ضاق صدري, وأشك بجنوني..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذه أول مرة أكتب فيها لكم أتمنى من الله أن يوفقكم لمساعدتي لأنه لم يعد لدي أحد ألجأ إليه بعد الله سواكم...
أنا فتاة في الـ 15 من عمري أعيش مع والدتي وإخوتي الأربع ترتيبي الثانية بين إخوتي يسبقني أخي ويليني 3 من إخوتي توفي والدي وأنا في سن العاشرة تقريباً ولو تعلمون حجم الألم الذي اعتصرني وما زال يعتصرني منذ وفاته بالرغم من كوني إنسانة اجتماعية إلا أنه لم يكن لي أصدقاء كثر لذلك كنت أقضي معظم وقتي معه كان يستمع لي وينصت إلي دائما ووفاته كانت صدمة قوية لي وكأي شخص فقد عزيزاً عليه كنت دائما أبكي وأحيانا أفقد السيطرة على نفسي وأبدأ بترديد اسمه وأطلب من أهلي أن يحضروه لي
بسبب ذلك وصفتني أمي بالمريضة نفسيا وتفنن أخي في ضربي بسبب أو بدون سبب وإطلاق الألقاب علي كل مره بمرض عافانا الله وإياكم ولم تكن تبالي وأنا لم يكن لدي أو مهرب سوى البكاء ولم تشفع دموعي لي بأن يكفو عني ويتركوني لحال سبيلي بل كانوا يزيدون الهم همين
لم أهتم بما يقولون أو بما يفعلون قاطعتهم و"صار حالي حال نفسي" أفعل فقط ما يطلب مني ولا ترطني أي علاقة بهم كنت أشغل نفسي بالكتابة ومرة سقطت إحدى كتاباتي في يد أختي الصغيرة فقرأته أمامهم فضحكوا علي وسخروا مني ومن كتاباتي كبرت ودخلت المرحلة المتوسطة وحالي كما هو لكن وجدت طريقة أخرى للتنفيس عن غضبي وحزني لا أعلم ماذا أقصد من فعلي هل هو الانتحار أم مجرد تنفيس عما داخلي أم مجرد طيش كنت أضع ما يقارب الـ 10 قطع من مسكنات الصداع في مشروبات الطاقة بعدها أشعر بالراحة مع قليل من القلق.
وأصبحت أجرح نفسي في أماكن متعددة من جسمي دائما ما أحمل معي موس وبعد انتهائي أتخلص منه حاولت كثيرا الانتحار لألحق بأبي لكن أخاف عذاب ربي لكن عند ما أبكي أنفعل بشدة ولا أسيطر على نفسي حتى أنني في لحظة غضب وحزن حاولت الهروب من المنزل لكنهم أمسكوا بي وضربوني بشدة وأصبحت أمي تناديني علاوة على ما كانت تناديني به من ألقاب بالسافرة الفاجرة عذراً لكنك أنتي من اضطررتني لفعل ذلك حاولت كثيرا التحاور معها أو مجرد الحديث لكنها دائما ما ترفض ومجرد ان أتحدث معها تبدأ بوصفي بوصفي بكثيرة الكلام وإذا تحدثت مع صديقاتي تقول أنني شخصية مضطربة أنفر من أهلي وأحب الغرباء !!!
تعرفت في مدرستي على معلمة طيبة كانت حنونة جداً في تعاملها معي وكانت تستمع إلي دائما أحببتها وتعلقت بها بشدة لكن عند انتقالي إلى مرحلة أخرى انهرت لأنني لن أتمكن من رؤيتها مرة أخرى وبكيت بشدة أشعر إنني لست شخصية طبيعية دائما تنتابني حالات قلق لا مبرر لها وحزن أشعر إني تائهة أفكر كثيرا بمحاولة الانتحار واللحاق بأبي لكن أخاف عذاب ربي أو ترك المنزل تصرفاتي لا تصدر من شخص عاقل أجد راحتي في جرح نفسي وحاولت التدخين دائما أرجع لربي وأدعو أن يعفو عني لكن أفقد سيطرتي على نفسي وليس لدي أحد يوجهني أشعر أنني وحيدة برغم كثرة أصدقائي لكن تواصلنا يقتصر على الهاتف أو مواقع التواصل الاجتماعي أريد أن أعرف هل أمي على حق؟
هل وفاة والدي أثرت بي وأصبحت لا أشعر بتصرفاتي وكلامي؟
هل أنا مجنونة حقاً؟
أشعر أني وحيدة تائهة خائفة وقلقة آسفة على الإطالة
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه،،،
والله ولي التوفيق
21/06/2012
رد المستشار
ابنتي.... أنتِ في مرحلة تغير وانتقال من الطفولة للنضج؛ وهذه المرحلة تتميز باندفاعية وعدم استقرار في المشاعر والإدراك والنمو وغيره، وقدر الله وفاة والدك الكريم يرحمه الله وكنت أنت طفلته المقربة المدللة، وهذا يسبب علميًا ألما وارتباكا نفسيا كبيرا يجعل من في سنك بالذات في حالة تخبط واقتراب من الانهيار، قابله للأسف الشديد على حد قولك تعامل سيء أخرق يفتقر للنضوج ممن حولك متصورين أنك فقدت عقلك أو سيطر عليك مرض نفسي!!، والحقيقة هي كما قلتها لك وهي: أنك تعرضت لألم الفقد في مرحلة انتقال تتميز بعدم الاستقرار والانقلابات لم يتم احتوائها بالحب والدعم والتطمين، إذن عدم قدرتك على تحمل الفقد، وعدم السماح لك بالتعبير في مناخ يطمئنك، وعدم محاولة انخراطك في أي أمور مفيدة تقومين بها، ونعت من حولك لك بأنك غير طبيعية واندفاعك الذي قد يظهر فيما بعد أنه جزء من شخصيتك-الله أعلم- جعلك تقعين فيما يعرف علميًا باضطراب التشويه الذاتي للجسد؛ وهو اضطراب في الأساس يعود لعدم قدرة الشخص على تحمل الألم النفسي والمشاعر والتوتر وصعوبة العلاقات مع من حوله فيلجأ لإيذاء نفسه كتصرف يجعله يخفف الألم الداخلي لألم خارجي فيهدأ؛
وطرق تفسير سبب هذا الاضطراب كثيرة ومتنوعة إلا أنني أرى أن هذا التفسير قريبا منك بالإضافة إلى أنه قد يكون عقابًا لنفسك لشعورك بأنك سيئة كما يقولون لك، والحقيقة الثانية هو أن ارتباط هذا الاضطراب بالانتحار وارد خاصة وأنك تفكرين فيه؛ والحقيقة الثالثة أنك تحتاجين فورًا للتواصل مع طبيب نفساني ماهر يعالج علاجًا معرفيًا وسلوكيًا ؛ حيث تتلقين علاجًا نفسيًا بجلسات تفريغ نفسية وغيره، وعلاجًا معرفيًا حيث يتم مناقشة أفكارك وإعادة تنقيحها من الأخطاء والتشويش، وعلاجًا سلوكيًا لتدريبك على سلوكيات صحيحة في التعامل مع نفسك وقت التوتر أو غيره، وعلاجًا دوائيًا لمواجهة القلق والتوتر أو الاكتئاب أو ما يراه الطبيب، وسيحتاج طبيبك للحديث مع أسرتك ليقوموا بأدوارهم المطلوبة تجاهك في تلك الفترة من دعم وتطمين واحتواء وغيره، ولكن حتى تفرضي عليهم ضرورة ذهابك لطبيب نفساني، أرجو أن تتذكري الآتي:
* لو أن كل شخص حي قرر أن يموت بموت من أحبه لصارت الكرة الأرضية لا لزوم لها، ولكننا نعلم بكل يقين أن لكل منا عمر سينتهي بانتهاء الدور المطلوب منه، ولكننا نعرف دون أن ندرك ونستوعب بصدق أن الموت جزء أصيل من الحياة؛ فننذهل ونرفض كأننا لم نكن نعلم.
* ورد عن بعض الأثر ولا أعلم هل ترقى للأحاديث أم لا، أن الأموات يعرفون أخبارنا.... فهل سيسعد أبيك بما صرت إليه؟، ماذا تريدين أن يصل إليه عنك غير أنك تبكينه دمًا بدلًا من الدموع وأنك تتحرقين شوقًا للبقاء بجانبه؟؟، ما هو الممكن عمله أمام حقيقة غيابه عن عالم الدنيا فيعلمه ويفرح به؟؟، ألا تتوقين ليراك تعيشين حياتك بسلام؟، ألا تتوقين أن يعرف أنك ناجحة في دراستك وعلاقاتك؟؟، ماذا ستختارين؟؟.
* المصير بعد الموت إما جنة وإما نار؛ فهل تتصورين أنك بالانتحار ستكونين معه؟؟، أتحولين الفراق المؤقت لفراق دائم؟؟.
* والدك الذي تحبينه وترتبطين به لم يكن جسدًا فقط، فأثره لن يتوقف عند سماع صوته وتربيته بيديه على كتفيك، ولكن الأثر الأكبر تكون لكلماته، ولمواقفه، وللمبادئ التي رباك عليها وتخلد بلا موت، هكذا يحيا معك دومًا.
* هناك فرق كبير بين أن نحب أحدا وأن نعتمد في وجودنا على وجوده؛ وهذا ما يوقعك في علاقات تبحثين فيها عن آخر تعتمدين على وجوده لتشعري بوجودك مثل معلمتك السابقة؛ فكل منا عليه أن يكبر ويدفع ثمن هذا بتقوية الذات، وتطويرها، وتفعيل مواطن قوتها وتهذيب مواطن ضعفها، فلو كان والدك يرحمه الله لم يتمكن من الحياة بدون أبوه لما كان والدك ولما جئت أنت، نحن نبدأ أطفال لا نعرف سوى أبوانا؛ فهما يكونان كل العالم، ثم ننتقل لمراهقة نتخبط فيها ونتألم وننمو ونستقل حتى نكون نحن، ثم نستقر لنبدأ في خلق حياة جديدة نبنيها وهكذا.
* أعلم تمامًا ما تعانينه من ألم، ولكن انظري حولك وفي كل مكان ستجدين أن أكثر المبدعين، والشخصيات الإنسانية العظيمة خرجت من رحم الألم ومقاومة الانهيار أو الضياع، وثقتي في أنك ستكونين شخصية قوية ورائعة كبيرة جدًا، ألم تلاحظي أنني أحدثك كفتاة كبيرة بالفعل؟، ليس هذا من باب "النصب" عليك، ولكن عودي لسطورك وستجدين نفسك فتاة منظمة في أفكارها تتخير ألفاظا معبرة، يمسح سطورها حس أدبي لا أعرف من أين جئت به؟، فلم أشعر أنك في الخامسة عشرة من عمرك ألا ترين ذلك؟،
ابنتي قد يصعب عليك أن تمري من تلك الأزمة وحدك، لذا فمعركتك الأولى أن تطلبي منهم بإصرار مهذب التواصل مع طبيب نفساني ماهر، حتى لا تتفاقم الأمور، وحتى تتمكني أكثر من استيعاب ما قلته وتبدئين مرحلة نضوجك بثبات إن شاء الله، تابعينا بأخبارك.
واقرئي أيضًا:
التشويه الذاتي للجسد: وصف الظاهرة2
التشويه الذاتي للجسد مشاركة
التشويه الذاتي للجسد مشاركة3
إيذاء الذات المتكرر وبدون سرية!
التعلق Attachment