متردد من الزواج بفتاة أحبها!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. تحية خالصة لكم ولمجهودكم الكبير من شخص متابع لكم منذ سنين, ومن شخص تقريبا تربى على ثقافة الاستشارات النفسية والعائلية أون لاين:) .. أحب أن أسرد مشكلتي لعلي أجد ما يعيني على اتخاذ القرار المناسب والمصيري في أمر مثل الزواج..
تخرجت من كلية العلوم في مصر وأعيش الآن في ألمانيا لغرض الدراسات العليا, أعيش وحيدا, وأعاني كثيرا جدا من هذه الوحدة, ولعلي أقول أني عرفت قيمة أمى كثيرا بعد أن بعدت عنها, لأنها كانت مسؤولة فعلا عن كل شيء لي في مصر, والدي توفي عندما كان عمري 14 سنة, وكانت ولا تزال أمى ترانى أنا وأختى كل حياتها. الوحدة متمثلة عندى بشكل كبير في عدم إيجاد شخص لطالما حلمت أن يكون في حياتى متمثلا في زوجة صالحة أشاركها مخاوفى ومشاعرى وقلقى وألتمس منها الدعم الدائم لتحقيق أهدافى...
زاد هذا الاحتياج كثيرا جدا منذ أن وصلت ألمانيا من هول ضغط الدراسة والمنافسة التي أعتبرها في كثير من الأحيان غير شريفة هنا وذلك لسبب بسيط جدا هو أني "لم أتعلم شيئا في مصر" مقارنة بما تعلمته من الطلبة الألمان في درجاتهم العلمية الأولى مثل الثانوى والبكالوريوس, فالفجوة العلمية فعلا كبيرة جدا رغم أني تخرجت من مصر وكنت الأول على الدفعة, ولكن فعلا صدق من قال "بلدنا بلد شهادات".. وهذا الأمر فعلا لا يجعلنى أرغب فى العودة لمصر مطلقا حيث أنى فعلا غاضب وناقم على كل ما هو أكاديمى في مصر. وهذا يجعلنى تحت ضغط كبير جدا لأنه لا يجعل لي مفر إطلاقا إلا أن أنجح هنا فقد تركت كل شيء لى في مصر تقريبا, ولكن النجاح هنا بدأت أشك في تحقيقه, نتيجة ما أعيشه من ضغط يوميا هنا والذى بدوره يولد لى فى أحيان كثيرة عدم الثقة بنفسى!
تعرفت منذ 7 شهور على فتاة مصرية هنا في ألمانيا تدرس معى فى نفس الجامعة ولكن كلية مختلفة, طول هذا الفترة علاقتى بها مجرد صداقة وكنت لا أقابلها إلا تقريبا بالصدفة وأحيانا أخرى نرتب لبعض المقابلات للكلام في أمور الحياة هنا أو أمور الحياة فى مصر وفي أمور الدراسة ليس أكثر. كان دائما يوجد شيء ما بداخلى يجذبنى للحديث معها والبوح معها ولا أعرف لماذا, وكانت هي أيضا تتكلم عن أمورها الشخصية أو بعضها على الأقل وكان دائما عندى إحساس بالراحة وبالألفة أو بسابق معرفة في الحديث معها, بالإضافة إلى وجود تقارب كثير في التفكير,
وفكرت كثيرا جدا في أثناء الـ7 شهور في فكرة الزواج بها والتفكير بالأمر, إلا أنى كنت أجد ما يصدنى عن هذه الفكرة في نفسى بسبب الآتى: إنها غير محجبة أو بمعنى أدق قامت بخلع الحجاب بعد فترة من وجودها في ألمانيا, بقية ملابسها لا تختلف كثيرا عن ثقافة بنات الغرب ولكنها ليست مطابقة لطريقة ملابسهم (وعندما ذهبت لمصر في زيارة لها أخيرا لم تستطع السير في الشارع من ملابسها كما حكت لى), تقوم كثيرا بالمزاح مع بعض الشباب بدعوى أنهم" زي إخواتى". فكان دائما في داخلى هذا التفكير بطلب يدها للزواج, ولكن هذه الأسباب الثلاثة كانت دائما ما تصدنى.
أنا مقتنع بأهمية الزوجة الصالحة وهذا ما أدعو الله أن يرزقنى به. حجاب هذه الزوجة طبعا مهم بالنسبة لي لأنه فى المقام الأول طاعة لله ولأنى شخص غيور جدا ولا أستحمل مطلقا أن أرى رجل ينظر إلى أهلي نظرة أراها غير محترمة, وأنا لا أفعل الحمد لله هذا الأمر مع بقية البنات. وفي نفس الوقت لا أريد الحجاب الشكلى, لا يسوى عندي شيئا هو أيضا, ولا أريد المحجبة التي تريد العيش كست بيت, أو العمل في وظيفة متواضعة بلا أحلام أو أهداف. وما يجعلني متردد الآن هو أنه يراودنى الإحساس أن أتزوجها وأدعوا الله أن يجلعني السبب في تغييرها حيث أن هذا هو الأمر الوحيد تقريبا الذي يصدنى عنها, بعض الاختلافات الأخرى بسيطة ويمكن التغلب عليها أو تجاهلها.
هذه الفتاة والدها متوفي, ولها 3 أخوات, وهي أصغرهم, وما فهمته أن والدتها كانت مهتمة جدا ببقية إخوتها على حسابها, فكانت هي طفلة صغيرة على أي حال, ومؤخرا بدأت والدتها تشعر بهذا الخطأ وبدأت تهتم بها كثيرة لدرجة تشعرها هي نفسها بالتعب والضغط, ولدرجة أن والدتها تقف معها بشدة ضد أهلها وتعارضهم في أمر بقاؤها وحيدة في بلاد الغربة لتحقيق أهدافها. السبب وراء خلعها للحجاب هو أن هذا الأمر فرض عليها عندما كانت في مصر ولم تكن مقتنعة, فرض عليها سواء من المدرسة الثانوية في طريقة معاملة بعض المدرسين لها معاملة سيئة بسبب عدم ارتدائها الحجاب, أو بسبب المعاكسات وعدم وجود شخص بجانبها يدافع عنها, وأحيانا أخرى بعد أن تحجبت يأتي لها بعض البنات ويحكوا معها أن حجابها فيه شيء معين خطأ, وأحيانا ضغط البيت وأخيها, حتى أن والدتها تتكلم مع أصدقاء قدامى لها لكي يتكلموا خصيصا في هذا الموضوع معها. حتى أصبحت تنفر من الحجاب رغم اقتناعها بفرضيته وأن عدم ارتداؤه هو الخطأ, ولم تعد تحتمل كل هذا الاهتمام أو الإلحاح من الناس من حولها بكل هذه الطرق.
فهي مقتعة بفريضة الحجاب وفعلا تفوت على الكثير ممن يتحدثون معها عن الحجاب وقت كثير حيث أنها مقتنعة به وبأنها على خطأ ولكن من يتحث معها لا يفهم هذا الأمر ويسترسل في العظات كما تسميها هي. حتى سمعت منها مؤخرا إنها لم تعد تريد أحدا يتكلم معها في الدين, وأنها عندما تريد أن تعرف شيئا ستعرفه بنفسها وأن موضوع الحجاب خاص بها فى قائمة تفكيرها هي وأنه لا ينبغى علي أن أفاتحها فيه! ولكن أنا حقيقى شعورى أنها فقط تريد المزيد من التقرب إلى الله.
وأشعر أن فطرتها سليمة, وأنها فقط لما تعرضت له ولأنها بطبعها متمردة كان هذا سلوكها! قمت بالفعل بطلب يدها مدفوعا بمشاعرى وبأملي أنها ستتغير فيما بعد وكنت أظن أنها لها ميل نوعا ما لهذا الارتباط قبل أن أفاتحها فيه, وكان ردها بعد عدة مرات في الكلام عن هذا الموضوع, أنها ترانى الشاب الذي طالما أرادت ولكنها ترى هذه الاختلافات بيننا ولا تعرف كيف تتصرف فيها بالأخص ما ذكرت من قبل عن الحجاب, وأنها بطبيعتها متمردة, ودائما تقول أنها تحتاج للوقت فهي لا ترفضنى ولا تقبلنى, وكان هذأ أيضا رد والدتها وأخيها بعد أن وجدوها مترددة, أن تترك لتفكر في الأمر.
ولكنى وبعد فترة بدأ التردد يتسرب إلي أيضا, فأنا دائما أقول ماذا سأفعل إن لم يتغير حالها, وفي نفس الوقت أجد المشاعر والحب الصادق تجاه هذه الفتاة بالإضافة إلى إعجابي بشخصيتها القوية وتحملها المسؤولية وتقارب طريقة تفكيرنا وغيرها من الصفات اللى تلاقى قبول عندي.
عذرا على الإطالة, آمل أن يعينني ردكم على اتخاذي للقرار.
شكرا جزيلا
تحياتي
27/07/2012
رد المستشار
أهلًا وسهلًا بك يا أخي الكريم،
عندما قرأت..... رسالتك وجدت أن لديك مشكلتين: مشكلة أساسية ومشكلة فرعية؛ المشكلة الرئيسية هي احتياجك الشديد لمن يشاركك حياتك ويقترب منك ويمدك بالدعم النفسي والعاطفي؛ وهذه المشاعر صعبة وتظهر بوضوح شديد في الاغتراب، ولكن... لا يجوز أن يتحول احتياجنا إلى "وهم"، أو إلى "غدر بأنفسنا"، وهذه المشكلة الرئيسية هي نفسها التي خلقت لديك المشكلة الفرعية والتي تتمثل في ترددك الكبير في قرار الزواج من فتاة لا تقتنع بها كزوجة لك أنت كما أنت بشكل كامل، بل وتخاف من مميزاتها التي يمكن أن تكون معك أنت عيوب؛ فقوة إرادتها، وقوة شخصيتها وقيادتها لزمام الأمور ستكون عيوبا لرجل مثلك يحب السكينة والهدوء والدعة في زوجة دافئة تنتظر زوجها لتدعمه وتبثه أشواقها؛ فنحن حين نتزوج "نختار" ما نحب؛ لأننا بعد الزواج سنضطر وسيجب أن نحب ما قد اخترناه، فالله سبحانه وتعالى يقول لنا أن الزواج سكينة ومودة ورحمة ويحتاج لتفكير حتى لا نقع في فخاخ من العيار الثقيل بعد الزواج ؛ لأننا كنا أقل وعيًا أو كنا تحت ضغط عاطفي وجنسي، أو تصورنا أننا نتمكن من تغيير الطرف الآخر؛ لأننا تزوجناه؛ وكأن الزواج آلة يدخل فيها الإنسان بخصال حتمًا ستتغير حين يدخل فيها!!، أو لأننا قلنا له أريدك أن تتغير!، وهذا هو الوهم العظيم
لذا... الحل في أن تتخلص من ثقافتنا العقيمة في الاختيار والزواج كما بدأت تتخلص من تعليمنا الأكاديمي العقيم، فلا تتزوج تحت ضغط يذهب بعد فترة وجيزة وتبقى الاختلافات ظاهرة، ولا تتزوج لأنك تحتاج لرفيق، تزوج لأن لك هدف من الزواج، وتزوج من شخصية تتناغم مع شخصيتك أنت، فهناك فارق رهيب بين أن نحب شخصًا ما، وبين أن نحب أشياء جميلة فيه؛ فالحب هو الاقتناع والتقبل الحقيقي للطرف الآخر كما هو دون تعديل فهل أحببتها؟؟؟
عد لعقلك وابدأ في حل مشكلة الوحدة بجدية وأمل؛ وانظر لحياتك بشكل مختلف، واستفد بوجودك في بلد متقدم لتتعرف على بشر جدد، وتنخرط في علم ورياضة وهواية وترفيه منضبط مفيد، ولا تجلس تتجرع آلام وحدتك وفراق الأهل، فأنت تغربت لتفعل أمرا عظيما ومهما، حتى وإن كان ذا طابع دراسي شاق إلا أن النجاح بعد صعوبة واجتهاد له مذاق آخر أكثر عذوبة وبقاء، هيا أفق من غيبوبة الاحتياج والألم، وانطلق في الدراسة والتعرف على البشر وقضاء الوقت في أمور مفيدة تضيف لك ولمن حولك، فكما ترى نفسك وكما تؤمن بداخلك بأمر ما... سيكون واقع حياتك، فماذا ستختار لنفسك وستؤمن به؟
واقرأ أيضاً :
تائه ومتردد وقلق: ملاحظات قبل الزواج
الترددُ في قرار الزواج !