الخوف من المجتمع
أنا إنسان تعودت من صغري على الجلوس بمفردي حيث كنت بدين الجسم وكنت أخاف من تعليقات وسخرية من حولي ولذالك أميل إلى الوحدة، تطور ذلك الوضع إلى أن اجتزت المرحلة المتوسطة وفي المرحلة الثانوية بدأت أندمج مع من حولي إلى أن تخرجت وأردت أن ألتحق بالجامعة التي أحب ولكن عارضني والدي ودخلت كلية حسب رغبتهم وكنت متفوقا في دراستي ولكن في تلك الكلية تدهور مستواي التعليمي وتعرضت لكثير من المشاكل النفسية.
وتخرجت بتقدير أقل من ممتاز والتحقت بوظيفتي كمعلم مرحلة ابتدائية وبالتحديد معلم لطلاب في سن التاسعة وصرت شديد التعلق بطلابي وأرغب في تمضية جميع وقتي معهم. ولكن مشكلة الاندماج مع من حولي من الأصدقاء وزملاء العمل لم أجد لها حل، وفي هذه الأيام تعلقت بأحد تلاميذي الصغار إلى مرحلة أني لا أستطيع تمضية الوقت دون أن أراه أو أسمع صوته وأحاول أن أرضيه بكل السبل دون أن أقصر من حقوق باقي تلاميذي
ومشكلتي الأخرى أني أرى أن شكلي غير مقبول من الجميع لذلك أخاف من الجلوس مع الآخرين وخوفي من أن أتقدم لفتاة عند الزواج ولا تقبل بي وهذه هي مشكلتي الكبرى الخوف من الزواج حيث لم أجد أي عذر يقبل به والداي تجاه الرفض لمشروع الزواج
وأنا إلى الآن أعيش وحيداً أقضي معظم وقتي في الكتابة ومشاهدة التلفاز وسماع الأغاني وخصوصاً التي تتحدث عن الحزن والفراق والشكوى من الحياة
وفكرت مرات كثيرة في الانتحار لأتخلص من الدنيا والحياة وأضع حدا لمعاناتي.
29/04/2005
رد المستشار
السلام عليكم يا أخي
هداك الله أتنتحر ونخسر مدرسا متميزا!!! وما السبب؟؟؟ بعض الأفكار السوداوية!! هل يعقل هذا؟؟
تقول أن مشكلتك الأساسية بدأت ببدانتك التي جلبت لك التعليقات المزعجة وأنت صغير, وأنا أقبل أن يكون الطفل حساسا لكلام الناس وذلك لاعتماده على حب وقبول الآخرين في تكوين فكرته عن نفسه, ولكنك يا أخي قد تجاوزت هذه المرحلة منذ زمن, بل وتجاوزتها في مرحلة كان من المفروض أن تتفاقم فيها المشكلة لزيادة الاهتمام بالصورة الخارجية في مرحلة المراهقة ولكنك تقول أنك اندمجت في مدرستك وعلاقات اجتماعية جيدة بل وتفوقت في دراستك, وهذا وحده إثبات من حياتك الخاصة بأن ثقتنا في أنفسنا لا علاقة لها الحقيقة بأشكالنا ولا أحجامنا.
قد يكون لديك يا أخي درجة من عسر المزاج هي المسئولة عن ضعف علاقاتك بزملائك, وتركيزك على دراستك تخصصا غير ما كنت ترغب, وهنا أقول لك أن الحزن على قرار فات مضيعة لوقتك الثمين ومشاعرك الغالية, أنظر إلى إيجابيات التخصص الذي اختاره لك والدك والذي سمح لك بأن تعمل في مهنة من أرقى المهن ومع فئة من أروع الفئات فالعمل مع الصغار نعمة.
ولكن أريدك بما لديك الآن من نضج وخبرة أن تفكر هل التخصص الذي كنت ترغبه يناسبك فعلا؟؟ أم أنه مجرد حلم من أحلام الصبا غير الواقعية؟؟, إذا شعرت أنك ما زلت تحلم وتهتم بهذا التخصص فعلا فكر -حيث أنك تعمل الآن وأكبر سنا وأكثر استقلالية- بأن تحاول دراسة التخصص الذي كنت تهواه, فخيارات الدراسة عن بعد وأثناء العمل كما لا بد أنك تعلم عديدة وتتيح للكثيرين فرصة اللحاق بالأحلام.
نعود للحديث عن مشكلة وزنك وأقول لك منذ متى كانت قيمة الانسان في شكله!! حتى تخشى أن ترفضك أي فتاة بسبب شكلك!! ولأذكرك ببعض النماذج القريبة من مجتمعك التي لم يقف وزنها عاملا ضد نجاحها فأنت تعرف بلا شك المطرب نبيل شعيل والذي لا تنطبق عليه أي من مقاييس الوزن المثالية, والفنانة مريم الغضبان, أما على المستوى العالمي فهناك المطرب العاطفي الشهير ديمس روسس هل سمعت عنه, كان من البدانة بحيث كان يلبس جلابيات ملونة ومزركشة, كل هوءلاء لم تقف بدانتهم في وجه نجاحهم لا الشخصي ولا المهني ولكن هل تعرف لماذا؟؟؟ لأن ثقتهم العالية بأنفسهم دفعتهم ليركزوا على ما يتميزون به بالفعل, وعلى سبيل المثال هل لتكون مدرسا ناجحا لا بد أن تكون شديد الرشاقة!! أو حتى وسيم!! ليس من وجهة نظري على الإطلاق, بل كم من المهن تحتاج منا لأكثر من هندام مناسب وهو الأمر الممكن بغض النظر عن شكلنا وحجمنا, ولكن كل النجاح يحتاج للثقة بالنفس والإعداد الجيد في المجال الذي نعمل فيه.
أخطأت يا أخي حين حبست هذه المشاعر في نفسك وقتا طويلا فزاد تأثيرها عليك وأخذت أكبر بكثير مما تستحق من وقتك وتفكيرك. ابحث عن انسانة تشاركك اهتمامك بجوهر الأمور وتجنب تلك الشخصيات التي تعيش للمظاهر, وكلمة من الواقع لا أعرف كيف غفلت عنها يا أخي ألا تعلم أن اهتمام النساء بأشكال الرجال أقل بكثير جدا من اهتمام الرجال بشكل النساء(يا بختكم, ولعلنا أكثر حكمة) واقرأ عن طرق اختيار شريك الحياة المناسب من على موقعنا .
وبعد كل هذا إذا كنت ما زلت تشعر بالضيق من حجمك ما يمنعك من تغيير عادات غذائك لتناسب قضايا الصحة وتنسجم مع السنة بأن حسب ابن ادام بضع لقيمات يقمن أوده, ولكن إياك أن تقع ضحية لفخ الصورة او أنظمة التخسيس المتعددة, وأقرأ من على الموقع مقالات الدكتور وائل أبو هندي عن البدانة وفخ الصورة جعلها الله في ميزان حسناته.
تبقى قضية تعلقك بطلابك وهنا لا بد أن تعرف أنك تستخدمهم كبديل لصداقات من هم في سنك وتعتمد عليهم لرافد الجانب الاجتماعي من حياتك, حيث تحصل منهم بحكم موقعك على الاحترام والتقبل والود والتعلق في بعض الأحيان ولكنهم ليسوا البديل لعلاقات اجتماعية صحيحة مع من هم في مثل وضعك من حيث السن والخبرة, فلا بأس عليك بأن تستمتع بما يمدك به احترامهم لدورك من رضا كجانب من النجاح في حياتك وهو الجانب المهني ولكن لا يجب أن يكون هوالمصدر الوحيد للقبول في حياتك, اتخذ خطوات عملية في التعرف على والتقرب من زملاء العمل, جدد علاقاتك مع زملاء المرحلة الثانوية الذين كنت تثق في قبولهم لك.
تعلق مدرس الصغار بهم أمر شائع الحدوث على ألا يصل للحد الذي تصفه فهو لا يعجبني إطلاقا وسأطلب منك التوقف عنه فورا, فأنت وإن كنت تعتقد بأن تمييزك له عن باقي التلاميذ شيء لا يشعر به الباقون إلا أنك مخطىء تماما في هذا، فالصغار أذكى مما نظن وهذا ينعكس سلبا على نفسيات باقي الصغار وقد يؤدي إلى رفض ونبذ الباقين لمثل هذا الطالب المدلل فاحذر أن تدمر علاقته بجماعة الرفاق والتي تعتبر من الجماعات الهامة والمؤثرة في هذا العمر.
لا أعرف ما شكل تعلقك بهذا الطالب ولكني سأفترض حسن الظن بك وأقول أنك تحبه كطفلك الذي لم تنجبه بعد أي حب والدي, أو أنك تستخدمه هدفا تفرغ فيه رغبتك في العطاء والحب ومع ذلك فهو غير صحيح فأوقفه فورا ولو اضطررت لنقل هذا الطالب من فصلك إن لم تستطع أن تسيطر على تعلقك به, تعلقك بهذا الطفل هو المشكلة الحقيقية في كلماتك فاعمل على حلها, وأهلا وسهلا بك وتابعنا بأخبارك..