سنوات الضياع
- بكالوريوس تجارة من جامعة الإسكندرية، وكنت أعمل محاسبة بفندق وقائم بأعمال مدير حسابات لمدة 5 سنوات. حالياً مستقيلة من العمل بسبب تجاوزات مالية من مدير المنشأة رفضت الاشتراك فيها، وأقوم حالياً بمقاضاة المنشأة لرفض المدير إعطائي مستحقاتي ورفضه قبول الاستقالة كورقة ضغط للعودة إلى العمل فشلت وتطورت حتى وصلت لهذه النتيجة.
- ليس عندي مصدر دخل حالياً ومنذ مارس 2008 أقوم بعمل دبلوما بجامعة الإسكندرية.
- رغم أن في الكثير من الأحيان يصعب عليّ النوم وأصاب بحالات من القلق والأرق الشديدين، إلا أني حالياً أنام جديداً ولأوقات طويلة أحياناً.
- الشهية جيدة جداً وأحياناً زائدة لأني من النوع الذي يأكل بكثرة وقت الغضب أو الضيق.
- الفكرة المسيطرة باستمرار هي رغبة شديدة في الموت، ولشدة خوفي من الحساب والعقاب غالباً ما أتمنى الدخول في غيبوبة طويلة أو أتمنى أن أفقد عقلي لأني كثيرة التفكير والتعمق حتى صرت أشعر بأني سأصاب بالجنون في يوم من الأيام.
- بالنسبة للدين، أنا والحمد لله مؤمنة وموحدة لله، ومنذ 3 أعوام ذهبت لأداء العمرة وكنت منتظمة في الصلاة ولكن حالياً لا، أشعر بشعور غريب هو أني -وليسامحني الله- أنه لا يريد أن يساعدني رغم أني كنت ألجأ وأتوسل إليه بشدة طوال سنوات ولكن المحن تزداد، ورغم أني كنت أقوم بعمل استخارة قبل أي فعل وكان الله يرشدني إلى ما أفعل إلا أني لم أوفق في أي مما فعلت أو طلبت، وكأنه عقاب لسبب لا لأعلمه ولا ينتهي أبداً بل يزداد. وبإيجاز شديد أشعر أني (زعلانه من ربنا ومن الدنيا كلها) وأستغفر الله للشعور بهذا، ولكنه رغماً عني والله يعلم هذا.
- لا تهيؤات ولا هلاوس، وإن كانت تنتابني قبل النوم حالة من الخيال الجميل حتى أستطيع النوم، أعيش فيها في مكان مختلف ومع أناس آخرين، وهذا يحدث منذ سنوات كثيرة من بداية مرحلة المراهقة تقريباً.
- لا اهتمامات غريبة. أنا منظمة في لبسي وهيئتي جداً بإشادة الجميع، ويقول بعضهم أنني جميلة وأنا أرى نفسي عادية والحمد لله. بالنسبة للسلوك الجنسي أقوم بالعادة السرية منذ الثانوية العامة.
- أحب أن أؤجل نقطة العائلة للآخر لأنها الجزء الأكبر من المشكلة.
- تعرضت مرة واحدة لمحاولة لا تسمى اعتداءً لأنها ليست بهذا المعنى، وكانت من ابن عمتي وكنت شرسة جداً معه لدرجة أنني قمت بعض يده حتى أدميتها، وكنت أتخلص من محاولاته المريضة بنجاح وكنت أخبر أمي بذلك.
- ذهبت 3 مرات ل 3 أطباء نفسيين منذ فترات بعيدة وكل مرة كنت لا أعيد الكرة لنفس الطبيب لأسباب مختلفة
1- دكتور عمرو أبو خليل: وذهبت إليه فقط لأحكي عن الجزء العاطفي من مشكلتي وكانت إجابته أنه يجب أن أتغلب على مشكلتي وأبتعد عن الشخص، ولم أذهب مرة أخرى لأنني لو كان باستطاعتي فعل ذلك ما كنت ذهبت لأي طبيب، كنت أحاول وأفشل، وقد كتب لي الطبيب مضاد اكتئاب اسمه motival ولم أستعمل منه كثيراً حيث كان يسبب ارتخاء في الأعصاب وشعوراً غريباً بأني أشاهد العالم من الخارج ببطئ، وكنت أكره هذا خصوصاً أنه كان يحدث في أوقات العمل أحياناً.
2- دكتورة لا أتذكر اسمها لأنني عرفتها من لافتة طريق وقالت أني مصابة باكتئاب شديد.
3- دكتورة نادية حافظ: ذهبت إليها مرة وتحدثت معها ولم تخبرني بأي شيء إلا أنه يجب أن أتوقف عن كثرة التفكير، وأني أيضاً مصابة بالاكتئاب ونصحتني ألا أترك عملي حيث كنت وقتها في مشاكل مع الإدارة، ولم أذهب لها ثانية وذلك لأنها أنهت المقابلة معي لوجود مريض آخر رغم أني لم أطل الوقت أو الحديث معها إلا أني انزعجت من هذا جداً وقررت ألا أذهب لأي طبيب نفسي مرة أخرى، خصوصاً وأن لا أحد قدم لي أي حل إيجابي لمشكلتي وكتبت لي علاج هو برازولام+seroxat.
- ليس في العائلة أي جذور لمرض نفسي.
- أعاني من حساسية مزمنة في الحلق ولم تصل إلى الصدر من الدخان والأتربة وأحياناً من الجو نفسه، وأبي مصاب بسكر وراثي ومنتشر جداً في عائلته عن سن معين وهناك احتمال لإصابتي به.
- كثيراً ما أعاني من نوبات الاكتئاب وعندها لا أخرج من غرفتي ولا أحب أن أرى أحداً ولا أعرف أحداً، وتستمر هذه الحالة لأوقات طويلة أحياناً وقد تستمر شهراً أو أكثر، وقد تكون لأسباب صغيرة جداً وفي الغالب تكون بسبب المشكلة العاطفية لأنها أكثر شيء يؤثر بي وتقريباً هي نقطة ضعفي الوحيدة لأنني قوية جداً في مواجهة الأزمات إلا في هذا. أشعر بقلق غير مبالغ فيه بشأن حياتي القادمة، ليس لشيء إلا أنه خوفٌ من الاستمرار بهذا الشكل.
- رغبتي دائمة ومستمرة في الموت وأحياناً يكون النوم هو نموذجي المصغر للموت، وأحياناً أهرب إليه حتى لو لم أنم فعلياً ولكني أكون متخذة وضعية النوم.
- فكرت في الانتحار كثيراً جداً ولكني لم أجرؤ على فعلها لأني أخاف من عقاب الله.
- قمت مرة بتدخين الحشيش بالمصادفة وكمحاولة للهرب من المشاكل ولكني أدركت أنه لا تأثير له عليّ. ومرة سجائر وكنت سأموت بسبب الحساسية ولم أكررها.
- لست مضطهدة إلا من الدنيا والظروف، ولا تنتابني نوبات عظمة، ودائماً أكون محط إعجاب الآخرين وملفتة للنظر سواء في مظهري رغم أنه دائماً ما يكون محترماً وبسيطاً، أو على قول الآخرين بأني لست فارغة العقل ولست مثل بنات جيلي في هيافتهم واتجاههم للمظاهر والموضة وفراغ العقل. وأنا أرى أن هذا مبالغ فيه وأني عادية ومثلي كثيرات، ولكن هذا الكلام دائماً ما يتكرر من قبل أشخاص متعددة وفي العائلة أنا صديقة الكل، والكل يحب الاستماع لرأيي في كل المواضيع حتى في السياسة.
- بالنسبة للعائلة. البيت مفكك جداً، ونحن دائماً في مشاكل عائلية تقريباً لا يوجد وقت يتعدى يومين بين كل مشكلة وأخرى، والمشاكل ظلت تزيد وتتفاقم حتى أصبحت بلا سبب! ودائماً بين أبي وأمي وغالباً صاحب المشكلة يأخذ موقفاً من الآخرين، وأحياناً يأخذ الطرفان موقفاً منا كلنا بزعم داخلي من كل منهم بأننا سنكون مع الطرف الآخر، ونحن جميعاً لا نكون مع أي طرف. المشكلة أن كل طرف يريد أن يحكي المشكلة مهما كانت خاصة لاجتذابنا ناحيته، وعندما لا نشترك بإلقاء اللوم على الطرف الآخر والمشاركة في سبه أو شتمه نكون فهذا يعني أننا مع الطرف الثاني، وأحياناً يكون هذا الاعتقاد لدى الاثنين معاً في نفس الوقت ونفس المشكلة! ومشاكلهم كانت من زمن وبدأنا نعرفها منذ أن كنت في 15 تقريباً، وظلت تزيد وتزيد حتى وصلت لاستحالة العشرة والحياة ولكنهما اتفقا أن يظلا هكذا مع اختلاق مشاكل جديدة كل يوم.
سبق وكنا نتدخل ولكن دون فائدة. وصلت مرة المشاكل لدرجة أن والدي طردنا جميعاً من المنزل دون أي دخل سوى دخل أمي وأنا، وتطورت لقضية خلع بسبب شك والدي في سلوك أمي بالباطل، وكلنا نعلم هذا لأنه كان متعدد العلاقات حتى وهو متزوج وحتى داخل المنزل، واكتشفت أمي هذا أكثر من مرة حتى أبت أن تقبل فقرر أن يرد لها الفضيحة، وكنا نحن تحت الأقدام، ولأن المدينة التي نسكنها صغيرة جداً فالكل يعلم بما حدث والتشنيعات في حق والدتي بالإضافة لعلاقات والدي، ولهذا تقريباً لم تتزوج أي منا أنا وأخواتي، ولا أمل في ترك المدينة لأن ببساطة الأب والأم انشغلا عنا جميعاً بمشاكلهم والعناد والجولات المتكررة بينهما ولا يفكر فينا أحد.
لن أنسى أبداً أن والدي ذات مرة اتصل بعملي وأخبرهم بالقضايا التي رفعتها أمي ضده ليتسبب لي في فضيحه وسط زملائي لمجرد أني أسكن مع أمي وأخوتي رغم أنه هو الذي طردنا ليتزوج ولم يفعل، وهو حالياً عندما يتحدث إلينا يكون بعصبية وغضب، حب للسيطرة علينا مع أننا لم نعد أطفالاً ولكن لا مجال للخروج من هذه اللعنة... لعنة المنزل التي طالت كل من به. يتحكم في خروجنا رغم أنني أسافر وقد لا يسأل عليّ إلا إذا كان يريد شيئاً أحضره أو أشتريه، ولكنه دائم الحصار لأمي في كل شيء ولا يهتم بنا إلا من أجل أن يضايقنا أو يثبت نفوذه علينا أحياناً، وغير ذلك لا يهتم، حتى لا يهتم أين أقيم وقت السفر أو ماذا أفعل.
حاولت أكثر من مرة أن أقيم في الإسكندرية أو أبحث عن عمل خارج مصر، فكان يوافق في البداية ثم يرفض، وكل ما أفكر فيه حالياً هو كيف أخرج من هذا البيت وأبتعد عن هؤلاء الناس لأن الوضع حالياً فاق الاحتمال وتعدى كل طاقات البشر.
** وهذا هو الجزء الأول والأساسي في مشكلتي، أما الجزء الثاني فيتمثل في حياتي العاطفية وهو كالآتي:
- في فترة الانفصال والمقاضاة بين والديّ كان لا سبيل لي إلا أن أستعين بأحد زملائي في العمل لكي يخبرني بما يثار بشأني في أجواء العمل، وهل علم أحد بالأمر أم لا، خصوصاً بعد اتصال والدي. وكان هو شاب يكبرني بعامين، طيب القلب وحنون للغاية، وجدتني أنجذب إليه وأحكي له وأشاركه مشاكلي وخصوصاً عندما لاحظت اهتمامه ومحاولاته للاقتراب مني بإصرار وكان فعلاً يساعدني كثيراً في كل المحن التي مررت بها بالرأي وبالأفعال أيضاً وأهم شيء أنه كان يهتم بي جداً ولأول مرة أجد أحدهم يقول لي لا أو نعم ويغضب عندما أفعل شيئاً لا يرضيه، ولم يكن الأمر بتحكم بل بحب.
- للعلم كان هو أول شاب في حياتي، فقد قفلت هذا الباب مراراً وتكراراً في كل حياتي السابقة، لا لشيء سوى أني أريد أن يكون الشاب الذي أعرفه هو من أتزوجه، فما كانت سابقاً إلا قصصاً صغيرة تبدأ مني وتنتهي إليّ وحدي ولا تكتمل أبداً لأني كنت أدرك أنها مشاعر مراهقة لن تكتمل. إلا هذا الشاب؛ أحببته بجد حباً لا يوصف، وكنت أعتقد قبلاً أنه حب احتياج، وكنت أبتعد عنه وأعافر في ألا يتعلق قلبي به مبررة هذا لنفسي أني أمر بأزمة وهو ارتباط مؤقت، ولكنه لم يكن كذلك وعرفت السر في أن هذا الشاب يحتويني ويفهم ماذا أريد وما أحتاج. للأسف هو مرّ بنفس ما مررت به، فانفصل أبواه وتركاه الاثنان ليبدأ كل منهما حياته؛ والده في بلد آخر وأمه في قطر آخر وهو بين بيوت العمات والخالات، وعانى هناك الأمرّين خصوصاً لأن والده كان يعاند والدته به، فكل شيء تمناه حبيبي كان والده يقف أمامه فيه، ولم أدرك حجم المشكلة التي يعانيها إلا بعد حين.
- لم يكن أمرنا سرّاً بل كان معلناً للجميع في العمل وفي نطاق الأهل، وكنا متفقان في كل شيء حتى جاء الوقت وأصبح زواجنا بعد شهر، وذلك بعد زيارة السيدات من أهله لمنزلنا وما تبقى إلا شيء واحد هو والده وهو العقبة، فقد رفضني رفضاً تاماً ولم يخبرني حبيبي السبب حتى الآن ولكني أعلمه: هو والدي وما يتردد عنه وعن مشاكل بيتنا، وآثر أن يزوجه ابنة عمه، ولأن مدينتنا مدينة قبلية فالعائلة لها كلمتها التي لا تقهر وخصوصاً أن أصوله قبلية وأهله كذلك.
من وقتها تغيّر معي وابتعد مثلما كان يفعل مع كل شيء أراده ووقف له أبيه فيه، وكل أهله أخذوا موقف والده لأنهم لن يساعدوه بشيء أو يوافقوا ضد رغبة والده فهذه العادات والتقاليد هنا. ولم يكن من الممكن أن أبتعد لسببين:
أولهما، أنني أحبه ومتأكدة من حبه، وقليلاً ما يجد الإنسان هذا مرتين.
وثانياً، هو أنه لم يكن مسموحاً، فقد كان هو الأول في كل شيء وما الجسد مقابل القلب، ورغم أنني مازلت فتاة -أو نصف فتاة لأني غير متأكدة- إلا أنها ليست المشكلة، والمشكلة هي أنني أعطيته ذلك حتى وإذا لم يكتشف، أحد المشكلة ليست في زوج المستقبل بل هي في أنا أكثر من أي شيء، فأنا لن أكذب على أحدهم أبداً ولن أسمح بخداعه، وفي نفس الوقت لن يتفهم أحد ما حدث.
ورغم مرور 6 سنوات إلا أن حبي لم يتغير أبداً برغم كل القسوة التي يعاملني بها كي أبتعد، وكنت أرى الدموع في عينيه حتى جفت عينيه من ملامح الحياة فقد تغيّر، ظل يشرب ويعربد وابتعد عن أهله وسافر ورفض الزواج وأصبح إنساناً آخر لا أعرفه، ولكني كثيراً ما كنت أجد في عينيه هذا الشخص الذي أحببته للحظات ثم يعود الآخر. أصبح لا يأبه لشيء ولا حتى أنا، وكنا نبتعد وبمجرد أن يهاتف أحدنا الآخر كنا نعود بلهفة، وفي فترات انفصالي عنه ذهبت للعمرة وظللت أدعو الله أن يبعده لو فيه شر وأن يقربنا لو فيه خير، ودائماً كان يقربنا حتى أنني قررت أن أنساه وقبلت خطبتي بإنسان آخر وأخذت عهداً على نفسي أن أبدأ من جديد، فالحياة لا تتوقف عند أحدهم.
وفعلاً فعلت، وكان يعلم أنني أحببت قبله وكان يحبني ولكني لم أستطع، كنت أرى الآخر في وجهه وكلامه وفي كل مكان، كنت أجده هنا قال كذا وهنا كذا، وحتى الآن أراه في كل شيء ولا أفكر في سواه: آكل ما يحب، وألبس ما يحب... فأنا أحبه رغم كل السنين، ورغم كل ما فعل ولا أعلم النهاية، فقد حاولت وحاولت ولكن دون جدوى.
والآن نحن معاً، صحيح لا أشعر بحبه واهتمامه فهو الآن لا يهتم لأي أمر ولكنني أنا الوحيدة في حياته، وأنا الوحيدة التي يحدثها وتعرف عنه كل شيء بشهادة أهله وأخيه الذي يسألني أنا عنه عندما يريد أن يعرف شيئاً معللاً أنه لا يتكلم إلا معي، رغم الحال التي وصل إليها إلا أنه كثير الجرح فيّ، وأيضاً هو الوحيد الذي أجده عندما أحتاج لأحد، وهو الوحيد الذي أشعر أنني أريد أن أحاكيه...
باختصار؛ هو اليد الوحيدة التي تحتضنني، وهو سبب حياتي، وفكرة زواجه بأخرى تقتلني فأفزع كلما سمعت أصوات سيارات زفة في الخارج، ولا أعلم ماذا أفعل؟! أشك أنني أصبحت مريضة به لدرجة أنه هو السبب الوحيد لبقائي على قيد الحياة. هو أيضاً، لا يعلم ماذا يفعل، فرفض والده لن يتغير وهو لن يستطيع أن يخالف عائلته وإلا أصبح مطروداً ومكروهاً من الجميع، وأيضاً يعلم أنني لا أستطيع الابتعاد عنه.
- أما أنا فمقيدة بين النارين (البيت وحبيبي)، والقيود تزيد بمرور الوقت وتضغط أكثر على عنقي حتى أصبحت غير قادرة على احتمال المزيد، كما أن عمري مضى، فهنا 23 سنة تكون قد أصبحت عانساً أنا تعديت 27 ولا يوجد من الشباب من هم في سني ولم يتزوجوا، إضافة إلى حصار أبي الذي يكون عائقاً في السفر لأي مكان.
- أحياناً كثيرة أشعر برغبة عارمة في أن أصبح أمّاً، ولكن أحمد الله أنني لم أتزوج وأنجب كيلا يكرهني أبنائي كما كرهت أنا أهلي، وأشعر أني بالتأكيد غير سوية نفسياً لأكون مؤهلة كأم، فأنا أرى كل الرجال في صورة سيئة جداً رغم أنني أعلم أن هناك اختلافاً لكن لا أراه. هل أنا مريضة؟ وماذا أفعل في مشكلتي بطرفيها؟.
- أفكر في الموت دائماً وكلما مرّ الوقت يزداد التفكير، وأخاف أن يأتي الوقت وأقدم عليه دون خوف من حساب، فبالتأكيد أن الله يعلم ما أعاني فماذا أفعل؟. تمر السنين دون أي تقدم، بالعكس من سيء لأسوء، والضغوط النفسية تزداد حولي، ومؤخراً أصبحت أحدّث نفسي وتنتابني حالات من البكاء حتى الانهيار التام، وحتى لا أشعر بأي شيء وأحياناً أصرخ وأبكي بصوت عالٍ ويرتعش جسدي كله وينخفض ضغط دمي، كل هذا يحدث دون أن يشعر بي أحد لأنه لا يهتم بي أحد، وحبيبي في مدينة أخرى يهوّن عليّ حيناً بمكالمة ويزيد انهياري حيناً بمكالمة أو تجاهل أو انشغال. وفي العادة فإنني مؤخراً أصبحت عصبية جداً، سريعة الغضب، وقد آخذ موقفاً ثم أعود لأغيّره بعد دقائق، وأصبحت عنيفة في معاملاتي بعض الشيء. ماذا أفعل؟ ومم أعاني؟ وما الحل؟.
- ملحوظ’: غير مطروح فكرة أي نقاش مع الأهل لأن هذا غير مجدٍ، فلم يعد يرانا أحد منهم أصلاً، وقد تدخلت المدينة كلها بما فيها نحن في مشاكلهم دون جدوى.
- ملحوظة أخرى: بالرغم من أني متدينة ،وبالرغم من حدوث ما حدث بيني وبين من أحببت، إلا أنه قد أشهد الله أننا زوجان وأنا تعاملت معه على هذا -وللأسف-، أدرك تماماً أن ما حدث كان رداً من الله لتصرفات والدي، فالزنا دين يرد ولو بعد حين، وأصدقك القول بأن ما حدث حدث وأنا في غير وعيي فقد انتابتني حالة من الجمود، أحملق في السقف وأشعر بالبرد ولا أدرك ما يحدث، مع العلم بأن تفسير طبيبة النساء لحالتي حالياً غريب، فأنا لم أفقد عذريتي وأيضاً لم تبق كما كانت! وأعتقد أنه قد شك في أنه ليس الأول في حياتي في وقت ما، ولكنه ولأنه أصبح يعرفني كالكتاب المفتوح فهو يعرف أنه الوحيد. وبقيت أنا وزاد هذا من أمري حيرة ومن قيودي قيداً.
- آسفة للإطالة. برجاء الاحتفاظ بسرية البيانات حتى لا يتعرف على شخصيتي أحد،
وخصوصاً المدينة التي أنا منها.
07/12/2008
رد المستشار
الابنة "أمة الله"
تحية طيبة وأهلاً ومرحباً بك على مجانين. طبعاً تفاصيل حياتك تشبه مسلسل تليفزيوني أو فيلم تراجيدي لم تُحدَد نهايته بعد، وبعض تفاصيل مشكلتك شبيهة بتفاصيل المسلسل التركي الشهير "سنوات الضياع"، مع احترام الفرق في اختلاف الثقافات.
المشكلة الكبيرة في حياتك يا ابنتي هي مشكلة والدين متخاصمين في داخل مجتمع قبلي، وليت المشكلة بينهما؛
قد حسمت بالطلاق من وقت بعيد؛ لأن الطلاق في المجتمع القبلي أسهل نسبياً –وإن كان للطلاق في كل الأحوال والمجتمعات مشاكله السيئة، فهو بحق أبغض الحلال- من الطلاق في المجتمعات الحضرية على الأقل بالنسبة للأبناء، حيث يتدخل الأقارب عند الطلاق لمساعدة الأبناء، وتصبح الأمور محسومة نسبياً من العائلة والقبيلة، أما الوضع الأسري المعقد لديك، ولدى حبيبك فهو في الحقيقة مشكلة عسيرة الحل.
ببساطة نحن لا نختار آباءنا ولا أمهاتنا، ومن الناحية النفسية أرى أن الاكتئاب عندك له سبب واضح وملموس وهو الإحباطات الاجتماعية المتكررة التي قد عانيت منها طويلاً وبلا سند قوي وفعال، وأظن أن تلك الإحباطات قد أثرت على صواب قراراتك بشأن العمل، فلا أظن أن أي مشروع كبير ببلدك قد يخلو من مخالفات إدارية أو مالية، وذلك بنسب مختلفة تتراوح من المخالفات البسيطة إلى المخالفات السيئة جداً، لذا من المهم أن نتقن كيفية مواجهة هذه المخالفات بحكمة ولباقة، وبلا ضرر ولا ضرار، وليس الحل عادة هو ترك العمل لأن لكل عمل إيجابياته وسلبياته، ولكي نتمكن من وزن الأمور بحكمة أظنك بحاجة إلى استخدام مضاد للاكتئاب لفترة طويلة حتى تُحل أغلب مشاكلك بأمر الله، وليكن السيركسات الذي وصفته لك الأستاذة الدكتورة نادية حافظ ولو بمقدار نصف حبة يومياً وباستمرار، وأرى أن استخدامك لأحد مضادات الاكتئاب هام جداً في حالتك لدفع الاكتئاب المصحوب بأفكار الرغبة في الموت التي تتناوبك من حين لآخر وبالذات عند زيادة المشاكل فوق رأسك.
ابنتي،
أرى بالنسبة لك أهمية الاستقلال عن الجو الأسري المُلَغّم المحيط بك، وأنت قد اعتدت المعيشة في الإسكندرية منذ أيام دراستك الجامعية، فحاولي الاعتماد على نفسك في إيجاد عمل لك، أو العودة للعمل السابق مع وضعك لشروط تحول دون تورطك في أي مخالفات مالية إن أمكن، وإلا فابحثي عن عمل جديد، مع الاستمرار في عمل دراساتك العليا إن أمكنك ذلك، لا تحاولي الدخول في مشاكل والديك فستكونين الخاسرة والضائعة دائماً في الرجلين!، ولتعلني لهما ذلك صراحة، فأبوك هو أبوك بعيوبه ومساوئه فهذه حقيقة لا فكاك منها حتى يُحدِثَ الله أمراً كان مفعولاً، وأمك هي أمك بعنادها وإصرارها على إثارة المعارك والمشاكل، والداخل بينهما خاسرٌ خاسر من الأبناء، وأقصى ما تستطيعين فعله لهما هو المساعدة المادية لهما ولإخوانك وأخواتك عند استطاعتك ذلك، أنت لم تشيري في رسالتك عن علاقتك بإخوانك وأخواتك وأنا لا أدري لماذا؟.
والاستقلال الذي أقصده لا يعني أنك تعيشين في مكان آخر، فيمكنك أن تكوني مع نفسك وأنت تسكنين مع والديك، ولكن المهم هو أن تكوني بعيدة عن مشاكلهما التي لن تنتهي، ولا تجعلي طرفاً منهما يستقطبك ضد الطرف الآخر، وليكن حجتك في ذلك أنك عانيت من تلك المشاكل لدرجة الاكتئاب اللعين والذي بالفعل قد يدفع بعض مرضاه للانتحار!.
يتبقى يا ابنتي مشكلة حبيبك المتردد بين حبك وبين عدم رغبة أهله في أن تكوني زوجة لابنهم، وقد حل هو هذه المشكلة جزئياً بإقامة علاقة معك عبر الهاتف والمراسلة، وبممارسة بعض الضغوط على أهله بعدم تواصله معهم وخصامهم، ومن الواضح أن هذا الحل يرضيك نسبياً ولكن ما يقلقك فيه هو احتمال سماعك لخبر زواجه من أخرى في أي وقت!؛ وهذا سبب آخر يجعلني أؤكد ضرورة استخدامك لأحد الأدوية المضادة للاكتئاب والقلق في هذا الوقت الحرج والصعب.
لذا فحل هذه المشكلة يحتاج لقرار مشترك بينكما أنت ومن تحبين، ولا يستطيع طبيب نفسي ولا غيره أن يحل هذه المعضلة، المهم كالعادة أن نوقن أن لكل قرار تبعاته ومسؤولياته، فهل هو يرغب في الاستقلال عن أهله وعذابهم المستمر له في الصغر والكبر ويتقدم لأهلك طالبا الزواج منك؟!، وهل سيوافق أهلك القبليين على زواجك منه رغم عدم موافقة أهله على هذا الزواج؟، ولأفترض معك الأسوأ وهو أنه رضخ لرغبة أهله وتزوج بأخرى؟!، فهل سيكون هذا القرار من جانبه نهاية الحياة بالنسبة لك؟!، أظن أن من خلقك هو أولى بك من أي مخلوق، وأنك ستتغلبين على هذه الأزمة –بعونه سبحان وتعالى– كما تغلبت على الكثير من قبلها. ولو افترضنا الأحسن بالنسبة لك؛ وهو أن هذا الزواج قد تم، فهل سيكون كل طرف منكما قادر –بعد كل هذا العناء- على تقديم المزيد من التضحيات من أجل إسعاد الطرف الآخر في ظل الظروف الحياتية الصعبة المحيطة بنا جميعاً؟!.
كل الإجابات عن تلك الأسئلة وأكثر ستجيب عليها الأيام والشهور والسنوات القادمة فكوني مستعدة لما ستأتي به الرياح بنفس مطمئنة هادئة، ورضا تام وتسليم بقضاء الله، واستعدي للقادم دائماً –وأياً كان –بعمل شريف يكفيك مؤونة سؤال أي شخص ولو كان أقرب الأقربين إليك من البشر، وكوني واثقة من أن الله تعالى يكتب لنا الأفضل دائماً لدنيانا ولآخرتنا، وكثيراً ما نسأل الله– كبشر محدودي العلم والبصيرة– أموراً لو تحققت لكان فيها الهلاك بالنسبة لنا، وكثيراً ما تسير الأمور على غير ما نشتهي ونريد ولكن بعد مضي الأيام ومع قليل من التفكير ندرك أن ما قدّر لنا هو الخير الأكيد، "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" سورة البقرة ، آية 216
أحرّ دعواتي القلبية لك يا ابنتي في أن يحقق لك الله سبحانه وتعالى كل أمانيك الطيبة وأن يبعد عنك كل شر وسوء، وتابعينا بأخبارك. ويتبع>>>>>>>>>>>>> سنوات الضياع م