليا وأذهب لدروس علم وتحفيظ أي أني أضع لنفسي خطة إشغال متكاملة حتى لا أشعر بالفراغ الذي دائما ما تتحدثون عنه أنه سبب أغلب مشاكل الشباب.. ولكن رغم أن حياتي يحسدني عليها الكثيرون لما أتمتع به من الحرية لثقة أهلي في الكبيرة ولله الحمد وذلك لأني لم أفكر يوما أن أخونهم أو أفعل ما يغضب الله علي ثقة مني إنه من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب.
ولكن يا سيدي لم تكن هذه الحياة التي احلم بها فكم تمنيت أن أتزوج فور التخرج وأُعَيَّن في وظيفة حكومية ويكون لدي أولاد.. ولكن أنا دائما أشعر أن الله يرسم لي خطوط حياتي لأمشي عليها.. فإذا سعيت وبشدة لأمر ما أغلق في وجهي وفتح الله لي طريقا آخر لأمشي فيه ويسره لي فأمشي به رغم أنه الطريق الذي لا أريده وأسال الله دائما الرضا عما رزقني إياه.. لن أطيل على حضراتكم كثيرا.
أنا أتحدث الآن عن موضوع الزواج.. يتقدم لي الكثير ولكن إما أن يكونوا غير مناسبين لي فأرفضهم أو أنا أعجب بأحدهم ثم لا أعجبه أنا أو أعجبه ولا أعجب أهله وهكذا.. حتى بدأ يقول لي الناس أنه ربما يكون هناك سحر أو أشياء من هذا القبيل ولأني محافظة على أذكار الصباح والمساء فإني على يقين أن الشيطان لن يمسني بفضل الله وأن كل شيء نصيب.
حتى حدث أن شعرت بزميل لي يتقرب مني ويشعرني باهتمامه أنا لا أخفي حضرتك سرا أنه ليس فتى أحلامي من حيث قدر التدين فهو مدخن شره وصلاته غير منتظمة ولكن أنا فعلا شعرت -وآسفة لقولي هذا- أنني في حاجه إلى الجنس الآخر في حياتي في حاجة إلى رجل يشعرني بأني بنت مرغوبة.. طبعا كانت علاقتنا في حيز الشغل ثم تطورت لمكالمات تليفونية طويلة منه بحجج مختلفة عن الشغل وكان كل مرة فعلا يتحدث عن الشغل ولا يقول أي شيء آخر.. فبدأت أمل ولا أعرف ماذا يريد مني بالضبط.
حتى تقدم لي عريس فقلت هذا هو الوقت المناسب فقلت له أنه تقدم لي عريس ففوجئت به يقول لي أنه يكن لي مشاعر جميلة ولكنه لا يريد أن يظلمني معه. وبدأ يحكي لي كيف أنه كان مرتبطا بفتاة من أول سنوات الجامعة حتى آخرها ثم خطبها رغم الخلافات بين الأسرتين وعقد قرانه رغم كل شيء ثم ولتفاقم المشاكل حكم عليه الأهل بالطلاق.. فطلقها صاغرا وهو لا يزال يحبها بجنون وعلى حد قوله كان شبه ميت بعد الطلاق وأصيب بالاكتئاب..
والآن يا سيدي هذا الأمر مر عليه 3 سنوات وهي تزوجت ولكنها لا تزال تشاغله هاتفيا فتعيد لديه الذكريات.. فهو يقول أنا أتخيلها معي في مواقف حياتي تأخذ معي قراراتي.. ورغم كل هذا فإنه امتنع عن الرد على مكالماتها منذ شهرين وهي فترة تقاربنا معا.
أنا فعلا يا سيدي في حيرة من أمري وأتساءل بشده هل يوجد حب هكذا يقتل صاحبه ويمنعه من الحياة مرة أخرى؟ وهل يرتضي الإنسان لنفسه أن يعيش راهبا في صومعة من الوهم دون محاوله منه للتغيير؟ ثم لماذا تقرب مني وجعلني أتعلق به وهو يعلم أنه لا يزال يحب الأخرى؟
عندما سألته هذا السؤال قال أنا انجذبت نحوك ولم أفكر ولم أحسب لها.. يقول عن نفسه أنه أضعف من أن يأخذ هذا القرار.. وهو ما يبدو لي دائما وهو يتكلم معي فأنا أحتد عليه رغم أنني لست كذلك وهو يتقبل ذلك وكأنه يقول لي أنا أستحق أكثر من ذلك ويكاد يبكي رغم أنه شخصية مختلفة تماما في الشغل.. هل كان يلعب بي ولكن لماذا وأنا زميلته أم أنه كان يختبر نفسه إن كان ممكنا أن يخوض تجربة أخرى أم أنه لا يزال مقيدا بالماضي..
أرجو أن تساعدوني فأنا قطعت كل حواري معه حتى تحية الصباح ولكن وجوده أمامي يعذبني ويجعلني أفكر فيه رغما عني.
جزاكم الله عني خيرا
19/01/2007
رد المستشار
صديقتي
أولا يجب أن تسألي نفسك عن أمنيتك الأصلية وهي الزواج والإنجاب والوظيفة الحكومية على حد قولك: ما هو الجميل في هذه الصورة؟؟ أهو ضمان الاستقرار؟ أم هو أمان المألوف والمعتاد وما يقول عنه المجتمع أنه الطريق الصحيح؟؟
أتريدين هذا فعلا وبهذه الصورة؟ لماذا هذه الصورة بالذات في حين أن المجتمع قد أظهر لنا بالتجربة الفعلية أن هذه الأشياء ليست هي الضمان للسعادة والأمن والاستقرار... وإنما تنبع هذه الأحاسيس من داخل الإنسان أولا... أعتقد أن هذا هو السبب الحقيقي.
وراء ما وصفته بأن: "الله يرسم لي خطوط حياتي لأمشي عليها.. فإذا سعيت وبشدة لأمر ما أغلق في وجهي وفتح الله لي طريقا آخر لأمشي فيه ويسره لي فأمشي به رغم أنه الطريق الذي لا أريده وأسأل الله دائما الرضا عما رزقني إياه" كلنا نمر في هذا والذكي هو من يتعرف على المغزى وراء هذه الأحداث... المغزى هو التأقلم والسرور بالاحتمالات الجديدة بدلا من محاولة كاذبة للرضا بما حدث أثناء الاستمرار في تمني ما لم يحدث... وعندما يفعل الإنسان هذا (التأقلم والسرور)، فلن يكون هناك ما يعكر صفوه أو يحزنه في هذه الدنيا المؤقتة الفانية والتي قال الله لنا ألا نتكالب عليها وألا نعطيها الأهمية القصوى.
أما عن صديقك، فهو لم يشدك إليه وإنما تحدث معك في مكالمات طويلة عن أمور العمل.. أأنت تنجذبين لشخص لمجرد أنه يكلمك طويلا ولو في العمل؟؟؟ أبلغ احتياجك لأحد يشعرك أنك "بنت مرغوبة" هذا الحد لدرجة التعلق بهذا الرجل الذي ما زال في حالة حب مرضية مع امرأة لها حياة أخرى ولكنها تشاغله تليفونيا؟؟ لماذا يرد عليها؟ لماذا يستمر في الحديث معها؟
تتساءلين بشدة "هل يوجد حب هكذا يقتل صاحبه ويمنعه من الحياة مرة أخرى؟ وهل يرتضي الإنسان لنفسه أن يعيش راهبا في صومعة من الوهم دون محاولة منه للتغيير؟" وأقول لك إنما هو حب مريض ووهم على حد وصفك...
وتعلقك بهذا الشخص "دون محاولة منك للتغيير" سوف يبقيك في "صومعة من الوهم" والتعلق المريض.
إن ربط سعادتك بوجود شخص آخر هو أساس المشكلة التي تعانين منها والتي يعاني منها كثير من الناس... ما هذا الإصرار الطفولي على وضع معين بغض النظر عن جودة الموقف؟؟
تريدين رجلا يشعرك بأنك بنت مرغوبة، وأسألك: هل أي رجل يفي بالغرض؟ وهل أنت بلا إرادة أو أحاسيس أو مسئولية حتى "يجعلك" الشخص تنجذبين إليه؟؟ لماذا تصرين على دور "المفعول بها" بدلا من دور الفاعلة في الأمور العاطفية؟؟...
من الواضح أن هذا الزميل ليس هو من يصلح لك زوجا أو حبيبا فلماذا أنت غاضبة منه ولماذا هذا الأسلوب الطفولي في تجنبه في العمل؟؟ ولماذا يعذبك وجوده أمامك؟؟ لم يتحدث معك في شيء سوى العمل في المكالمات الطويلة وكل ما قاله عندما أخبرتيه بوجود عريس هو أنه يكن لك مشاعر جميلة ولا يريد أن يظلمك معه... تصفينه بالضعف وتقولين أنه مازال متعلقا بالأخرى المتزوجة ويتخيلها معه في قراراته وحياته اليومية... كيف بالله عليك تعلقين مشاعرك وسعادتك على هذا؟؟ ولماذا أنت غاضبة منه؟؟ لأنه ليس الرجل الذي نسجته في خيالك؟؟ ولماذا يجب عليه أن يكون ما تريدين أنت؟؟
راجعي نفسك وراجعي موقفك.. لست أفضل منه إن استمر هذا الوضع من الغضب الطفولي لأنك وضعت نفسك في "صومعة من الوهم" من بداية الأمر... هناك رجال آخرون وهناك فرص أخرى إن أردت أن تؤمني بهذا، وهناك إهدار الوقت والمجهود والمشاعر فيما تمنيت أن يكون إن أردت أن تؤمني بأنه ليست لديك فرص غير هذا الرجل المريض عاطفيا، الضعيف إنسانيا...
الاختيار يعود إليك وحدك في هذا، وأرجو ألا تلومي القدر أو النصيب في هذا... فمن الواضح أن المشكلة تكمن في نظرتك لنفسك وللزواج ولاحتمالاته وتأويلك للأحداث أكثر من أن هناك مشكلة حقيقية. إن لم تنظري لنفسك على أنك "بنت مرغوبة" أولا، فلن ينظر لك أحد هذه النظرة حقيقة على المدى الطويل ولو حدثت كل المستحيلات ولو تجمعت كل البراهين.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الأخت العزيزة أهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، ليست لدي إضافة بعد ما تفضل به مجيبك الأستاذ علاء مرسي غير أني تذكرت ما كان يحكيه لي أحد الشباب الذي يعتبر من "الدنجوانات الكبار" فقد قال مرةً أن أحد أيسر الطرق لجر بنت قلقة بشأن الزواج هو أن تقنعها بأنك الآن مجروحٌ عاطفيا من أخرى وأنك لا تريد أن تظلمها باستمرار العلاقة، فإذا هي في النهاية -مهما كان رد فعلها المبدئي- يسوقها شيطانها لك راغبةً وممنيةً نفسها بأنها ستقف بجانبك لتنسيك الأخرى.. ومن هنا تسقط في الفخ! وهو على أهون الأحوال ضياع الوقت والمشاعر والفرص..... لا أريد إخافتك ولا أقول أنني أعرف أن زميلك دنجوان فالله أعلم بك وبه ولكنني فقط نقلت لك تخوفي... والله من وراء القصد.