كيف أعود للعمل
السلام عليكم .. في هذا اليوم وبالصدفة كنت أتصفح بعضا من مشاكل القراء (ويا ليتني لم أفعل) أشرح فيما بعد وإذ ببرنامج تلفزيوني يبث على قناة ART الفضائية وكان أحد ضيوفها الدكتور وائل أبو هندي (لون حياتك) واستمعت إليك وشدتني الطريقة التي تستعملها فأتى على خاطري أن أكتب إليك علني أجد لديك شيئا تساعدني به فقد وجدتك مثقفا واعيا إلى جانب كونك دكتور.
أنا شاب أو بالأحرى أنا رجل دخل في خريف العمر .عمري 47 بعد شهرين وأنا مهندس مدني كنت ناجحا في عملي .. ذهبت إلى السعودية للعمل هناك بعد إنهاء الدراسة وفي الأسبوع الأول لي هناك ذهبت إلى مكة المكرمة لقضاء العمرة وكان شوقي كبيرا لبيت الله الحرام كيف أمضي بعملي ولم أسمع خطبة الجمعة الأولى في حياتي وفعلا ذهبت للصلاة وإقامة العمرة وأتممتها بفضل الله وعدت إلى جدة حيث أسكن لكني شعرت بألم حاد في رأسي فأخذني صديق لي إلى المستشفى وهناك حولوني إلى المحجر الصحي لكن صديقي أفهمني أن هذا عمل روتيني ولكن في عينيه لمحة خوف وذهبنا إلى هناك وكان الدكتور المعالج من بلدي وبمعرفة مع أحد أقربائي فأبلغ كثيرا بالاهتمام بي ولم يدع فحصا إلا وأجراه... ثم قال لي هل تعلم لماذا أنت هنا قلت لا!!!
قال إن الدكتور في المستشفى كان يشك بأن لديك حمى النخاع الشوكي (هذا الداء كان يجتاح السعودية آنذاك) وهو داء معدي ومميت ويجب أن تبقى هنا على الأقل أسبوع حسب القانون ولكن الفحوصات المكثفة التي أجريتها لك تثبت بأنك لم تصب بهذا الداء والحمد الله وكل ما تعانيه هو ضربة شمس، وتذكرت أنني أقمت العمرة بعد صلاة الجمعة وكانت درجة الحرارة تقارب ال 45 فوق الصفر وقال سأرسلك إلى البيت على مسؤوليتك الخاصة وفعلا ذهبت ووضعت نفسي في مغطس الحمام وهو مليء بالثلج كما أمرني لمدة نصف ساعة لا أريد أن أصف كيف خرجت وكيف كنت ......
ومن هنا تبدأ المشكلة وهو صداع مستمر في البداية كان خفيفا ويذهب بعد تناولي قرصين من الـ panadole , وبعد مرور الأيام والشهور الجرعة أصبحت في ازدياد مستمر..... وكثيرا ما قمت بالفحوصات بأكبر المستشفيات ولكن دون نتيجة وبدأت أفقد نجاحي شيئا فشيئا بسبب ذلك الصداع اللعين... وآخر الفحوصات كانت بعد مضي 7 سنوات من المعاناة مع الألم لكنه كان 5-6 من 10 وكانت اللجنة الطبية المكلفة بفحصي في جامعة عبد العزيز بـجدة وقيل لي: حاول أن تبحث عن مكان بارد تعيش فيه .حينها لم يسعفني عقلي إلا باللجوء إلى كـندا حيث أخي الأصغر مقيم هناك وكنت أسمع منه أن الشتاء هناك بارد -30 تحت الصفر وما فوق
وفعلا تركت ورائي كل شيء حيث كنت أعزب بعت متعلقاتي بأبخس الأثمان لأنني كنت قد فرشت البيت 3غرف لأستعد للزواج....ولو قلت لكم أن الفيزا (التأشيرة) الصعبة المنال كانت سهلة جدا كنت أضع العراقيل أمام السفارة الكندية ولكنهم يحلونها واحدة بعد الأخرى إلى درجة أنهم أرسلوا لي التأشيرة مع شركة خاصة وكنت أفعل ذلك لأنني لا أريد الابتعاد عما حققته في السنوات السبع جئت إلى كندا وكلي أمل أن أجد الأمل أو المعجزة في الشفاء سواء عن طريق الطقس البارد (عندما حضرت كانت +45 في السعودية وعندما نزلت من الطائرة كانت -25 أي أنني انتقلت إلى فارق بسيط 70 درجة ومكثت في البيت أسبوعا دون حراك من هذا البرد القارص... وكأن القدر كان لي بالمرصاد فآلامي بدأت بالصعود .
والأمر الثاني الذي شجعني للحضور إلى كندا هو أن الطب متقدم هناك وسأجد إنشاء الله العلاج ... لكن تجري الرياح بما...... الصداع انتقل من مرحلة 5-6 من 10 إلى 8-9-10 من 10 وفعلت كل شيء كل ما يخطر في ذهنك وما لا يخطر صدقني كل شيء M.R.I ، Cat scan العلاج النفسي، العلاج الطبيعي وتجارب متقدمة كلفتني الكثير مالا وجهدا وأيضا الإبر الصينية الأعشاب الصينية (رائحتها كالحمامات العامة) وكل شيء أتى بأنني سليم والصداع أصبح 9-10 من 10 دائما ....
يجب وأن أنوه أنني تزوجت بناء على نصيحة أهل الدين وبعض الأطباء العرب وقد أرسل الله لي طبيبا عربيا يحمل كل الصفات الإنسانية بكل ما فيها من معنى.....وأنجبت طفلتي الأولى 12 اليوم وبعدها ولي العهد ثم المفاجئة الكبرى وهي أنني رزقت بــtriblet ثلاث توائم صبيان ... الآن 8سنين وبشكل طبيعي دون منشطات أو أي شيء آخر .... وأحمد الله على عطيته لي فقد أعطاني جزءً من متاع الحياة ..البنون
والآن إنني لا أعمل بسبب أنه أتاني Stroke مرتين الأولى أن يدي بقيت عاجزة عن الحركة 2 سنتين في الجانب الأيسر .والثانية على الطرف الأيمن، وبقيت يدي ورجلي بلا حراك أسبوعا واحدا والأطباء عاجزين عن فعل شيء وأصبحت أتناول الـpainkiller القوي بدأت بحبتين ثم جاء الإدمان وذهبت من نفسي للعلاج وعولجت بالمصحة لمدة شهر مقطوع عن العالم الخارجي.
ومع ذلك قيل لي أنني جئت للمكان الخطأ حيث لا علاج لي عندهم وعدت للحياة واستعملت نوعا لا يحوي مخدر أو كوديين لمدة 11 شهر فقط...ومن ثم عدت إلى الأقوى فالأقوى وطبعا تحت إشراف طبي رفيع المستوى وفي النهاية ذهبت إلى مركز علاج الألم الدائم وبإشراف بروفيسور وصل معي أن أتناول 200 مائتا حبة في الأسبوع الواحد وهذا الدواء هو DILAUDID 8mg وهو من Hydromorphone HC L وأنا أتناوله منذ ما يقارب الخمس سنين (5)
والمشكلة الأخرى هي في وجود عمل بناسبي عملت في الكثير من الأعمال ولكن الصداع اللعين لا يدعني فكثيرا أريد بعض الراحة لو هاجمني بشكل قوي يتحملونني لفترة ثم أخير بين العمل 8 ساعات متواصلة أو أن أستقيل وكنت أختار الثانية وأنا الآن أعيش على المساعدات الاجتماعية.
أما الشق الذي يعذبني فهو زوجتي إنها زوجة صالحة والحمد الله وهي ممن تخاف ربها في كل شيء ولو طلبت منها لبن العصفور ستحضره لي لكن مكوثي في البيت لا يعجبها فقط من ناحية أنني أعول أسرة مكونة من 5 خمسة أطفال وأمهم ويجب علي العمل بأي شيء حلال لأعيل مطالب الأولاد المتزايدة يوما بعد يوم (معها حق) وهي لا تطلب لنفسها شيئا يذكر من صلاحها جعلت الطفل 10 سنين والطفلة 11 سنة يصليان الفجر حاضر من نفسيهما ولا يقطعون صلاة واحدة حتى أنها جعلت الثلاثي الصبيان 8 سنوات يصومون كامل النهار في عطلة الأسبوع
وأنا أحبها ولا أبدلها بكنوز الدنيا تقوم على رعايتي من كل النواحي وهي تقول كيف سأكون قدوة لأولادي وأنا جالس بلا عمل صح 100% حاولت أن أجد عمل حر ولكن لا أملك مالا لأبدأ وأكون سيد نفسي أعيش صراعا حادا مع نفسي. صحيح أنها تقدر ما أنا فيه لكن لا بد من العمل ومعها كل الحق ساعدني دكتور وائل أرجوك أنا أعلم في يوم من الأيام بأن الكلية ستتوقف يوما ما عاجلا أو آجلا من ال200 حبة أسبوعيا ولكن لا حل آخر ... أنا أحب زوجتي لدرجة كبيرة وأجدها أفضل النساء بنظري
كيف أرضيها وأرضي نفسي؟ أشر علي يا دكتور وأشكرك لسعة صدرك
وإذا أردت عنواني الخاص سأرسله في حال طلبك إياه.... وفقك الله
11/2/2005
رد المستشار
الأخ العزيز أهلا وسهلا بك وأشكرك على ثقتك وإطرائك كما أعتذر لتأخري في الرد عليك، وعذري هو أنك أرسلت مشكلتك من خلال بريد المشاركات وليس من بوابة استشارات مجانين، وبالتالي فإننا نجيب أولا على من يرسلون مشكلاتهم من الطريق الصحيح والذي نستقبل من خلاله ما يتناسب مع طاقتنا.
الحقيقة أن معاناتك طويلة بحق أعانك الله، ولكن جزءًا كبيرا من الصورة ما يزال مبهما بالنسبة لنا، فأنت مثلا لم تبين ما إذا كانت السكتة الدماغية Stroke التي تقول أنك تعرضت لها مرتين قد حدثت مثلا بسبب ارتفاع ضغط الدم أم بسبب ارتفاع دهون الدم أم بسبب مشكلة في ضربات القلب، نحن غير معتادين على حدوث سكتة دماغية متكررة في مثل سنك دون أسباب، ومعرفة السبب مهمة.
تقول أيضًا أن جميع الفحوصات لم تبين شيئا يمكن أن يساعد في تفسير الألم المزمن لديك وهذا نحن نعرفه جيدا ونصادفه في كثير من المرضى باضطراب الألم جسدي الشكل المستديم Persistent Somatoform Pain Disorder، ولكن ما لم نفهمه هو أي نوع من العلاج النفسي ذلك الذي تشير إلى أنك جربته ولم يفدك؟ هل تقصد العلاج النفسي المعرفي أو السلوكي أو التحليلي أم تقصد العقاقير؟ فأنا أحسب أن العلاج المعرفي السلوكي وعقاقير علاج الاكتئاب كانت ستفيدك كثيرا لو أنها وصفت لك، لكنك لم تفصل لنا وإنما ذكرت أنك جربت العلاج النفساني كما جربت العلاج الطبيعي والإبر الصينية وبلا فائدة، هذه الطريقة تترك لدي انطباعا بأنك تسرعت في الحكم على العلاج النفساني أو لم تواظب أو لم توفق إلى معالج حاذق، الله أعلم.
أما اللجوء إلى مسكنات الألم بهذا الشكل وهذا الإسراف فمشهور أنه يحدث من الأطباء في الدول الغربية خاصة وأن النظام الطبي في تلك الدول يجعل إسكات الشكوى من الألم بأسرع ما يمكن محبذا، فليس عند الطبيب الغربي مثلا ما يبرر له أن يطلب الصبر على الابتلاء من مريضه إلا إن يكون ذلك على وعدٍ بأن العقار مثلا سيعمل بعد فترة، باختصار أحسب اللجوء لمشتقات الأفيون المخلقة مثلما فعل الأطباء معك كان خطأ كبيرا، لأنه أسوأ اختيار ممكن، وإن كنت أعرف أن شدة تعبيرك عن المعاناة الطويلة والألم الشديد دفعتهم لذلك، خاصة وأنك تميل بطبيعتك إلى زيادة الجرعة كما توضح حكاياتك مع عقار الباراسيتامول (panadole) وأنت في جزيرة العرب ما تزال.
أحسب أن مشكلتك الحقيقية ما تزال تحتاج إلى تقييم وتشخيص من قبل طبيب نفساني، ثم يبدأ بعد ذلك العلاج النفساني الذي قد يطول والذي غالبا سيشمل مضادات الاكتئاب، وأحسب أيضًا أن اتخاذك هذا المسار العلاجي سوف يشرح صدر زوجتك الصالحة، لا سيما وأن التحاقك بالعمل سيشكل جزءًا من العلاج النفساني ولكن في الوقت المناسب، وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين فتابعنا بالتطورات.