أساتذتي الكرام في صفحة استشارات مجانين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشكركم شكرا جزيلا على هذه الزجداة الرائعة التي استفدت منها كثيرا.
أرجو منكم أولا أن تعذروني على الإطالة، فمنذ مدة وأنا أبحث عمن أبثه همومي ولم أجد سواكم، أرجوكم أن تقرءوا قصتي حتى النهاية، لأن بدايتها تتكرر كل يوم، إلا أن نهايتها مختلفة، أو على الأصح لم أصل لنهايتها حتى الآن.
أنا شاب متدين نشأت في أسرة متدينة، نشأت في صغري بين دروس العلم وحلق القرآن، وحفظت القرآن الكريم كاملا ولله الحمد.
وبالرغم من أن والدي عالم في الشريعة، فإنه كان شديدا علينا منذ الصغر، كان حريصا على تربيتنا التربية الصحيحة، كان يحرص على جعلنا نماذج يقتدى بها، إلا أن شدته كانت تأتي أحيانا بنتائج عكسية؛ فمثلا كلنا يعلم أن العلاقة بين الجنسين ينبغي ألا تقام إلا على أساس شرعي، إلا أنه كان يشدد على هذه الناحية كثيرا لدرجة أنه كان يستنكر استنكارا شديدا أن يختار الشاب شريكة حياته بنفسه، ويرى في ذلك تجاهلا للأهل وقلة في الدين والأدب، من هنا سأبدأ حديثي.
بدأتُ حياتي الجامعية كأي شاب ملتزم متفوق في دراسته، ولم أفكر في يوم من الأيام أن أنظر إلى هذه الفتاة أو تلك، أو أن أفتعل لنفسي قصة حب كما يفعل الكثير من الشباب، بل لم أفكر في ذلك، لاعتقادي بأن الحب لا يصطنع اصطناعا، بل يكون شعورا حقيقيا عذريا، كان هذا سلوكي دائما، حتى إن خجلي كان غالبا ما يتدخل عندما يضعف إيماني، إلا أنني كأي شاب كنت أشعر بشيء من "الاستلطاف" فقط لا غير نحو إحدى الفتيات المحجبات.
وأؤكد لكم أنه مجرد استلطاف لم أظهره لأي شخص كان، حتى إنني لم أكن أرى تلك الفتاة إلا نادرا وبالصدفة "مرة كل ثلاثة أشهر"، ولم أكن أتابعها بنظراتي ولم أحاول أن ألفت نظرها نحوي بأي شكل كان، استمرت الأمور على ما يرام، حتى جاء ذلك اليوم عندما كنت في السنة الثالثة، وعندما كنت أجلس وحيدا في إحدى القاعات بانتظار بدء المحاضرة، وإذا بتلك الفتاة تدخل القاعة وتتقدم نحوي، شعرت بنوع من الارتباك، إلا أنني تظاهرت باللامبالاة، طلبت مني أن أعرفها بنفسي، بحجة أنني أشبه شخصا ما وظنت أنني هو.
كان لقاء عاديا استمر لدقيقة واحدة، لا أدري ما هو السبب الذي جعلها تأتي إلي كل يوم في نفس الوقت لتقف معي دقيقة مثل تلك الدقيقة، ثم أصبحت الدقائق تزداد يوما بعد يوم، أصبحت تطلب مقابلتي في أوقات غير ذلك الوقت، ووجدت نفسي أستجيب لطلباتها، ولسوء الحظ وجدت لنفسي ساعة فراغ مشتركة بيني وبينها كنا نقضيها معا يوما بعد يوم، كانت علاقتنا علاقة زملاء، وكنت أحرص دائما وأبدا وبمناسبة وبدون مناسبة أن أؤكد لها هذا النقطة خوفا من أن تظن أنني أفكر في نوع آخر من العلاقات، وكانت دائما تؤكد لي أنها لم تكن تعرفني قبل تلك "الدقيقة"، وأنني لم ألفت نظرها مطلقا، استمر بنا لقاء الساعة، وأضفنا إلى تلك الساعة ساعة أخرى في طريق العودة للمنزل.
وتسارعت الأيام، ولم أجد نفسي في يوم من الأيام إلا وأنا أتبادل معها أرقام الهاتف النقال، وأصبح تواصلنا عبر الرسائل القصيرة فقط. فأسرتها كما علمت منها متدينة أيضا ولا تسمح لها بمثل هذه العلاقات، ووجدت أن ذلك "الاستلطاف" الذي كان في نفسي قد بدأ يكبر شيئا فشيئا، وبقيت مصرا على الكتمان، خوفا من الوقوع في الحرام أولا وخوفا من أن أكون سببا في تعلق هذه الفتاة بي دونما فائدة، لم أكن أحب أن أربط تلك الفتاة بعلاقة ستنتهي تحت سطوة والدي الشديدة، ومرة أخرى عدت لأؤكد لها أننا مجرد زملاء فقط لا غير، قلت ذلك مرارا وتكرارا، حتى أصبحت تبدي انزعاجا من هذه الفكرة.
في يوم من الأيام دعتني لمقابلتها لأمر ضروري، ذهبت إلى حيث أرادت، فأخبرتني بأنه قد تقدم شاب لخطبتها، ومرة أخرى بالغتُ في كتمان مشاعري وثورة عواطفي وباركت لها ودعوت لها بالتوفيق، إلا أن مباركتي لم تعجبها، وشعرت أن هناك كلاما آخر تود أن تقوله، ومن هنا بدأت الكارثة، أخرجت ورقة من حقيبتها وقالت لي: هذه القصيدة أنا كتبتها، لم أستغرب كونها كانت تكتب الشعر، إلا أن الجديد أنها أضافت: "هذه القصيدة لك أنت، لأشكرك فيها على مساعدتك لي في بعض الأمور".
قرأت القصيدة، وأعدت قراءتها مرات ومرات... طويتها... وضعتها في جيبي، وغادرت المكان مصدوما بعد أن شكرتها، الذي أذهلني أنها لم تصرح بحبها لي، غير أنني شعرت أن كل كلمة من كلمات تلك القصيدة تنطق بالحب، وصلت إلى البيت، خلوت بنفسي، أعدت قراءة القصيدة، وضعت عواطفي جانبا وفكرت في الأمر مليا، وقررت تجاهلها مرة أخرى، في اليوم التالي كان هناك لقاء متفق عليه ضمنيا، قلت لها دون مقدمات: أنا لم أكن لأقيم أي علاقة في يوم من الأيام بيني وبين أية مخلوقة خارج بيت الزوجية، وإنني مهما وقعت في الحب فسوف أكابر وأكتم مشاعري ولن أظهرها للمحبوبة أيا كانت، ومهما تكن الظروف، وإنني أكره اللعب بالعواطف والمشاعر... ترددَتْ كثيرا كثيرا، ارتبكت، عاتبتني طويلا على تجاهلي لها ثم قالت لي: إنني أريدك أنت ولا أريد سواك، وأخبرتني أنها سترفض أي شاب يتقدم لخطبتها حتى تعطيني الوقت الكافي للتفكير.
خاطبتها بشيء من العقلانية، محاولا تخفيف شحنة العواطف التي كانت تملأ الأجواء، ووعدتها ببذل جهدي لتلبية طلبها، كنت صريحا معها من البداية، وبينت لها كل العقبات التي تقف أمامي، من رفض والدي المعلوم لدي مسبقا إلى ظروفي الاجتماعية والمالية والشخصية، لم أخف عنها لا شاردة ولا واردة، كنت صريحا معها غاية الصراحة، أصرت على الفكرة حتى لو كانت النتائج غير مضمونة.
وعدتها بأن أبذل جهدي في ذلك، وأبدت استعدادها للوقوف إلى جانبي للوصول إلى الغاية المطلوبة، بدأت السير في هذا الاتجاه، فاتحت والدي بالموضوع، استفسر مني عن طبيعة علاقتي بتلك الفتاة، لم أخبره بالحقيقة، قلت له إنني معجب فيها وبأدبها ودينها، وإنني لم أتحدث معها ولم أكن على علاقة بها أبدا، لم يكن والدي على درجة من الغباء الذي يسمح له بأن يرفض طلبي من البداية، فهو لم يشأ أن يخلق بيني وبينه جوا من الفعل ورد الفعل، هذا ما أعتقده، وعدني بأنه سيفكر في الموضوع، وأنه سيستفسر عن أهل الفتاة من بعض معارفه.
جاء بعد أيام ليبلغني رفضه بحجة أن والد الفتاة رجل سيء الأخلاق، وربما يكون سيء التربية وما إلى ذلك من الأمور التي يراها سببا كافيا للرفض. كررت محاولاتي كثيرا لإقناعه بأن هذه الأعذار غير كافية، وأنني ألاحظ على الفتاة الأدب والحشمة والتدين، إلا أن حجتي كانت ضعيفة حيث إنني لم أعلن عن طبيعة علاقتي بها، بالإضافة لذلك لجأ والدي إلى حجج أخرى كنت أراها في نظري حججا واهية، وكنت دائما ما أناقشه وأناقض حججه تلك، وكلما وصل إلى طريق مسدود، كان ينهي حواره بعصبية ويقول لي: إذا أردت أن تتزوج من تلك الفتاة فاذهب إليها وتزوجها ولن أتعرف عليك.
على الجانب الآخر كنت أطلع فتاتي على جميع التطورات، وبكل صراحة وشفافية، وفي كل مرة كنت أجد نفسي أنهار أمام عواطفي وأزداد تعلقا بها وتزداد هي تعلقا بي، وصرنا نقضي معا ساعات طويلة، تنتهي بوداع حار ودموع منهمرة، ووجدت نفسي واقعا بين نارين: بين حبي الصادق لها وبين رفض والدي الشديد. بدأت أحاول أن أخفف من تعلقها بي، فأنا ربما أكون أشد تحملا للمفاجآت منها، صرت أؤكد لها أن حبي لها شديد، إلا أنني أعذرها إن هي ذهبت لغيري. كنت أراها تذوب أمامي كالشمعة، لم تعد تخلو مكالماتها الهاتفية معي من بكاء ونحيب، وأنا أشعر بدموعها نارا تكوي قلبي وأحشائي.
وجاء دور القدر ليسخر مني ومنها، حتى هذا اليوم لم أتخيل كيف حدث في يوم من الأيام، حين شاهدتني أختها الصغرى معها، وأخبرت أهلها بذلك، في نفس اليوم تقدم شاب لخطبتها، وبعدها بأيام علم والدي بحقيقة علاقتي معها، لا أدري كيف حصلت كل هذه الأمور في وقت واحد! شعرت أن الدنيا اسودت في وجهي، عشت أياما عصيبة بكل ما تحمل الكلمة من معاني، حاولت الهروب من المصائب التي وقعت بها، وجدت نفسي وقد خسرت كل شيء في لحظة واحدة، خسرت ثقة والدي بي، خسرت فتاة أحلامي التي أحببتها وأحبتني، وجدت نفسي ضائعا تائها كالغريق الذي يريد أن يتعلق بقشة.
لجأت لأحد رفاق السوء، ونسجت وإياه قصة من وحي الخيال أقنعت والدي بأن ما وصله من أخبار عن علاقتي بالفتاة غير صحيح، ثقته بي جعلته يصدقني، إلا أنني لم أعد أقدر أن أواجه والدي أو أن أضع عيني في عينه، دائما أشعر بالذنب، وحتى هذه اللحظة أشعر بأن ثقة والدي بي مهزوزة. صرت أكره لقاء أبي، أكره حديثه، أجيب على أسئلته بكلمات مختصرة قد تفيد جوابا وقد لا تفيد حتى يومي هذا.
نعود لأحداث قصتنا، تلقيت مكالمة هاتفية من أخت حبيبتي الكبرى، قالت لي إن الأمور انتهت، وإن أختها ستتزوج من الشاب الذي تقدم لخطبتها ليلة البارحة، وإنها سترفضني حتى لو لم تتزوج غيري، قابلت محبوبتي بعد هذه الحادثة أكثر من مرة ولمدة قصيرة، كانت مليئة بالبكاء والدموع، أكدت لي تعلقها بي، وأنها سترفض ذلك الشاب، حتى تلك اللحظة كنت أشعر بتعاطفي معها، إلى أن جاء اليوم الذي أخبرتني هي بنفسها أنها لم تعد لي، وأن عقد قرانها سيكون بعد أيام، لاحظت أنها تغيرت معي، ربما كانت تريد أن تكرهني بنفسها، تغير أسلوب كلامها معي، صارت تقابلني بجفاوة، وبدأ حبي لها يتحول إلى كراهية، قررت ألا أبقى تحت رحمتها، فلم يعد لدي ما أخاف عليه، ولم أعد أملك ما يمكن أن أخسره... صرت أتجاهلها عندما أراها، المشكلة هي أنها ما زالت معي في نفس الجامعة، صرت أراها بشكل شبه يومي في طريق ذهابي وإيابي، دائما كنت أتهرب منها، أظهر كرهي لها وللقائها.
ذات يوم، وبعد مضي ثلاثة أشهر على عقد قرانها، وجدتها تلاحقني وتناديني، تجاهلتها لفترة، ثم وجدت نفسي مضطرا للالتفات إليها لأخفف النظرات التي أصبحت تلاحقني، عادت لتكلمني بلطف وتسألني عن أخباري، أجبتها بكلمتين مختصرتين، وتابعت سيري... وتكرر هذا الموقف مرات ومرات، تلاحقني، أقف معها لحظة، أتنفض في وجهها وأغادر... أدركت أنها لم تكن سعيدة بخطبتها تلك، حتى تلك اللحظة لم تكن قد زفت إلى عريسها.
ذات يوم توسلت إلي توسلا حارا أن أعطيها من وقتي نصف ساعة، وافقت على مضض. رأيتها وهي تخلع خاتم الخطبة، وتضعه في حقيبتها، وتبدأ لتروي لي معاناتها مع خطيبها، لم أدعها تكمل، كنت أعتقد أنها تكذب علي في كل ما تقول، وأنها كانت تكذب علي منذ البداية... ومرة أخرى لم تستطع أن تصرح بحبها لي، قالت لي بأنها تحترمني وتثق بي وتدعو لي بالخير، قاطعتها، شكرتها مستهزئا بها وأعطيتها ظهري وذهبت بعيدا... كان موقفا صعبا على كلينا.
بعدها بأيام استوقفتني وأخبرتني بطريقة غير مباشرة بأنه قد كان منها ومن خطيبها ما يكون بين المرء وزوجه، لقد كان إخبارها لي أمرا في غاية الغباء... في تلك اللحظة، ثارت أعصابي، ووجدت نفسي أصرخ في وجهها على مرأى من الناس ومسمع... لم أعد أذكر ماذا قلت، ولم أعد أتخيل حجم الشتائم التي كلتها لها في تلك اللحظة... وعبثا حاولت أن تهدئ من ثوراني... تركتها وذهبت أمشي على غير هدى، شعرت نفسي أسقط من قمة جبل إلى واد سحيق لا نهاية له... لماذا فعلت ذلك؟ لماذا تعاقبني؟ لماذا تحاول الانتقام مني؟ ما الخطأ الذي ارتكبته بحقها؟ تذكرت كيف أنني كنت أغار عليها من أخيها وأبيها... وفي لحظة أجدها بين أحضان رجل غريب، وبدون زواج، وأجدها تصرح لي بذلك وبكل وقاحة... ازدادت الدنيا سوادا في عيني، وازدادت نفسيتي تعقيدا، خصوصا أن هذا الأمر قد تزامن مع ضغط السنة الجامعية الأخيرة... صرت أكره كل الأشياء، أكره كل الإناث، أكره نفسي، وأهلي... لم أعد أصلي إلا عندما أضطر لذلك.
بعد حوالي تسعة أشهر من تلك الحادثة، وبعد حوالي سنتين من بداية تعرفي على تلك الفتاة، كنت نائما في يوم من الأيام، رأيت حلما غريبا، رأيت الفتاة ذاتها تجلس إلى جانبي، ويجلس والدي مقابلي، ويبدو على صاحبتنا بوضوح أنها حامل وفي مرحلة متقدمة من الحمل، استيقظت من نومي على صوت رسالة قصيرة وصلت إلى هاتفي النقال، فتحت الرسالة، صعقت عندما قرأت فيها "أنا الفتاة التي تسببت أنت بتدمير حياتها".
استمرت بمراسلتي لأيام، واستمررت بالرد عليها بعصبية واستهزاء وسخرية وشماتة، عرفت منها أنها انفصلت عن زوجها، وأنها فعلا حامل، عندما رأت ردي السيء، قررت أن تغير رقم هاتفها وأخبرتني بذلك، بدأت أشعر تجاهها بالشفقة، إلا أنني لم أعد قادرا على فعل أي شيء، مرة أخرى انقطع اتصالي بها، ونسيت –أو تناسيت- كل ما حدث.
عادت بعد عدة أشهر مرة أخرى لتراسلني ولتقول لي بأنها تحبني، وإن خلافها مع زوجها كان بسبب تعلقها بي، اعتذرت لي عن كل تصرفاتها السابقة، وإنها تزوجت رغما عنها، قالت لي إنها كانت تلاحقني أثناء فترة خطوبتها من مكان لآخر تريد مني أن أطلب منها فسخ خطبتها إلا أنها لم تجرؤ على التصريح بذلك، وأنني لم أستجب لها، طلبت منها مبررا لموقفها السخيف الذي أخبرتني بأنها مارست الجنس مع خطيبها، فادعت بأنه استدرجها وغدر بها، وأنها كانت تريد مساعدة أي شخص كان، ولم تجد غيري لتبثه همومها، شعرت بأنها تكذب بكل كلمة تقولها، وبأنها لا تحبني وإنما ألجأتها المصلحة لذلك بعد أن أضحت وحيدة مطلقة وهي في بداية عمرها، وفي نفس الوقت شعرت بالشفقة عليها.
طلبت مني الزواج فاعتذرت إليها بأسلوب لبق ولم ألتفت لدموعها ونحيبها على الهاتف، قلت لها إنني مستعد لخدمتها في كل ما تريد ما عدا الزواج، عادت بعد أيام لتطلب مني أن أبحث لها عن عمل، وبعد ذلك عادت لتخاطبني بـ"حبيبي"، ومرة أخرى وجدت نفسي حائرا ضائعا بين حبي القديم وبين غلطتها التي لا أستطيع نسيانها وبين إلحاحها علي بالزواج منها، أحيانا أشعر برغبة في الانتقام منها، أخطط لكي أوقعها في شباك الحب مرة أخرى ثم أتزوج من غيرها، تماما كما فعلت هي، أحيانا يستيقظ ضميري وأفكر بطريقة مناسبة للتخلص منها دون جرح شعورها، أحيانا أشعر بفراغ عاطفي، وأشعر بحاجتي للاستمرار معها، إلا أن فكرة الزواج منها لم تدخل في مزاجي مطلقا، فكيف لي أن أوقعها في حبي ثم أنسحب؟ وكيف لي أن أتزوج من مطلقة رفضها والدي وهي ما زالت بكرا؟ حتى لو رضخ والدي أخيرا ووافق على زواجي منها، فهل يرضي طموحي أن أتزوج من مطلقة خانت حبي لها؟.
أخيرا قلت لها إنني أريد أن أتحقق من حبها لي أولا، وإنني سأحاول نسيان الماضي، حتى لا أظلمها إذا ارتبط معها دون صفاء النوايا، فإن لم أستطع فعليها أن تعذرني، نحن الآن هنا، ساعدوني أرجوكم، ما الطريقة المثلى للتعامل مع هذه الحالة؟
أنا الآن ضائع، حائر أتخبط في سيل من الأفكار ولا أدري ماذا أفعل، وهي لم تزل تبالغ في إسماعي كلمات الحب والغرام يوميا على أمل الزواج،
فماذا أفعل؟ ساعدوني أرجوكم.
18/06/2025
رد المستشار
مرحبا بك "أحمد"
بمراجعة تتابع الأحداث يبدو أن التردد والخجل كان مصاحب لك في رحلة الاستلطاف والتعلق الذي جمع بينكما، وأن المحاولات قبل إشكالية زواج الفتاة وطلاقها وهي تنتظر طفل كانت تبدو منها أكثر وظل التردد والخجل يلازمك وظلت محاولاتك مع والدك هادئة وملتوية وخجولة، إلى أن تزوجت الفتاة، والآن لديك نفس التردد هل أتزوجها بعدما زواجها؟ وهل سيوافق أبي في هذه الحالة؟ وهل أتسامح معها؟
ترى أنها أخطأت في حقك، وسرد الأحداث لا يوضح ذلك، لأنها انتظرت الظروف تجمعكم وطلبت وألحت ولم تكن مستعدا لذلك بل مترددا ومنسحبا.. ثم وقع الزواج، أما الخطأ في التقارب الجنسي فالزواج يجبه ويجبره.
لا لوم عليك في شيء فهذه تجربة مررت بها واكتشفت أشياء عن نفسك وعن دور والدك في أي زيجة وعن الفتيات عموما، وأنت الآن في تجربة جديدة، امامك فتاة تعرفها من قبل ولكنها الآن مطلقة وتنتظر طفلا ووالدك يعارض هذا الزواج، فماذا أنت فاعل؟
أنت ببساطة أمام اختيار وتجربة جديدة.. بينما أجدك مترددا وهي في لهفة واحتياج لك أكثر من الأول لكن للأسف أنت الآن محمل بضغوط إضافية ترتبط بتجربة التقارب مع خطيبها، وكونها في حالة اجتماعية مطلقة وأنت بين مشاعر متضاربة بين الفتاة التي استلطفتها والفتاة التي يصعب عليك الزواج منها ولا يستحيل.
هذا قرارك الصعب ولا أنصحك بشيء سوى تقليل التفكير الذي يلازمك طوال اليوم ولا يصل بك سوى بالحيرة، وحدد وقتا لتتخذ قرارا، هل هي أنسب فتاة لك؟ هل يمكن الشروع مجددا في هذا الزواج؟ وإذا وجدت ذلك ممكنا فبادر مع أسرتك واجعل الواقع يخبرك بالنتائج سواء كانت التجربة ممكنة أم مستحيلة، ولا تحاول إيجاد حل من عقلك أو عقول الآخرين، اجعل الواقع يخبرك.