وسواس دخول النار من ذنوبي
مساء الخير، أنا مريضة وسواس الذنوب وإحسان العبادات من إفراط في الوضوء والصلاة ومحاولة تجنب كل صغيرة أو كبيرة كيلا أقع في السرقة والغيبة واللبس الواصف ورائحة الملابس حالتي كانت أسوأ لدرجة دخولي في اكتئاب استطعت الخروج منه بصعوبة عندما حاولت أمي تهدئتي كثيرا بكل الأحاديث التي تصف رحمة ربي وحنيته وأصبحت تقول لي كلاما مثل إنها عمرها ما شعرت أن صلواتها مقبولة وأنها دائما تسرح ورغم ذلك الله وزع رحمة وحدة وترك 99 فقلت إذا كنت نمت مطمئنة من كلام أمي الحنون فما بالي بحنية الله سبحانه وتعالى
ولكن عدت تقريبا الآن بعد أقل من سنة إلى هذا الحال، وسواسي ليس في الوضوء والصلاة فـأنا تعافيت فيهم بشكل كبير وحتى الأمور الأخرى من أشياء فيها شبهات صرت أقول الله لم يعطنا الإجابة واضحة لكيلا نحاسب والله أعلم بنيتنا
لكني الآن صارت تتردد أمامي كثيرا فيديوهات الإنترنت التي تذكرك بالتوبة وعقوبة من يموت على ذنب لم يتب منه أقول طيب استغفري وتوبي من ذنوبك وهي في عمري هذا تكون مشاهدة أفلام رومنسية أو قراءتها وهذا نادر جدا لكني أحن لها من شهور لشهور، أفكاري عن شخص معجبة به مثلا. صرت أقول أنت تتهاونين برحمة الله باستغفارك المزيف وأنت تعلمين أنك تحنين لهذا وستفعلينه تكذبين على من يعني؟
صار مخي نفس الذي يضع حجة أنه أنا لو كنت ربيت في عالم بدون إنترنت وكبرت على حفظ القرآن وقراءة الكتب لكانت صارت حياتي سهلة ولصرت أبتعد عن الذنوب بسهولة جدا وأقوم بالكثير من الأعمال الصالحة بسهولة جدا كوني سأكون قد ربيت عليها.
أما أنا الآن فنفس ما نقول بالمصري (يادوب) أحافظ على صلواتي وليست بالخاشعة طبعا، أقول أذكار الصباح وقبل النوم. أحاول كلما تذكرت أذكر الله ولكن لا يتعدى دقيقتين. أعلم من مات على معصية فبمشيئة الله وبموازنة أعماله يغفر له ولكني ليس لدي أعمال صالحة، مجرد طالبة طب تكاد تنتحر من هم الدوام والدوام ومعاملة الدكاترة المستنزفة لصحتي النفسية، آخر سنة طب وأقول يا ليتني لم أكمل تعليمي وجلست أقرأ القرآن وخلاص لا أريد الاختلاط بالعالم ولا الانشغال ليل نهار بهذا الشكل. حلمت لسنوات أن أغير روتيني وأقوم من الفجر وأعيش حياة مثالية صحية وأجعل وقتا لربي ووقتا لجسدي ووقتا للعبي ووقتا لدراستي، ولكن لا يوجد مجال لا أعرف كيف يفعل ذلك الأجانب الذين أراهم على الإنترنت.
كلما أنضغط من الدراسة أتشتت وأرجع أفكر في كل ما كتبته لكم، ما فائدة التعب هذا الذي لا أخرج بيومي فيه بحسنات وربما ذنوب... تعبت والله العظيم كل يوم نفس الحال ولا أستطيع قول هذا لبشر، البعض بالنسبة له ما الصعوبة في ترك ذنوبك مقابل دخول جنة الله؟ أعلم والله العظيم أنا حتى أحيانا لكي أحبب الأمر لنفسي أقول ألا تريدين جنة الله حيث تأكلين المانجا التي تحبينها بدون أن تنتهي للأبد، والله صرت أخاطب عقلي بما يحب من هذه التفاهات كيلا أفعل الذنب
وأعلم أن الله خلقنا لنغلط ونتوب وإلا استبدلنا وأتى بقوم آخرين. ولكن كيف تكون التوبة التي يقولون عنها ولو مائة مرة وأنت تعلم أنك ستذنب! بل هذا على قولهم استغفار يحتاج استغفارا لأنك تتهاون برحمة الله!!، نفسي أحد يمسح ذاكرتي وأنسى كل الإنترنت وما فيه من بلاوي وذنوب... كل ما أشاهد فيديو أو حتى أسمع القرآن ويأتي ذكر عذاب الله أكره يومي وأكره كرهي لسماع هذا ولكن ماذا أفعل؟
كلما اشتكيت لأمي ظنت أني مهمومة من الجامعة، نعم أنا مهمومة منها وأخاف أن أرسب وأعيد السنة وليس لدي ربع الطاقة التي كانت لدي من سنة وخائفة لأن الله لا يضيع أجر العاملين وأنا هكذا لا أعمل لكي أستحق شيئا.
الآن بكتابتي هذا أشعر وكأني أنتظر منكم عذرا لفعل الذنوب والله محرجة مني ومنكم، محرجة من ربي
وعيني مليئة بالدموع خوفا منه وحزنا على حالي
30/9/2025
رد المستشار
الابنة المتصفحة الفاضلة "علا" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك وإن شاء الله متابعتك خدمة الاستشارات بالموقع.
الواضح جدا يا "علا" أنك تعيشين في كرب مستمر، كما يستنتج بسهولة من مشاعر الضيق والخوف المستمرين واللذين تشي بهما كل سطورك، ولعل الجزء الأكبر من ذلك يرجع للضغوط الكثيرة التي لابد يعيشها طلاب الطب البشري في بلادنا على الأقل، لكن جزءًا مهما من الكرب يرجع لطريقة تفكيرك أيضًا كما سأبين لك يا "علا".
أحسنت الوالدة الفاضلة حين صدقتك القول في وصف حالها وحال غالبية الناس أثناء العبادة، ثم في بيان أن التعويل إنما يكون على رحمة الله التي وسعت كل شيء!..... هدأ شيطانك واسترحت لما يقارب السنة وهذا جيد.
لكن يبدو أن الهدوء كان يخفي عملا خفيا متلصصا من الوسواس على أفكارك وفهمك فبعدما تحسنت بتصحيح فهمك -من قبل الوالدة- لمفهوم رحمة الله جل وعلا! لم يمضِ عام وانتكست بسبب فهمك الخاطئ -مرة أخرى- لمفهوم الرحمة ومفهوم التوبة والاستغفار.... (صرت أقول أنت تتهاونين برحمة الله باستغفارك المزيف وأنت تعلمين أنك تحنين لهذا وستفعلينه تكذبين على من يعني؟) ليس هذا كذبا كل ما هنالك أن ثقتك بقدرتك على عدم العودة للذنب ضعيفة وخبراتك السابقة تظهر ذلك، والوسواس يذكرك بذلك ويحاول منعك أو صدك عن التوبة والاستغفار، والعلاج هنا هو أن تتجاهلي هذا الهاجس الوسواسي، وأن تثقي أن استغفارك وتوبتك مقبولان ومأجوران حتى إن عدت إلى الذنب وكل مرة تستغفرين تقبلين وتؤجرين حتى يتنهي ضعفك تجاه ذلك الذنب في لحظة ما.... ولكن تبقى ذنوب أخرى مثلك مثل كل المؤمنين...... أتمنى أن أكون أجبت بذلك على تساؤلك (كيف تكون التوبة التي يقولون عنها ولو مائة مرة وأنت تعلم أنك ستذنب! بل هذا على قولهم استغفار يحتاج استغفارا لأنك تتهاون برحمة الله!!) فقط أضيف: بل نسميه طمعا في رحمة الرحيم الكريم سبحانه!
يظهر جليا في سطورك عيبان في تفكيرك الأول تهويل وقع الذنب وتهوين قدر الحسنات، والثاني تقليل صلاحية التوبة والاستغفار وهما من عيوب تفكير مرضى وسواس الذنب التعمق القهري "و.ذ.ت.ق" ولابد من العمل عليهما معرفيا مع معالج سلوكي معرفي ذي خبرة في علاج هذا النوع من الوساوس
وأما قولك (ما فائدة التعب هذا الذي لا أخرج بيومي فيه بحسنات وربما ذنوب..... تعبت والله العظيم كل يوم نفس الحال) فيظهر تهوينك من قدر ما تأخذين من ثواب على محاولتك الإحسان في دراستك وتعاملك مع الآخرين فضلا عن الثواب على الفروض والتي تقولين أنك تحسنت فيها ولم تعودي توسوسين لكنني أنصح أن تراجعي ذلك بالتفصيل مع المعالج.
وسوستك بالذنوب لا تنتهي يا "علا" حتى عباراتك الأخيرة (الآن بكتابتي هذا أشعر وكأني أنتظر منكم عذرا لفعل الذنوب والله محرجة مني ومنكم، محرجة من ربي وعيني مليئة بالدموع خوفا منه وحزنا على حالي)...... أما العذر لفعل الذنوب فهو ممنوح لكل بني آدم ولسنا بمن يمنحه، وأما الذنوب فيغفرها لك صدق حالك وأنت تكتبين (محرجة من ربي وعيني مليئة بالدموع خوفا منه وحزنا على حالي) فهل تصدقين؟!
وأنقل لك هنا ما قالته د. رفيف الصباغ يرحمها الله لصاحب استشارة وسواس الرياء وتكرار الذنوب (أما نحن، فبشر ضعفاء تغلبنا نفوسنا، وواجبنا التوبة والإقلاع عن المعصية والندم والعزم على عدم العود، فيغفر الله لنا. لكن قد يغلبنا ضعفنا مرة أخرى فنعصي، وواجبنا مرة أخرى أن نندم ونقلع ونعزم ألا نعود وقد وعدنا الله الكريم بالمغفرة مرة أخرى، حتى لو غلبنا ضعفنا مئة مرة وعدنا إلى الذنب، ما دمنا بعد المعصية نندم ونقلع ونعزم على عدم العود.
وفي الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجلّ قال: «أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَي رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ». متفق عليه. وليس المقصود اعمل ما شئت من الذنوب لأنك مغفور الذنب، وإنما المراد: أنك ما دمت تستغفر بعد أن تعود إلى الذنب فالله يغفر لك.)
أخيرا يا "علا" سارعي أيتها الزميلة الصغيرة بالتواصل مع طبيب ومعالج نفساني لتحصلي على التشخيص الكامل ثم تبدئين خطة العلاج.
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.