أولا, أشكركم كثيرا على هذا الموقع , ويجعله الله في ميزان حسناتكم إنشاء الله
أنا طالبة في آداب علم نفس وسأحكي لكم عن مشكلة أختي، والتي صارحتني بها بعد مدة طويلة من كتمانها لسرها رغم ما تلقاه من عذاب، وأنا رغم أنني طالبة مجتهدة كما يصفونني في الكلية لا أستطيع معرفة تفسير ما حدث لها ولا ما يحدث.
أختي تعيش في قرية صغيرة مجاورة لأحد مدن وسط الدلتا ولا يفصلها عن المدينة غير نهر النيل ووسيلة الانتقال من القرية إلى المدينة هي مركب (معديّة) تنقلها مقابل عشرة قروش, وهى تحتاج لعبور نهر النيل بالمعدية يومياً نظراً لأن عملها كموظفة........ يستدعى ذلك
ولم يكن ذلك مشكلة من قبل, ولكن في الشهور الأخيرة حدث تطور خطير لم تعد تحتمل الحياة في وجوده, فلديها طفله عمرها 4 سنوات وكانت قد اعتادت أن تأخذها معها لتضعها في إحدى دور الحضانة ثم تعود بها في الثانية بعد الظهر حيث أنه لا يوجد من يعتني بها في المنزل
فالزوج لا يعمل منذ عدة سنوات وهو لا يتركها في حالها, وإنما يعتدي عليها بالسب والضرب, ويطلب منها مالاً ينفقه على الكيف الذي يتعاطاه في القهوة, ومع كل هذا يحتقرها احتقاراً شديداً ويطعنها في شرفها وفى أنوثتها, ولكنها تحتمل ذلك من أجل مستقبل ابنتها وحتى لا تنشأ بدون أب .
الجديد في الأمر أنها منذ حوالي أربعة شهور وبينما هي تعبر النيل في المعدية جاءها هاجس سرعان ما تحول إلى رغبة ملحةٍ في أن تلقى طفلتها في النيل, عندئذ ارتعدت أطرافها وتفصدت عرقاً وأصابها خوف شديد وكادت أن تصارح من بجوارها بهذه الرغبة المجنونة لولا خوفها من اتهامهم لها بالجنون وربما أخذوا منها ابنتها للأبد خوفاً عليها منها...
وظلت تصارع هذه الهواجس والدوافع إلى أن وصلت المعديّة إلى الشاطئ الآخر فتنفست الصعداء وحمدت الله على أن ابنتها مازالت في حضنها وراحت تقبلها وكأنها تعتذر لها عن هذه الرغبة المجنونة التي ساورتها للحظات, ثم استعاذت بالله من الشيطان الرجيم واعتقدت أنها وساوس شيطان وذهبت إلى الأبد, ولكن في رحلة عودتها ساورتها هذه الأفكار مرة أخرى, وأصبحت تساورها كلما ركبت في « المعدية » ومعها ابنتها.
ونشأت مشكلة حقيقية, فهي لا تستطيع ترك ابنتها وحدها في البيت مع أب مدمن غير مسئول, وفى نفس الوقت لا تحتمل هذه الأفكار التي تساورها أثناء عبور النيل
والأهم من ذلك هي تخشى أن تضعف في أحد المرات وتلقى بابنتها في النيل, وقد كانت فعلاً في بعض المرات قريبة من ذلك الفعل, لذلك قررت أن لا تذهب إلى العمل وجلست في بيتها حزينة لا تقدر على شيء على الرغم من احتياجها الملح للعمل فهو مصدر دخلها الوحيد هي وابنتها وزوجها الذي لا يعمل!
ما هي هذه الحالة وما العمل؟ كيف أساعدها؟
أشكركم مقدما لسرعة الرد.
12/11/2004
رد المستشار
يبدو أن أختك قد عانت صراعات كثيرة بسبب سوء معاملة زوجها لها وقعوده عن العمل وتحملت بسبب ذلك ضغوطا كثيرة, فهي مطالبة بالعمل للإنفاق على نفسها وعلى أبنتها وعلى نزوات زوجها, ومطالبة بعد كل هذا بتحمل احتقاره لها وإهانته إياها, وقد قررت احتمال كل هذا على مضض حفاظاً على وجود شكل أسرى تربى فيه ابنتها وحتى لا تحرمها من وجود الأب على حد قولها, وهنا أصبحت ابنتها هي السبب الأهم لاستمرار علاقتها بزوجها على الرغم من أن هذه العلاقة تسبب لها إيذاءاً نفسياً وبدنياً شديداً, أي أن ابنتها أصبحت هي الآن محور الصراع.
ومع استمرار هذه الضغوط وتزايد حدة القلق أصابتها أفكار ونزعات وسواسية قهرية, وكانت كلها تدور حول التخلص من محور الصراع وهو ابنتها التي تحبها وليس لها في الدنيا غيرها, والفكرة الوسواسية تبدو مستهجنة وترفضها المريضة.., وتقاومها بكل ما تملك من قوة, وهى غالباً لا تنفذها ولكنها تتعذب بها وتخشى أن تضعف في وقت من الأوقات أمامها, ولهذا قررت أن تتجنب الموقف المثير لهذه الأفكار والنزعات وجلست في بيتها وبدأت تظهر عليها أعراض الإكتئاب.
والعلاج هنا يتمثل في إعطائها عقاراً أو أكثر من عقاقير الوسواس القهري بجرعة مناسبة ولوقت كافٍ يتراوح من ستة شهور إلى سنة, ويصاحب ذلك علاج نفسي وعلاج زواجي أو عائلي, حيث تحتاج هذه المريضة الدعم النفسي من معالج متفهم ومساند, وتحتاج إلى الوصول لحلول واقعية في أزمتها مع زوجها, وإذا رفض زوجها التعاون, وهو غالباً سيرفض فيستحسن استدعاء بعض أفراد عائلتها لكي يقفوا على حجم المعاناة التي تعيشها المريضة ويساهموا بشكل أو بآخر في المساندة والدعم حتى تصل المريضة معهم ومع المعالج إلى قرارات تجعلها في وضع أفضل بعيداً عن تلك الضغوط والصراعات.
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين، وشكرا على ثقتك وإطرائك النبيل، ليست لدي إضافة بعد ما تفضل به مجيبك الدكتور محمد المهدي، غير أن أحيلك إلى عددٍ من الروابط على مجانين أولها باب الوسواس القهري وانقري فيه ما شئت من روابط، ثم طالعي أيضًا ما تقودك إليه الروابط التالية من على استشارات مجانين لأن فيها إن شاء الله ما يفيدك ويحثك على الإسراع بالعلاج خاصة وأنني أستشعر بدايات رهاب الساحة Agoraphobia الذي أخشى من وصول الأمور إليه:
في نطاق الوسواس القهري: رحلة العذاب
رهاب الساحة إلى متى ؟
من نوبات الهلع إلى رهاب الساحة
وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين فتابعينا بالتطورات الطيبة.