تحياتي إلى كل القائمين على الموقع وعلى هذه الصفحة الرائعة. عندي بعض المشاكل، أرجو أن أجد حلا لها عندكم فأعينوني جزاكم الله خيرا.. فأنا طالب في أواخر الخامسة عشرة من عمري، أصلي والحمد لله بانتظام، وأحافظ على النوافل. أنا في الصف الثالث الثانوي، والحمد لله متفوق دراسيًّا، ودائما ما أحصل على المراكز الأولى
ما يؤرقني ويتعبني كثيرا هو ما يصاحب هذا التفوق من عقبات؛ ففي أوقات كثيرة أشعر أن ثقتي بنفسي تهتز كثيرا، فعندما يسألني أستاذي سؤالا ولا أستطيع الإجابة.. أشعر بحرج شديد، وأظل أفكر في الأمر طوال اليوم. أقول في نفسي: لا بدّ أنهم الآن يسخرون مني، وأعلم ما يقولون: هل هذا هو الطالب الأول؟! لا يستطيع إجابة هذا السؤال البسيط!! وهؤلاء زميلاتي يهمسن في آذان بعضهن ويبتسمن، فكأني فعلت جريمة مخزية تستحق العقاب!!
المشكلة الثانية هي أنني أزداد عصبية وتوتّرا كلما اقتربت الدروس والمدارس.. فهل هذا طبيعي؟ ومشكلة أخرى هي أني لا أتصرف بطريقة طبيعية مثل بقية زملائي.. فكثير من أصدقائي ينظرون لي كأنني إنسان يجب ألا يخطئ، يقولون: "هو ده اللي عامل فيها عارف ربنا وبيصلّي!!".
والمشكلة الكبرى هي أن أحد المدرسين كان ينتظر أن أبدأ دروسي معه في مادة من المواد العلمية المهمة، ولكني رفضت ذلك؛ لأن مستواه وقدراته لا أشعر أنها تناسبني؛ فإمكاناته متواضعة للغاية، وأنا أحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير. المهم أنه قبل بداية الدروس أخذ يزور والدي بانتظام رغم أنه لم يزرنا كثيرا هكذا في أي وقت مضى، وعندما بدأت الدروس كان ينتظر أن أبدأ عنده، ولكني لم أفعل؛ فكان قراره ألا يعطي دروسا هذه السنة؛ بحجة أن المجموعة لم تكتمل، أنا متأكد من أنني لو كنت ذهبت عنده لكان سيستمر حتى ولو كنت وحدي، نفسي تؤنبني كثيرا، وأعتقد أنني السبب في ذلك. ماذا أفعل؟ هل أضحي وأذهب عنده، أم أستمر عند أستاذي الآخر الذي أثق بمستواه؟
مشكلة أخيرة هي أن بعض زميلاتي ينظرن إلي ويتعمدن الحديث عنيّ أمام بعض المدرسين، وهن يعلمن أن المدرس الفلاني سينقل ما قالوه لي، فيقول لي أحد المدرسين مثلا زميلتك كذا تسأل عليك، فأضطر إلى إظهار عدم المبالاة بالأمر حتى لا أقع في موقف محرج.
وكثير منهن يرسلن إليَّ أسئلة لكي أجيب لهنّ عليها، فتدور رأسي وتذهب كلّ مذهب.. هل يقصدن مجرد الإجابة عن السؤال؟ لماذا لا يسألن الأستاذ إذن؟ ويسألنني أنا؟ ولكني في النهاية أجيب الأسئلة، وينتهي الموضوع، لا أفضل التفكير كثيرا في هذه الأشياء، ولا أن أشغل وقتي بها، ولكني بدأت أهتم بهذه الأمور في الفترة الأخيرة "زيادة عن اللزوم"، ومع العلم أني لم أتحدث مع أي منهن ولو مجرد كلمة واحدة، وعندما تكلمني إحدى البنات يحمرّ وجهي بشدة، ولا أستطيع الكلام كالطفل الصغير، وهذا أيضا يتعبني كثيرا؛ لأني أعتبره ضعفا وعدم جرأة ونقصا في الشخصية، ولا أحب هذه الصفات، ولا أتمنى أن تكون موجودة فيَّ.
وستقولون لي: عاملْها كأختك.. لا أدري كيف؟! هل اهتمامي بهذه الأشياء شيء طبيعي؟ أم أنني أفكر كثيرا وأصل إلى نتائج "على مزاجي"؟ المهم.. هذه هي مشكلتي الأخيرة التي أردت عرضها عليكم، وأثق فيكم، وأعلم أنني سأجد الحل عندكم،
وأشكركم كثيرا لسعة صدركم.
ملاحظات: ليس لي أخوات بنات.
28/04/2023
رد المستشار
صديقي
بالنسبة للمشكلة الأولى فهي في الحقيقة ليست مشكلة.. العباقرة والحائزون على جائزة نوبل ودرجات الدكتوراة كثيرا ما يتعذر عليهم إجابة أسئلة في تخصصاتهم بسبب أنهم في اللحظة الحالية لا يكونون حاضري الذهن أو جاهزين بالمعلومات.. إذا فمن الطبيعي جدا أن يعجز طالب متفوق عن إجابة سؤال ما من حين لآخر ومن المستحيل أن يكون طالب الثانوية عالما بكل شيء في المنهج بدون استذكار وتدريب.
التدريب يحدث عندما تعجز عن إجابة سؤال ثم تبحث عن المعلومات اللازمة وتتعلم كيف تجيب السؤال و بالتالي الأسئلة المشابهة.. من يسخرون، إن سخروا، ليسوا من الأوائل وسخريتهم هي بسبب غيرتهم من تفوقك.. وسخريتهم بالتالي تؤكد تفوقك .. دعهم يسخرون .. هدفك هو العلم والتفوق وليس إبهارهم أو تحقيق توقعاتهم.. وليس هناك تفوق بدون عقبات وصعوبات وتحديات.. ألا ترى مثلا لاعبي الكرة المحترفون يخفقون في بعض الأحيان في تسجيل هدف سهل لا يعرقلهم فيه حارس المرمى ولكنهم يضربون الكرة بعيدا عن المرمى؟ كيف يحدث هذا؟؟ ولماذا لا يحبطون ويهربون من المباراة خوفا من أو تأثرا بالسخرية العلنية من مشجعي الفريق الآخر والشتائم من مشجعي فريقه؟ ماذا يفعلون؟ يجتهدون ويحاولون مرة بعد مرة لتسجيل الهدف.. أشباه المحترفين هم من يحبطون ويهربون... الفشل أو الصعوبات والتحديات هي فرص لتحسين الأداء وصقل المهارات والحصول على المعلومات.
بالنسبة للمشكلة الثانية: واجبك هو الاستمرار مع الأستاذ ذو الإمكانيات والمهارات الأعلى.. ليس واجبك أن تستأجر معلما دون المستوى من قبيل الشفقة والعطف.. ذهابك إلى أستاذ أفضل ربما يدفع الأستاذ الأدنى إلى تحسين معلوماته وأدائه وبالتالي تكون قد أفدته برفضك إياه.. إن قرر هو عدم التدريس فهذا اختياره ومسؤوليته ولا دخل لك في هذا.
بالنسبة للمشكلة الثالثة: طبيعي جدا أن تفكر في هذه الأمور و طبيعي جدا أن تخاف من التعامل مع الفتيات في البداية.. تقول أنك لا تدري كيف تعاملها كأخت أو صديقة.. عامل الفتيات بطريقة مشابهة لتعاملك مع أي شخص لا تخاف انتقاده لك أو رفضه لك.. البنات اللاتي يسألن أستاذك عليك أغلب الظن إما معجبات بك أو أنك أثرت فضولهن أو أنهن يردن التسلية.
من يبعثن لك بأسئلة، اذهب لهن بالإجابة واعرض عليهن أن تشرح لهن ما يستعصي عليهن فهمه.. كن صديقا مساعدا.. الأنثى كائن بشري مثلك فلماذا تخاف؟
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب