التكلم اللاإرادي أثناء الصلاة والتلخبط
السلام عليكم
منذ سنين طويلة حوالي 10 سنوات وأنا أعاني بالكلام اللاإرادي أثناء الصلاة وأنا أتكلم بداخلي كلاما خارجا عن الصلاة
وطبعا مو بإرادتي هالشي وأتكلم وأرد لنفسي،
هالشي تعبني صرت أخاف من صلاتي أقضي ساعات طويلة لكي أصلي ركعتين فقط، وأحس صلاتي مو مقبولة وأقطعها وأرجع أعيدها،
ما الحل أرجوكم؟؟
17/12/2014
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "سما" وأهلًا بك على موقعنا مجانين...
استشارتك حيرتني! قلتِ في بداية الجملة: "الكلام اللاإرادي" وبعد كلمتين قلت: "أتكلم بداخلي"!! ويبدو أن هناك مشكلة في التعبير واللغة، لكن ليس في قلبي أدنى لوم عليك ولا على من ابتلاه الله بدارسة مناهج البلدان العربية الحديثة، وحرمه مما درسناه نحن، ولابد من جهد شخصي لتدارك هذا وإفشال الأيادي التي تعبث بلغتنا وتاريخنا.
نأتي للمهم: إن كان الكلام يجري في نفسك دون نطق باللسان، (وهو ما يسمى حديث النفس)، فلا يبطل الصلاة قطعًا باتفاق الفقهاء، ولا يخلو أحد من ذلك. وإن كنت تنطقين الأحرف بلسانك كالكلام العادي الذي نتكلمه، وتجدين أن الكلام غلبك وتفلت منك دون قصد وتعمد، فلا يبطل الصلاة أيضًا، والدليل:
1- من سبق الكلام إلى لسانه، لا تبطل صلاته؛ مثلًا لو أن أمًا تصلي، وإذ بابنها الصغير يكاد يقع من على السرير، فدون شعور -من خوفها عليه-، صرخت بزوجها: أنقذ الصغير!! هذه لا تبطل صلاتها وتتابعها بشكل طبيعي. قال الإمام ابن حجر الهيتمي الشافعي في كتابه "المنهاج القويم": (ويُعْذَرُ في يسير الكلام عرفًا كالكلمتين والثلاث إن سبق لسانه إليه). وطبعًا هذا في حالة الشخص الطبيعي، والموسوس أولى بتطبيق هذا الحكم.
2- هناك أناس عندهم علة في مخرج النجاسة، فيخرج منهم البول أو الغائط أو الريح باستمرار، أو مع انقطاع يسير، بحيث يستحيل أن يصلوا الصلاة دون أن ينتقض وضوؤهم بخروج شيء أثناءها، نسمي أحدهم: (دائم الحدث)، هؤلاء حكمهم أنهم يصلون وإن خرج منهم شيء أثناء الصلاة، وصلاتهم صحيحة، فهم معذورون لأن نقض الوضوء ليس بإرادتهم، وهو مستمر معهم يحصل في كل صلاة، أو بعبارة أخرى: لا يمكنهم أن يصلوا أي صلاة دون أن يصدر منهم ما يبطلها بشكل غير إرادي. فإذا كنتِ في كل صلاة تنطقين وتتكلمين بشكل غير إرادي، أي يصدر منك شيء يبطل الصلاة بغير إرادة منك، فأنت لا تختلفين عن دائم الحدث، تتابعين صلاتك وإن تفلّت منك الكلام أثناء الصلاة، وصلاتك صحيحة.
هذا هو الحكم، ويبقى التطبيق... إن ابتداء الوسواس معك منذ الطفولة، وبقاءه عشر سنوات، أمر يستدعي الذهاب إلى الطبيب النفسي حتمًا وفورًا، وكلما استعجلت كلما كانت النتائج أفضل، ويُخشى –لا سمح الله- إن لم تذهبي أن يلازمك الوسواس بمرارته إلى آخر حياتك.
وكما أبين لكل موسوس، أقول لك: علاج الوسواس يتألف من أمرين: أحدهما علاج دوائي، ولا يمكن لأحد أن يصفه لك إلا الطبيب. والأمر الثاني: علاج معرفي سلوكي، أما العلاج المعرفي: فهو معرفتك أن الصلاة لا تبطل بالكلام الذي يخرج منك. وأما العلاج السلوكي: فهو أن تطبقي هذا الحكم، فلا تقطعين الصلاة مهما شعرت أنها بطلت، ومهما تكلمت، ومهما عانيت من القلق ومن شعور أن صلاتك غير صحيحة، تابعيها بثقة، واجعلي قناعتك هي (أنا فعلت ما يريده الله مني)، والذي يفعل ما يريده الله لا يعاقب يوم القيامة.
أسأل الله تعالى أن يخفف معاناتك، ويعافيك ويشفيك شفاء عاجلًا غير آجل، فهو الكريم القدير.