إغلاق
 

Bookmark and Share

اعترافاتي الشخصية: بيروت تاني ::

الكاتب: بثينة كامل
نشرت على الموقع بتاريخ: 14/01/2009


أربعة صواريخ تنطلق من الجنوب اللبناني باتجاه بلدة نهاريا الواقعة شمالي إسرائيل... نتابع في مصر التطورات ثانية بثانية... نتوتر ونترقب اتساع مدى الحرب لتشمل الجبهة اللبنانية... هل أحسم أمري وأتراجع عن السفر إلى لبنان والسوابق شواهد على رعونة إسرائيل وهمجيتها؟ منذ بدء الحرب على غزة ومضيفي يؤجلون حسم مسألة مجيئي فالتوقعات مفتوحة على مصراعيها، ورغم ما شاهدناه جميعاً من مظاهرات أمام السفارة المصرية ببيروت ناقمة على إغلاق السلطات المصرية لمعبر رفح (كثيراً ما أسأل نفسي إشمعنى معبر رفح بالذات؟) فالرد يأتيني "لا تلغي رحلتك فالأمور تحت السيطرة إلا إذا إتقندلت عالآخر". وكان القصف المتبادل على الجنوب اللبناني هو اللحظة الحاسمة التي طالبني فيها الجميع بأن أؤجل الزيارة، لكن النزعة الفضولية وحصولي على الورقة الصفراء وعلى الإجازة من أوربيت كان الأقوى.

ثم أدركت مدى تشبثي بالمجيء إلى بيروت التي أعرف جيداً ارتباطي العاطفي بها، وبالتحديد منذ حرب تموز 2006 حين انتابتني مشاعر اللوعة عليها كأن جزءاً من جسدي يقتطع، والإحساس الطاغي بأنني أهدرته ولم أتفاعل معه كما ينبغي رغم أنه جزء مني... ولم تعد السفرة مجرد سياحة بل توق للاقتراب. أما المحيطون بي فكانوا أيضاً قلقون من باب "وماذا لو اشتعلت الحرب وعلقت في بيروت؟" هذا كله يخلق قلقاً داخلياً، فأثناء إعداد حقيبة السفر نظرت إلى الحطة الفلسطينية التي اشتريتها من أسوان وتساءلت هل آخذها معي لإثبات أني رغم كوني مصرية فإن العروبة تجري في دمائي؟ ثم تراجعت عن المبالغة في التحوط؛

ولكن لا بد أن هذا الهاجس ظل كامناً فعند صعودي على متن الطائرة تبادلت والكابتن حواراً باسماً معقبة على ترحيبه وضيافته بالسؤال "ألن ترجمونني بالحجارة في لبنان؟" فاعترض مستنكراً. وكان عشائي الأول بمطعم السيدة وردة "وليمة" حيث ذهبت كي أستمتع بالموسيقي اللبناني الشاب "زياد سحاب"، فإذا بالأغنية المواكبة لدخولي لخالد الذكر "سيد درويش" ثم أخرى لسيد درويش فسيد مكاوي فعبد الوهاب فعبد الحليم... ولا أخفيكم دهشتي عندما كنا في السيارة ففوجئت بنشيد الحرية الشهير للموسيقار محمد عبد الوهاب "أنا يا مصر فتاكِ.. بدمي أحمي حماكي.. ودمي ملك ثراكي" واستغربت الجو الوطني المفرط الذي أنا فيه، متصورة أنه شريط كاسيت أو سي دي فإذا بي اكتشف أنها محطة إذاعية لبنانية.

وخلال السهرة تبادلت الأحاديث مع شابة لبنانية وسألتها صراحة عن موقفها فأجابتني "بالتأكيد نحن نفرق تماماً بين الشعب المصري والحكومة المصرية" كم من أصدقاء لبنانين قابلتهم وأتذكر من بين ما سمعت من تحليل للصديقة الأديبة اللبنانية "علوية صبح" حول عدم توفيق السيد حسن نصر الله في انتقاده لمصر مستطردة أنها تعتقد أن المصريين ينتقدون حاكمهم ولا يقبلون أن ينتقده الغريب.. منافشات مطولة عن الأحوال هنا وهناك ومصر حاضرة على الدوام كأنها طوق النجاة.. كثيراً ما يكون النظر عن بعد مفيداً لنرى مصر بعين أقل احتقاناً، وكم هو مفيد أن تقترب لكي ترى المشهد على أرض الواقع بلا مبالغة.

اقرأ أيضاً:
اعترافاتي الشخصية: العودة إلى الوطن / اعترافاتي الشخصية يومي في الشوري / اعترافاتي الشخصية: ما يحكمش / اعترافاتي الشخصية: ناس عايزة تفهم / اعترافاتي الشخصية ديمقراطية بال3 / المرأة الإعلامية.. تاريخ أحمله على كتفي / اعترافاتي الشخصية: وكرهت أني امرأة / اعترافاتي الشخصية في بلاد الرجال / عندما تتحد الملامح وتختلف الثقافة / لماذا لا تبيعون الصحف القومية؟ / دولة الأمن والمحتسبين الجدد / اعترافاتي الشخصية الإسلام دين المساجين / اعترافاتي الشخصية شجاعة مودرن / لو كنت محبوبا بين الناس؟ مش مهمروح أكتوبر رحلت أم طفشت؟ / لو كنت محبوبا بين الناس؟ مشاركة / اعترافاتي الشخصية: المسامح كريم.. ولكن / لخبطة العيد في السرير/ وكسبنا القضية يا جدعان / هل لو لبست دبوس.... يعتقلوك؟ / .... طيب تيجي إزاي؟ / الحضري استقال ولم يهرب  / وخرجت حيرتي أشد مما دخلت / اعترافاتي الشخصية: دخل الربيع / كيف تكون شريفا في مجتمع فاسد؟ / اعترافاتي الشخصية: ليس اليوم كالبارحة / اعترافاتي الشخصية: حول بحيرة لومو / راجل جدع وست بتحب الجدعنة / اعترافاتي الشخصية: تراجع دون استسلام / أسوأ من الإحتلال / اعترافاتي الشخصية: لماذا هو اقتصاد شقاء؟ / اعترافاتي الشخصية: عيش ولا دقيق / يا دي النيلة يا دي النيلة.. حكومتنا شعاراتها عليلة / اعترافاتي الشخصية: خفة دمه / ماذا لو أصبحت رئيسة للجمهورية؟ / اعترافاتي الشخصية: وبقميص النوم كمان!! / اعترافاتي الشخصية نعيب زماننا / في انتظار عدالة السماء / في رحاب السلطان حسن / مهرجان مسرح تجريبي وبالمصري تخريبي/ اعترافاتي الشخصية: الورقة الصفراء والتلصص / اعترافاتي الشخصية: نظرية الكفاح المبقوق / اعترافاتي الشخصية: الرجال، والنساء والعزوبية / اعترافاتي الشخصية... أبي.



الكاتب: بثينة كامل
نشرت على الموقع بتاريخ: 14/01/2009