السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا لا أستطيع المذاكرة نهائيا على الرغم من أني اخترت كلية الحقوق عن اختياري لأن أبي كان يعمل بالنيابة وكان يشغل منصب كبير ولكني كنت العام الماضي في الصف الأول ورسبت بسبب أن أبي قد اشتد به المرض ودخل إلى المستشفى وجلست أنا وأمي معه.
في المستشفى وتوفيَ في بداية امتحاناتي، وجلست فترة تحت العلاج النفسي وأنا أعيد العام الأول مرة أخرى ولا أرى أملا للنجاح على الرغم من إصرار أمي على استمراري بكلية الحقوق وهى خارج إسكندرية.
أنا أكره السفر دائما منذ صغري،
أرجو الإجابة سريعا.
4/1/2007
رد المستشار
الابنة العزيزة أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين، وشكرا لوفائك وثقتك.
ولكن يا ابنتي العزيزة، ألا ترين معي أن سبب تعثرك في الكلية ليس الكلية نفسها أو بالأحرى ليس نوعية المادة الدراسية المقدمة لك إذ ليس في إفادتك ما يشيرُ لا من قريب ولا بعيد إلى ذلك إلا إن كنت ستعتبرين الفشل الأول في اجتياز مهمة ما (رغم وجود ظروف أسرية قاسية) سببًا كافيا للحكم على نفسك بالعجز عن القيام بها، وليس هذا منطقا سليما أبدًا، فنحن أمام احتمال أن يكونَ تفسير تعثرك في العام الماضي هو مرض والدك رحمه الله، وقد يكونُ هو اضطرابك النفسي الذي لم توضحي إن كان قد بدأ قبل وفاة الوالد رحمة الله عليه أم بعدها؟
أي هل كان رد فعل الأسى أم غير ذلك؟ وهل كانت له علاقةٌ بعدم حبك للسفر الذي تقولين أنه منذ الصغر، ولم توضحي لنا أيضا أسباب ذلك الكره للسفر، هل هي صعوبة السفر، أم هي صعوبةٌ نفسية شعورية تعانين منها أنت أثناء السفر، وهل للأمر علاقة بكون كلية الحقوق التي تتبعينها خارج المحافظة التي تقيمين فيها؟ كل هذه يا ابنتي أسئلةٌ تتوجبُ الإجابة عليها من قبلك لكي نتمكن من وضع مجرد تصور مبدئي لحالتك، فتابعينا بذلك من فضلك.
ونصل بعد ذلك إلى رغبتك في ترك كلية الحقوق وإصرار والدتك على أن تكمليها، وما يحمله ذلك من عمق شعوري يتعلق بوظيفة الوالد يرحمه الله، وواضحٌ أن ذلك العمق كان مشتركا بينك وبين والدتك، ولكنك فقدته بعد ما حدث لك واعتبرته فشلا مقعدا على المستوى النفسي والعياذ بالله، بينما رأته والدتك مجرد كبوةٍ تعرضت لها في حياتك كما يمكنُ أن يحدث لكل كائن على وجه الأرض، والاستجابةُ السليمة للفشل هي أن نحاول مرةً أخرى باستخدام وسائل أقوى أو أكثر ملاءمةً للمهمة المطلوبة، المهم أن ذلك العمق كان لديك لأنك دخلت كلية الحقوق باختيارك، وما يزال حتى الآن موجودًا لدى أمك لأنها وفية لزوجها ولحلمهما معا ربما، ويبدو أن الوفاء صفةٌ في أسرتكم أحييكم عليها.
وأما ما أنت الآن بصدده ومن أجله أرسلت لنا تطلبين المشورة فهو أنك الآن لا تستطيعين المذاكرة، وهنا تتداخل في ذهني احتمالات عديدة، ولكن أبرزها هو قولك في إفادتك (وجلست فترة تحت العلاج النفسي وأنا أعيد العام الأول مرة أخرى ولا أرى أمل)، فهنا سأسأل أولاً من قررَ أن علاجك نفسيا انتهى؟ هل هو الطبيب النفسي المختص أم من؟؟ بمعنى آخر هل أكملت علاجك (ربما من الاكتئاب) أم لا؟ وهل اتبعت نصائح الطبيب النفسي الذي تولى علاجك أم لا؟ وهل حاولت أو حاولت والدتك العمل على نقلك إلى كلية غير الكلية التي كنت فيها؟ أو هل حتى تلقيت وعدا بذلك بعد أن تمكني من اجتياز السنة الأولى بنجاح إن شاء الله،
أعتقد يا صغيرتي أن رحلة الخلاص ستبدأ بعد توفيق الله وفي رعايته سبحانه من مكتب الطبيب النفسي الذي تولى علاجك من قبل، وكان الله معكما وأهلا وسهلا بك وتابعينا بأخبارك.