السلام عليكم ورحمة الله،
إني أقدر مجهودكم الكبير لخدمة وتوجيه الشباب. أنا مقبل على الزواج، لكني لم أختر بعدُ شريكة حياتي؛ ذلك لأن عندي مشكلة قد تكون غريبة ولكني أطمع في سعة قلبكم.
عمري 25 سنة، وضعي الاقتصادي ميسور والحمد لله؛ فأنا مهندس تخرجت حديثا، وبصعوبة وجدت عملا بسيطا، وكان حلمي دائما الزواج من فتاة متدينة متعلمة ومقبولة الشكل (المقصود جامعية)؛ لأني أريد زوجة واعية مدركة لصعوبة الحياة لتشاركني في تحمل أعباء الحياة؛ حيث إن الوضع الاقتصادي سيء عندنا (فلسطين داخل الخط الأخضر).
فزوجة عاملة ولو بوظيفة جزئية تساعد كثيرا في بناء لبنة في بيت الزوجية، من ناحية أخرى أريد زوجة لا تعمل كي تتفرغ لأعمال البيت؛ كي لا تقصر بحقي والبيت والأولاد؛ حيث لا تثقل علي بما تعمله في البيت ولا ترجع إلى البيت كالمرأة العاملة مثقلة بهموم الوظيفة.
شيء آخر والذي يقلقني هو أن عندي أفكارا مسبقة عن المرأة العاملة؛ فهي مهملة بواجبات بيتها وزوجها والأولاد؛ حيث تعتمد على الطعام الجاهز والحاضنة لتربية أولادها، وتفقد مكونات الأنوثة، وتفقد العلاقة الزوجية رونقها، ويرحل الحب والود الذي ينشده كل زوجين، والمرأة العاملة قد تمُن على زوجها بأنها تعمل وتجلب المال؛ مما يخلق "دولة داخل دولة" ويسبب إحراجا للزوج.
لكن من ناحية أخرى فأنا أرى يوميا الزوجات غير المتعلمات واللائي لا يعملن يُضعن وقتهن بسفاسف الأمور والحديث السخيف عن الجارة والقريبة من جراء نقل بعض الأحاديث من هنا إلى هناك، أنا في حيرة من أمري؛ فأي نوع من الزوجات أختار؟ أرجوكم أن تنصحوني وأن لا تتركوني وحيدا حائرا.
وإلى الأخوات اللائي يقرأن هذه المشكلة أعتذر إن كنت قد عممت على كافة النساء، وإن كنت قد أخطأت فأرجو أن تعلقوا على قولي، فأنا أريد منكن إثبات عدم صحة قولي عن الفئتين من النساء: العاملات وغير العاملات.
وبارك الله لكم جميعا،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
10/10/2025
رد المستشار
أخي الكريم، قد يقول قائل: "وهل هذا هو وقت هذا السؤال؟!
وأنا أقول لك ولهذا القائل: إن الطوفان العظيم والانتفاضة الباسلة المستمرة لأهلنا داخل وخارج الخط الأخضر تحتاج إلى جبهة داخلية متماسكة، وهذه الجبهة الداخلية هي بيوتنا المستقرة بإذن الله.
ما تطرحه في سؤالك عبارة عن ثنائية مغلوطة وتعميم غير دقيق؛ لأنه ربما تأثرت اهتمامات المرأة وأسلوب تفكيرها كونها متعلمة وعاملة، وهذا التأثر يختلف من امرأة لأخرى؛ لأنه ليس العامل الوحيد المحدد لشخصيتها وأسلوبها في الحياة. هل يمكن مقارنة امرأة عاملة تعرف ربها، وحقوق زوجها، وواجبات الزواج والتزاماته بأخرى متفرنجة أو مدعية للتحرر ممن لا تعرف شيئا عن البيت، والزواج عندها هو مجرد انتقال من بيت إلى بيت؟!!
وأين هذا وذاك من امرأة متعلمة تفرغت طوعا لرعاية الأبناء في مرحلة الطفولة والصبا، ثم المراهقة والشباب، وهي حين تجلس في البيت تستمر في حركتها لتطوير نفسها وقدراتها ومعارفها لتستطيع ممارسة هذا العمل الشاق الذي هو أصعب شيء في الوجود –ربما- وهو التربية.
بمعنى أن المتعلمة –غالبا- أفضل من غير المتعلمة، ثم ننظر في متطلبات الأسرة وظروف المرأة؛ فقد تكون ما تزال صغيرة السن فيمكن أن تعمل لعدة سنوات مشاركة -بشكل طوعي- في نفقات البيت، ثم تدخل في مرحلة الحمل والإنجاب والرعاية الأولى لأطفالها، وبحسب الصحة والأحوال وعدد الأطفال تتفرغ لهذه المهمة مع عمل خفيف يتدرج مع تنامي قدرة الأطفال في الاعتماد على أنفسهم وخروجهم إلى الحياة للتعليم والاحتكاك بالمجتمع.
تبقى ملاحظتان:
الأولى أن المرأة التي تجمع بين العمل والبيت تحتاج إلى طاقة وإرادة ومهارات إضافية، كما تحتاج إلى عون من الأسرة الممتدة: عائلة الزوج/عائلتها هي.
والملاحظة الثانية: أن خروج المرأة للعمل وما يتعلق به من موارد ونفقات، وما يترتب عليه من إيجابيات وسلبيات يجب أن يكون محور نقاش واضح ومستمر، واتفاق متجدد من طرفي الأسرة؛ فهو قرار لا ينفرد به طرف؛ لأن الأسرة كلها تتحمل مسؤوليته. وتمنياتنا لك بحياة طيبة، وتحياتنا لأهلنا في فلسطين الحبيبية.
واقرأ أيضًا:
بنت 24 فلسطين: قطار الزواج وخجلي وعملي!
الضغوط النفسية لدى الزوجة العاملة
البعض يفضلونها غير عاملة... ولكن!!
أنا وزوجي ..زوجة وأم عاملة واستقالة آجلة!!
كيف أوفق بين عملي ورعاية طفلي؟